أخبار فنية

معرض الفنان إدوار شهدا... معزوفة وفاء بصرية لمحمود درويش

معرض الفنان إدوار شهدا... معزوفة وفاء بصرية لمحمود درويش

1768 مشاهدة

إدوار شهدا ... في صالة تجليات


منوعات - تشرين
الأربعاء 9 شباط 2011
تستضيف حالياً صالة تجليات للفن التشكيلي- مزة غربية معرض الفنان التشكيلي إدوار شهدا.

الذي يستكمل فيه بحثه الفني المعرفي منطلقاً من البيئة الفكرية والاجتماعية والوجدانية التي ينتمي إليها، ويعمل الفنان شهدا في معرضه الأخير على إدخال عناصر جديدةٍ إلى لوحته تدفع بالمشاهد عميقاً إلى التساؤل والحيرة، إضافةً إلى تكثيفاته اللونية التي تتميز بها أعماله. من الجدير ذكره أنّ إدوار شهدا من مواليد دمشق عام 1952، تخرج في كلية الفنون الجميلة بدمشق عام 1976، وأتم الدراسة في مرسم (أناتولي كلانكوف) في روسيا عام 1992، وأقام عدداً كبيراً من المعارض الفردية والمشتركة داخل سورية وخارجها، ويشار إلى أن المعرض مستمر لغاية الحادي والعشرين من الشهر الجاري. .
 
      معرض الفنان إدوار شهدا... معزوفة وفاء بصرية لمحمود درويش
 
عبد الله أبو راشد
جريدة النور العدد 470
الأربعاء 9/2/2011
 
مما لاشك فيه، أن معرض الفنان التشكيلي السوري إدوار شهدا المُقام في صالة “تجليات” للفنون التشكيلية بمدينة دمشق، بدءاً من مساء 6/2/2011 يُكرس حالة بصرية متفردة بمحتواها الإنساني ورسالتها المعنوية التي تقرب المسافة ما بين الفنان وجمهوره ومضامين لوحاته في نهاية المطاف.
فما تحمله ثنايا اللوحات من نفحات طيبة من التفاعل الوجداني واللحظة التصويرية المثيرة والأثيرة، وما تشمله من معاني وقيم روحية موصولة بذاكرة المكان السوري القديم من ناحية شكلانية نصوصه، وطريقة الفنان في صياغة ملامح ابتكاره وحداثته التعبيرية اللافتة، والمتعدد المقامات الصوريّة، مؤتلفة الوصف والتجليات والمضامين، هي أشبه بوليمة وفاء بصرية مربوطة بخيط سرمدي، تصل الفنان مع تداعيات نصوص وشخوص الشاعر العربي الفلسطيني محمود درويش.
يُدرجها الفنان في أثواب شكلية موشاة بمسحة من الود والوفاء المُعبرة عن لحظات تصويرية مفتوحة على المُخيلة وتفاصل الرؤى، وجماليات السرد الفكري المتواري في متن النصوص المسرودة والمنثورة كباقات لون فوق سطوح الخامات.
  لوحاته، بما هي عليه من قيم وعلاقات شكلية وتفاصيل رؤى تعبيرية، إنسانية الطابع السردي، شفافة في جميع فصولها ومقاماتها الوصفية، متكئة بشكل ما أو بآخر على روح القصيدة الشعرية وذكريات مشفوعة بتجليات تذكر، تصل ما انقطع وصله في لحظات القنوط ومخيبات الآمال، تجوب مساحات الوصل الشكلي المتعانقة من مروحة شكلية حبلى بالملونات، تزخرف الرؤى، وتتوسد مكانها في حدائق لوحاته، المؤتلفة من مفردات وعناصر وجمل تشكيلية حافلة بخصوصية الفنان، وملخصة لمسيرته الفنية، كحصاد بصري لمجموع تجاربه وخبراته في ميدانه وموضعه ما بين أقرانه.
 لوحاته جميعها مشغولة وفق متواليات اللغة الشكلية السردية المتكئة على إيقاعها الفكري، باعتباره صورة مطابقة لذات الفنان المُفكر ببصيرته، يرسم ملامح نصوصه التشكيلية ذات المبنى الشكلي المتماسك، والمعنى الواسع الطيف، وثيق الصلة المعنوية والرمزية بقصائد الشاعر محمود درويش، يُدون الفنان شهدا من خلالها ما يُمكن تقديمه من رؤى، ومسارات رمز وضرورات حكاية هنا، ورواية هناك، تقرب المسافة ما بين عين المتلقي وبصيرته، وتفتح المجال لسجال القراءات الفنية المتعددة، الراصدة لجميع تجلياته في مكونات مكحلة بتعبيراتها الخطيّة واللونية، بلغة سرد تقني متفردة، يجتمع في متنها السردي أكثر من أسلوب وطريقة، تُحدد رؤية الفنان وموقعه داخل أسوار القصيدة البصرية وجمهوره، وبما تُجسده من روابط إنسانية، وما تعكسه ملامحها النصيّة من تحسس فكري لمدوناته، المتجانسة النصوص والمتواترة في إيقاعاتها اللونية، المصحوبة بخلطة تقنية جامعة لوحدته العضوية، والمتآلفة الطبقات اللونية الممتدة في مساحات متكافئة شكلاً ومضموناً ومتباينة في تدريجات اللون وخياراته وتناسقه داخل معمارية مكوناته.
 لوحات إدوار شهدا أشبه بمعزوفة بصرية مُعبرة تضع الفنان في موقعه الطبيعي في الحركة التشكيلية السورية، فهو فنان مُعاصر في جميع مُبتكراته، والحداثة ميدانه، ولا تربطه بالأكاديمية المدرسية ذات الأنفاس التقليدية أية صله، متحرر منها أيما تحرر، مأخوذ على الدوام بالتعبيرية المفتوحة على فضاء الرمز ومتواليات المساحات التجريدية، تبني عالمها التشكيلي على أساس التفكير البصري، وتخير المشاهد المرسومة بعين البصيرة، وتجعل المتلقي يقف في حضرة نصوصه مطولاً، متأملاً، ومحاولاً رسم معالم جديدة لبنيان اللوحات شكلاً ومضموناً، وخطوات لفهم مداراته الرمزية.

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية