أخبار أدبية

ندوة نقدية في حفل توقيع مجموعة (وثمة ماينتظرك )

ندوة نقدية في حفل توقيع مجموعة (وثمة ماينتظرك )

1710 مشاهدة

ندوة نقدية في حفل توقيع مجموعة " وثمة ماينتظرك "

للشاعرة "أمل لايقة"

  بدعوة من مديرية الثقافة في "اللاذقية" وبالتعاون مع دار الأسد للثقافة تمت إقامة ندوة وحفل توقيع المجموعة الشعرية " وثمة ما ينتظرك " للشاعرة "أمل لايقة"،  بتاريخ 17/2/2010  شارك في هذه الندوة الأدباء "هدى وسوف" و "محمد عزوز" و"نبيل صبح"  ثم قدمت الشاعرة "أمل لايقة"  قصائد من مجموعتها كما شارك بعض الحضور في كلمات جلها أكدت على أهمية قصائد المجموعة وعلى ذاك الإصرار الرائع من الشاعرة على تقديم ماهو أجمل  بعد ذلك  قامت الشاعرة بتوقيع بعض النسخ لجمهور الحضور ..
تضمنت كلمة الأديب "نبيل صبح" بعض الإشارات  الهامة في المجموعة وكذلك فعلت الأديبة "هدى وسوف" التي قدمت أيضاً ورقة تؤكد دفء العبارة عند الشاعرة وأصرت أن تقدم الشاعرة "أمل لايقة" بكل ذاك الحس الرائع عندها   أما الأديب "محمد عزوز" فقد قدم في البداية تحياته لجمهور "اللاذقية" منه ومن كل أهل "سلمية" الذين حملوه تحياتهم ثم قدم دراسة في المجموعة معنونة " ويومض البرق ينثر لؤلؤاً عند الشاعرة أمل لايقة "

ونبين فيما يلي مقدمة الأديب "محمد عزوز" ودراسته المذكورة :

أصدقائي

سألني بعض الأهل والأصدقاء في "سلمية" عن توجهي في هذا الشتاء البارد .. فأعلنت وجهتي   " اللاذقية " ..

 ولم أعد أعرفُ بعدها كيف أوزع كلَّ ذاك الكمِّ من المحبة التي حملوني بها ..

واتهموني بمغافلتهم بالقدوم إليكم ، لأنهم كانوا يرغبون أن يحملوا تحياتِهم بأنفسهم إليكم ..

كل المحبة لهذه الوجوه الطيبة ..

أنتم تتساءلون ولاشك :

من هذا الرجل ..؟ وكيف تعرف إلى الشاعرة "أمل لايقة" التي لم تغادر "اللاذقية" إلا بشكل محدود ..؟

معكم بعض الحق وليس كله ..قد لا تصدقون أنني رأيت الشاعرة "أمل لايقة" لأول مرة قبل دقائق فقط .. عرفت شعرها قبل أن أعرفها ..

وصلتني مجموعتها الثالثة " حاسة الحب " عن طريق أحد الأصدقاء .. وعندما اطلعت على أحاسيسها فيها طالبت بمجموعاتها الأخرى .. وكان لي شرف الإطلاع على مجموعتيْ" ملاك العودة – خيوط الفجر "  وكانت مقالتي المعنونة" كيف تمطر العيون خمراً معتقاً عند الشاعرة أمل لايقة" ..

اتصلت بي "أمل" شاكرةً ، تعلن بفرح كبير" شكراً لأنك أحسست بشعري .. كنت صادقاً وقريباً من عالمي الشعري بشكل كبير " ..وصارت "أمل" ترسل لي وروداً للصباحات والأعياد والفرح المأمول .. وأنا أتابع بعضَ ما تنشرُه في الصحافة .

وانتظرت منها نصوصاً شعرية أخرى ، فقد كان من الطبيعي ألا يتوقفَ ذاك الدفقُ الشعري الرائع عندها ، فوصلتني مجموعتها القصصية  " مسافات الحلم " ودفعتني للعبور معها في قصص نهلت فيها من صدق التعامل مع الحياة التي تنغصُ كل شيء .. ونقلت إحساسها الكبير بهموم مجتمع أرادته نقياً عارياً من الزيف أو التجمل .. بلغة سلسة قريبة من القلب ، رقيقة رقة الأنوثة  .

أصدقائي :

عندما هاتفتني صديقتي "أمل" ، ولم أكن قد كتبت عن مجموعتها الرابعة     " وثمة ما ينتظرك " ، قلت  نعم .. سأكون معكم مشاركة أو حضوراً .. لأنني لا أستطيع أن أتأخر عن حضور ندوة من أجل شاعرة أعلنت دون تردد" الشعر بالنسبة لي رقص وغياب .. عذاب واستكانة .. بحر من الشطح والإمتداد .. وأنا أكتب للمطر للحرية لإنسان ما يقرأ الحياة بعين دافئة .. أكتب للحب أينما كان في أي زمان أو مكان " أو لشاعرة أرسلت لي سلالاً من الشعر والمحبة في صباحات الياسمين والأدب ، وقالت أنها ستسعى لإيقاظ الحياة بجديتها وإنسانيتها ..

أنا جدُ سعيدٍ بهذا اللقاء .. في هذا المكان الذي أتواجد فيه للمرة الأولى رغم أني من عشاق "اللاذقية" التي جبت شوارعَها في طفولتي وأولِ شبابي ولي في كل زاوية فيها بعضُ ذكريات ..

أيها الأعزاء ..

في جعبتي الآن موضوع عن مجموعتها الجديدة " وثمة ما ينتظرك " بعنوان :

 ويومض البرق .. ينثر لؤلؤاً

عند الشاعرة " أمل لايقة "

كنت قد أعلنت عقب إطلاعي على مجموعات الشاعرة أمل لايقة السابقة " خيوط الفجر – ملاك العودة – حاسة الحب" ولم أكن أعرفها بعد ، أن هذه الشاعرة أجادت رسم خطوط شعرها – حياتها بكلمات انبسطت بين راحتيها هادئة رقيقة مقنعة .. وختمت دراستي المعنونة وقتها

" كيف تمطر العيون خمراً معتقاً عند الشاعرة أمل لايقة " معلناً أنني أنتظر منها إضاءات أخرى كي أهتف معها : الحياة جميلة بنا ونحن بها أجمل ..

ولم يطل انتظاري ، إذ أنها أعلنت بعد لأي " ثمة ما ينتظرك " عبر مجموعتها الرابعة الصادرة في نهايات العام الفائت 2009 .

وتساءلت على الفور عن سر هذا العنوان الذي اختارته للمجموعة التي بدأتها بتهويم حر وبإعلان نيتها التمرد – النية فقط  :

سأتمرد على عاشق لا يسمح لي بالعشق

على كاره لا يسمح لي بالصفح

على رافض لا يسمح لي بالحوار

على منطو لا يسمح لي بالتواصل

إشكالية بدأت بها ، فوضعت أمامي علائم استفهام دفعتني للعمل بنصيحتها" ثمة ما ينتظرك "

هربت معها من نية التمرد إلى" إيحاءات الوقت  وهمهمة المغيب واشتباك المقدس بالمدنس والتواري خلف التطهر" في ميثاق الوجد .. دون أن أجد ما ينتظرني ..

إلا أن صراخها أُعلن بسخاء على حين غرة  :

واتسعي فينا أيتها الحياة

اتسعي بأمر التمرد عليك

بأمر الرفض

بأمر ما يضيق

بأمر ما فينا من فيض حياة

ثم احتفت بحنينها وهللت :

تلألأت حواسنا

وانطفأنا بعصف الشهيق

وبدأت أشتم روائح ماغوطية في تساؤلاتها المتكررة ، في بعض سوداويتها المعلنة في أكثر من نص "مجرد حدس – رغبات – أول رجل – شهوات ".

ولم يكن من الصعب أن أضبط اللؤلؤ المنثور في كتابات مملحة :

كأننا نستعد دوماً

لحزن يأتي وحزن يقيم

نذرف كتابات مملحة ولا نستغيث

هي لعبة تنفض عن أكتافنا

وهن الكهولة

وتنثر  آخر الإحتمالات – احتمالات الجنون  بصوت ناضج غير متهدج :

يدي في أقاحي الإشتياق تدور

تهجع فوق الخرائب

ترسم رحيلاً جليلاً

لمدن بلا قصائد

تقيس مع الريح

طوفان العالم المحشو

بالدم والورد

بالدود الزاحف نحو المقابر

بالدمع المتراكم في المحاجر

تنثر في كل درب

آخر احتمالات الجنون

و " في مكان ما " تعلن عن نفسها بشكل مختلف :

لم أعد تلك المغرمة برسم الأشكال في الهواء

لم أعد تلك المتباهية بتمردها

ولاءاتها وكتاباتها المبعثرة

ضيعت جنون اللحظات

الموت على الورق

ضيعت مجوني

ضيعت جنوني

لم يبق لي غير تلويحة يد وقلم

يشهد أني ما زلت

أحترف الحماقات

أما ما انتظرناه في" ثمة ما ينتظرك " فقد كان شكلاً من أشكال القص عند الشاعرة ، وكأني بها استعذبت كتابة القصة بعد مجموعتها " مسافات الحلم " .. إذ أنني وفي هذه القصيدة بالذات وربما في قصائد أخرى أيضاً ، وجدتها أقرب إلى القص منها إلى الشعر ، ولعل الجنسين الأدبيين تماهيا فشكلا جنساً آخر جديداً سماه البعض شعراً والبعض الآخر قصاً ، وربما أطلق عليه بعض الدارسين أسماء أخرى ..

وأغراها فعل الكون في " محاولة " وربما ارتبط ذلك بذات الشاعرة ، واقتربت من القص أيضاً في " خيبة " ولعلها قصة حياة ... وكذلك في " رثاء غرفة " التي يشير عنوانها إلى ذلك ..

وفي" عشتار" كانت عنقاً بل مقصلة وداء بل دواء وقاتلة بل مقتولة ... لكن هذه الأنا لم تفض إلى نهاية مقنعة ، أو لعلها تريد أن تعلن أنها جزء من كل هذه المتناقضات ..

وترسم تفاؤلاً جميلاً في " رفض" التي قاربت القص الحداثوي أيضاً ، ثم ترسم خطوطاً سوداوية في " تأمين " نثرتها عبر تساؤلات أخرى أدمنتها في كثير من القصائد ..

ولا يكتمل الصفع في " مداعبة " عندما تطلب من الزمن ألا يلومها على حكاية الصفع والمواجهة وحتى البصق .. لأنها في النهاية تعلن عدم خشيتها منه أو حتى مسامرته ..

وهي كشاعرة من هذا الوطن تدنو من عوالم الحجر/ الرصاصة في فلسطين ، فترسم بعض صور الأشلاء والصمت المتصدع على الجدران هناك .. وماذا يبقى من عمر " الفصول فيه تشردها الفصول" ..

ولم تخرج في ومضاتها عن نمطها العام ، وهي وإن ابتعدت عن القص فيها ، إلا أنها فضلت النهايات على التفاصيل ، فصارت كحكيمة تفصل أبواباً للحكمة وتشرعها بوجه الريح ..

فقد لعنت " المعرفة لأنها تكشف جهالة أقرب الناس إلينا " ، وقسمت العالم إلى " عيون تخيف وعيون تخاف" ، ولم يرتبط القبول في دنيانا هذه بالحب .. كما أنها تساءلت :

تشبثت بكِ

راهنت عليكِ

آمنت بك ِ

ماذا علي أن أفعل

لأقنعك بي أيتها الحياة

أيتها العصفورة

لا يكفيك فضاء واحد للتحليق

كيف تكفيك رصاصة واحدة

للسقوط ..؟

وأظن أن أمل لايقة بنهاياتها هذه  اقتربت من عوالم عاشتها فأدركتها ، وأرادت أن تعلنها للناس مواعظاً ..

وفي اعترافاتها قدمت ما يشبه ذلك عندما أعلنت أنها"  ستخلص للجسد الذي لا مسافة بينها وبين شهواته وأن المسافة كامنة بينها وبين شهواتهم "

وكذلك فعلت في " شجونها وفي بعض وقائعها ومفاصل قصيدتها وشروقها وغروبها ورسائلها القصيرة"

وعرت الحقيقة في ختام قصائدها  :

لم تعد الرجل الذي أحلم به

لأنك لم تعد الرجل الذي يحلم  

هو ذا عالم أمل لايقة الشعري القديم – الجديد ..

في قراءتي الأولى لها اكتشفت أشياء ، وفي الثانية اكتشفت أشياء أخرى  ، وربما اكتشف   الجديد في قراءاتي القادمة ..

في حديقتها ورود تعبق بالأريج .. تنثره في دروب العمر فيومض ألقاً ..

وهي وإن اقتربت من القص في كثير من نصوصها الشعرية ، إلا أن المتتبع يستطيع أن يعرف أنه شكل من أشكال الشعر المتماهي مع القصة .. وإذا كانت لم تصرح بذلك إلا أن خواتيم الكلام عندها تشي بذلك ..

وقد دنت من حياتنا في ومضاتها النثرية التي ختمت بها مجموعتها هذه .. فحاصرتنا .. حاصرت حياتنا وبعض مفاهيمنا .. وربما دفعت الكثيرين منا إلى مراجعة بعض أفعاله وقناعاته..

 أمل لايقة عالم يضج بالحياة ، تفلت الدرر من بين ثنيات أصابعها حتى لو أطبقت وبقوة عليها .

أمل لايقة شاعرة أحست بهموم مجتمع ، فنثرتها هكذا دون مواربة .. لم تلتفت للشكل ، تركت الحكم عليه للقارئ الذي صارت الغاية تهمه أكثر ..

"أمل لايقة" مبدعة لم تستكن لكل ذاك الكم من الألم الذي لحق بها .. فقررت أن تقف على إحدى الروابي ، بكرسيها المتحرك ، تفتح مسامات جلدها للهواء .. تنتشقه برغبة الحياة .. ثم تسارع الخطو إلى حيث يتوهمون السعادة ، فتضحك من كل قلبها وتقولها بصوت واثق موشى بالحزن المتدفق عبر حروفه :

ضيعت جنوني

غير آسفة

على ما يجيء وعلى ما فات

لم يبق غير تلويحة يد وقلم

يشهد أني ما زلت

أحترف الحماقات

      محمد عزوز

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية