أخبار فنية

مسار فن العرض الأمازيغي عبر التاريخ

مسار فن العرض الأمازيغي عبر التاريخ

458 مشاهدة

مسار فن العرض الأمازيغي عبر التاريخ

للدكتورة #فاريزة  _شماخ

 

بـقـلـم#عباسية _مدوني_سيدي _بلعباس_الـجزائـــر

 

     بمناسبة احتفاليات يناير 2971 ، وعبر الفضاءات الرقمية التي يبثها المسرح الجهوي بسكرة ، قدّمت الدكتورة " فاريزة شماخ " مداخلة في ضوء ذلك موسومة ب :" مسار فن العرض الأمازيغي عبر التاريخ" مستعرضة من خلالها تيمة المسرح الأمازيغي والأشكال المسرحية  التي عرفها شمال إفريقيا عبر العصور، والفرق بين المسرح الأمازيغي والمسرح الناطق بالأمازيغية .

وقد انطلقت الباحثة في مداخلتها الرقمية  من إضاءات حول المسرح وكيفية ظهوره في بلاد الإغريق إبان القرن السادس قبيل الميلاد ، حيث عرف ذلكم النوع من المسرح ممارسات وطقوس وقرابين لآلهة الإغريق ، من حيث الرقص والغناء والأقنعة ، وتلكم الاحتفالات كانت تقام   بالمعابد ، ممهّدة بذلك إلى الطقوس اللاحقة والتطورات عبر العصور التي رافقت الفن الرابع وتفرّدت به .

    هذا ، وركّزت كيف أنّ لتطور الزمن عبر العصور كان عنصرا مهمّا في  تواجد المسرح بكل ربوع العالم ، ومن خلال ذلك تباينت الأشكال والطقوس والممارسات ، وشمال إفريقيا إحدى البقاع التي عرفت المسرح وقد كانت تزخر بكل تلكم الطقوس والأمثلة عديدة، إذا ما تحدثنا عن منطقة القبائل قد استعرضت فيها ومن خلالها عديد الاحتفاليات ، منها احتفالية معروفة بــ " أنــزار" وهو طقس يقدّم من خلاله الناس قربانا لإله المطر " أنزار" وحسبها أن الاحتفالية كان يتمّ من خلالها  تقديم فتاة حسناء عذراء ليكون إله المطر كريما ويغدق عليهم بالغيث، ومع مرور الوقت تغير الطقس ليضحى مجرد احتفالية يلبسون فيه الدمية وبات ذلكم الطقس رمزيا وتطور مع رقصات وأغاني وغير ذلك من الأدوات .

وفي ذات المقام ، قد أشارت الدكتورة إلى  طقس آخر بالطاسيلي في جانيت يدعى  " الــسّبـيـبـة"  والذي يعتبر تراثا عالميا منذ ثلاثة آلاف  سنة وهي اتفاقية سلام ما بين قبائل الطوارق  في الصحراء الجزائرية ، وبهته الاحتفالية التي تمتد لأسبوع كامل يتخلل ذلكم الأسبوع  أغاني ورقصات يروون بطولات الطوارق منذ آلاف السنين مع تطور في الأزياء والماكياج والأقنعة .

  مع تسجيلها  احتفالية " أيراد" والتي ما تزال متواصلة شهر يناير من كل سنة ، وهي حفلة تنكرية يلبس فيها المحتفلون بأيراد وهم الممثلون أزياء خاصة مصنوعة من جلود الحيوانات مع ماكياج خاص وأقنعة خاصة ، وهته الاحتفالية ما تزال قائمة .

 مع احتفالية أخرى خاصة بفصل الربيع بها طقوس متفردة وخاصة باستقبال الربيع وهي نوع من السيناريو يقام على مستوى الحقول والبساتين ، وكل تلكم الاحتفاليات قد تناولها الأدب الشعبي  وقد حصرها في تيمة الحكايا والأساطير ، وجميع تلكم المؤشرات أسهمت في تطوّر فن العرض الامازيغي عبر العصور  .

             أما فيما يخص المبحث الخاص  بالمسرح الناطق بالأمازيغية فقد ذكرت الباحثة  أنّه عرف من خلال  مجموعة من الأعمال والشخصيات دأبت على ذلك ومنهم السيد " السعيد زعنون" الذي ترجم عديد الروايات وأشهرها ، وحولها إلى الأمازيغية وعرضها مسرحيا ضمن أصول مسرحية من خلال المسرح الإذاعي ، بالإضافة إلى أعمال كل من  "سليمان عازم" والشيخ " نور الدين " رحمهما الله  دائما في  المسرح الإذاعي وكانت أعمالهما عبارة عن سكاتشات يقدمونها عبر أمواج الإذاعة الوطنية .

  ناهيك عن المجهودات الجبارة التي بذلها " عبد الله محيا"  الذي ترجم عديد الأعمال العالمية ، والترجمة عنده لم تكن مجرّد  ترجمة  بل تعدّى ذلك وحرص على  ملامسة واقع المجتمع الجزائري ذا الأبعاد الاجتماعية ، الثقافية والاقتصادية وغيرها ، مع اعتماده طابع السخرية والتهكّم إذ لامس الواقع بحذافيره ، مركزا على تطوير اللغة واللهجة القبائلية بأسلوب سلس وكان مصدر إلهام لعديد الجمعيات والفرق لتحمل المشعل وتركز في أعمالها على المسرح الناطق بالأمازيغية من خلال العروض المسرحية .

     في لبّ كلّ ما سبق ، ركّزت الباحثة " فاريزة شماخ " على  ضرورة التركيز على التوثيق حفظا للذاكرة الجماعية من حيث الأعمال المسرحية أو الأبحاث الأكاديمية ، لتكون مصدرا ومرجعا هامّا للأجيال الواعدة والمهتمة بحفظ ذاكرة المسرح الجزائري بشكل عامّ والامازيغي بشكل خاص.

     وعليه ، تأتي هته الأوراق البحثية منارة توثيق وبحث جادّ من لدنّ جيل حريص على حفظ الذاكرة وحرصه الجديد على استنطاق المسرح بشتى أشكاله وألوانه وتوجهاته ، على أن يكون الفن المسرحي ابن بيئته ومصدر إلهام لكل المهتمين ، وأن يكون قاعدة هامّة لملامسة الواقع بحذافيره .