أخبار فنية

مقاربات نقدية لعروض مهرجان المونودراما اونلاين لليوم الخامس

مقاربات نقدية لعروض مهرجان المونودراما اونلاين لليوم الخامس

479 مشاهدة

مقاربات نقدية لعروض مهرجان المونودراما اونلاين لليوم الخامس

#محاولة سعودية في "#حاويات بلا وطن "

بقلم – ذو الفقار البلداوي

يعتبر نص حاويات بلا وطن للكاتب العراقي قاسم مطرود رحمه الله من النصوص التي تداولتها مسارح عربية كثيرة وحصدت جوائز مهمة  كونه كتب بمصداقية شعورية عالية حيث اشار الكاتب في احدى تصريحاته الصحفية بان هذا النص كتب عن معايشة حقيقية لعائلة سكنت الحاوية وكان يتردد عليهم بين الحين والاخر وتأثر بالحالة الانسانية التي مرت بها العائلة وبعد عدة سنوات اعاد كتابة النص بمهارة وشاعرية واحساس انسان مرهف ليجعل من حكايته هذه نصا انسانيا عالميا ، وقد كان نصا ثريا للكثير ممن اخذه وحلله وكتب من اجله دراسات نشرت بمواقع عدة فليس من المعقول ان ناخذ هذا النص الذي اشتغل عليه الكاتب بمراحل مختلفة بدأت من المعايشة الى التدوين ومن ثم تحويله الى فعل مكتوب ، بطريقة سطحية ونجعل من ذاك الحوار والصراع الى حوار داخلي  ، نعم انها تجربة ومحاولة من الشاب السعودي احمد الحسن لكنها تحتاج الى اشتغال اخراجي واداء تمثيلي يستخدم بها الممثل ادواته ( الصوت ، والجسد ) من اجل تكوين فعل درامي يتوافق مع الحدث ، وخاصة في اداء المونودراما فهي تحتاج الى اشتغال وبحث في ابعاد الشخصية ومن جانب اخر تحتاج الى ايقاع وجهد ليبقى التواصل مع الجمهور لنهاية العرض .

فاذا كانت تجربة احمد الحسن بتحويل النص باكمله الى حوار داخلي لتاخذ الشخصية مساحة في التمثيل التعبيري فهي تجربة تحتاج الكثير من الشاب الطموح والشجاع للاشتغال والتمرين والنظر اخراجيا بما يفعل فقد العرض رؤيته الاخراجية واخفق الممثل من تطابق الحوار المسجل والفعل التعبيري

 

#ثنائية الحياة والموت ودلالاته في مسرحية قدسية الموت من العراق

بقلم – الدكتورة ايمان الكبيسي

 كتب النص بدلالة ايحائية تعتمد ازاحة المعنى من النسق اللغوي النسق محايث بفعل التأؤيل، وبلغة عالية من البساطة والبلاغة في ذات الوقت بحيث يمكن تحويل المفردات الى لغة صورية تحتوي التقطيع والاسترجاع، إذ ذهب النص الى معالجة الصراع بين الحياة والموت تاركا باب التأويل مفتوحا لكل اشكال هذا الصراع واطرافه، ساعيا الى اجتذاب المتلقي عبر عملية تعتمد ادراك الجزئيات من خلال ادراك الكليات، فالكاتب يعمد الى تجزئة الواقع الى تفاصيله الصغيرة بذاتية مفرطة ويعود الى تركيبها واعادة قراءتها بشكل اوسع من خلال رغبة الذات في البوح بأفكارها، فقد وظف الحدث الكلامي بحيث ينزاح الى دلالات تنتزع المعنى من سياقه اللغوي الى سياق الموقف الذي يعزز الدلالة الضمنية في النص المنطوق، فقد تمحور الخطاب في مونودراما(قدسية الموت) حول معاناة مريض السرطان مع المرض مع انه لم يذكر صراحة اسمه واكتفى بالتلميح بقصدية شمول كل اشكال المرض الخبيث ضمن دائرة النص، فقد ذهب الى ابعد من ذلك في معالجاته مشيرا الى كل انواع الفساد التي تنخر جسد الحياة كما تنخر احلام المستبقل التي مثلها بالطفل (بائع العلكة).

  مكان الحدث حُدد عبر فضاءات العرض والقطع المنظرية والمفردة الاكسسوارية المتباينة بين القديم المعاصرة التي اظهرت البعد الاجتماعي للشخصية على الرغم عدم تعاطي الممثل لأغلب تلك القطع ما جعلها تفرض ثرثرة بصرية، فهذا الاستخدام الحياتي والمألوف للمفردة الاكسسوارية والديكورية يقتل فاعليتها وما ينبغي لها من ان تكون ذات  رمزية ودلالة قصدية، اي ان يكون استخداما رمزيا واشاريا، لا يمكن تحميل العمل مسؤوليتها، كونه عرض في زمن الحجر الصحي وهذا الحجر قد يلقي بظلاله على تحديد جغرافية العرض، اما زمن العرض فقد كان زمنا مونودراميا بامتياز متأرجحا ما بين الماضي والحاضر والمستقبل المجهول، فزمن الماضي تمثل في استذكار الشخصية لإيام صباها عبر استخدام الجستس الاجتماعي المثمثل في اغنية (يا حريمة) التي ازاحت المكان من عموميته الى خصوصيته العراقية الجنوبية، والمقارنة بين ذلك الزمان وزمن الحاضر لاسيما في تعاطيه مع المرآة التي شكلت نافذة نحو الذات وذلك الماضي، لينتقل الى الحاضر المتمثل في شخصية (المريض)، من ثم الانتقال الى المستقبل وهو يبتاع العلك من بائعه.       

   وقد نحج المخرج في ايصال الممثل الى السلاسة في تلك التحولات بين التمثيل والتقديم من زمن لآخر ومن حالة لأخرى، ان هذه الالية الانتقالية المتكررة ما بين الاداء (التقمصي والتقديمي) التي استوجبتها الية النص المونودرامي، تزيد من صعوبة الاداء، فهي تتطلب ممثلا واعيا، هذا ما اعطى للمثل(حسين المسرحي) فرصة في البوح الرشيق، وهو بهذا الاداء خلق تنوعا جماليا في الاداء ساعده على الاستمرار فعل الحدث باتساق دون ان يترك الملل يتسلل الى المتلقي وهو يتابع تحرك ذاكرة الشخصية نحو بناء النسق الجمالي والفكري للمشهد.

 بالغ (المخرج) في استعمال الصوت حتى بات الحوار بعيدا عن البوح الداخلي الذي قد يسقط في حالات عن العمل صفته (المونودرامية) رغم انه عمد الى هذه التقنية الصوتية كاستدعاء داخلي لذلك الصراع الذي يعانيه المريض، وقد نحج المخرج في توظيف تقنيات العرض المسرحي على محدوديتها كالموسيقى، والاغنية، المؤثر الصوتي. كما نحج (المخرج) في تجسيد فلم سينمائي في ذاكرة الممثل تعينه في التحول والانتقال.

اخيرا لابد من الاشارة الى جمالية النص الذي اعتمد لغة رشيقة وظفت المجاز والاستعارة لإنتاج دلالات للحياة والموت تجاوزت المفهوم التقليدي المتداول الى مدلولات اخرى اكثر عمقا، الاداء كان رشيقا وممتعا ربما لو قدر لهذا العرض ان يقدم على مسرح يمتلك التقنيات المطلوبة لظهر العمل بشكل مغاير اكثر فاعلية وابهار.

 

 

 

مقاربة نقدية لعرض ( النفخ في رئة الذنوب ) سوريا

بقلم - صادق مرزوق

نص  : أثير الهاشمي،

اداء  : يزن حلاق

 

من العلامات التي هيمنت على هذا العرض هما المؤلف واداء الممثل ولكن الاخراج كان متارجحا لم يواكب عمق النص الذي يرصد عزلة الإنسان وهو  يعاني من ويلات الحروب والخراب الذي ساهم كثيرا في غربة الذات وخوفها من القادم ، وقد عمق جراحات شخصية النص والعرض هو هذا العدو الخفي والمتمثل  بفيروس كورونا الذي احتاح العالم . هذه الشخصية هي عبارة عن صراع بين انا /الآخر  النص.. المهيمن اسس لشخصية مبنية بناء شاقوليا فهي تتمتع بعمق  معرفي وهي تنتقل بنا من عوالم السياسة وتداعياتها ضمن اطار  النفس ، ولذلك نجد الشخصية لها عمق في البناء النفسي كما أسس لها المؤلف اثير الهاشمي وكما شاهدنا في اداء الممثل يزن .. كذلك الجانب الفلسفي الذي اسس له كاتب النص للشخصية وخبراتها في الجانب الوجودي والصوفي وهي التي تتحرك ضمن عدة خطوط تمثل لنا الهوس الذي ينتاب هذه الشخصية .وهنا اسهب في مقاربتي مع نص المؤلف كونه المهيمن الاول في العرض ونجد ان

العنوان استعارة بلاغية .. حيث جعل المؤلف للذنوب رئة ننفخ فيها .. نتيجة الأخطاء المتكررة  للبشرية ضمن صراعاتها التاريخية لفرض الهيمنة على الآخر . لذلك نجد ان الآخر هنا هو الضحية والجلاد ..

وحكاية النص تشير  الى الواقع الذي يمر بنا حاليا انطلاقا  من المشاكل السياسية في المنطقة ومحركاتها الخارجية  وتدخل الدول الكبرى في شؤون الدول العربية .. ولذلك دائما تتكرر اسماء بعينها في رؤوسنا المثخنة بالاخبار مثل ترامب بوتين انتقالا الى حروب المنطقة وكورونا

فضلا عن أحداث وأخبار الحروب والقصف والقتل والخرائق المفتعلة وغبرها  ..

 شخصية البطل وكما رسمها المؤلف واكدها العرض شخصية واقعية وجدية  تتفاعل مع الحدث والظروف المعطاة .. ونجد ان العرض في شخصيتان هما الذات للشخصية الانسانية والآخر المتمثلة بالتلفاز .لذلك وبالرغم من بساطة الاخراج لكن اناقة السينوغرافيا اعطت لهذا العرض قبولا من حيث التلقي في هندسة العرض حيث الصراع يبدو فاعلا بين الانا/التلفاز

الانا المقعد بفتح حرف الميم والمقعد بضم الميم وهذه الثنائيات التي اوحى بها نص العرض جعلت منه مقبولا لعين التلقي بالرغم من البساطة في ادوات المخرج.. الممثل اجاد في اداء هذه الشخصية .وحضوره كممثل كان الافضل من الحضور مخرجا .وهكذا نصوص مهيمنة تعد فخا للمخرج لانها تمتلك لغة رصينة وحفرا عميقا في تاريخ الشخصية وسياحة معرفية في الانتقال بين الافكار الفلسفية التي تم بناء الشخصية على اساسها