مواضيع للحوار

أهمية الكتابة المسرحية  الناقد الأديب علي الصيرفي

أهمية الكتابة المسرحية الناقد الأديب علي الصيرفي

2995 مشاهدة

أهمية الكتابة المسرحية 

إن تقنيات النص المسرحي هي الحافز الأول لنجاح المسرحية                                

علي الصيرفي

      كلما تحدثنا عن المسرح ،لابد لنا أن نقف أمام نص المسرحية الذي هو العمود البنائي للعمل المسرحي ، فتقنيات الكتابة المسرحية هي الحافز الأول لنجاحها واعتمادها والاهتمام بها من قبل المشاهد، وحيثما اتجه الكاتب المسرحي في حراكه الفني لابد له أن يخطو عبر فضاءات التنسيق بين الموهبة والكلمة وتلازم العمليتين ..( موهبة فنية + كلمة أدبية متصاعدة) ترسم جوانب ما يجب أن يرسم ويصوَّر ،وهي النقاط الأساسية في بنائية المسرح ،فلو فسرنا أهمية الموهبة الفنية سنجدها تجمع الشخصيات والديكور والإضاءة وحركة المشهد وتنوعه :

 1 - لا شك أن قدراً كبيراً مما يسمى الروح المتماسكة بين الشخصيات وهو تفسير  كامل لكل تجربة داخلية  مضافة إلى الظواهر التي تعمل على شد القدرة التي يتمتع بها كامل النص المسرحي ، فالشخوص صُلب النص ولبناته التي تتماسك لتشكل الفنون العليا للمسرحية حيث أن الإنسان في الإطار المسرحي يعيش في صالة مغلقة كما الطيف المتواجد فيها يستمد من نفسه كل ما يحصل على المسرح فمكان التمثيل هو البؤرة التي تتحقق فيها الأدوار والمواقف التي تُعَرَّف وتحدٍّد صورة النشوء للمسرحية وتناميها إلى أن تصل إلى درجة التكامل ، وذلك من خلال تحديد صورة الإنسان النهائي الذي تبتغيه المسرحية ، وقد أكدت على ذلك المسرحية الأوروبية جماعة (ميننجن) التي تظهر دور المخرج كمبتكر فني عظيم القدرات حيث التكنولوجيا تقلب الشروط التقليدية لإنشاء المسرح ، وتعمل على تهيئة حيز متماوج مرن تكثر فيه الأمكنة ويتعدد الزمن ويتنوع ، ومع أن المخرج يعرف أن المكان ليس هو الحقيقة ذاتها ،لكنه يتجاوب مع هذا المكان في ذلك الحيز المغلق للمكان المسرحي ،والواقع أن ما يندرج في أهمية الموهبة الفنية (  الشخصيات) حيث نرى أن الشخصية المغرية ، والنديم الجذاب وكل الوجوه التي تتميز بالهيجانات المغرية تهيئ الممثل أن يأخذ دوراً يحبه الجمهور ،وخاصة عندما يترقب ذكريات مرتبطة بوجود الممثل وجوداً مادياً أكثر مما هو مرتبط بالميزات الجمالية ،ولعل الحوادث التي تجلب إلى المسرح تدفع بالأهمية للمسرحية وللشخصيات ، فالشخصية في عمل المخرج لها دوافعها الواضحة وفعلها الذي يحدد جوانبها من حيث القوة والجبن والجمال والبشاعة ،وهي تقدم للجمهور معلومات عما ستفعل وما تفعل ، وتضيف تلك الشخصيات المشاعر وتصنفها إن كانت متطورة أو بدائية أو تدل على رقيها

وجدارتها وعلى الرغم من محاولة ترتيب المشاعر عند الشخصيات ، فإن تميزها يأتي من حيث إيجابيتها وانفعالاتها  من غضب واشمئزاز وكراهية ،وقدرتها على التفكير ، فالتفكير عند الشخصية المسرحية هو نشاط تصل بواسطته إلى المعرفة من خلال اللغة التي ترتبط بالفكر ولأن اللغة بالأصل تجسد الفكر ، فالشخصية في المسرح تفجر الفكر وتنشره

2- العمليات الفنية في المسرح

        إن تحرر المسرح من إطار الخيال الرسمي والحقائق يجعله يتجاوز كل الحدود في مكان محدود نراه يجعل كل أوتار النفس تهتز لذلك نرى أن الحيز المسرحي الذي يتقيد فيه المشاهد خلال مدة المسرحية يكون من خلال ( العمليات الفنية في المسرح) الديكور والإضاءة وتوابعهما والتي تخلق جمالية هذه الفعالية المسرحية ،وهذا ما يراه المسرحي(antonin-artaud  )في كتابه ( المسرح وثنائيته) فالمسرح هو مكان مادي بحت ومشخص يتطلب مكملات كثيرة أهمها الديكور المادي الذي يحدد تفاصيل المكان وأهمية الحدث ، فالمسرح ليس إلا لغة مشخصة مكانية زمانية ترتسم فيها كل الأفعال والتجاذبات ،فهذه اللغة المعدة للحواس والمستقلة عن الكلام هي ديكورات المسرح وإن هذه التـأملات الخلاقة ترتكز على التقنيات التي هي ملك يد المخرج المسرحي وهي ستصبح نوع من النظم يتعامل معها باستمرار وهذا ما يدفع بالمخرج أن يعامل عناصر المسرحية ويربطها بالنص من خلال عمل مزدوج فقد كان( فانجر ) يخلق نوعاً من المسرح يستخدم فيه إلى جانب الوسائل المسرحية عدا الكلام والديكور – الموسيقى والإضاءة والحركات الإيقاعية والفنون التصويرية التي تخلق جواً آخر للمكان حسب ما تقتضيه الأزمنة والمواقع الجغرافية ،حيث أن التصوير يخلق مشاريع خيالية ساحرة ،وفضلاً عن ذلك فإنّ استقطاب هذا الجانب في العملية المسرحية تحمل طابع الجدية عند كافة الكتاب المسرحيين حيث يتم جمع الموجودات الفنية بغير تمييز في كتلة متجانسة وهناك طرائق عديدة تثبت جدية هذه الفنية المسرحية .

3- المسرحية عمل إبداعي أدبي

إن أي تفسير واقعي للمسرحية لابد أن يضع في اعتباره ازدواج الدلالة في بناء المسرحية من حيث فنيتها ولغتها لأن اللغة هي الأداة التي تكون وسيلة التوصيل لكنها يمكن أن تكون كذلك وسيلة جذب ، فما هي المعايير التي يمكن أن نحكم بواسطتها على روعة المسرحية ونصها ، فالمسرحية هي الحقيقة والحقيقة لا تحجب مهما كانت الملابسات فالمسرحية ليست صورة من الواقع بحيث يمكن أن نحكم عليها

بالصدق إذ أن كل جزء من أجزاء المسرحية يطابق الواقع الذي تمثله ،إن الحقيقة تكمن في الواقع الذي تمثله المسرحية في صورها ،لذلك كانت اللغة تترك ما نتحدث عنه وتكتمل عملية الاتصال عندما تضيء العلاقة بين المسرحية والجمهور ،حيث يمكنها أن تجعل الآخر يرى ما يراه الكاتب ويبدعه ، لذلك نجد بأن المسرحية هي لغة تحقق التنوير والاتصال وقد عرف ذلك الكتاب المسرحيون منذ القديم فمن السخرية أن يحط الإنسان من مكانته عن طريق اللغة فيهبط إلى مستوى منحط  ويصبح ثرثاراً ،والثرثرة لا توصل إلى شيء ففي حال كثر الكلام دون أن يوصل ما نريد فأن تلك اللغة تعتم وتغلق على المتلقي أهمية التواصل والفهم ، و أهمية العمل المسرحي وتقدمه لذلك نجد التحليل اللغوي والاختلاف يميلان إلى المنطق في العمل المسرحي و(هذان المنظوران متكاملان )لا تعارض بينهما فهما يقدران الأهمية الفائقة للغة الإنسانية ويمكن بسهولة أن نفكك الفلسفة المقدمة في بناء العمل المسرحي من خلال المعطيات التي يقدمها المخرج في بناء المسرحية وهنا تكون لغة المسرحية هي المشاعر والانفعالات  التي يجد المرء نفسه عليها في موقف معين إنها الطريقة التي يتوافق بواسطتها مع المسرحية وجمالها لذلك نرى أن العمل المسرحي هو ضرب من الفن الجمالي الفلسفي المتداخل في لغة جمالية إبداعية ، شخوصها نجوم يحملون ألوان الطيف ،حيث لا يمكن تمييزهم أو تحديد أهمية المقولة التي يؤدونها إلا بحزمة واحدة فالكل هم المسرحية وجمال فلسفتها. 

                                                                    علي الصيرفي

                                               Abase.serafy@gmail.com

 

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية