أخبار أدبية

موت  مسرحية  وودي آلن ترجمة الدكتور إقبال محمد علي

موت مسرحية وودي آلن ترجمة الدكتور إقبال محمد علي

594 مشاهدة

موت  مسرحية  وودي آلن ترجمة الدكتور إقبال محمد علي

#مجلة _الفنون _المسرحية

" موت"  مسرحية بقلم: وودي آلن 

#ترجمة _الدكتور _إقبال _محمد_علي

 

#ترفع الستارة. كلايمان نائمٌ في فراشه. الساعة الثانية بعد منتصف الليل. طرقات عنيفة على الباب .. ينهض أخيراً بجهد، لِفتح الباب.

كلايمان: أُف؟

أصوات: هيا، نحن نعرف أنك في البيت.. أفتح.. عليك أن تأتي معنا، أفتح الباب...

كلايمان: حسناً؟ ( يشعل الضوء) مَنْ هناك؟

أصوات: لا وقت لدينا، أفتح الباب لنذهب...

كلايمان: من هناك؟

صوت: كلايمان. أستعجل.. عليكَ ان تأتي معنا.

كلايمان: هاكر؟ أهذا صوت هاكر! هاكر؟

صوت: كلايمان، أفتح الباب؟ 

كلايمان: قادِمْ .. قادِم ..كنت نائما.. أنتظر( كان يمشي متعثراً بخطواته، بسبب النعاس.. نظر إلى الساعة)،يا إلهي، الساعة مازالت الثانية و النصف بعد منتصف الليل! قادِمْ، قادِمْ.. أنتظروا دقيقة.(أندفع ستة رجال  داخل الشقة، عند فتحهِ الباب)

هانك: بحق الرب ، كلايمان، هل أنتَ أطرش؟

كلايمان: كنت نائماً. الساعة ما زالت الثانية و النصف. ماذا يجري؟

آل: أرتدِ ملابسك. نحن بحاجة إليك

كلايمان: ماذا؟

سام: لنذهب ، كلايمان، لا وقت لدينا

كلايمان: ماذا يحدث؟

آل:هيا، تحرك.

كلايمان: أتحرك إلى أين؟ هاكر، ألا ترى إننا ما زلنا في منتصف الليل.

 هاكر: استيقظ إذاً.

كلايمان: ما الذي يجري؟

جون: لا تَسْتَهبِل.

كلايمان: أسْتَهبل؟ كنت أغط في النوم. ماذا كنت تظنني أفعل في الساعة الثانية و النصف صباحاً، أرقص؟

هاكر: نحن بحاجة إلى كل رجل.

كلايمان: لأي غرض؟                                                                                                                                                 فيكتور: ماذا دهاك، كلايمان. ألا تعرف ما الذي يجري، طيلة هذا الوقت؟

كلايمان: عمّ تتحدّثون؟

آل: حارس ليلي...                                                                                                                                                     كلايمان: ماذا؟               

آل: حارس ليلي....

جون: قُمنا بوضع خطة، هذه المرة.           

سام: خطة عظيمة.                                                                                                                                                   كلايمان: حسناً، هل يستطيع أحدَ منكم، ان يشرح لي سبب حضوركم لشقتي في هذا الوقت المتأخر؟ لأنني احس بالبرد بملابسي الداخلية.

هاكر: خلاصة الموضوع، اننا بحاجة إلى اكبرِ ما يكون من المساعدة  و موجز الكلام، أرتدِ ملابسك لتذهب معنا.

فيكتور: إسرِع.

كلايمان: حسنا سأرتدي ملابسي. لكني مازلت بحاجة لمن يخبرني ما يجري؟

( بدأ بسحب بعض  بناطيله بقلق)

جون: عرفنا أين القاتل. رأته  امرأتان يدخل المتَنَزهْ...

كلايمان: أي قاتل؟

فيكتور: كلايمان! لا وقت لدينا للثرثرة.

كلايمان: من ذا الذي يثرثر هنا؟ وعن أيّ قاتل تتكلمون؟ أقحمتموني في هذا الموضوع و أنا في عز نومي.

هاكر: قاتل ريتشاردسون و قاتل جامبل...

آل: قاتل ميري كوالتي...

سام: القاتل..

هانك: الخانق...

كلايمان: عن أي قاتل أو خانق تتكلمون؟

جون: نفس الشخص الذي قام بقتل أبن آيسلر و خنق جينسن بسلك البيانو.

كلايمان: جينسن! الحارس الليلي الضخم؟

هاكر: نعم. باغته من الخلف. تسلل بخفة و لف سلك البيانو حول رقبته. كان وجهه ازرق حين عثروا عليه، و لعابه متجمد على جانبي فمه.

كلايمان:(ينظر فيما حوله في الغرفة)، عليّ الذهاب إلى العمل غداً.

 

فيكتور: ستأتي معنا، كلايمان. علينا ان نوقف هذا القاتل، قبل ان يرتكب جريمة جديدة.

كلايمان: نحنُ؟ نحنُ و أنا؟

هاكر: يبدو ان الشرطة عاجزة عن معالجة الموضوع.

كلايمان: علينا كتابة رسالة شكوى. سأقوم بذلك في الصباح الباكر.

هاكر: انهم يبذلون قصارى جهودهم، و يبدو انهم، في حيرة من أمرهم.

سام: الكل محتار.

آل: تريد ان تقول بأنك لم تسمع بهذا الموضوع، سابقاً؟

جون: من الصعب تصديق ذلك....

كلايمان: في الواقع، نحن في قمة موسم العمل، و الكل مشغول، لدرجة انني غير قادر على أخذ أستراحة الغداء، رغم شراهيتي للأكل. هاكر يستطيع ان يشهد على ما أقول.(لم يصدق أحد منهم ،هذهِ الأكاذيب)

هاكر: لكن هذا الأمر المروع ليس بالجديد. ألا تتابع الأخبار؟

كلايمان: لا وقت عندي، لمتابعة الأخبار...

هاكر: الكل مرعوب، لدرجة ان الناس بدأت تخاف المشيّ في الشارع ليلاً.

جون: الشوارع خالية. وجدوا بنات سيمون مذبوحات من الأذن إلى الأذن في منزلهن، لأنهن نَسَين قفل باب البيت بالمفتاح.

كلايمان: لكنك قلت، بأنه يخنق فقط...

جون: لا تتغابَ، كلايمان....

كلايمان: يجدر بيّ بَعدَ كل ما ذكرت، تغيير قفل الباب، بأسرع وقت.

هاكر: أمر مروع، لا يعرف أحد متى سينفذ جريمته التالية.

كلايمان: متى بدَأَ كل هذا؟ و لِمَ لمْ يخبرني أحد بذلك من قبل؟

هاكر: عثروا في البداية على جثة واحدة ثم لحقتها ثانية، بعدها توالى العثور على جثث أخرى. المدينة في حالة ذعر.. الكل مرعوب، إلا أنتْ.

كلايمان: أَهدأ قليلاً، لأنني بدأت أشعر بالذعر...

هاكر: القضية معقدة جداً، لأنها تتعلق برجل مخبول. اي ان الدافع هنا، غير موجود و لا نستطيع، عَمَلَ شيء ازاءه.

كلايمان: هل قام بسرقة أحد؟ هل أعتدى جنسياً على امْرَأة أو تحرش بواحدة؟

فيكتور: يخنق فقط...

كلايمان: كيف استطاع خنق جينسن الضخم القوي!!

سام:كان قوياً. اما الأن، فوجهه ازرق، و لسانه متدلٍ من فمه...

كلايمان:أزرق؟ لون غير مناسب لرجل في الأربعين.. هل عثروا على دليل؟ شعر أو بصمة أصابع.

هاكر:نعم. عثروا على شعر...

كلايمان:هذا ما هُم بحاجة إليه اليوم، شعرة واحدة... يضعونها تحت المايكروسكوب... واحد، أثنان ثلاثة..و يتم كَشفَ القضية بأكملها. ما لون الشعر؟

هاكر:بلون شعرك...

كلايمان:شعري؟ لِمَ تبحلق بوجهي... أنا لم أفقد شعرة واحدة، مؤخرا. أنا.... أعتقد ان علينا التحلي بالصبر و أستخدام منطق العقل.

هاكر: أها..

كلايمان:احياناً، يختار القاتل نموذجاً معيناً لضحاياه. كأن يختار على سبيل المثال:ممرضات أو رجالاً صُلْعَاناً أو ممرضات صَلْعَات...

جون:(مقاطعا) طيب، أخبرنا عن أوجه التشابه؟

سام:لنفترض أن ما تقوله صحيح. هل بأمكانك ان تخبرنا عن وجه التشابه بين، اِبن ألسر بماري كوالتي أو جينسن بجامبل أو أو أو.....

كلايمن:لو كنت على معرفة بالقضية..

آل:( بسخرية) ان كانت له معرفة بالقضية!!. وجه التشابه الوحيد بين ضحاياه، انهم كانوا بالأمس أحياء و اليوم كلهم أموات.

هاكر:أنه على حق. لا أحد منا بمأمن بعد الآن، كلايمان. إن كان هذا ما تفكر به.

آل:ربما يحاول، أقناع نفسه...

جون:بالتأكيد...

سام:لا يوجد نموذج مشترك في طريقة قتلهم.

فيكتور:لم يكونوا ممرضات...

آل:لا أحد منا، مُحَصن اليوم...

كلايمان:لم أكن احاول اقناع نفسي.. كان مجرد تساؤل بسيط.

سام:عليك ان لا تطرحَ تساؤلات سخيفة من هذا النوع، فأمامنا الكثير من العمل.

فيكتور:نحن قلقون، فأيٍ منا، ممكن ان يكون الضحية القادمة.

كلايمان:في الحقيقة انا لست ضليعاً بمثل هذه الأمور و لا خبرة لي في المطاردات كما أنني لا اريد إعاقتكم عن عملكم، لكني استطيع ان اتبرع بمبلغ من المال. هذه الطريقة الوحيدة التي أستطيع مساعدتكم بها. دعوني ادفع الآن بعض الدولارات.

سام:ما هذا؟ (لاحظ وجود شعر على المنضدة)

كلايمان:ماذا؟

سام:هذا! هناك شعر في مشطك...

كلايمان:لأنني امشط شعري...

سام:لونه مماثل للشعر الذي وجدته الشرطة....

كلايمان:هل أُصبت بالجنون؟ هذا شعر اسود، و هناك الملايين من البشر، بشعر أسود.توقف. لِمَ تضعه داخل المظروف؟ الأسود لون شائع! أنظر إلى جون ( يشير إلى جون)، هو الأخر، أسود الشعر.

جون: (أمسك به من تلابيبه)كلايمان، هل تتهمني؟

كلايمان:و من يتهمك؟ هو من أخذ شعري و وضعه في المظروف. اعطني شعري (يحاول أنتزاع الظرف من سام فينتشله جون )

جون:أتركه و شأنه..

سام:أنا أقوم بواجبي..

فيكتور:أنه على حق، فالشرطة تطلب من المواطنين كافة ، مساعدتها في هذا الأمر.

هاكر:هذا صحيح. فلدينا الآن، خطة...

كلايمان:و ماهي الخطة؟

آل:هل يمكننا أن نعتمد عليك؟

فيكتور:بالتأكيد يمكننا الإعتماد عليه، فهو واحد مِمّنْ رسموا الخطة.

كلايمان:أنا واحد مِمّنْ رسموا الخطة؟ أية خطة؟

جون:لا تقلق، سنخبرك فيما بعد...

كلايمان:لقد وضع شعري في المظروف؟

سام:ألبس ملابسك، وسننتظرك تحت.حاول ان تسرع، لا يمكننا إضاعة المزيد من الوقت.

كلايمان:حسنا.. هلا أعطيتني لمحة سريعة عن الخطة؟

هاكر:حاول ان تسرع، بحق الرب. فالمسألة قضية حياة أو موت.حاول ان تلبس ملابس دافئة فالدنيا برد في الخارج.

كلايمان:حسنا، حسناً.. ليتك تخبرني عن الخطة،، كي اتمكن من التفكير بالموضوع!!

(تركوه يرتدي ملابسه، متوتراً)

 أين لَبَاسَة حذائي! انها لمسخرة حقيقية. يوقظون رجلا في منتصف الليل و يفاجئونه بكل هذه الأخبار الرهيبة.. لِمَ علينا في هذهِ الحال، دفع الضريبة لتغطية مرتبات قوات الشرطة؟. قبل لحظات، كنت اغط في نوم عميق في فراشي الدافيء، و الآن، أجد نفسي أساهم في خطة لا أعرف شيئاً عنها، لإصطياد قاتل معتوه ممكن أن يأتيني في أية لحظة من الخلف فَ.........

آنا: كلايمان.. ( يفاجأ كلايمان بدخول شبح عجوز مُسِنة تحمل بيدها شمعة)

كلايمان:من هذا؟ (كاد أن يغمى عليه من الهلع)

آنا:ماذا؟

كلايمان:بحق الرب، ما كان عليك ان تتسللي بهذه الطريقة.

آنا:سمعت أصوات...

كلايمان:حضر بعض الرجال قبل قليل، و إذا بيّ أجد نفسي فجأةً"حارس ليلي" في لَجْنة.

آنا:الآن؟

كلايمان:يبدو ان هناك قاتلاً طليقاً، و لا يمكن الإنتظار حتى الصباح. يبدو  لي أنه مثل البومة، لا ينام.                                                               آنا:أها، القاتل...                                                                                                                                         

كلايمان:لِمَ لمْ تخبريني، ان كنت تعرفين؟

آنا:حاولت أخبارك العديد من المرات، لكنك لم تكن راغباً في الإصغاء لما أقول.                                                                                                                                                                                                                                                    كلايمان:ومن يرغب في الإستماع لهَذَيانك؟                                                                                                                                                                                                                                                                                                 آنا:إضافة إلى أنك كُنتَ مشغولا على الدوام، بعملك و هواياتك....

كلايمان:وهل تمانعين إذا أخبرتك اننا الآن في قمة موسم العمل؟

آنا:اخبرتك هناك جريمة لم تُحَل .. جريمتان لم تُحَلا.. ست جرائم لم تُحَل، و ماذا كان جوابك على الدوام:ذكريني فيما بَعد.... فيما بَعد.. فيما بَعد...

كلايمان:ذلك، لأنك لا تختارين الوقت المناسب، لإخباري.

آنا:نَعمْ؟

كلايمان:كنت مستمتعاً بفتح الهدايا في عيد ميلادي، فإذا بك تأتين خلسة بوجهك الطويل، متسائلة:"هل قرأت الجرائد؟ تم ذبح طفلة صغيرة... ألم تجدي وقتا أكثر ملاءمة لإخباري بذلك؟ ألا يمكنني الإستمتاع بوقتي، دون سماع صوتك المشؤوم.

آنا:لا أستطيع اصطيادك إلا في هذه الأوقات...

كلايمان:الآن، أين ربطة عنقي؟

آنا :لم تريد ربطة العنق، ما دمت ذاهبا لإصطياد القاتل

كلايمان: أعطيني إياها..

آن:هل ستذهب لحفلة صيد، رسمية؟

كلايمين:ليس لي علم بمن سألتقي؟ ماذا لو كان، مديري بينهم؟

آنا :أنا على ثقة انه سيأتي، بملابسه العادية...

كلايمان:هل تتخيلين من جَندوا لتعقب القاتل؟..جندوني أنا.. أنا البائع المتجول...

آنا:لا تعطه فرصة مباغتتك من الخلف...

كلايمان:شكراً آنا، سأبلغه وصيتك...

آنا:لا تتواقح معي. يجب القبض عليه...

كلايمان:هذهِ وظيفة الشرطة. انا خائف من الذهاب معهم، فالجو بارد و الليلة مظلمة

آنا:كن رجلا، و لو لمرة واحدة في حياتك...

كلايمن: من السهل عليكِ قول ذلك، لأنك ستعودين لفراشك...

آنا:و ماذا لو وجد طريقه إلى هذا البيت، و دخل من الشباك؟

كلايمان: عند ذاك، ستكونين في مشكلة حقيقية..

آنا:لو هاجمني سأنثر الفلفل على وجهه..

كلايمان:ترمين ماذا؟

آنا:أنا أحتفظ بالفلفل قرب سريري، إذا اقترب مني سأنثر الفلفل على وجهه..

كلايمان:تفكير سليم. ثقي ان حدث و جاء إلى هنا، ستكونين انت و فلفلك ملتصِقين في سقف الغرفة

آنا:أنا اقفل كل شيء، بقفلين...

كلايمان:ربما علي أخذ القليل من الفلفل، من باب الإحتياط.

آنا:خذ هذه معك..(أعطته تعويذة)

كلايمان:ما هذا؟

آنا:هذه تعويذة، تبعد عنك الشر، أشتريتها من شحاذ كسيح...

كلايمان:( ينظر اليها دون  نمبالا ة).. اعطيني قليلاً من الفلفل.

آنا:لا تقلق، لن تكون هناك لوحدك...

كلايمان:أنت محقة، فلديهم خطة ذكية جداً....

آنا: ما هيّ؟

كلايمان:لا اعرف بالضبط..

آنا:إذاً، كيف عرفت انها، ذكية جداً؟

كلايمان:وضعتها افضل عقول المدينة.صدقيني، انهم يعرفون ما يفعلون.

آنا:أتمنى ذلك، لأجلك..

كلايمان:حسناً. أغلقي الباب جيداُ و لا تفتحيها لأيٍ كان، حتى لي... ما لم تسمعيني أصرخ" أفتحي الباب"، عند ذاك يمكنك فتحها بسرعة.

آنا:كلايمان،اتمنى لك حظاً سعيداً...

كلايمان:( يلقي نظرة من الشباك..تبدو الليلة حالكة الظلام)، أنظري، يا لها من ليلة حالكة السواد.

آنا:لا أرى أحداً....

كلايمان:و لا أنا. لكني أتوقع ان تكون هناك مجموعات من المواطنين، يحملون المشاعل أو أشياء آخرى.

آنا:طالما لديهم خطة. ( وقفة)

كلايمان:آنا؟

آنا: نعم...

كلايمان:( يتطلع  إلى الظلمة) هل فكرت يوما بالموت؟

آنا:و لِمَ عليّ أن أفكر بالموت؟ و لِمَ هذا السؤال! هل فَكرتَ أنتَ بذلك؟

كلايمان:نادراً. وعندما أفعل، لا يَخطُر لي ان أموت مخنوقا أو مقطوع الحنجرة..

آنا:لا أتمنى لك ذلك أيضاً...

كلايمان:أتمنى ان أموت بطريقة لطيفة

آنا:صدقني، هناك الكثير من الطرق اللطيفة، للموت

كلايمان:أعطيني مثلاُ

آنا:أعطيك مَثلاً!! أنتَ من سألني عن طرق ألطف للموت؟

كلايمان:هذا صحيح...

آنا:دعني أفكر....

كلايمان:طيب..

آنا:السم....

كلايمان:السم؟ طريقة رهيبة للموت...

آنا: لماذا؟

كلايمان:هل تمزحين معي؟ السم يُسَبِبَ تشنجات حادة في المعِدة؟

أنا:ليس بالضرورة...

كلايمان:عن أي نوع مِنَ السُمَ تتكلمين؟

آنا:سيانيد البوتاسيوم....

كلايمان:ايتها الخبيرة...لا يمكنك مواكبتي في مضمار السموم إذ  يمكنني تمييزها، من أكل وجبة محار فاسدة.

آنا:هذا لا يسمى سماً.. بل هو تسمُمَ غذائي.

كلايمان:و من قال لك، انني اريد أن أتجرع السم؟

آنا: طيب، اخبرني كيف تريد ان تموت؟

كلايمان:أريد ان أموت في سن التسعين، بعدَ أن أكون قد اكملت رحلتي الطويلة في الحياة،مستلقياً في سريري، محاطاً بالأقارب....

آنا:هذا مجرد حلم، فمن غير المحتمل ان تصل التسعين. عليك تتوقع في أية لحظة، ان يقوم هذا السفاح بفصل رأسك عن جسدك أو قطع حنجرتك.

كلايمان:آنا. الحديث معك بهذه الأمور، يريحني...

آنا:و أنا اريدك أن تعرف، مدى قلقي عليك. أنظر لما يجري حولك... هناك قاتل طليق، يستطيع ان يختبيء في العشرات من الأماكن في هذه الليلة الحالكة السواد..في الممرات في الأزقة..في مداخل البيوت وتحت جسر سكة الحديد. لن تتمكن في ظل العتمة، من رؤية هذا القاتل المخبول، متربصاً و بيده سلك البيانو.

كلايمان: فهمتُ قصدك، لذا سأعود إلى فراشي.( صوت شخص يدق على الباب)

صوت:كلايمان! هيا بنا

كلايمان:قادم، أنا قادم.( يقبل آنا).. أراك فيما بعد...

آنا:عليك الحذر.

(يخرج لينضم إلى آل، الذي ترك لترتيب الأمور مع كلايمان)

كلايمان:لا أعرف،لم عليّ تحمل عبءَ مثل هذه المسؤولية على هذا النحو المفاجيء.

آل:علينا جميعاً تحمل عبء هذه المسؤولية....

كلايمان:سأكون محظوظا لو كنتَ أول من يعثر عليه. آخ، نسيت الفلفل!!!

آل:ماذا؟

كلايمان:أين الآخرون؟

آل:ماضون في البحث. التوقيت الصحيح عامل مهم لنجاح الخطة.

كلايمان:اعطني فكرة عن هذه الخطة العظيمة..

آل:ستعرف فيما بَعدْ..

كلايمان:هل ستخبرني بها، بعد ان يتم القبض عليه؟

آل:كُنْ صبوراً..

كلايمان:بدء الوقت يتأخر.أشعر بالبرد و النرفزة...

آل:سبقنا هاكر و الأخرون. و أخبروني انهم سيبلغونك بمهمتك، قريباً..

كلايمان:هاكر، قال ذلك؟؟

آل:نعم...

كلايمان:و ماذا عليّ ان أفعل الأن، بعد ان تركت غرفة نومي الدافئة؟

آل:أن تنتظر....

كلايمان:أنتظر ماذا؟

آل:التبليغ ....

كلايمان:أي تبليغ؟

آل:تبليغك مهمتك....

كلايمان:سأعود إلى بيتي...

آل:لا! و إياك أن تجرؤ على فعل ذلك. فأية خطوة خاطئة، ستؤدي بنا جميعا إلى الموت. هل تعتقد انني اريد ان انتهي جثة، كما حدث للآخرين؟

كلايمان:إذاً، أخبرني عن الخطة...

آل:لا استطيع.....

كلايمان:لِمَ لا؟

آل:لأنني نفسي، لا أعرفها....

كلايمان:ليلة باردة....

آل:سيبلغوننا بالجزء الصغير الخاص بنا من مجمل الخطة، في أية لحظة. و من غير المسموح لأي منا، التحدث به أو مناقشته مع آخرين كأجراء احتياطي، كي لا تتسرب معلوماتها إلى القاتل. إن ألتزم كلٍ منا بواجبه الصحيح، ستحرز خطتنا نتائج ناجحة. عدم الإعلان عنها في الوقت الحالي، سببه عدم حذر البعض أو الإفشاء بها تحت ضغط الأكراه و التهديد. على كلٍ منا تحمل مسؤولية الجزء الصغير المنوط به الذي لن يشكل في النهاية، أي معنى للقاتل ان وقع بيده. منتهى الذكاء، ها ؟؟

كلايمان:فكرة عبقرية. لكني غير قادر لحد الساعة، معرفة ما يدور حولي و سأذهب إلى بيتي...

آل:لا أستطيع أن أبوح بأكثر من ذلك. لنفترض ان تكون أنت مَنْ أرتكب كل هذه الجرائم؟

كلايمان:أنا!!

آل:من الممكن، ان يكون القاتل واحداً منا..

كلايمان:لست أنا بالتأكيد. فمن المستحيل ان أقوم بالتجول في الشوارع، لقطع و تذبيح البشر في قمة موسم العمل.

آل:آسف كلايمان...

كلايمان:اخبرني، ماذا عليّ ان أفعل؟ و ما هيّ مهمتي؟

آل:لو كنت مكانك لكان عليّ فِعل أقصى ما أستطيع للمساهمة، حتى تصبح مهمتي أكثر وضوحاً.

كلايمان:أساهم بماذا؟

آل:من الصعب تحديد ذلك...

كلايمان:هل بإمكانك إعطائي لمحة و لو بسيطة؟ بدأت اشعر انني مجرد رجل أحمق...

آل:قد تبدو لك الحالة فوضى الآن، لكني اؤكد لك انها ليست كذلك...

كلايمان:كنتم متعجلين لجلبي إلى هذا المكان. انا هنا الآن، على أستعداد للقيام بمهمتي بعد أن أختفى الجميع.

آل:عليّ ان أغادر الآن...

كلايمان:لا أدري لِمَ كانت العجلة؟ .... تغادر؟ ماذا تقصد بذلك؟

.... آل:انتهى عملي هنا الأن، عليّ ان أكون في مكان آخر

كلايمان:أيعني هذا، انك ستتركني وحدي في الشارع ؟

آل:ربما....

كلايمان:ربما، لا تعني شيئاً لي.فما قلته، أشبه بمعادلة حسابية:نحن معاً- أنت تغادر، حاصل النتيجة= بقائي لوحدي.

آل:كُنْ على حذر...

كلايمان:اها، لن أبقى وحدي هنا. يبدو انك تمزح معي. يوجد مجنون طليق يسرح في هذا المكان و انا لا انسجم كلياً مع المجانين، لأنني رجل عقلاني.

آل:الخطة تنص على عدم بقائنا سويةً....

كلايمان:دَعْنا من الرومانسية. ليس بالضرورة ان نبقى معاً. لكني اريدك ان تعرف، ان وجودي مع أثني عشر رجلاً قوياً، سيؤدي إلى نجاح المهمة بكل تأكيد.

آل:عليّ أن اذهب...

كلايمان:لن تتركني وحدي هنا. أنا جاد بهذا الأمر...

آل:عليك ان تكون على حذر...

كلايمان:أُنظر، يدي ترتجف و جسمي ينتفض، رغم انك لم تغادر بَعْد...

آل:كلايمان، حياة آخرين متعلقة بك. فلا تخيب أملنا...

كلايمان:كان يجب ان لا تعولوا عليّ. أنا ارتعب من الموت. أفضل القيام بأي شيء، على أن أموت.

آل:حظ سعيد...

كلايمان:و ماذا عن القاتل ؟ هل هناك أخبار جديدة؟ هل رصدوه في مكان ما؟

آل:شاهدت الشرطة شخصاً مخيفاً، يتجول قرب معمل الثلج. لا أحد يعرف شيئاً. ( يخرج و نسمع وقع اقدامه يخف أكثر فأكثر)

كلايمان:يكفيني ما مررت به و عليّ تجنب معمل الثلج.(يبقى وحده. صوت الريح). لا شيء يُماثِل قضاء ليلة في المدينة.. لا ادري لِمَ لمْ يتركوني في غرفتي، أنتظاراً لوصول المهمة الخاصة بيّ!..ما هذهِ الضجة؟ أها، أنه صوت الريح! قوة الرياح لا تشجع على الإطلاق، فماذا لو دفعت بإحدى اللافتات لتقع فوق رأسي.. علي ان اهدأ قليلاً.. فالناس تُعَول علي. يجب ان أبقى مفتوح العينين، في حالة رؤية شيء يثير الشك،كي أُسرِع لإخبار الآخرين، إن كان هناك أخرون!!!.. عليّ أن أتعلم كسب صداقات" الآخرين" أن التقيت بهم..لربما سألتقي بالبعض منهم على بُعْد شارع أو شارعين. لكني،لا أعرف، بُعد المسافة بيني و بينهم ؟ لربما هذا ما يريدون .. و لربما هذا جزء من المخطط، أيضاً. لربما وضع هاكر من يتابعني، كي يأتوا لإنقاذي، ان تعرضت حياتي للخطر.( يضحك بنرفزة). انا واثق انهم لن يتركوني أهيمُ في الشوارع وحدي.يعرفون أنني غير كفء لمواجهة قاتل مجنون. المهووس يمتلك قوة عشرة رجال و انا لا امتلك قوة نصف رجل. لربما يستخدمونني كطُعْم.. هل سيفعلون ذلك ؟ يتركونني لوحدي هنا، مثل الخروف؟.. يهجم عليّ القاتل فينقضون عليه بسرعة البرق و يقبضون عليه..أو، لربما سينقضون عليه ببطء...رقبتي ليست متينة....(لمح قامة سوداء تركض عبر الشارع).. ما هذا؟ ربما عليّ أن أرجع، لقد بَعَدت كثيرا عن مكاني الأصلي..كيف سيعثرون عليّ لتسليمي التوجيهات؟ ليس هذا فحسب، ها أنا، أجد نفسي متوجهاً، صوب أماكن لا اعرفها من المدينة... ما الذي يتوجب عليّ فعله الآن؟ آها، عليّ ان اعود و أتتبع خطواتي من جديد، قبل ان أضيع.. (سمع خطوات متمهلة، تمشي صوبه).. أوه أوه. أهذهِ خطوات المهووس !؟ أرحمني يا رب..

الطبيب:كلايمان.أهذا أنت؟

كلايمان:ماذا. من هذا؟

الطبيب:أنا الطبيب...

كلايمان:لقد أرعبتني. هل سمعت شيئاَ عن هاكر و الآخرين؟

الطبيب:بشأن مهمتك؟

كلايمان:نعم. فالوقت يضيع و انا اطوف الشوارع كالأحمق. صحيح انني اراقب بعينين مفتوحتين لكني لا اعرف ماذا عليّ ان افعل!!!

الطبيب:هاكر ذكر شيئاً عنك...

كلايمان:ذَكَرَ ماذا؟

الطبيب:لا أتذكر...

كلايمان:عظيم. أنا الرجل المنسي...

الطبيب:لقد سمعته يقول شيئاً .لكنني غير متأكدً منه

كلايمان:إنتظر، لِمَ لا نقوم بالحراسة معاً؟ في حالة حدوث مشكلة...

الطبيب:يمكنني ان أسير معك مسافة قصيرة، بعدها عليّ ان اتركك للقيام ببعض الأشغال.

كلايمان:من الغريب ان ترى طبيباَ مستيقظاً في منتصف الليل ..أعرف كم تكرهون الزيارات المنزلية ليلاً.. ها ها ها ها( يتوقف عن الضحك)،الليلة شديدة البرودة...( لا شيء)..اعتقد انك تضطلع بدور مهم في الخطة؟ اما أنا فلا أعرف لحد الآن ماذا عليّ ان افعل....

كلايمان:انا على ثقة بذلك...

الطبيب: انها فرصة لمعرفة، طبيعة جنونه. ماذا الذي أدى به إلى هذا الحال؟  ما الذي دفع به إلى أختيار هذا النوع من السلوك العدائي للمجتمع؟ و هل لديه صفات أخرى غير طبيعية؟ احيانا تصبح الحوافز التي تدفع القاتل للقتل، مصدر إلهامٍ له للوصول إلى أقصى درجات النشوة لإنهاء ضحاياه.أنها ظاهرة في غاية التعقيد، تدفعني لمعرفة، ان كان  سبب جنونه وِلادياً أو مرضيّاً أو بسبب حادثة أدت إلى تلف في دماغه و إما لتفاقم الضغطوطات عليه لظروف أو لإسباب أخرى مختلفة. هناك الملايين من الحقائق لنتعلم منها. على سبيل المثال: لماذا اختار القتل كحافز للتعبير ؟ هل يقوم بالقتل بكامل أرادته ام انه يتخيل أصواتا تدفعه للقيام بذلك؟. وهل تعلم انه في فترة ما، أعتبروا ان كل ما يقوم به المجنون يأتيه بإيحاء من ألله. كل ما ذكرته يستحق التسجيل لدراسته.

كلايمان:بالتأكيد، لكن علينا ان نمسك به أولاً...

الطبيب: أنها فرصتى لدراسة هذا المخلوق على نحو دقيق لمعرفة حالة جنونه و الأسباب وراء أرتكابه كل هذه الجرائم و تشريح آخر خلية تحمل جيناته الوراثية و وضعها تحت المايكروسكوب، لمعرفة مكوناتها. تحليل السوائل الموجودة في جسمه ...تحليل دمه و فحص دماغه بدقة، متوخياً منها الإلمام بكل جوانب حالته، مائة بالمئة.

كلايمان:هل يمكنك فعلاً معرفةَ الشخص؟ أقصد ان تعرِفَه، لا ان تَعرِف عنه...ان تَعرِف... أقصد ان تَعرِفهُ حقاً..ان تَعرِفهُ مَعرِفة كاملة..أنا أتحدث هنا، عن مَعرِفة الشخص..هل فهِمتَ، ماذا أقصد ب "تَعرِفَ"؟ تَعرِفْ. ان تَعرِفَ بالفعل. لِتعرِف. أن تعرِفَ لتَعرِفْ.....

الطبيب:كلايمان، انت في غاية السذاجة...

كلايمان:هل فهمت، ما قُلتْ؟

الطبيب: قُم بواجبك و سأقوم بواجبي...

كلايمان: انا لا اعرف واجبي...

الطبيب: إذاً توقف عن الأنتقاد....

كلايمان:و من ينتقد؟ ( يسمعون صيحة) ما هذا؟

الطبيب:هل تسمع صوت أقدام خلفنا؟

كلايمين:انا اسمع صوت خطوات خلفي مذ كان عمري ثماني سنوات..

 يسمعون صرخة مرة أخرى) )

الطبيب:شخصٌ ما قادم

كلايمان: ربما لم يعجبه حديثك عن تشريح جثته...

الطبيب:الأفضل ان نغادر المكان، كلايمان...

كلايمان:بكل سرور...

الطبيب:أسرع. أتبعني....

   كلايمان:هذا الزقاق، مُغلق.( ضجة شخص ما يقترب)

الطبيب:أنا أعرف ما أفعل...

كلايمان:سنقع في مصيدته و يقتلنا..

الطبيب:هل ستستمر في الجدل معي؟ انا الطبيب...

كلايماك:لكني اعرف، ان نهاية هذا الزقاق مغلقة و لن نتمكن من الخروج منه...

الطبيب:إلى اللقاء كلايمان، افعل ما تشاء.(  ينطلق إلى داخل الزقاق المسدود)

كلايمان:(ينادي الطبيب)، أنتظر..أنا آسف ( صوت ضجة لشخص قادم). عليّ ان أحتفظ بهدوئي... أعليّ ان أهرب أم أختبيء؟ سأركض ثم اختبيء (يركض فيرتطم)، بأمرأة شابة ..أوووف

جينا:آه !!

كلايمان:من أنتِ؟

جينا:مَنْ أنتَ؟

كلايمان: كلايمان. هل سمعتِ صوتاً، صرخات؟

جينا:نعم. هذا ما أخافني. لا أعرف من أين تأتي...

كلايمان:لا عليكِ.المهم كان هناك صراخ، و الصراخ لا يبشر بخير...

جينا:أنا خائفة...

كلايمان:لنخرج من هذا المكان...

جينا:لا يمكنني الذهاب بعيداً. لديّ عَمَلْ....

كلايمان:أنتِ في الخطة أيضاً؟

جينا:و أنتَ؟

كلايمان: ليس بَعدُ.لم أعرف لحد الساعة ما المطلوب مني. هل سمعتِ أحداً يذكر أسمي؟

جينا:أنت كلايمان؟

كلايمان:مضبوط...

جينا:سمعت شيئاً عنك، لكني لا اتذكر ماهو بالضبط...

كلايمان:هل تعرفين أين هاكر؟

جينا:هاكر، قُتِل...

كلايمان:ماذا؟

جينا:أعتقد ذلك....

كلايمان:هاكر، مات؟

جينا:لست متأكدة ان كان هاكر أو شخصاً آخر....

كلايمان:لا أحد متأكد و لا أحد يعرف شيئاً!! يا لها من خطة! بدأنا نتساقط كالذباب.

جينا: لربما لم يكن هاكر....

كلايمان:لنغادر هذا المكان.لكن، إن تركت موقعي، سيبحثون عني، و بسبب سوء الحظ الذي يلازمني، سيتهمونني بانني كنت مصدر فشل الخطة...

جينا:لا اتذكر من مات، هاكر أم ماكسويل...

كلايمان:في الحقيقة، من الصعب مواكبة الأحداث. و ماذا تفعل شابة مثلك في الشارع  في مثل هذه الساعة؟ هذا عمل الرجال.

جينا:أعتدت على حياة العمل في الشارع، ليلاً..

كلايمان: آها؟؟

جينا:أنا قحبة...

كلايمان:لا تمزحي معي. فانا لم ألتقِ بواحدة من قبل... كنت أعتقد انهن أطول...

جينا:هل يحرجك وجودي؟

كلايمان:أقول لك الحق، انا رجل محافظ...

جينا:حسناً؟

كلايمان:لم يسبق لي البقاء مستيقظاً في مثل هذه الساعة. أعني، لم يسبق لي أبداً، مالم أكن مريضا أو أعاني من سوء الهضم عند منتصف الليل، عدا ذلك، فأنني أنام كالطفل.

جينا:ها أنتَ في الشارع، في هذه الليلةالصافية...

كلايمان:نعم ...

جينا:يمكنك رؤية الكثير من النجوم في السماء...

كلايمان:في الحقيقة، انا متنرفز جداً جداً. و أُفضل لو كنتُ الآن في فراشي.تبدو لي هذه الليلة في غاية الغرابة... فجميع المحلات مغلقة و اغلب الطرق خالية، ويمكن لأيٍ كان، مخالفة أشارات المرور دون ان محاسبة....

جينا:هذا جيد، أليس كذلك؟

كلايمان:يتملكني شعور غريب... لا قوانين تتحكم بنا...أستطيع  نزع بنطالي و الركض عارياً في الشارع  الرئيسي.

جينا: آها  آها...

كلايمان:لا اقصد انني سأفعل. رغم انني أستطيع...

جينا:تبدو لي المدينة في الليل، شديدة البرودة، مظلمة، خالية. أشبه بالفضاء الخارجي...

كلايمان:لم يُثر الفضاء الخارجي إهتمامي...

جينا:لكنك في الفضاء الخارجي.نحن بحجم كرة صغيرة، تعوم في الفضاء..دون وجهة...

كلايمان: انا رجل يحب ان يعرف طريق الصعود و طريق النزول و الطريق إلى الحمام...

جينا:هل تعتقد ان هناك حياة، في هذه البلايين من النجوم حولنا

كلايمان:شخصيا لا اعرف، لكني سمعت بوجود حياة في كوكب المريخ من رجل يشتغل في معملٍ للجوارب.

جينا:و ستستمر إلى الأبد...

كلايمان:كيف يمكنك ان تقولي هذا! اقصد ان تستمر إلى الأبد.الحياة ستنتهي عاجلاً أم آجلاً، فلكل شيء نهاية..حائط  أو شيءٍ ما ..يجب ان تكوني منطقية.

جينا:هل تريد ان تقول ان العالم سيفنى؟

كلايمان:أنا لم أقل شيئاً، كما انني لا ارغب الدخول في مشاكل. أريد ان اعرف ما يجب علي ان افعل، لا غير

جينا: أنظر ، هذا كوكب الجوزاء.. التوأم.. و حزام اورين الجبار .. الصياد...

كلايمان: كيف استطعت رؤية التوأم، فكل النجوم متشابهة....

جينا: انظر إلى تلك النجمة الصغيرة هناك.. أنها لوحدها، من الصعب جداً رؤيتها...

كلايمان:هل تعرفين كم تبعد عنا؟ أكره ان اقول لكِ...

جينا:هذا الضوء الذي نراه، وصلنا الآن، بعد أن غادر نجمته قبل ملايين السنين... 

كلايمن:فهمت ما تقصدين...

جينا:هل تعلم ان سرعة الضوء تبلغ 186,000 ميلا في الثانية...

كلايمان:منتهى السرعة. أحب الأستمتاع بالأشياء. لم يعد هناك، ما يمتع....

جينا:كل مانعرف، ان هذه النجمة اختفت منذ ملايين السنين و رحل ضوءها بسرعة 186،000 ميل في الثانية، ليصل إلينا بعد كل هذهِ الملايين من السنين....

كلايمان:هل قلت انها اختفت نهائياً؟

جينا:صح..

كلايمان:رغم أني أراها بِأمّ عينييّ؟

جينا:هذا صحيح...

 

كلايمان:هذا شيء مخيف. لأنني اعتقد ان كل ما تراه عيني، موجود..فأن كان ما قلتِه حقيقة فهذا يعني كل ما حولنا سينتهي أيضا و ستصلنا الأخبار متأخرة جداً جداً فيما بعد.

جينا:كلايمان، مَنْ مِنا يعرف ماهو حقيقي؟

كلايمان:الشيء الحقيقي، ما تلمسه اليد...

جينا:آها،( يقبلها فتستجيب له برغبة)... سيكلفك هذا ستة دولارات...

كلايمان: لماذا؟

جينا:ألم تستمتع؟

جينا:هذا جزء من عملي...

كلايمان:ستة دولارات مقابل قبلة سريعة. بستةِ دولارات أستطيع ان أشتري ماسورة عادم الصوت لسيارتي.

جينا:طيب، اعطني خمسة دولارات....

كلايمان:ألم تُقَبلي أحداً بالمجان؟

جينا:في عملي.. و لمتعتي الشخصية، أفضل تقبيل النساء..

كلايمان:النساء؟ يا للصدفة انا أيضا أحب تقبيل النساء...

جينا:عليّ أن أذهب...

كلايمان:لم أقصد إهانتكِ...

جينا:أعرف، لكن عليّ الذهاب الآن...

كلايمان:هل ستكونين بأمان؟

جينا:لدي بعض الأشغال. حظ سعيد و اتمنى ان تعثر على على ما تريد...

كلايمن:(يصيح في الظلمة) لم اقصد ان اتعامل معك كالحيوان فأنا في الواقع من ألطف البشر.( يبقى لوحده و هو يسمع صوت خطواتها تختفي).مَرَ ما يكفي من الوقت، اعتقد أنه حان أوان عودتي إلى البيت.. أعرف جيداً، أنهم سيأتون إليّ غداً، بدعوى أفشالي الخطة... كيف يمكن ان اكون أنا السبب؟ لا يفرق عندي.. سيجدون طريقة لإتهامي في كل الأحوال، فهم بحاجة لكبش فداء. لربما هذا جزء من خطتهم، أن أكون أول، من سيوجه إليه اللوم عند فشلهم. أنا..( يسمع تأوه)، ماذا؟ من هناك؟

الطبيب: (يتأوه زاحفا، لإصابته بجرح مميت)  كلايمان...

كلايمان: دكتور!

الطبيب:سأموت...

كلايمان:سآتي لك بطبيب...

الطبيب:أنا طبيب

كلايمان:دكتور! انت تموت...

الطبيب:فات الآوان. هاجمني.. آخ .. لم يكن هناك، طريقٌ  لي للهرب..

كلايمان: النجدة. النجدة .. تعالوا بسرعة...

الطبيب:كلايمان، لا تصرخ. أنت لا تريد أن يعثر عليك القاتل...

 كلايمان:اسمع، لا يهمني شيء بالمرة.. النجدة ( ثم تذكر ان عليه تخفيف صوته كي لا يعثر عليه. القاتل)، النجدة .. من هو؟ هل تعرفت عليه؟

الطبيب:طعنني غفلةً، من الخلف...

كلايمان:للأسف انه لم يطعنك من الأمام، لكنت تعرفت عليه...

الطبيب:كلايمان، انا أموت...

كلايمان:هل كانت قضية شخصية؟

الطبيب:ما هذه السخافات...

كلايمان:ماذا أقول.كنت أحاول فتح موضوع للحديث...

رجل:(يدخل راكضاً) ماذا حدث؟ هل صاح أحد لطلب المساعدة؟

كلايمان:الطبيب يموت.. أذهب لطلب المساعدة.. أنتظر! هل سمعت بيّ؟

الرجل:و من تكون؟

كلايمان:كلايمان....

 الرجل: كلايمان...كلايمان.. شيء!!! نعم..كانوا يبحثون عنك.. لأمرٍ هام

كلايمان:مَنْ؟

الرجل:شيء له علاقة، بمهمتك

كلايمان:أخيراً!!

الرجل:سأخبرهم أني رأيتك.( ثم اختفى راكضاً)

الطبيب:هل تؤمن بالتناسخ؟

كلايمان:ما هذا؟

الطبيب:التناسخ يعني، ان يعود الشخص للحياة بشكل آخر....

كلايمان:مِثل ماذا؟

الطبيب:على شكل كائن حي آخر...

كلايمان:هل تعني، على شكل حيوان؟

الطبيب:نعم...

كلايمان:تقصد،ان تعود للحياة، على شكل ضفدعة؟

الطبيب:كلايمان، هذا غير مهم.. أنسَ أنني قُلتَ شيئاً...

كلايمان:اسمع،كل شيء ممكن، لكني لا استطيع تخيل مدير شركة كبيرة يعود للحياة على شكل سنجاب.

الطبيب:كل شيء يَسْوّد حولي...

كلايمان:لِمَ لا تخبرني عن الجزء الخاص بك من الخطة؟ فقريباً ستكون خارج اللجنة. سلمني مهمتك، لأني لا أعرف دوري، حتى هذه اللحظة.

الطبيب:مهمتي لن تفيدك نفعا، ًلأنني الوحيد الذي كان قادراً على تنفيذها...

كلايمان:يا ربي، لا أدري ان كنا منظمين جيداً أو غير منظمين على الأطلاق....

الطبيب :لا تخيب أملنا كلايمان.نحن بحاجة إليك.( يموت الطبيب)

كلايمان:دكتور، دكتور؟ يا إلهي... ماذا عليّ ان أفعل؟ اللعنة على كل شيء، سأعود إلى بيتي و ليَلِفَ الآخرون الطرقات، مثل المجانين طوال الليل. نحن في قمة موسم العمل و لا أحد يريد أن يخبرني بشيءِ، لحد الآن و  لا اريد ان يلومني أحدَ على شيء. و علامَ اللوم؟ ذهبت معهم حين طلبوا، و لحد هذهِ اللحظة، لم يُكلِفني أحد بعمل شيء.

(يدخل شرطي بصحبة الرجل الذي ذهب لطلب المساعدة)

الرجل:هل يوجد ميت هنا؟

كلايمان:انا أموتُ

الشرطي:أنتَ؟ وماذا عنه؟

كلايمان:ماتَ...

الشرطي:هل كنت صديقه؟

كلايمان:أجرى لي، عملية رفع اللوزتين....

(ينحني الشرطي لفحص الجثة)

الرجل:مُتُ سابقاً...

كلايمان: عفواً!!

الرجل:مَيتْ: جُرِحت فترة الحرب..ألقوني على طاولة العمليات،كان الجراحون يتصببون عرقاً لإنقاذ حياتي.توقف قلبي  فجأة عن النبض و ظنوا أني مُت. اخبروني فيما بعد، أن طبيباً حاضر البديهة كان بينهم طبيب شاب شرع بمساج قلبي.. بعدها عاد  ينبض ثانيةَ و عشت، بعد ان اعتبروني ميتاً، رسمياً و علمياً.. لقد مر وقت طويل على هذه الحادثة. لذا تجدني أتعاطف مع الأطباء، حين أراهم بمثل هذا الوضع.

كلايمان: كيف كان؟

الرجل: ماذا؟

كلايمان: هل رأيت شيئاً بعدّ موتك؟                                                                                                                                الرجل: لا. كانَ... لا، لآ شيء ...                                                                                                                                                                                                                                                                                                      

كلايمان: هل تتذكر شيئاً، عن ما بعد الموت؟

الرجل: كلا...

كلايمان: ألم يذكُر أحد إسمي...

الرجل:لم يكن هناك شيء. لا شيء كلايمان، لا شيء...

كلايمان:لا اريد أن أموت. ليسَ بَعد. لا اريد أن يحدث لي ما حدث له... محاصراً في زقاق.. مطعوناٍ..آخرون تم خنقَهم.. حتى هاكر، قتل بيد ذلك الشيطان.

الرجل:هاكر لم يقتل بيد المجنون..

كلايمان: لا؟

الرجل:المتآمرون، مَنْ قام بإغتيال هاكر..

كلايمن: المتآمرون؟

الرجل:الفصيل الآخر..

كلايمان:عن أي فصيل تتكلم؟

الرجل:لا تقل لي انك لا تعرف" بالفصيل الآخر"؟

كلايمان: لا أعرف شيئاً عنهم، بالمرة.... بدأت أشعر بالضياع في هذ الظلم..

الرجل:شبرد و ويليس، اللذان كانا من أشد معارضي هاكر و حلوله للمشكلة..

كلايمان: ماذا؟

الرجل:لم يحقق هاكر، أية نتائج...

كلايمان:و لا الشرطة..

الشرطي:(ينهض) سنقوم بذلك في حالة، توقف، المدنيين الملاعين عن التدخل في  القضية.

كلايمان:كنت أعتقد، أنكم بحاجة للمساعدة....

الشرطي:نعم، نحن بحاجة للمساعدة، شرط عدم إثارة الذعر و الفوضى بين الناس.أرجوك ان لا تقلق، فبمساعدة الأدمغة الصغيرة التي تسمى بالكمبيوتر، حصلنا على معلومات و أدلة دامغة. عقول ألكترونية لا تقبل الخطأ و لنرى ان كان سَيصْمِد أمامها.

كلايمان:(يركع على الأرض)،من قتل هاكر إذاً؟

الشرطي:هناك فصيل معارض الهاكر...

كلايمان:مَنْ؟ تقصُدَ،شبرد و ويليس؟

الشرطي:انضّم الكثيرون إلى جانبهم. ثِقْ بما أقول. كما و سمعت، بمجموعة جديدة أنشقت عن الفصيل المعارض.

كلايمان:فصيل آخر؟

الشرطي: نحن بحاجة إلى أفكار ساطعة تعيننا في القضاء على هذا الشيطان. أليس هذا ما نحن بحاجة إليه؟ أفكار جديدة؟  ان فشلت فكرة بتحقيق نتائج، تنبثق بدلاً عنها فكرة أخرى و هذا شيء طبيعي. أم انك ترفض قبول أفكار جديدة ؟

كلايمان:أنا؟ لا.... لكنهم قتلوا هاكر...

الرجل: كان من الصعب عليه التخلي عن خطته السخيفة التي كان مصراً عليها بعناد، معتقداً انها  كانت الأنجح ،رغم  انها لم تؤد إلى نتائج.

كلايمان: تريد ان تخبرني ان هناك خططاً أخرى؟ أو ماذا؟

الرجل:صح، و اتمنى ان لا تكون مرتبطاً بفكرة هاكر إذ ان لدينا الكثير غيرها

كلايمان:لكني لا اعرف خطة هاكر..

الرجل:جيد.لربما ستكون ذا فائدة لنا...

كلايمان:من تقصد بِ لنا؟

الرجل: لا تحاول التغابي...

كلايمان:من يتغابى؟

الرجل: أتبعني..

كلايمان:لا، أريد ان أعرف ما يجري...

الرجل:(يسحب سكينته بوجه كلايمان)، حياة الناس على كف عفريت، أيها الحيوان القذر. عليك ان تختار الأن

كلايمان:ايها الضابط... أيها الشرطي

الشرطي:تطلب مساعدتي الآن؟؟ سَميتنا الأسبوع الماضي بالأغبياء لأننا لم نقبض على القاتل

كلايمان: أنا لم أنتقد أحداً..

الرجل:عليك انت تختار الآن أيها الحشرة..

الشرطي:لا أحد يعير اهتماما لما نقوم به، رغم اننا نعمل على مدار الساعة، غارقين بالعمل لإنتزاع إعترافات الحشاشين.... معتوه بعد معتوه يدعي أنه القاتل، يتوسل بنا لمعاقبته.

الرجل:لا تمارس الألاعيب معنا، فلديّ رغبة قوية لقطع حلقومك...

كلايمان: أنا كُلي استعداد للتعاون معكم.كل ما أطلبه، ان يخبرني احدكم، عما عليّ أن أفعل..

الرجل:هل أنت معنا أو مع هاكر ؟

كلايمان:هاكر، مات...

الرجل:لديه أتباع، أو ربما تريدَ ان تنضمَ إلى جماعة المنشقين. ها؟

كلايمان:أتمنى لو يستطيع أحد منكم ان يشرح لي موقف كل مجموعة من هذه المجاميع... هل فهمتم ما أعني؟ فأنا لا علم لي بخطة هاكر ...كما ليس لي عِلم بخطتكم أو جماعة المنشقين.

الرجل:جاك.أهذا هو الجاهل الذي حدثتني عنه؟

رجل البوليس:يعرِف و يحرِف.بدأت تثير قرفي. (يدخل من تبقى من مجموعة هاكر)

هانك:ها أنت هنا كلايمان. أين كنت بحق الجحيم؟

كلايمان:أنا؟ أنا مَنِ عليه ان يسأل!!!

سام:أختفيت في الوقت الذي كنا فيه بأمس الحاجة إليك!

كلايمان:لم أسمع منكم شيئاً..

الرجل:كلايمان،إنضم إلينا..

جون:كلايمان، أحقاً ما يقول؟

كلايمان:و ما هو الحقيقي ؟ بُت لا اعرف اين الحقيقة؟

 يدخل بعض الرجال من جماعة المعارضة ))

بيل:مرحباً فرانك. هل يسبب لك هؤلاء الرجال بعض المشاكل؟

فرانك:لن يستطيعوا و ان حاولوا...

آل:لا؟...

فرانك:لا..

آل:كان بأمكاننا اصطياده، لو ألتزمتم أماكنكم...

فرانك:نحن لم نكن على أتفاق مع هاكر، لأن خطته لم تكن  ناجحة...

دون:نعم. سنقبض على القاتل، أتركوا الأمر لنا...

جون:لن نترك الأمر بيدكم. كلايمان، هيا بنا...

فرانك:هل ستلتزم جانبهم؟

كلايمان:أنا؟ انا على الحياد. أقف إلى جانب من لديه خطة واضحة...

هنري:كلايمان، لا يوجد شيء أسمه حياد...

الرجل:هُم أمْ نحنُ؟

كلايمان:كيف تريدني أن أختار دون معرفة البدائل؟ أنتما وجهان لعملة واحدة!

فرانك:لنقتله....

سام:عليك التوقف عن القتل...

فرانك:لا؟

سام:لا.حين نقبض على القاتل، سيدفع شخصا ما ثمَنَ قَتل، هاكر.

كلايمان:في الوقت الذي نقف فيه هنا  نتجادل، يقوم القاتل  بتنفيذ جريمة اخرى. الهدف من كل هذا، ان نتعاون جميعاً.

سام: قل لهم ذلك!...

فرانك:النتائج، أسم اللعبة.

دون:علينا القضاء على هؤلاء الأوغاد الآن. و إلا فأنهم سيقفون عثرة في طريقنا وتمييع القضية.

آل:حاول يا زعيم...

بيل:لن نحاول بل سنفعل...

( أستلوا سكاكينهم و هراواتهم، ملوحين، مهددين )

كلايمان:يا رفاق، يا شباب...

فرانك:( مقاطعاً)كلايمان.آن الوقت لتختار

فرانك:يجب ان تقوم بالخيار الصحيح، كلايمان.فنحن نعرف من سيفوز في النهاية..

كلايمان: ألا ترون ما يجري حولكم أم انتم عميان؟. القاتل طليق و نحن نقتل بعضنا البعض..

(يبدء القتال ثم يتوقف فجأة. ينظر الجميع إلى موكب أشبه بالديني،يتقدم بإتجاهِم. يدخل الموكب  الخشبة، يتقدمه، المساعد)

 المساعد:القاتل! .. عثرنا على القاتل.( يتوقف القتال. نسمع أزيز أو طنين" ما هذا؟" ضجة:ضربات ، بونغ ونغ بونغ. تدخل مجموعة يقودها"هانس سبيرو"، يَشمون و يتشممون الناس).

الشرطي:أقدم لكم،"سبيرو" العرّاف و قاريء الأفكار. جئنا به ليساعدنا في حل القضية.

كلايمان:صحيح؟ هذا يعني، أنه يحقق ارباحاً هائلة، في سباق الخيل.

الشرطي:حَلّ جرائم لآخرين.كل ما يحتاجه ان يتَشمّم أو يتَحَسّس الأشياء.تَمَكّن من قراءة أفكاري في مركز الإدارة و أخبرني بأسم المرأة التي ضاجعتها قَبلَ قليل.

كلايمان: زوجتك!

الشرطي:(ينظر إلى كلايمان بحقد).. أنظروا إليه يا شباب... وَلَدَ بقوة خارقة.

المساعد:العراف سبيرو، على وشك الكشف عن اسم القاتل، أفسحوا له الطريق رجاءاً.( يشق سبيرو طريقه بين الجموع يَتشَممّ الناس)... السيد سبيرو،يرغب بشَمك

كلايمان: أنا؟

المساعد: نعم..

كلايمان:و ما السبب؟

المساعد:يكفي أنه يرغب...

كلايمان:لا أحب ان يَتشمّمني أحد...

فرانك:هل تخفي شيئاً؟ (يتفق معه الجمع تلقائيا)

كلايمان:انا لا اخفي شيئاً..الشمشمة تنرفزني، لا أكثر...

الشرطي:أذهب لشمِه...

(يبدء سبيرو بشمشمته. يظهر شعور عدم الأرتياح على وجه كلايمان )

كلايمان:ماذا يفعل؟ لا يوجد عندي ما أخفيه.في سترتي بقايا رائحة كافور خفيفة، صَحْ؟  هَيْ، هل يمكننك التوقف عن شمي الآن؟ أنتَ تنرفزني..

آل:و لِمَ النرفزة ،كلايمان؟

كلايمان:لا أحب أن يَتشمّمني أحد.(شم سبيرو، يزيد مِن حدة نرفزته)، ما الأمر؟ لِمَ تنظرون إليّ بهذهِ الطريقة؟ عَمَ تبحثون؟..أها، عَرفت...انسكبت قطرات من صلصة السَلَطة على بنطالي و بقي شيء من رائحتها الخفيفة عالقاً به.... صلصة خاصة بمطعم وِلتون المتخصص بشواء شرائح اللحم... أحب أكل شرائح اللحم المشوية خفيفاً.. لا احب  اللحم النيء ..حسنا...نعم النيء..قَصدتُ شبه النيء.. تعرفون هذهِ المطاعم، تطلب شريحة شبه نيئة فيأتون لك بواحدة ملطخة بالدم؟

سبيرو:هذا الرجل، هو القاتل..

كلايمان:ماذا؟

الشرطي:كلايمان؟

سبيرو:نعم، كلايمان...

رجل الشرطة:مستحيل...

المساعد:ها قد فعلها السيد سبيرو، مرة أخرى...

كلايمان:عَمَ تتكلمون؟ هل تدركون ما تقولون؟

سبيرو:أقدم لكم الجاني....

كلايمان:سبيرو، أنت رجل مجنون... هذا الرجل معتوه...

هنري:هكذا إذاً يا  كلايمان.كنتَ أنتَ طوال هذا الوقت...

فرانك: (يصرخ)، هَيْ .. هنا.. هنا... لقد أوقعنا به...

كلايمان:ماذا تفعل؟

سبيرو:بلا أدنى شك. قطعاً.

بيل:كلايمان.لم فعلتها؟

كلايمان: فعلتَ ماذا؟ هل ستصدقون هذا الرجل، لِمجرد شَمه لي؟

المساعد: قوة السيد سبيرو الخارقة، لم تخنه قط...

كلايمان:هذا الرجل نصاب، هو و رائحة شمهِ...

سام: إذاً،كلايمان القاتل!!

كلايمان:كلا.. رفاقي، أنتُمْ تعرفونني حق المعرفة...

جون:لِم فعلتها يا كلايمان؟

فرانك:يا ربي...

آل:فعلها لأنه مجنون. عنده لوثة عقلية....

كلايمان:أنا مجنون؟ أنظروا إلى طريقة لبسي...

هنري : إنه يهذي. لقد فقد عقله...

بيل:هذا حال المجانين. يمكنهم أن يكونوا منطقيين في الكثير من الأمور، بأستثناء شيء واحد- الجنون-نقطة ضعفهم...

سام:كلايمان،منطقي على الدوام...

هنري:بل، قمة في المنطق...

كلايمان:هل تمزحون معي؟ ستدفعونني للبكاء حقاً،أن لم تكن مزحة...

سبيرو:أريد أن أشكر ربي مرة أخرى، على المِنحة التي وهبني إياها...

جون:لنقيده الآن. ( موافقة جماعية)

كلايمان:لا تقتربوا مني! أنا أكره القيود...

جينا:( القحبة)، حاول الإعتداء عليّ، بعد ان هاجمني غفلة...

كلايمان لقد دفعت لك ستة دولارات.( هجموا عليه)

بيل:لديّ حَبل...

كلايمان:ماذا تفعلون؟

فرانك:سنعيد الأمن و السلام إلى المدينة مرة أخرى...

كلايمان : أنتم تشنقون الرجل الخطأ. أنا لم اؤذي ذبابة في حياتي.... أو لربما فعلت!

الشرطي:لا يمكننا شنقه دون محاكمة...

كلايمان:بالتأكيد لا. لدي حقوق...

آل:و ماذا عن حقوق ضحاياك؟ ها...

كلايمان:عن أية ضحايا تتكلم؟ أريد محامّي الخاص.. هل تسمعون! أنا أريد محامّي الخاص!.... لكني في الواقع، لا امتلك محاميًا!!

الشرطي:ما ردَكَ على التُهَمْ الموجهة إليك، كلايمان؟

كلايمان: بريء .. بريء تماماً ... انا لم أرتكب لا اليوم و لا في اي وقت مضى، جريمة قتل. فالقتل، لم يكن هواية مِن هواياتي.

هنري:و ماذا كانت مساهماتك، في القبض على القاتل؟

كلايمان: تقصد الخطة؟ لم يخبرني أحد قط، عن خطة!

جون:ألا تعتقد أن الكشف عنها، كان جزءاً من مسؤوليتك الشخصية؟

كلايمان:كيف؟ ما أن ابدأ بالسوأل حتى يبدأ الجميع بالتطبيل و التزمير...

آل:كلايمان، هذه مسؤوليتك...

 فرانك:هذا صحيح. لكنها لم تكن الخطة الوحيدة في الساحة.

بيل:هذا أكيد، كانت لدينا خطة أحتياطية...

دون:بَل ْكانت هناك، العديد من الخطط الأخرى. فلِمَ لمْ تنضم  إلى واحدة منها؟

سام:لربما وجدت صعوبة في الإختيار؟ أو من الجائز، انه لم يكن بنيتك اختيار واحدة على الأطلاق؟

كلايمان:أختار بين ماذا و ماذا؟ أخبرني ماهيّ الخطة كي أُساعدكم. أستفيدوا من أمكانياتي...

الشرطي:فات الأوان....

هنري:كلايمان، لقد صدر قرار الحكم بشأنك...و  وجدناك مذنباً و عليه سيتم شنقك. هل لديك أمنية أخيرة، قبل ان تموت؟

كلايمان:نعم. لا أريد أن أشنق...

هنري:آسف كلايمان، ليس بإمكاننا تغيير قرار الحكم...

آبي:(يدخل  راكضاً،كالمسعورً).....بسرعة.. أتبعوني بسرعة...

جون:ماذا حصل؟

آبي:حاصَرْنا القاتل، خلف المستودع العام...

آل:مستحيل.كلايمان القاتل

آبي:لا..عثروا عليه مطبقا يديه على عنق "أديث كوكس"، محاولا خنقها...تمكنت أديث من التعرف عليه.. عَجِلوا، فنحن بحاجة ماسة إلى أكبر ما يكون من المساعدة.

سام:هل نعرفه؟

آبي:كلا. شخص، غريب، مطارد...

كلايمان:أرأيتم؟ أرأيتم؟ كنتم في طريقكم لإعدام رجل بريء...

هنري:نرجو ان تسامحنا، كلايمان..

كلايمان:بالتأكيد.و لاتنسى ان تجلب معك حبلَكَ، ان نَفَدَتْ منك الأفكار.

سبيرو: يبدو ان هناك خطأ...

كلايمان: و ماذا عنك، أيها الشّمامَ!! ( الكل يركض خارجاً). جيد ان تعرف صديقك من عدوك...آن آوان العودة إلى البيت، فما عادت  القضية تعنيني على الأطلاق.. أشعر بالتعب و البرد .. يا لها من ليلة ليلاء.. أين أنا الآن يا تُرى! لو كانت لي حاسة الإتجاهات، لما أعطيتك، سنتاً واحداً .. لا أعتقد هذا الإتجاه صحيح .. و لا هذا.. علي ان أرتاح لثانية واحدة، كي أعرف وجهتي.. اشعر بالمرض بسبب الخوف ( ضجة)، اللعنة. ماذا الآن؟

القاتل:كلايمان؟

كلايمان:من أنتْ؟

القاتل:( يشبه كلايمان)،أنا القاتلَ، القاتلْ. هل يمكنني الجلوس؟ فأنا مُجهد.

كلايمان:ماذا؟

القاتل:الجميع يطاردني... اركض في الأزقة، أدخل من باب لأخرج من أخرى. أتجول متلصصاً داخل المدينة و الكل يظن أنني أسرح و أمرح

كلايمان:أنت القاتل؟

القاتل:مضبوط.

كلايمان:كنت في طريقي لمغادرة المكان...

القاتل:لا تتوتر، فأنا مسلح...

كلايمان:أنتْ!..هل تنوي قتلي؟

القاتل:بالتأكيد، فهذهِ مهنتي!!

كلايمان:أنت مجنون القاتل:بالتأكيد انا مجنون، لا أظنك تعتقد ان يقوم رجلٌ سليم العقل،بالتجول في المدينة لقتل الناس؟ أنا لم أسرق ضحاياي، و لم يدفع لي احد فلساً واحدا، كي أقتل... و لم أسرق أمشاطاً للشعر، من جيوب ضحاياي.

كلايمان:إذاُ، لِمَ تقوم بذلك؟

القاتل:لِمَ ؟ لأنني مجنون.....

كلايمان:تبدو شخصاً عادياً...

المجنون:لا تحكم على الناس بمظهرهم، فأنا قاتل...

كلايمان:كنتُ أظنك طويل القامة، أسود و شكلك مخيف...

القاتل:كلايمان. هذا يحدث في الأفلام فقط. فأنا رجل مثلك، أم يجب ان تكون لي أنياب؟

كلايمان:لقد قتلت رجالاً طوال القامة، ضعف حجمك و أكثر قوة منك...

المجنون:لآنني اُباغتهم من الخلف أو انتظرهم حتى يناموا. أسمعْ، أنا من النوع الذي لا يحب ان يَزجَ نفسه في مشاكل.

كلايمان:ما الذي يدفعك للقيام بذلك، إذاً؟

القاتل:أنا نفسي لا أعرف، فأنا رجل، غريب الأطوار...

كلايمان:هل تحب ما تفعل؟

القاتل:القضية لا علاقة لها بما أحب.أنا أقتل...

كلايمان:ألا تحس بِعَبَثَ ما تفعله؟

القاتل:العاقل فقط، ينظر إلى الأمور بطريقتك...

كلايمان:كم مضى عليك و انت بهذا الحال؟

العاقل:كان هذا حالي على الدوام...

كلايمان:هل تُمْكن معالجتك؟

القاتل:و من سيقوم بذلك؟

كلايمان: يوجد أطباء..عيادات...

القاتل:هل تعتقد ان الأطباء يفهمون شيئاً؟ راجعت العديدين منهم... حللوا دمي و أخذوا لي الأشعة. لكنهم لم يعثروا على جنوني لأن الأشعة لا تُظهِر الجنون.

كلايمان: ماذا عن الطبيب النفسي أو طبيب الأمراض العقلية؟

القاتل:كنت أخدعهم...

كلايمان:هه....

القاتل:كنت أتصرف بطريقة عادية و هم يعرضون على صور لطخ الحبر المروعة..يسألونني بَعْدَها، ان كنت أحب النساء، فأجيبهم:أُحبهُن بالتأكيد....

كلايمان:فَظيع....

القاتل:هل لديك أمنية أخيرة؟

كلايمان:هل أنت جاد؟

القاتل:هل تريد سماعَ ضحكتي المجنونة؟

كلايمان:كلا. لِمَ لا تصغي لصوت العقل؟ ( يسحب القاتل مطواته و يفتحها بطريقة درامية).إن كان قتلي لا يثيرك، فلم تقتلني؟ شيء غير منطقي... لِمَ لا تشغل وقتك بأشياء أكثر فائدة...كأن تلعب الغولف..أو أن تصبح، "لاعب غولف" مجنون...............

القاتل:وداعاً، كلايمان...........

كلايمان:النجدة! النجدة! جريمة! (يطعنه القاتل بالسكين و يهرب) آه  آه آه

( يتجمع حوله حفنة من الناس... نحن نسمعه: أنه يموت.كلايمان، يموت.... أنه يموت....)

جون:كلايمان ... كيف كان شكله؟

كلايمان: يشبهني!!.....

جون:ماذا تقصد، ب يشبهني؟

كلايمان:كان يشبهني.....

جون:هذا ما قاله جينسن أيضاً.... قال، أنه يشبهه... طويل، أشقر، يشبه الدانماركيين.....

كلايمان:أوووه ... هل ستردد ما قاله جينسن أم ستستمع لي؟

جون:طيب.. طيب، ارجوك أن لا تغضب علي.....

كلايمان:توَقفْ إذاً و لا تتكلم كالحمقى ...قلتُ لك أنه يشبهني......

جون:يبدو أنه كان بارعاً في التنكر.....

كلايمان:بل متمرساً فيه، لذا عليكم، بذل الكثير من الجهد للعثور عليه....

جون:أجلبوا له بعض الماء....

كلايمان:و ما حاجتي للماء؟

جون:تصورتُ انك عطشان...

كلايمان:الموت لا يشعرك بالعطش. تشعر بالعطش،حين يطعنك أحد، بعد أكلك وجبة دسمة، من سمك الرنجة...

جون:هل أنت خائف من الموت؟

كلايمان:القضية لا تكْمُنُ في الخوف من الموت، بل، أن أكون شاهداً على موتي...

جون:(مفكراً )، سيقضي علينا جميعاً، عاجلاً أم آجلاً.....

كلايمان:(يهذي)... أتحدوا ...فألله، عدونا الوحيد...

جون:مسكين كلايمان، بدأَ يهذي.....

كلايمان: آه.. آه ... اوغغغغغممممففففففف.( يموت)

جون:عجِلوا، علينا ان نبدأ، بوضع خطة أفضل.(يبدأون بالخروج)

كلايمان، ( يرفع رأسه قليلاً) شيء آخر.. إذا كانت هناك حياة بعد الموت و انتهينا جميعا إلى نفس المكان- لا تنادوني، أنا من سيناديكم. ( يموت)

رجل: ( يأتي راكضاُ) أتبعوني بسرعة..رَصَدوا القاتل عند سكة الحديد....

يغادر الجميع لمطاردة القاتل......

يسود المسرح الظلام

_________________________________________

حين يتجاهل الفرد قوانين العدالة، يفرض قوانين الغاب.

استخدم "وودي آلان"شخصية "بيرنغور"، من مسرحية أوجين يونسكو "القاتل" التي كتبها عام 1958 ليصبح " كلايمان"، البائع المتجول بطل مسرحيته "موت" التي كتبها عام 1975.

في مقابلة مع أوجين يونسكو عن شخصية القاتل في "المدينة المتوهجة": "إنه لمنتهى السقوط ، حين تفقد المدينة أصالتها، أو بعبارة أخرى، تضعف رؤياها؛ أو بعبارة أخرى، حين تفتر عزيمتها و يصيب الشلل كل مناحيها"......." تتوقف المدينة عن

التوهج حين يصول و يجول بها، مجرم قاتل ليدمر كل ما هو جميل فيها".*

 * فيلم أشباح و ضباب الذي أخرجه وودي ألن  عام 1991 مبني على مسرحيتة، " موت".

20/04/2020

 * فيلم أشباح و ضباب الذي أخرجه وودي ألن  عام 1991 مبني على مسرحيتة، " موت".