مهرجان طائر الفينيق المسرحي العربي الخامس 2013

الأدب المقارن والترجمة .. بقلم الدكتور راتب سكر

الأدب المقارن والترجمة .. بقلم الدكتور راتب سكر

3514 مشاهدة

الفداء - ثقافة
الأحد: 1-12-2013

يتنامى اهتمام النقاد ودارسي الآداب العالمية والأدب المقارن بالترجمة الأدبية وظواهرها المتصلة بالتفاعلات الثقافية العالمية في عالمنا الحديث بعد زمن طويل من النظر المرتاب إلى المؤلفات الأدبية والثقافية المترجمة، ذلك النظر الذي ترافق بمواكب العبارات المرتابة، وفي طليعتها قول القائلين: «كل ترجمة خيانة».

الارتياب بالأعمال المترجمة قياساً على أصولها بلغاتها الأصلية مشروع ومسوغ أدبياً وعلمياً، وقد أسهمت جدارة هذا الارتياب في انتقاص دارسي العلاقات الثقافية بين الآداب من مكانة تلك الأعمال في دراساتهم، والغمز من قيمة الدراسات التي تستند إليها، وقد ظل موقف د. محمد غنيمي هلال (1916- 1968)– أحد أبرز مؤسسي الأدب المقارن عربياً- في هذا المضمار يؤثر في مواقف معظم الباحثين الذين ظهروا بعده، أو يجد لديهم توافقاً نقدياً يجعلهم ينظرون بعين التقدير إلى قوله: «تستلزم دراسة الأدب المقارن أن يستطيع الدارس قراءة النصوص المختلفة بلغاتها الأصلية،أما الاعتماد على الترجمة فماهو إلاطريقة ناقصة،لايصح أن يلجأ إليها إذا أريد تقويم التأثير والتأثر الأدبيين على وجههما الصحيح. إذ إن لكل لغة خصائص وروحا لاتفهم إلا فيها ولاتتذوق إلابقراءة نصوصها».‏

تقدم المتابعة الجادة لحركة ترجمة الآداب الأجنبية، ودراسات العلاقات الثقافية البينية والخارجية أمثلة لا حصر لها تبين أن ما تاق إليه هلال من لزوم الدارس قراءة النصوص المختلفة بلغاتها الأصلية، ظل من الأحلام الجميلة صعبة التحقيق فمعظم الدارسين، يجيد لغة أجنبية واحدة وبعضهم يجيد لغتين وقلة نادرة منهم تجيد لغات مختلفة كثيرة وعلى الرغم من وجود معرفة مناسبة في مضمار صلات الباحثين باللغات الأجنبية، يلاحظ أن المرجعية العلمية المتواشجة مع الترجمات الأدبية تهيمن هيمنة واسعة، حتى إذا لاحظ المتابع شيوع ظاهرة الترجمة من لغة وسيطة، أضيف إلى المسألة المعقدة، تشابك من خيوط، يحتاج كل منها إلى دراسة متأنية خاصة.‏

لقد تبين لباحثين معاصرين كثيرين أهمية دور الترجمة في تبادل التأثير بين اللغات العالمية مما دفع بعضهم إلى تعزيز اتجاهات دراستها في مناهج الأدب المقارن فخصص د. عبده عبود الفصل الرابع (نحو سبعين صفحة) من كتاب «الأدب المقارن»،2، لدراسة موقعها من الأدب المقارن، وجوانب من قضاياها وظواهرها المتصلة بميادينه. وتم تأكيد هذا التوجه إلى تقدير دور الترجمة في مضمار التفاعل الأدبي والثقافي بين الآداب العالمية، حتى غدت دراستها بما ينسجم منهجياً مع دراسة قضايا هذا المضمار وظواهره، ضرورة، يوضح أهميتها د. ممدوح أبو الوي بقوله: الترجمة من أهم سبل التواصل بين الشعوب، وهي ضروريةلكل الآداب، والترجمة هي أهم وسيلة من وسائل النهضة والتقدم.. فهي حقل من حقول المعرفة يدرسه الأدب المقارن،لأنها وسيلة من وسائل تأثر الآداب العالمية بعضها ببعضها الآخر،لابل أهم وسيلة لأن من مستلزمات الباحث في الأدب المقارن، إتقان لغة أجنبية واحدة على الأقل إتقانا تاماً.‏

هوامش:‏

1 - هلال،محمد غنيمي،من دون تاريخ – الأدب المقارن. ط9،دار العودة،بيروت، (469ص). ص 90‏

2 - عبود، د.عبده،ود. ماجدة حمود،ود. غسان السيد، 2000- الأدب المقارن: مدخلاً تنظرية ونصوص ودراسات تطبيقية. جامعة دمشق، (474ص). ص 307‏

-أبو الوي،د.ممدوح، - سليمان البستاني مترجماً وناقداً مقارناً. مجلة مجمعاً للغة العربية،العدد81،ج2،دمشق، (31ص).‏

هلال، محمد غنيمي، من دون تاريخ – الأدب المقارن. ط9، دار العودة، بيروت، (469ص). ص 90عبود، د.عبده، ود. ماجدة حمود، ود. غسان السيد، 2000- الأدب المقارن: مدخلات نظرية ونصوص ودراسات تطبيقية. جامعة دمشق، (474ص). ص 307‏

3- أبوالوي،د.ممدوح، - سليمان البستاني مترجماً وناقداً مقارناً. مجلة مجمعاً للغة العربية، العدد81،ج2،دمشق، (31ص).‏

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية