أخبار فنية

ارتسامات المسرحيين العرب عن الدورة الأولى لمهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي

ارتسامات المسرحيين العرب عن الدورة الأولى لمهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي

1526 مشاهدة

 

الدكتور حسن عطية (ناقد وأستاذ بأكاديمية الفنون المصرية): المهرجان تظاهرة مسرحية إيجابية تتوهج بها بغداد
إن المهرجان خطوة مهمة على طريق تجميع مجموعة من العروض المسرحية العراقية والعربية لتنصهر في بوتقة واحدة وتحقق نوعا من الحوار الخلاق بين تجليات الثقافات العربية المختلفة في بلدانها بحثا عن المشترك داخل هذه الثقافة العربية المتكاملة، ورصدا للمختلف الذي يحقق مبدأ الوحدة في التنوع. وبالتالي فهذه تظاهرة مسرحية إيجابية تتوهج بها بغداد وبعد طول انتظار وتتفاعل داخلها الأفكار والآراء والرؤى المتعددة من أجل أن تبحث عن مستقبل ساطع للمسرح العربي. هذا من ناحية التظاهرة ذاتها، أما من ناحية العروض التي قدمت داخلها عراقية أم غير عراقية فهي تكشف عن قدرة الشباب العربي على التعبير عن واقعه المختل وعن معاناته داخله وعن أحلامه فيه. وهو تعبير صادق كما بدى في العروض، لكنه في نفس الوقت تعبير قاصر يكشف عن إحباط شديد ويغلي داخل أفئدة الشباب العربي بعد هباته الثورية الكبرى دون أن يتغير شيء عن أرض الواقع. بل أن واقع المجتمع بدأ في التراجع إلى الخلف بدل التقدم إلى الأمام. ومن تم سادت في العروض نغمت عدم الرؤيا أو العمي، حتى أن ثلاثة عروض عراقية و العرض العماني:"الخوصة والزور" دارت في دولة العميان. وحمل عرض آخر عنوان: "فقدان" وسادسهم العرض الأردني "جثة على الرصيف". وسابعهم "باسبورت" (جواز السفر) من الوطن إلى الخارج. لم يقف الأمر إلى حد العنوانين الدالة على مضامين هذه العروض. بل وصل الأمر بالشباب إلى لعن الوطن ذاته والسعي من الهجر منه بدلا من لعن الأنظمة التي انتهكت هذا الوطن والعمل على البقاء فيه لمواجهة فساد من يفسدون فيه. كما أن غالبية نهايات الكثير من هذه العروض انتهت بالموت أو فقدان الرؤيا للغد، وهذا التقييم لا علاقة له بالمهرجان بقدر ما له من علاقة وثيقة برؤية الشباب الفكرية للحياة والتي تسودها نظرة تشاؤمية دفعت معظم هذه العروض إلى الظهور بفضاء المسرح في ظلمة أو شبه ظلمة دفعت بالجسد لكي يهرب من عقل الإنسان ليعبر تعبيرا خارج أطر المنطق ويجعل من المسرح مجرد ألاعيب وحركات جسدية تقدم لذاتها وليس تعبيرا عن أفكار تشتعل بعقول هذا الشباب وأدت في النهاية أن يبدو المسرح فضاء للشكل في ذاته دون المضمون الحوري التحريضي الذي يدفع الجمهور إلى التفكير فيما آل إليه حال مجتمعهم وليس فقط الاقتصار على التصفيق على حرفية الممثل على المسرح.


ـ المخرجة التونسية (زهيرة بن عمار):  مهرجان محكم بإدارة قوية

المهرجان هو مكسب لكل مبدع بربحه مساحة جديدة لأنه استطاع أن يوفر للمثقفين والمبدعين فرصة للقاء ولتقديم أعمالهم ويتعرفوا على تجارب بعضهم. كذلك هو مكسب للعراق في اكتساب الرهان، خاصة بعد الصراعات والأزمات التي مرت بها. فأتمنى للفنان العراقي وكذا للشعب العراقي استرجاع مكانته، لأن العراق في حاجة ماسة للحركة الثقافية.
وحسب رأيي، المهرجان هو ناجح لأن المنظمين لموا أكثر من 11 فعالية عربية وهذا ليس سهلا. الشيء الذي يجعلني أن أتقدم بشكري لإدارته على حرصها على نجاحه بتوفيرها راحة كبيرة للمشاركين لتقديم إبداعتهم في ظروف ملائمة  بتلبية متطلبات عروضهم التي خصصت لها ثلاثة فضاءات مختلفة، وأيضا باحترامها لضبط المواقيت والبرمجة التي تم الاعلان عنها ضمن البرنامج العام للدورة. فيمكنني القول أن هذه المعطيات أكدت على تواجد إدارة محكمة تحسسك أنك لست بدورته الأولى.

 
ـ المخرج والممثل المسرحي المغربي (محمد البلهيسي): المهرجان أعاد للعراق هيمنته الثقافية .. ولبغداد إشراقاتها المتميزة.

اعتز بهذه التظاهرة لأن مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي بدورته الأولى أعاد للعراق هيمنته الثقافية  وأعاد لبغداد إشراقاتها المتميزة، هذا من جهة ومن جهة ثانية إذا أردنا تقييم حصيلة المهرجان يجب النظر إلى ما قبل التغيير. هل هناك فعلا صحوة مسرحية؟ أم هناك قفزة نوعية؟ أم هناك تحول تفرضه المرحلة؟ أم هناك تراجع؟, لما شاهدنا العروض لا حظنا أن رياح  التغيير أثرت بشكل كبير على الأعمال المسرحية العراقية  بالخصوص ودول آخرى كمصر وتونس على وجه العموم. لاحظنا كذلك لغة الصمت وهنا يطرح السؤال: هل الديمقراطية في إطار التغيير حرمت الكلمة؟ هل الديمقراطية في إطار التغيير ساهمت في خلق قطيعة بين المؤلف و المخرج؟. الجواب يكمن داخل هاته العروض. هذا من جهة ومن جهة ثانية من ضمن 15 عرضا نلاحظ 3 أعمال كلها تتحدث عن العميان: المغربي "مدينة العميان"، العماني "الخوصة والزور" و الكردستاني "مملكة العميان". فهل المبدع في إطار التعبير أصبح يرى ببصرتيه أكثر مما يرى بعينيه؟ وبالمقابل نعرف جميعا أن الإبداع جمال وإحساس ونور كيفما كانت نوعية مشاهدة هذا النور.
الملاحظة الثالثة: أن جل الأعمال استحضرت طقوس الجنازة والموت بمعنى أن أيام الأزمة لازالت مسيطرة على وجدان المبدعين الشباب، فهناك حمولة من معاناة الماضي لازالت تسيطر على رؤى وأحلام المبدعين الشباب.
الملاحظة الرابعة: أن أغلبية الأعمال استغنت عن الديكور بمفهومه التقليدي واستحضرت أدوات فنية لا تكلف الفرقة شيئا ولكنها مع ذلك تخدم العرض. هل هو تخلي الجهة المسؤولة عن دعم هاته الفرق؟ علما بأن الديكور والملابس والإكسوسورات هم أعمدة السينوغرافيا. أم هو اختيار أفرزته مرحلة التغيير؟ هذا باختصار شديد.

 
ـ  الممثلة المصرية وعضو لجنة التحكيم الدولية (وفاء الحكيم): المهرجان حقق ما تعهد به

المهرجان أساسا واختيار تيمته رهنا على مستقبل هذه الأمة لهو الشباب. هو نجح  في تحقيق رهانه من ما قدمه خلال هذه الأيام. وهذا ما نحتاجه من الوطن العربي  هو الإيمان بالشباب ثائرا أو مبدعا أو مفكرا. ثانيا العروض كانت مدهشة وهذا هو هدف المسرح في إحداث الدهشة نفسية للمتفرج سواء في التعبير الحركي أو اختيارات الموسيقية في احضار الموضوع (المواضيع كانت كفكرة الكرسي المدمج الذي تم التعوض عليه). ثالثا هو أن المهرجان حقق ما نبغيه كلنا هو أن يبعث رسالة إلى العالم أننا شعوب قادرة على العيش في سلام على تقديم يد تتقبل الآخر، وأيضا نبرر للعالم أن لنا قدرة سياسية تخول لنا استقطاب الآخرين لتعرفه على هويتنا ومكتساباتنا التي تمنحه فرصة للاطلاع عليها والتقرب منها ومعايشة أجواءها.
أما العروض فكانت جريئة جاءت بمستسلمات على أرض متحركة، لهي أرض المسرح لتبحث عن قناعة جديدة أو لتقدم بدائل ربما يكون هؤلاء الشباب أجبروا عليها بعد انتحار شعوبهم. أو بعد تسلط فكرة من السلطة استخدمت أجسادهم وأفواهم.
فإذا كان هذا المهرجان حقق ما تعهد به باختياره هذا الشعار:" المسرح... حياتنا". وإذ كانت العراق قد نجحت في بالاحتفاظ بابتسامتها وإحداث الدهشة . إذن فمزيدا من المسرح، مزيدا من العطاء لأنه هذا هو الرجاء.

عمور (بغداد)

http://www.alfurja.com/news.php?action=view&id=571#.UKav2Xq9YMM.facebook

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية