أخبار فنية

مقاربات نقدية لعروض مهرجان المونودراما اونلاين لليوم والثاني

مقاربات نقدية لعروض مهرجان المونودراما اونلاين لليوم والثاني

519 مشاهدة

مقاربات نقدية لعروض مهرجان المونودراما اونلاين لليوم والثاني

مقاربة نقدية عن مسرحية مونودراما ( اغنية البجع) من تونس

عروض اليوم الثاني

بقلم - د. خلود جبار الشطري

تأليف : انطوان تشيخوف

تمثيل : أمير بنجدوا / تونس

في أيام وليالي اعتشناها جميعاً ضمن حجرنا المنزلي  وعزلتنا الاجتماعية التي سببتها جائحة كورونا اللعينة والتي  منعتنا من التواصل  مع اقراننا وزملائنا وطلابنا ولكن كسبنا الوقت لنقرا  ونبحث وان نشارك جميعنا في مهرجان عربي للمونودراما يوثق لي ولكم تطلعاتنا الثقافية والفكرية في أيام الجائحة .

النص والعرض ...

ونحن نشاهد عرضا  مسرحياً من عروض المونودراما الجميلة لانطوان تشيخوف  في اغنية البجع ذلك الطائر الذي يرمز الى التناغم والجمال سكرات  ممثل ثمل عجوز في قاعة المسرح الفارغة من الجمهور تماماً وهو يغني اغنيته الأخيرة لحبيبته . 

فماذا غنى

ڤاسيلي ڤاسيليتش  ؟

طرح سؤالاً كونياً في ظل اجواء كورونا من داخل حجره المنزلي مامفهوم الحياة !!!!

فأنا ممثل اتألم  من أجل الحب بعد ان افنيت عمري لحبيبتي ! حبيبتي التي احبتني لحسن اداء دوري الذي كنت العبه على خشبة المسرح  كانت فتاة رشيقة جميلة بريئة متوهجة طاهرة كفجر ليلة صيف وعندما طلبتها للزواج نظرت لي نظرتها الأخيرة بأن اعزف عن التمثيل ! والخشبة ! لم انسى نظرتها الأخيرة لى حتى في قبري !

كشف المكان في مونودراما فودفيل  تشيخوف الساخرة اغنية البجع شخصية ڤاسيلي و الدور الذي لعبه أمير بنجدوا لعبة مدهشة برزت قدرته على مباغتت المتلقى من خلال توظيفه لزاوية صغيرة من زوايا اركان البيت مع قطع الديكور والإكسسوارات وقدرته على تشكيل المكان وانشاء فضاء مسرحي فجر امكانياته الجميلة بدقائق معدودة وهذه هي المونودراما الممثل اولاً وادواته الفنية .

لقد كان الحاضر الرئيسي في عرض ساخر هدفه النقد ومايخبئه الواقع الاجتماعي والسياسي من احداث  كان للموسيقى حضوراً فاعلاً ماجعل الممثل يستخرج طاقته الإبداعية دون رؤية اخراجية للعرض او ارشادية مابقاه الحاضر الغائب في مونودراما اغنية البجع .

وفي ختام ورقتي النقدية اتقدم بالشكر الجزيل لجميع المشاركين والى ادارة مهرجان محترف ميسان على استضافتي ضمن كادر لجنة النقد في دورة الفنان د.  سامي عبد الحميد _____________________________________

 

ابتكار واسلوب عرض مسرحيا تحديا للجائحة منلوج "الشحاذ المحترف هارفي" من مصر انموذجا

بقلم - ذوالفقار البلداوي

منذ ان اجتاح( كوفيد ١٩ ) الكرة الارضية واصبح العالم يلتزم ببيته استجابة لتوصيات الصحة العالمية للوقاية من هذا الفايروس راح العالم يبتكر اساليب وطرائق لاستمرار التواصل الاجتماعي والحفاظ على السمات الانسانية .

حيث جاء مهرجان محترف ميسان المسرحي الدولي للمونودراما مستفزا للجائحة ومتحديا للازمة ، مبتكرا اسلوبا جديدا للعرض المسرحي من خلال استثمار السوشل ميديا وهي نافذة حديثة قد تكون مسرحا كبيرا يدخل البيوت في جميع انحاء الكرة الارضية

فقد اعتدنا على تنوع المسارح بالعالم فمنها :-

المسرح الروماني

 مسرح العلبة

مسرح الشارع

و مسرح الاون لاين الذي فرضته هذه الجائحة وهو يعد تجربة جريئة من المؤسسين والمشاركين والذي تجاوز الكثير من عناصر العرض المسرحي الاساسية وركز على حرفنة الاداء التمثيلي للممثل المخرج شاردا من قواعد المونو دراما وباقي انواع المسارح

ففي مسرحية " الشحاذ المحترف هارفي " تاليف محمد عويس وتمثيل علي جيمي من مصر نجد ان الممثل المخرج تخلى عن الالوان واعتمد اللونين الابيض والاسود بصورة العرض وكانه يستحضر مشهد الكينونة لهاملت رائعة شكسبير ( اكون او لا اكون ) متحديا كل الازمات ، بهذين اللونين وهي دلالة ذكية و واعية لما يجري خارج البيت بعد ان توقفت الحياة بجميع الشوارع فهو يعلن استمرار حياة الفنان وعطائه بعد ان انسلخت الحياة من الوانها

اما اسلوب العرض فقد اعتمد جيمي على الاداء التمثيلي الذي حجمته نافذة الموبايل الشخصي لديه وراح يتفاعل مع عالم افتراضيا وكأن قاعة الجمهور هي الكرة الارضية قاطعا بذلك كل القارات  غير مكترث للديكور والاضاءة ووووو..الخ

امتاز علي جيمي بخفة الدم والتلوين بالالقاء وحدة الايماءة وقوتها واوصل للمشاهد رشاقة بجسده برغم انه كان جالسا ولو اتيح لجيمي فضاء اوسع من غرفته لامتازت لعبته بعطاءا ورؤية اخراجية رشيقة

لكن اصراره على الجلوس والاداء بهذه الطريقة اوصل بذلك رسالة من خلال عرضه لمأساة الحجر المنزلي الذي اصابت الناس وتحديا للابتكار واستمرار التواصل مع الاخرين

الشحاذ المحترف العاجز من الحركة بهذه الازمة الذي ورث من ابيه ما ورثه استطاع ان يدخل منازل بقارات مختلفة

النص :-

رغم اختزال النص وبساطة العقد الدرامية الذي كتبه محمد عويس وباسلوب مانلوج سردي فيه من الملهاة والمأساة لكنه يفتقر الى تعدد الشخصيات التي تثير الفعل الدرامي وتساعد الممثل على الاداء وتقوية  الفعل الدرامي

وبكل الاحوال كان عرضا مسرحيا اون لاين ممتع ، فيه من الايقاع وحرفنة الاداء التمثيلي ما يجعلنا نستبشر خير بممثل عربي واعد يعي ما يعمل يمتلك ادوات ممثلا رشيقة ومحترفة  واذا ما استمر سيكون نجما مسرحيا بالمستقبل القريب .

وهي تعد تجربة مهمة وصلت الينا بضروف صعبة اعتمدت على التحدي واصرار الفنان على اداء رسالته الانسانية وان كان محجور ببيته او باي مكان

فمسرح الاون لاين تحديا و اسلوبا وابتكارا يختلف عن باقي انواع المسارح

بيئته المكان الذي يتواجد به الممثل ليعرض نتاجه شرط ان يتوفر به انترنت وجمهوره في اي مكان يتوفر فيه انترنت (فالحاجة ام الاختراع )

 

عرض مونودراما ( حب الفن ) من الجزائر رسالة من تحت الحَجر

بقلم - حيدر عبدالله الشطري

لا يمكن ان نتناول عرض ( حب الفن ) الذي قدم ضمن مهرجان محترف ميسان الدولي للمونودراما بمعزل عن معرفة كاملة بالظروف التي يمر بها العالم والواقع الذي فرضته جائحة ( الكورونا ) والتي ترتب عليها الكثير من الحالات التي غيرت في طبيعة العلاقات الانسانية , وكذلك لا يمكن لنا ان نتحدث عن هذا العرض بعيداً عن الاشتراطات الفنية والتنظيمية للمهرجان الذي يسعى الى ان يكون العرض مباشرا  (on linen ) يقدم من داخل البيت لممثلٍ يعاني من فعل الحجر الصحي الذي تتطلبه الحياة الجديدة مع هذا الفايروس .

وبذلك نستطيع ان نقول ان العرض ايضا يعاني من الحجر على اعتبار انه يُقدم دون متطلبات ومستلزمات العرض المسرحي , وهكذا ستكون الملامح الابداعية في مثل هذه العروض صعبة المنال وعصية على التحقيق الا على الذين يعرفون كيفية تعويض كل هذه النقوصات التي تعتري العرض وايجاد بدائل فنية ستكتفي بها عملية التقديم وحينها سنكون امام عرض نقبل به في تلك الظروف الخاصة .

لقد كانت فكرة المهرجان بتقديم عروض مونودرامية هي فكرة تنبع من اصل الشعور الذي يعانيه مقدم العرض ( المنعزل, المنفرد, الوحيد, المحجور ) والذي بالتالي يكون بحاجة الى مساحة من البوح الانساني في التعبير عن صراعه مع القوى الخارجية التي ارغمته على شكل هذه الحياة الجديدة التي كرست للتباعد بين الناس.

ولقد كان مقدم العرض (كريني نور الدين) يعي ايضا الاعتبارات الطارئة والاملاءات الفنية والتقديمية التي فرضت عليه في تقديمه لهذا العرض وحاول ان يجد بدائل فنية بالاعتماد على اداءه الحركي والتمثيلي وبالتالي تقديم توليفة مسرحية تجعلنا نقف امام هذه التجربة باحترام وتقدير كبير لها والتي تسعى الى بث الروح في كل مفاصل الحياة مقابل كمية الموت الهائلة التي تحاول الجائحة ان تفرضها على حياة الناس في ارجاء المعمورة.

النص

تأسس نص العرض على تقديم شخصية تعاني من الانعزال وتجد نفسها امام تحديات كبيرة وتحاول ان تبحث في اسباب الحياة التي يجب ان تعمّ مقابل من يريد ان يسلبها , فهي  تعاني من صراع مع قوى خفية يجب ان تنتصر عليها لا سيما وانها تمتلك الصفات الشخصية كونها سوف لن تستسلم للموت وستحارب بضراوة في سبيل ذلك.

اعتمد النص على الطرح الكوميدي في بعض مفاصله في التعبير عن افكاره ورسائله التي يريد ان يوصلها للمتلقي ...واجترح المؤلف لنصه هذا الاسلوب الذي يناقش الالم الذي تعاني منه الشخصية المنودرامية باسلوب السخرية والذي لا تمتلك اكثر منه في هذه المواجهة العسيرة مع قوىً خارجية متسلطة والتي ربما ستكون خاسرة فيما لو لم تعتمد هذا الاسلوب في التعامل معها في كل مرة.

لم يكن النص يبحث في مشاكل وجودية وانسانية كبيرة وكان بمثابة رسالة بسيطة في طرحها وكبيرة في معانيها تبحث في اسباب العيش والتواصل الانساني دون الانهزام امام التحديات التي تتعرض لها .

ولم نكن ننتظر اكثر من ذلك في الطرح الفكري لنص يشتغل في مساحة جغرافية ضيقة والفسحة التأملية الكبيرة سوف نجدها في الدلالات والمعاني التي يثيرها في رسائل مشفرة تارة واخرى مباشرة .

العرض

حاول العرض ان يشتغل على فكرة الاقتصاد في التعبير الفني والاعتماد على ما يتوفر في هذه المساحة التقديمية الصغيرة ( الركح ) والتي هي بمثابة السجن الذي يعاني منه المحجور صحيا ولم يكن امامه سوى اختصار المساحات وتكثيفها لصالح الاختزال الذي يزيد من تكريس العزلة الذي تعاني منه الشخصية والذي لم تكن تحتاج الى اكبر منه ملعباً لتلعب على اديمه .

يبدا العرض بحركة رتيبة لكرسي هزاز فارغ يتحرك موحياً بالغياب ومنذ الوهلة الاولى نتوقع ان العرض سيشتغل على جدلية ( الحضور...الغياب )  لا سيما وان الشخصية تظهر فجأة على الكرسي بعد ان كانت مخبأة تحت قماش يلفه وليعلن حضوره بقوة .

استفاد مقدم العرض من تقنيات العرض المونودرامي في استجلاب شخصياته الاخرى وحضورها غير المادي واستعان بذلك بجهاز التلفاز الذي تظهر عليه شخصية اخرى تعلن عن طرفِ صراع ثانٍ لابد من وجوده لاقتراح مادة درامية لعرض مسرحي , وقد كانت تلك الالتفاتة موفقة بقدر الاستخدام الدال والواعي لجهاز التلفاز في تعميق مساحة الصراع الذي تعاني منه الشخصية الرئيسية .

ويستمر العرض الى ان يصل الى بث رسالته الاخيرة حيث يقوم الممثل بإلقاء شعري لقصيدة يختتم بها عرضه تختصر كل الرسائل التي اجتهد في ارسالها العرض.

التمثيل

تمتع ممثل العرض بالجاذبية والحضور الفاعل والمؤثر في تجسيده لهذه الشخصية وكان حريصا جدا على اظهار قدراته الحيوية التمثيلية , وقد تبين تمكنه من ادوات الممثل الكوميدي ومهاراته , وقد حاول جاهداً الانتقال من فعل تمثيلي الى اخر بانسيابية وتحول مقنع .

واخيرا نود الاشارة الى ان خوض مثل هكذا تجربة يعد تحدياً كبيرا في عدم الاستسلام الى ظروف قاهرة افرزتها التغييرات التي حدثت في العالم والتي اسست الى عدم التواصل في الوقت الذي يسعى فيه المسرح الى تأكيد مهمته باعتباره من اهم وسائل الاتصال , فكانت روح المسرح حاضرة في محاولات تغييب ممنهج لحضور قسري لقدرية يجب ان لا يقف الانسان ازائها مستسلماً فكيف بالمسرح الذي يسعى الى بناء حياة حرة وكريمة للانسان...

انها فرصة لمشاهدة عرض في سابقة تاريخية مهمة  حيث ان جمهوره امرأة واحدة فقط هي شريكة الممثل في مكان الحجر ومن ثم سنشاهده نحن عبر وسائل الاتصال الحديثة , هي ربما مفارقة ما كنا لنتوقع انها ستحدث يوما واعتقد انها صورت لنا باختصار ما حدث للعالم والذي يجب ان نقف بمواجهته جميعاً وليكن المسرح هو اول اماكن المواجهة ونقطة الشروع نحو الانتصار على كل ما يهدد امن الانسانية.