أخبار فنية

اسدال ستار الدورة 27 على مهرجان فرحات يامون الدولي للمسرح

اسدال ستار الدورة 27 على مهرجان فرحات يامون الدولي للمسرح

853 مشاهدة

 

اسدال ستار الدورة 27 على مهرجان فرحات يامون الدولي للمسرح

دورة ناجحة بامتياز

بـقـلـم : عـباســيـة مــدونـــي – ســيــدي بـلـعــباس- الجـزائــر

 

تحقيقا للتفاعل الفني والثقافي ، تثمينا للأبعاد الحضارية التي تجمع الأجيال وحرصا على تحقيق أبعاد الفن الرابع في رسالته الانسانية السامية ، كانت جزيرة جربة ، مدينة الأحلام بتونس الخضراء المعادل الموضوعي في هذا كلّه ، حيث جمعت من خلال عرسها الثقافي ، المسرحي في حلّته الدولية والذي دام ستّة أيام متوالية عديد المحطات التي أثرت الفعل المسرحي .

أين احتضنت جربة فعاليات مهرجان فرحات يامون الدولي للمسرح في محور" المسرح والبعد العجائبي" دورة الفنان " المنصف بلحاج يحي"  ، دورة شهدت كمّا معتبرا من العروض المسرحية الموجهة للكبار وللصغار ، مع تنشيط على مستوى مختلف المدارس الابتدائية ، الساحات العمومية والشوارع الرئيسية  ، ناهيك عن مجموعة من الورشات والتربصات ، مع تنظيم الندوة العلمية ، الفكرية في محور " المسرح والبعد العجائبي" التاي أثراها ثلّة من الأساتذة والدكاترة الذين نحتوا في مصطلح العجائبي وقاربوا المفاهيم ضمن المدونة الفكرية العربية ، وكان ذلك على مستوى المكتبة العمومية بحومة السوق ،وترأس الجلسة الأولى من أشغال الندوة الفكرية الدكتور " محمود الماجري" ، حيث أثراها كل من الدكتور" رضا الأبيض" الذي قدم ورقته البحثية بعنوان "العجائبي في سياقه الثقافي ، اعادة قراءة تودوروف" ، والأستاذ "أحمد مصباح الصويعي" الذي حاضر حول  البعد العجائبي في برنامج التربية المسرحية  بين استئناس المفردات وتنمية الخيال ، أما الدكتور " أحمد خميس" من مصر فقد قدّم ورقته بعنوان " الملك لير ، قراءة مغايرة " ، أما الجلسة الثانية فقد ترأسها الاستاذ " محمد عبازة " وقدّم أوراقها البحثية كل من الدكتور "عادل الغزال" والذي ناقش في ضوء" العجائبي والكرنفالي في عوالم الغفران للمعري" ، أما من الجزائر فقد قدّمت كل من الأستاذة " برمانة سامية "ورقتها بعنوان " جماليات البعد العجائبي في الظاهرة المسرحية الاحتفالية الامازيغية ايراد الجزائر" ، والأستاذة "مدوني عباسية " قدّمت ورقتها البحثية موسومة بـ"  تجليات البعد العجائبي في المسرح الجزائري ، الفكر الاسطوري ، أنموذجا" ، هذا وعرفت الندوة الفكرية تدشين جناح اصدارات الهيئة العربية للمسرح من طرف ممثل الهيئة الدكتور " فائق الحميصي" ، واختتمت الندوة في يومها بسلسلة من التوصيات .

  المهرجان المسرحي في طبعته الدولية ، عرف مشاركة عديد الدول من الأقطار العربية بما في ذلك فلسطين ، الجزائر ، ليبيا ، المغرب ، مصر ، سوريا ، لبنان ، الأردن ، العراق ، ومشاركة دولة ايطاليا ، كل هته الوفود صنعت الفرجة وحقّقت أهداف المهرجان على أعلى المستويات ، كما كان لرعاية الهيئة العربية للمسرح دورها في اطار الندوة الفكرية ، والتربصات التكوينية التي شملت ثلاثة فئات عمرية منها الطفولة المبكرة ، الطفولة والشباب ، حيث كان الأول لفائدة مربي الطفولة ومدرّسي المرحلة التحضيرية بعنوان " الألعاب التمثيلية ومهارات التعبير الحسي ، الحركي " للطفولة المبكرة أطّره الدكتور" فائق الحميصي" من لبنان ، وتربص ثان لفائدة المعلمين ومربيّ الطفولة بنوادي الأطفال بعنوان   "من الألعاب التمثيليّة إلى فن الحكاية" وأطره الأستاذ البغدادي عون ، وتربص ثالث كان لفائدة لأساتذة التنشيط الشبابي والثقافي ومنشطي نوادي المسرح عنوانه : "التّعبير الدرامي للشباب" أطره الأستاذ نبيل ميهوب ، جميع التربصات الثلاث حاضر من خلالها الأستاذ " سالم الكويندي" من المغرب .

كما قدّم الوفد الجزائري ممثلا بجمعية مسرح الشباب والطفل من سيدي لحسن ، سيدي بلعباس ، الجزائر ورشتين لصالح الكشافة ، الأولى في أساسيات التنشيط أطرها " بوزيان زواوي" أين ركّزعلى أماكن وفضاءات التنشيط ، طريقة الإلقاء وتحديد نوعية الأغاني الجماعية ، مع العمل على وضعية المنشط فوق الخشبة ، التعرّف على أنواع السهرات التنشيطية ، الألعاب ، رموز الطريق ، أنواع العقد ، حقيبة المنشط ، والإسعافات الأولية ، في حين الورشة الثانية كانت من تقديم " ناصر محمد هشام " في تقنيات الرسم بالضوء .

وقد عرف حفل اختتام دورة 2018 تكريم مجموعة من الفنانين والفاعلين ، ورفقاء درب المرحوم " المنصف بلحاج يحي" وهم  الدكتور " محمود الماجري" ، " محمد العوني" ،            " لسعد المحواشي" ، مع تكريم ابن جربة ومؤسسي مهرجان فرحات يامون المبدع والانسان المتألق " سليم العكروت " ، هذا وتمّ تكريم عائلة المرحوم الفنان " المنصف بلحاج يحي" الذي سبق تكريمه تسجيل وثائقي لشهادات حيّة من مقرّبيه ورفقاء دربه .

وفي التفاتة طيبة من هيئة المهرجان تمّ تكريم مدير المهرجان ، الفنان والمبدع الدكتور           " زهير بن تردايت" الذي يستحق التكريم عن جدارة لكل ما بذله ويبذله من جهد وعطاء خدمة للمسرح ، للشباب ولكل ما يصنعه من الفرح والجمال .

   كما تم برمجة عرض مسرحية " العاصفة عن الملك لير" في ختام الدورة ، من انتاج المركز الوطني لفن العرائس ، وهو عرض موجّه للكبار للمخرج " حسن المؤذن" ، أين صوّر العرض حرمان الملك " ديوب"  ابنته الصغرى الصغرى " ساماتا" من إرث المملكة ،  حيث تتوالى الأحداث وتتأزم الصراعات ، وتكون الأرض وكل عناصر الطبيعة تحمل بذور الجنون ، والجميع يتناحرون فيما بينهم ، حيث يتجلى الشعر الشكسبيري ، والحدث المسرحي يدفع بالحدث المسرحي الموالي بكل عنف ، بكل قوّة وبكل ما يعكس ضراوة البشر والطبيعة ، لتغدو الأرض في نهاية المطاف ملجأ للدم ، للفناء ، للجبروت والتسلط .

العاصفة سيدة الموقف في الفعل الدرامي ، عاصفة النفي والطرد والنبذ ، سقوط غير متوقّع الى الهاوية ، سقوط يأتي على حين غفلة من مقام الى آخر دونه ، كل ما امتلكه الانسان لفترة من جبروت ، من جاه وسلطة ، كل هذا وذاك تذروه رياح الطمع والجشع ، رياح العنف والسيطرة غير المبرّرة ، ومع ذلك الاشعاع الانساني يظل قائما بذاته ، اشعاع الحب والتضحيات الجسام ليغدو النبل ممكنا والعطاء مشروعا .

في العاصفة ، عن الملك لير تقنية العروسة كانت امتدادا ومكملا لجسد الممثل وأدائه ، محركا له ولجهده الفني على الركح ، ضمن توليفة خطاب ذات دلالات واضحة يستقرئها المتتبّع من خلال مشاهد العرض ضمن علاقات جدلية منفتحة على أكثر من تأويل .

   المهرجان في دورته السابعة والعشرين جاءت ناجحة على أعلى المقاييس ، حيث رسّخت التقاليد المسرحية ، مدّت جسور التواصل وتلاقح الأفكار بين المبدعين ، النقاد والاعلاميين وحتى بين الشباب الورقة الرابحة في المهرجان ، دونما التغاضي عن الاشادة بجمهور جزيرة الأحلام الذي واكب كل العروض بشغف وحب كبيرين ، سواء عروض الاطفال أو الكبار ، حيث مثّلت الدورة اشعاعا ثقافيا وفنيا ، وكل من أسهم في انجاح الدورة من قريب أو من بعيد ، ورفعوا التحديات مجدّدا لينتصر الفن الرابع جملة وتفصيلا حتى نؤسّس لحوار فنيّ فاعل وانساني .