حوار مع مبدع

أعطت للجسد بعداً احتجاجياً

أعطت للجسد بعداً احتجاجياً

458 مشاهدة

أعطت للجسد بعداً احتجاجياً ...

Asma Mustafa#‏ مع ‏#ثائر القيسي‏

الثلاثاء2021/5/11

أشارككم حواري .. وبوحي في جريدة #أوروك (الثقافيه) .. الجريده الرسميه  لوزارة الثقافة والسياحة والأثار. العدد34

اجرى الحوار الاستاذ #ثائر _القيسي .. كل الشكر والتقدير

#وزارة_الثقافة_والسياحة_والأثار

#جريدة_أوروك

#العراق_بغداد

https://www.facebook.com/.../a.113626957.../255892526291101/

أعطت للجسد بعداً احتجاجياً

 الفنانة المسرحية الأردنية #أسماء _مصطفى :

 أميل إلى كل أساليب المسرح شريطة أن تتحقق فيها شروط اللعبة المسرحية المكتملة نصاً وتمثيلاً وإخراجاً

لن يكون المسرح بخير طالما الكمامة تستر ضحكتنا وتعابيرنا

 أنتمي إلى المسرح أو الفن الذي يعزز قيم الجمال والمحبة والسلام

 التعبير الحر شرطَ أساسٌ في قبولي لأي تجربةٍ

المسرح العربي اليوم  يمر بأصعب حالاته

حوار / ثائر القيسي

أسماء مصطفى من الفنانات العربيات اللائي اخترقن قلاع الفن برؤيةٍ متبصرةٍ وثاقبةٍ للواقع الاجتماعي منذ بداياتها، وهي ترنو ببصرها إلى قضايا جيلها من الجنس الأنثوي على ما كان، وما زال يحيط بمفهوم الحرية  بأمراض ذكورية دفعتها لأن تعتلي صهوة المسرح وتنطلق كحصانٍ جامحٍ نحو بلوغ هدفها لتحطيم التابوهات والقيود السياسية والاجتماعية الصارمة لتساند دور المرأة في اختيار وجهتها تخلصاً من ربقة الاستعباد ..

ولدت المخرجة والكاتبة والممثلة والباحثة الأردنية أسماء مصطفى في  عمان ١٩٧٣  وأكملت دراستها عام ٢٠١٧ من كلية المجتمع العربي، وحصلت على دبلوم تصميم أزياء وشهادة تكوين في فن التمثيل من مدرسة الممثل (المسرح الوطني - تونس) بإشراف المخرج فاضل الجعايبي ..قدمت عدداً من الأعمال المسرحية مخرجةً وممثلةً وكاتبةً للنص خلال سنوات اشتغالها منها (مسرحية سليمى ) ٢٠١٠ ومسرحية قصص على الخشبة ٢٠١٠ في ختام ملتقى القصة في عمان ومسرحية ( أدرينالين) مونودراما كاتبة ومخرجة وممثلة وقدمتها منذ عام ٢٠١٨ في عددٍ من البلدان العربية، وعبر مهرجاناتها السنوية فضلاً عن مشاركتها في بغداد بمناسبة افتتاح منتدى المسرح التجريبي، وكذلك في مهرجان البصرة لمسرح المونودراما، ومن ثمَّ في أربيل ونالت عنها جوائز تقديرية من قبل لجان التحكيم .حازت خلال سني حياتها الفنية العديد من الجوائز العربية نظير فوزها كأحسن ممثلة وأفضل اخراج، وغيرها من الجوائز الإبداعية .التقيناها عبر منصات التواصل لنجري معها الحوار التالي:

* المتابع لسيرتك الابداعية منذ بداياتك يلاحظ ان اشتغالاتك تنوعت بين التمثيل والاخراج والكتابة النصية والبحثية فأيٌّ منها كان الأقرب اليك ؟

- لكل منهم حالة خاصة بالنسبة لي،ولكل منهم مساهمة في تعلمي وتطويري ،في بداية امتهاني للفن بدأت ممثلةً عام 1993بين الدبلجة والإذاعة والمسرح والتلفاز والسينما وبعد 15عاماً كان علي أن ابدأ في البحث عن مشروعي الخاص في الفن فأخرجت أول تجربة للأطفال عام  2009وهي مسرحية  ضمن مشروعي الخاص للأطفال "ضحك ولعب ومسرح" فكانت "حكاية عنزتنا بديرتنا" وبعدها بعام أخرجت أول عمل للكبار ضمن مهرجان الفوانيس الدولي فأنا بالأصل ممثلة وأميل دوماً للتمثيل و في كل فترة زمنية عندما تكون الحاجة ملحة لأقول وجهة نظري الخاصة في الحياة والعالم اتجه الى الإخراج إنما التمثيل والإخراج والكتابة النصية والبحث هما نتاج ثقافة ومشوار حياة فنية عمرها 28عاماً من البحث والتجريب.

* ميلك لأداء المونودراما، هل تشعرين أنك أكثر حرية بالتعبير عما تريدين قوله؟

- ليس فقط في المونودراما، أنا أميل الى كل أساليب المسرح شريطة أن تكون التجربة تتحقق فيها شروط اللعبة المسرحية المكتملة نصا وتمثيلًا وإخراجًا فالتعبير الحر شرط أساس في قبولي لأي تجربه سواء كنتُ ممثلةً أم مخرجةً في أعمالي الخاصة أو مع فريق آخر.

* عملت مع مخرجين متعددي المناهج والأساليب الاخراجية. فأي منهم كان الأقرب إلى أسلوبك بالاداء ؟

- ليس هناك شيء اسمه الأقرب فلكل مخرج هوية خاصة ونكهة خاصة تميزه، وهذا ناتجٌ من فكره وثقافته ومرجعيته ومقولته التي يريد ايصالها في العمل ومع كل الاعتزاز والاحترام والتقدير لكل مخرج عملت معه سواء كان محلياً أم عربياً .. كنت سعيدة بالعمل معهم جميعا الا أنني شكَّلت لي أسلوباً خاصاً في عملي لا يشبه أي أحد منهم ..فأنا أنتمي إلى المسرح أو الفن الذي يعزز قيم الجمال والمحبة والسلام، إلى الفن الذي يناقش ويطرح هموم الإنسان وإنسانيته الى الفن الذي لا يجامل ولا يهادن، إلى الفن الذي يغير ويثقف، إلى الفن السامي الذي يؤثر ويتأثر بالوجود والحياة، إلى الفن الذي يطرح الأسئلة ويشاكس ، إلى الفن الصادق الإنساني العابر للحدود والقارات والمسافات، إلى الفن الذي يوحد ولا يفرق، الى الفن المختلف.. إلى كل فن يطور من أدواتي ومداركي ويفتح لي أفاقاً ومجالاتٍ رحبةً أكتشف فيها ذاتي وأطورها في سبيل تقديم مسرح إنساني هادف صادق محب جميل مختلف مشاكس مغاير تتلاقى فيه الثقافات والحضارات حتى وإن كانت اللغة فيه سواء مكتوبةً منطوقةً أو صورة أو تعبيراً جسدياً ..الجسد الحر المثقف الذي يكتب كتابته على خشبة المسرح الفن الذي تتلاقى فيه الأرواح وتتسامى وتختلف فيه من أجل الارتقاء وفتح مساحات وأبواب للأسئلة والقضايا المشاكسة المختلفة، الفن الذي يعتبر المتلقي شريكا له في اللعبة المسرحية يحاوره يشاكسه ومعاً يشكلان فناً وفناناً إنسانياً مؤثراً.

* عن بحثك في مجال الرقص التعبيري . ماذا قصدتِ بتمرد اللغة - الازاحة أم المناورة ؟

- هذا البحث كان أول بحث أقوم به عام 2004 ونشر في مجلة  تايكي في الأردن وهناك مجلة الفكر في البحرين أيضاً قامت بنشره وعملت على هذا البحث من وحي تجربتي الذاتية في الرقص التعبيري.. الرقص لغة ومن أجمل اللغات عندما تغيب الكلمة يتفرد الجسد بكتابة لغته الخاصة الحية الرشيقة عبر جماليات الجسد فالجسد يتمرد بلغته الخاصة المشفرة على كل ما هو سائد ونمطي وتقليدي.

* أثناء متابعتي لمنجزك المسرحي في ماقدمتيه من عروض مختلفة وجدت (أدرينالين) لها القدح المعلى بين أعمالك . فهل بسبب نهجها الاحتجاجي.. وضد من ؟

- فعلا مسرحية  أدرينالين هي المحطة الأهم في مشروعي ليس انتقاصاً أو أن الأعمال السابقة ليست مهمة، بل بالعكس لم تكن أدرينالين في عام 2018 هكذا لولا أنني طوال الوقت كنت أعمل على مشروع الممثلة المخرجة التي تؤسس لمنهج في التمثيل والاخراج وكتابة النص ينتمي إلى روحي الخاصة موقفي من ذاتي وموقفي من العالم فكرياً وثقافياً فعملت طوال الوقت على تغذية وتطوير أدواتي في العمل المسرحي من خلال تهيئة جسدي وتحضير، والاهتمام به ليكون جسداً حاضراً، جسد مثقف يقول على المسرح وجنباً الى جنب بموازاة الكلمة المنطوقة فكما تطورت أدواتي المعرفية عقلياً سعيت وحرصت طوال ستة وعشرين عاماً عمري في العمل المسرحي أن أطور أدواتي المعرفية المحسوسة عقلياً وجسدياً وأن أمتلك جسداً يكتب على خشبة المسرح لأن بياني المسرحي الذي عملت عليه طوال الوقت في مشروعي تجلى في مسرحية أدرينالين روح العالم يكمن في جسد الفنان والجسد له فكره والفكر له جسده ومن لا جسد له لا فكر له، ومن هنا تجربة أدرينالين لها خصوصية تكمن في عدة أسباب :أولاً نضجت تجربتي وأقول :نضجت ولم تكتمل لأن المسرح عملية ولادة وجنين يكبر يوماً بعد يوم وسنة بعد سنة وليس هناك شيء في المسرح نطلق عليه الاكتمال لأن الاكتمال يعني أن الفنان انتهى وعلى الفنان أن يسعى الى النضوج لأن النضوج عملية بحث واستمرار تعلم وتعليم تأثر وتأثير في أدرينالين تم العمل عليه مدة ثلاث سنوات من البحث والتجريب وتحضير جسددي وذهني لهذه التجربة التي تناولت قضية المرأه المصابة بسرطان الثدي، وهي ممثلة مسرحية عانت وقاومت المرض من خلال الأدرينالين هذا الهرمون السحري الذي لجأت اليه لتقاوم سرطانات المجتمع المتفشيه والمخفية منها سرطانات التهميش والاقصاء ضد المرأة سرطان الهجرة والحروب، سرطانات الارهاب والتكفير لتجد نفسها أمام جروح وندب وذكريات تركتها كل تلك السرطانات وتركت أثرها على روحها وجسدها أكثر خطورة من السرطان العضوي، فلقد عملت بورشة ضمن مختبري المسرحي في العمل على ألية البناء والهدم على النص دراماتورجيا وكتابة نص الخشبة إنطلاقاً من الارتجالات الحركية، اللغة الجسديه والكلامية، اللغة المنطوقة النابعة من شخصية حياة، وهي ممثلة مصابة بسرطان الثدي، ويتم إستأصال ثديها الأيمن ومن خلال رحلة العلاج تقرر أن تستعيد ذكرياتها وما مرت به تلك المرأة من خلال إستذكار حياتها وهي مراهقة، وبعدها تم تهجيرها من وطنها إلى وطن آخر، ورحلة وذكريات ابنها بحر الذي ابتلعه البحر نتيجة الهجرات غير الشرعية ومن ثم تتناول محطة زوجها الذي أحبته، وكان فناناً تشكيلياً، لينتمي بعد ذلك إلى الجماعات الإرهابية والمتطرفين والتكفيريين فيهجرها ويهجر ابنها وبيته، ويقرر أن يفجر نفسه في سوق المدينة لنكتشف سرطانات أخرى في المجتمع أشد خطورة وتأثيراً على روحها وجسدها وذكرياتها وتقتل أحلامها وطموحاتها أشد تأثيراً من جرعات الكيماوي والعلاج بالاشعاع الذي يقتل خلايا جسدها وروحها ويتلاشى جسدها ..وهي سرطانات المجتمع الحروب والتهميش والاقصاء والقتل والتكفير باسم الدين كل هذا تتناوله المسرحية بصوت إحتجاج المرأه ضد قيم المجتمع الذكوري للدفاع عن كرامتها وكيانها ودورها ومعاناتها من العنف النفسي والجسدي والعقلي والجنسي الواقع عليها .

وتم العمل على المسرحية بالاشتغال البحثي والتجريب على رقص البوتو  وهذا الذي بحثت وطوعت جسدي له لمدة عام من التدريب الشاق ودربت جسدي عبر مختبر جسدي قاس فعملت على مبدأ التعبيرية والارتجال فالرقص فيه يزاوج بين المسرح والرقص والنظرة الى الجسد والحياة من خلال حركات تسمح بالتطوير الفكري والجسدي بالاعتماد على مبدأ الطاقة الداخلية والإيقاع الباطني الداخلي فيه مهم وكذلك التواصل في الحركة في كل لحظة لها أهميتها وللحركة طريقة متصلة ومنفصلة أحيانا وتجمع كل هذه اللحظات وهو ليس حركات مدروسة ومحسوبة بقدر ما فيها مجال واسع للارتجال اللحظي والآني بناء على طبيعة المشاعر المتدفقة في تلك اللحظة (الآن وهنا) أثناء الرحلة الشخصية وسفرها في ذاتها والعودة ألى ذكرياتها لذا يلعب الحوض ويكون فيها هو القائد بالنسبة لباقي عضلات وأجزاء الجسد لأنه مركز الطاقة والاتجاه فضلاً عما تقتضيه الحركة من ليونة ويقظة وتنفس في كل عضلة كي يتمكن الجسد فيزيائياً من التعبير بقدرة أكبر عن حركتها وسكونها وهو قاسٍ لأنه يتوجه الى الطبيعة الإنسانية بقساوتها فالجسد لا يبقى داخل قفصه بل ينطلق الى المدى والانتقال من البعد الصوتي إلى البعد الجسدي والانسجام بين الداخل والخارج .. فللجسد تاريخ معين، ولا نستطيع القول إنه وليد على الخشبة وإنما جاء من مكان محدد وهو يحمل عمره لذا يجب إعادة الاعتبار إلى خيال الجسد والى الطاقة الباطنية في تناول قضية المرأة وصراعها من خلال جانب إنساني وعملت على بحث له علاقة بالنص من جانب وبحث حركي جسدي من خلال مختبر استمر لمدة ثلاث سنوات فالنص انطلق من فكرة وكتب العمل على خشبة المسرح من خلال ارتجالات مدروسة بناء وهدم الى أن وصلت الى نص العرض كلامياً لغة منطوقة وتعبير جسدي حركي نصف  العمل حركة جسدية منطوقة من خلال تجربة رقص البوتو والرقص الصوفي والنصف الآخر لغة منطوقة إن غابت الكلمة حضر الجسد ببلاغته وأدواته ليقول خطابه على الخشبة بفعل ولغة بصرية وما يميز هذا العمل أنه كان الأكثر حظوةً في استمرار عرضه لمدة سنتين وحتى هذه اللحظة عرض 27 عرضاً  في أكثر من مهرجان وأكثر من دولة.

* عن مسرح الطفل وكما تقر النظرية إذا كان مسرحاً يصنعه مجموعة أطفال فهو مسرح الطفل، أما إذا اشتغل عليه الكبار فهو مسرحٌ للطفل . أنت مع من عملت في تجربتك في هذا المجال ؟

- أول تجربة لي كممثلة كانت مع المخرج العراقي الذي كان يقيم في عمان آنذاك المخرج سليم الجزائري  عام 1993وكان اسمها (الساحر أوز) وكنت سعيدة وفخورة في تلك التجربة وعملت أيضاً مع المخرج الفلسطيني فتحي عبد الرحمن مع فرقة المسرح الشعبي مسرح الستين كرسياً، وكانت مسرحية سندريلا وكانت لي تجربة مع المخرج الأردني غنام غنام عام 1996 وهي ( كيف نرجع أسامينا) ولكن عندما أسست لمشروعي الخاص في مسرح الطفل وهو مشروع ضحك ولعب ومسرح كنت أعمل كممثلة ومخرجة وكاتبة نص بدأت أفكر ليس ماذا أريد أن أقدم للطفل سألت نفسي سؤالاً :يا هل ترى ماذا يريد الطفل من مسرحه؟ ماذا يريد الطفل أن نقدم له؟ فعملت مع أطفال  شاركوا في صنع مسرحهم الخاص بهم من خلال ورشات عمل فكانت العروض والورشات في المناطق الأقل حظاً والمناطق المهمشة اقتصادياً وثقافياً وكنت فخوره بالعمل معهم.

* كيف تنظرين للمسرح العربي في تفاوت مستوياته لاسيما في موضوعة الحداثة ( إشكالية التجريب) ؟

- المسرح العربي اليوم للأسف يمر بأصعب حالاته يبدو أننا في وضع اليوم بالنسبة لكافة الفنون وبالأخص المسرح كما البورصة وأسواق المال في صعود وهبوط، ومكسب وخسارات فهذا السؤال لو سألته لي قبل سنوات مؤكد ستكون الإجابة مختلفة لأنَّ المسرح اليوم ليس كما المسرح قبل سنه أو سنوات وهذا بسبب أن المسرح يشكل مرآة المجتمع وإنعكاسه فكلما كانت الحياة والعالم والمجتمع والانسان (الإنسانية)يسوده الأمن والسلام والأمان والأمن والحب والخير والإزدهار سيكون بخير ..يكون بخير عندما تكون الإنسانيه بخير فالعالم بشكل عام وبالأخص العالم العربي يعيش اليوم في أسوأ حالاته من فوضى وعبث وضياع وإنحراف البوصلة يعاني من أزمات سياسية وإقتصاديه وأخلاقية وثقافية وأزمات دينية وإنسانية لذا المسرح سيتأثر بتلك العوامل سلباً وإيجاباً فكيف لفنان في مجتمع عربي غير مستقر في كل تلك الجوانب التي ذكرتها أن يبدع ويفكر وينتج ؛ المؤسسات غابت وغيبت وتخلت عن دورها في رعاية وإحتضان الفعل الابداعي وتخلت عن مسؤوليتها إتجاه المسرح وإتجاه الفنان وهذا حمل الفنان والعاملين بالفن والمسرح عبء إنتاج وتسويق أعمالهم وللأسف أصبحت الأعمال التي تنتج هي فقط ترتبط بالمهرجانات سواء محلياً أم عربياً يجب أن يعود المسرح إلى دوره الريادي الفعال في تنمية وإزدهار المجتمع كفعل وحاجة ثقافيه كخبز يومي، وأن تكون الأعمال أعمالاً مستدامة لمسرح يومي ومسرح شباك التذاكر مسرح من الناس للناس ولكافة الناس أينما كانوا، ومن كانوا، مسرح يعالج ويناقش ويلتحم  مع نبض ووجدان الناس لا أن ينفصل عنهم، وينعزل، مسرح ليس للنخبة والأبراج العالية فمثلا من أولى الدول التي اهتمت بان يكون للمسرح شباك تذاكر هي تونس والعراق ومصر وسوريا ولبنان والمغرب والجزائر أما الآن فبعض الدول فقط من حافظت على تلك الطقوس المسرحية تباعاً لما يجري من ركود وعدم إستقرار مسألة أخرى كانت تساهم في نهضة المسرح ولها أثر في تطوره، كما لها أثر الآن في تراجعه وهي الحركة النقدية وأعني النقد ضمن أسس ومناهج علمية مدروسة نقد، إنتقاد تقييم وليس تقويم، نقد بناء هادف وليس نقداً تدميرياً وتكسيرياً وإنتقامياً، نقد يعمل جنباً الى جنب مع تطور الفنان ويواكب تقدمه سواء ممثلاً أم مخرجاً أم مؤلفاً فغياب النقاد والمجلات النقدية التي كانت تصدر في تحليل ومناقشة العروض وتسليط الضوء على الأعمال وترك الساحة لصحفيين يكتبون عن الأعمال بانطباعات ومحابات ومجالات، هذا لن يفيد الحركة المسرحية بل سيسبب في تراجعها  لن يتطور المسرح بدون البحث والعلم والتجريب والمختبرات وورشات التعليم لن يتطور المسرح بدون الانفتاح والاطلاع على تجارب الغير وبالأخص التجارب الأوروبيه المسرح تلاقٍ وتقبل الآخر تثاقف وتبادل الأفكار والتجارب إلتقاء من أجل الارتقاء، لكي نصل إلى مسرح كوني لن يتطور المسرح بدون رحم ومناخ وحاضنة للحرية الفكرية فالمسرح لن ينمو ويترعرع ويتطور في بلدان ضعيفة تنبذ الحب والحرية والجمال والحياة وترفض وتقصي وتخاف من الآخر مرة باسم الدين ومرة باسم السياسة ومرة باسم الجنس فوجود التابوهات والتعامل معها تحد من العملية الإبداعية المسرحية وجانب آخر سبب في رجوع وتدهور الحالة المسرحية عدا عن كل ما ذكرت هو نحن الفنانين أنفسنا عندما نتراجع ونترك المشهد المسرحي ونبتعد عنه لأسباب أحياناً وظروف خاصة ونتيجة لدخول أفراد الى الساحة من أنصاف المواهب في شتى المجالات ومن يتسيدون المشهد ويتصدرون الآن هم من يقررون من مدعي الثقافة والفن كما الطفيليات همهم المكسب المادي والشهرة بأي سبب وباية طرق يستسهلون المسرح ويفسدونه جمالياً وفنياً واخلاقياً ويفسدون الذائقة الجمالية بأعمال وانتاجات هابطة فيبتعد الجمهور ولا يعد يثق بنا كفنانين.

*كيف تنظرين لتجربة ( الأونلاين) في العروض المسرحية وهل يمكن أن تكون بديلاً عن خشبة العرض ؟

- هذه الدقات الثلاث التي أشعر بها قبل دخولي الخشبة وأنا في الكالوس،ثلاث دقات قلبي وأنا على الخشبة وتوحدي مع ومعها(قرينتي)...ثلاث دقات روحي فرحة بنشوة وشغف إنتهاء العرض ...وثلاث دقات الآخر (المتلقي) قبل وأثناء وبعد العرض ...لا يمكن لها أن تعوض أو أشعر بها أو يشعر بها المتلقي في فضاء افتراضي جامد لا حياة فيه وبلا أوكسجين ولا نشوة ولا شغف لأن الخشبة حية وتتنفس ...حملت وتحمل أرواح من مروا بها وعليها بحواسهم الخمس .مع أنني خضت تجربة المنصات الإلكترونية والخشبة الافتراضية ولربما كنت من أول من أعلن فكرة بث أعمالي المسرحية عبر تجربة الـ.live في اول يوم أعلنت فيه منظمة الصحة العالمية أن الوباء جائحة وتم عزلنا ،وبحكم كوني ممثلة ولا أحب العزلة التي تفرض علينا عنوة ،أحب العزلة الاختيارية ولكن ما حدث أنهم عزلوني عن عشيقي فقمت ببث الأعمال من باب خوض وتجريب شيء ما ومشاركة أصدقائي عزلتهم وقمت أيضاً بتجربة أخرى، وهو أنني قدمت مشهداً من مسرحية أدرينالين liveعبر الخشبة الافتراضية في الشبكة العنكبوتية كي أجرب بحثاً ما مع تفاعل المتلقي معي عبر المنصة الإلكترونية وردود الأفعال إلا أنني سأتحدث عن شيء جربته أنا ...لم تكن الحالة طبيعية وصادقة وحقيقية مع أنني كذبت بصدق، وكنت صادقة في كذبي في أداء المشهد إلا أنني لم أشعر بالدقات الثلاث ولم أشعر بنشوة وشغف العرض، لم أشعر بحميمية وأنفاس ومشاعر المتلقي التي تتحقق بدهشة التلاقي والتلقي ...التأثر والتأثير (الآن وهنا)تلك الحيوية والحميمية التي تمنحنا إياها الخشبة الطبيعية ....لماذا؟!.....سألت نفسي هذا السؤال ....فأجابت نفسي وأجابتني الخشبة التي فرض عليها العزله ....إصبري ....سنلتقي وستمنحهم أوكسجين ودهشتي وسحري ودفئي وحميميتي لأنني في عزلة ولا يمكنني أن أتنفس أوكسجيناً حقيقياً ...وأنا في تباعد جسدي .لنكن شفافين وواقعيين، لن يكون المسرح بخير في زمن كورونا ولا بعده طالما فرض علينا تباعداً جسدياً يفقد حميمية العناق قبل وبعد العرض والدخول للمسارح ....لن يكون بخير طالما الكمامة تستر ضحكتنا وتعابيرنا حتى وإن عادت أبواب المسرح تفتح بإعداد معدودة ومحصورة بتباعد جسدي .

المسرح يحتاج التقارب والحميمية الجسدية والهمهمات والأنفاس في الصالة كي يحيا الممثل على الخشبة ودق دقاته الثلاث، لذا فالمسرح الافتراضي يلغي طبعاً مسافة البث الفكري لأن هناك جدار خامس يتشكل عبر شاشة الفضاء الإلكتروني، وهذا الحبل السري الذي يربط  روح وفكر وحواس المتلقي مع روح وفكر وحواس الممثل ينقطع لذا تصبح حميمية التلقي بينهما تحتاج إلى جهد أكبر  بسبب( الأونلاين) بتلك القطيعة.

*في بحثك الذي قدمتيه في مهرجان قرطاج للمسرح الدولي في تونس تحدثت عن المسرح مابعد ثورات الربيع العربي . ماملامح هذا المسرح ؟

- أي مستقبل لمسرح مابعد الثورات العربيه لقد كنت محظوظة حينها كممثلة وانسانة ان نظرت الى الموضوع من خلال الممثل الشاهد المواطنة خلال تواجدي في ميدان التحرير يوم  الحادي عشر من شباط 2011 .تبادر الى ذهني سؤال في تلك اللحظة عندما شاهدت مايحدث في الميدان من شتى الفنون الموسيقى والرقص والرسم والمسرح ..كل الفنون كانت تحتفي بالثورة وكل له دوره وطريقته في التعبير عن موقفه من الأحداث ..هل هذا مانحتاجه لمسرح المرحلة ..فهم صاغوا وشكلوا مسرحهم (الآني)..الان وهنا ..بفطرتهم ووليد لحظتهم ..فما دورنا نحن كفنانيين محترفين بعد ذلك في صياغة مسرحنا المستقبلي في ظل الحرية والتحرر من مقص الرقباء والأوصياء على الفن فنحن في هذه المرحلة بحاجة الى الميل الى السؤال لا الى التقرير ..والى الارتباط بالجمهور لا الى تجاهل المشاهدين فكفانا ما تحول اليه المسرحي من الجدل اللغوي والبيان الفلسفي والعاطفي الى الإيماء والصمت المسرحي ..هل إذا اعطونا مسرحا سنعطيهم ثورة؟..لذا خنقوا علينا في المسرح كي لا نثور فيثور الشعب لذا لم يعد المسرح منبر التنوير بمقايسهم فأرادوا لنا مسرحا أخر وبديلا كي لا نستيقظ ولا يستيقظ الشعب ..اي مسرح بحاجة إليه الان ؟!..لكي نستشرف مستقبل مسرحنا ..مسرح نابع من رحم الحرية والثورات كما شاهده البعض منا سواء كنا فاعلين فيه ام مشاهدين فكانت العروض اقرب الى الاسكتشات وليست الا مجرد تنفيس وخطب سياسية ومنها ما كان تسجيلا لوقائع حية حدثت في ميدان التحرير وتم اعادة صياغتها لتقدم ثانية على المسرح وهذا بطبيعة الحال قرب الناس وتصالحوا مع المسرح من جديد سيما ان معظم العروض كانت تقام في الميدان وأصبحت هناك عروض تنحى منحى اقرب ان تكون لعروض الشارع التي تذهب للناس اينما كانوا ؟! ومن كانوا؟!

هل على المسرحيين ان يدخلوا مرحلة التأمل والمخاض لكي يعيدوا إنتاج ماحدث في اعمال جديده ضمن مزيد من الوعي والحرية والفكر ليكون لدينا مسرحا يرتقي بالثورات ومتطلباتها في مستقبل افضل واكثر حرية وعدلًا مما يمكن ان يعيد الجمهور والحياة مرة اخرى للمسرح

هل نحن بحاجة الى ان يستمر مسرحنا جنبًا الى جنب مع شرارة الثورات مما سيعيد للمسرح هيبته سيما ان الثورات علمت الشعوب التي ستتحول الى جمهور الحاضر والمستقبل في المسرح كيف ان الفعل الإيجابي والتحرك بشكل جماعي والالتحام والحضور في مساحات جديدة ودفعتهم الى إكتشاف اصواتهم ومدى قوتهم وصنع أبطالهم على ارض الواقع.

سؤال سالته لذاتي يوميًا هل نحن بحاجة الى  ان نبحث ونتأمل لنصنع مسرحنا المستقبلي ...ام سنعمل على رسم مستقبل مسرحنا لننطلق من الموجود بين أيدينا  من اعمال ونعدل عليها ونعيد صياغتها لتتماشى مع تغيرات المرحلة وهل سيضطر الشعب مستقبلًا ان يتجمهر امام المسارح ويصيح بثورة ويطالب ان يهتفوا معًا جميعا ...الشعب يريد مسرحا ؟!

اعتقد ان مرحلتنا هذه وما نعيشها من هموم وضياع البوصلة ستعيد ما كنا نخشاه ونخافه.