أخبار أدبية

نصوص كورونية زرافة الحي لا تهرب الدكتور جبار خماط حسن

نصوص كورونية زرافة الحي لا تهرب الدكتور جبار خماط حسن

537 مشاهدة

‏نصوص كورونية زرافة الحي لا تهرب الدكتور جبار خماط حسن

#الدكتور _جبار _خماط _حسن‏

.#زرافة _الحي _لا _تهرب

#نصوص _كورونية

لا تحب الاختلاط، خطواتها خجولة ، امتنعت عن الأكل احتجاجا على المعاملة السيئة التي تعيشها يوميا، لم تأكل منذ يومين، اكتفت بالسوائل.. قطرات محدودة من الماء لترطيب شفتيها المنفوختين، من دون عمليات تجميل، الحرس يحيطون بالمكان، لا فرصة للفرار، ، ممنوع الخروج إلا للضرورة، جلست قبالة المرآة، حدقت. هالة بنفسجية تحت العينين، أرادت اخفائهما، بالمكياج، لم تفلح، صبغت وجهها بالأبيض، مع أحمر شفاه فاقع، شعرت انها تشبه مهرجا عجوزا حزينا في آخر عروضه أمام الجمهور!

صفقوا طويلا، مودعين له، انسحب من المسرح، دموعه تلتمع مع إضاءة المسرح، توقفت الموسيقى، صمت غريب!

دخلت الشرطة، تأمر الجميع إخلاء المسرح فورا حفاظا على الأرواح.

عم الاضطراب والفوضى في السيرك، تاهت الأسود والدببة، خرجت من الباب الخلفي للمسرح، وجدت نفسها في ساحة فارغة إلا من بقايا سيارات قديمة، ركضا بسرعة، لكن إطلاق رصاص كثيف اوقف ركضهما، سقطا على الأرض، لم يكن عرضا يا سادة ؟

انها النهاية. يتابع النقل المباشر لأحداث السيرك، الفوضى العارمة في الشارع، الرعب المنتشر، فتح النافذة، لا يرى سوى شوارع مقفرة، سيارات الشرطة والإسعاف، الناس، اختفوا تماما، بعد تحذيرات الشرطة، ضرورة الجلوس في البيت، فقط تلك الزرافة وحيدة في الشارع، تتلفت خائفة، تجلس على الرصيف متكورة، ضخمة، ممددة ساقيها الطويلتان، تقف فجأة، تمشي نحو شجرة قريبة، تمضغ أوراقها الحامضة، الساعة تشير إلى العاشرة والنصف مساءا أغلق التلفاز، نظر مراقبا الزرافة، من شرفته في الطابق الخامس، قرر النزول بعد خلو الشارع من رجال الشرطة، ردد مع نفسه، هذه الزرافة هي أفضل طريقة للتباعد الاجتماعي، تركبها لتحمي نفسك من العدوى، إنها عالية، لا يتمكن أحد من مصافحتك او غسلك برذاذه !

 اقترب منها، رحبت به، مد يده على ركبتها، احست بدفء اصابعه الشابة، انزلت رقبتها، همست في أذنه، هل تحب أن نقوم بجولة في المدنية الخالية ؟

 اجابها .. ورجال الشرطة ؟

 انهم يمنعون الحركة .. الجميع في البيت !

قالت مهدئة، المكان يشبه الغابة، خال من الحركة، اصعد .. لا تخف ؟ قرر المغامرة، ساعدته على الصعود، استقر على ظهرها، انتابته لحظة من الزهو أشبه بعملاق في افلام المغامرات، كانا يرقبان المكان، الشوارع عارية من المارة، ترتدي كلابا وقطط، لمحا سيارة الشرطة تمرق بسرعة عالية، إطلاق نار كثيف، فشلت في إخفاء نفسها خلف الشجرة الرشيقة، طوقت رجال الشرطة المكان، اعتقلوا الزرافة وسط نباح هائج من الكلاب السائبة، رفعوا الزرافة برافعة، أودعوها في مركبة عسكرية لنقل الدبابات، مصممة على هيئة سجن، دموعها تغسل وجهها، أدارت رأسها، أين صديقي ؟

 تذكرت لحظة فرار أخيها في الغابة حين داهمها سرب من الصيادين، اقتادوها لبيعها في سوق قديم على حافة المدينة، نظرات الشرطي الغاضبة، تركت خوفا في روحها، اقترب منها ملوحا بهراوته، شاربه يلتمع بقطرات تعرقه، من سمح ل .. كسر الحظر والهرب من حديقة الحيوانات بدون تصريح؟

 امتنعت الزرافة من الكلام الا بوجود محامي !

 ربما تسألون أين الشاب الذي كان على ظهر الزرافة؟

 عند مجيء الشرطة قفز إلى أعلى الشجرة، متعلقا بها، وسط الظلام ! مازالت الزرافة بانتظار المحامي!