حوار مع مبدع

الإيطالية ماريانا ماسا التي عاشرت القوم فصارت منهم

الإيطالية ماريانا ماسا التي عاشرت القوم فصارت منهم

444 مشاهدة

الإيطالية ماريانا ماسا التي عاشرت القوم فصارت منهم

بواسطة سماورد آخر تحديث ديسمبر 8, 2020

#محمد _فتيلينه_الجزائر *

 #تعرفتُ على المترجمة والباحثة الإيطالية #ماريانا ماسا، بعد أن قرأت لها رواية “#بيرر ولوس”، التي قامت بترجمتها إلى اللغة العربية، ونشرتها في دار دوّن المصرية. أعجبت بتلك الترجمة، وبروح اللسان العربي التي تبرز بين ثنايا الفصول، فكتبت عن ترجمتها تلك مقالة –قصيرة - في الصيف الماضي. بعد أن تبادلنا النقاش عن محبتها للعربية، ودراستها للغة العربية في الجامعة الإيطالية ثم في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وكيف ترى حياتها في مصر (حيث تواصل دراستها العليا)، عرضتُ عليها أن تخصّ الموقع بهذا الحوار، الذي تبرز فيه علاقتها باللغة العربية وبالعالم العربي (خصوصا مصر)، ومدى التأثر والتأثير بين العربية واللغات الأوربية (تتقن ماريانا أكثر من أربع لغات هي الإنجليزية والفرنسية والعربية إضافة إلى لغتها الأم الإيطالية).

بعد دردشة مقتضبة، كان لنا هذا الحوار، الذي أرسلته لي- مشكورة - على البريد الإليكتروني.

١/ بعد قراءة نبذة عن حياتك، تبرز مصر كأهم مكان ساعدك في تلقي اللغة العربية والترجمة منها وإليها، إذا كان الأمر كذلك، ما أوجه ذلك التأثير ومتى بدأت علاقتك بالشرق؟

بدأت علاقتي بالشرق منذ ولدت، فأنا من جنوب شرق إيطاليا، من “كعب البوتة” المواجهة طبيعيًا لمصر.  ولكن اهتمامي باللغة العربية والعالم العربي بدأ من الحرف العربي وطريقة رسمه. بعد التخرج من المدرسة الثانوية للغات في مدينة “ليتشيه”، التي ترعرعت فيها، كانت لي رغبة في أن أدرس هذه الحروف التي تشبه الرسومات، والتي تكتب في اتجاه معاكس للحروف اللاتينية التي لم أكن أعرف غيرها.

قررت بعدها أن أكتب رسالة تخرجي عن الكاتب المصري الراحل جمال الغيطاني، من هناك طورت علاقتي بمصر. سافرت إلى مصر في ٢٠٠٥ بعد أن حصلت على منحة دراسية من وزارة الخارجية الإيطالية، وكان من المفترض أن أقضي فترة دراسية مدتها شهران، لكن بعد ١٥ سنة ما زلت هناك. بالطبع السفر إلى مصر أثر عليّ تأثيرًا جذريًا. فأولاً أدركت أن الطريقة المثلى لتعلم اللغة هي من خلال العيش مع أهلها.  ومن عاشر القوم صار منهم، كما يقولون في مصر.  كان لي الشرف في مصر أن أدرس اللغة العربية في معاهد مرموقة، مثل كلية دار العلوم بجامعة القاهرة والجامعة الأمريكية بالقاهرة ومدرسة “دار كومبوني” الكاثوليكية. وقد كان للسفر إلى مصر ميزة أخرى أساسية في تكويني كمترجمة، ألا وهي تجربة ازدواجية اللغة الخاصة بالبلدان العربية. فلأول مرة أدركتُ أن اللغة العربية الفصحى التي كنا ندرسها في فصول الجامعة، لم تكن لغة الحياة اليومية. لذلك أصبح عامة الناس في مصر أيضًا مصدرًا أساسيًا لتعليم اللغة المصرية والثقافة المصرية، ولهم أيضًا الفضل لما حققته حتى اليوم من إنجازات لغوية.

٢/ قمتِ بترجمة بعض الروايات (واغلبها كان من اللغة الفرنسية) لماذا لم تختاري نصوصا إيطالية لتترجميها، كي يعرف القارئ العربي المزيد عن الرواية الايطالية؟

   لم أترجم إلا رواية واحدة عن الفرنسية ولم أكن انا صاحبة اختيار الرواية، بل كنت المترجمة المختارة لترجمتها. فقد قام الناشر (أحمد سلامة) من دار دون، باختياري بين العديد من المترجمين، وقبلت عرضه بسرور، لأنني أعشق اللغة الفرنسية والثقافة الفرنسية، والتي أدرسها وأمارسها وأعشقها، إلى جانب اللغة العربية.

أما بالنسبة للنصوص الإيطالية، فأتعاون باستمرار في مشروعات للترجمة من الإيطالية إلى العربية مع الزميل والصديق إسلام فوزي، مدرس لغة إيطالية في جامعة الألسن بالقاهرة، وقد ترجمنا معًا رواية “حذارٍ من جوعي” للكاتبتين الإيطاليتين لوتشية كاستيلينا وميلينا آغوس.

٣/ بعد تجربتك الطويلة نسبيا في عالم الترجمة الى اللغة العربية ما هي أهم العقبات التي واجهتك في الترجمة أولا وكمؤلفة تكتب باللغة العربية ثانيا؟

لست مؤلفة تكتب اللغة العربية، لأنني نشرت مقالات لا كتبًا. أما أكثر الصعوبات التي واجهتني هي عدم السيطرة على الكم الضخم من المفردات العربية، وصعوبة إيجاد الكلمة الصحيحة في سياق ما، وعدم قدرتي على نسيان تركيب الجملة باللغة الإيطالية عندما أفكر باللغة العربية، مما يتطلب الكثير من الوقت للمراجعة والتدقيق بعد الترجمة.

٤/ هل يختلف القارئ الأجنبي (الايطالي خصوصا) عن القارئ العربي من وجهة نظرك من خلال تلقيه للكتاب المترجم؟

نعم، القارئ الإيطالي يختلف عن القارئ الأجنبي فيما يخص تلقيهما للأعمال الأدبية المترجمة. فكما قلت من قبل هناك ازدواجية لغوية في العالم العربي، أما في إيطاليا ليست هذه الظاهرة واردة. وبالتالي ربما يؤثر ذلك على الحس اللغوي لدى القارئ العربي بطريقة لا يعرفها القارئ الإيطالي.

٥/ قرأت لك رواية بيير ولوس المترجمة وهي رواية كلاسيكية، واعجبت بها مثلي مثل الكثير من قراء العربية، فهل تحبذين ترجمة الروايات أم الأعمال الاخرى؟ ولماذا؟

أحب ترجمة الروايات لأن دراسة وترجمة الأدب أفضل طريقة لتحسين اللغة. لكني أحب أيضًا ترجمة الأفلام، لأنها ممتعة جدًا ومتنوعة جدًا وهي نشاطي الأساسي في الترجمة.

٦/ لاحظت اهتمامك بمصر في الكثير من الاعمال، لماذا لا تنفتحين على بلدان أخرى وتفكرين  في ترجمة أعمال (جزائرية مثلي)؟

لقد قمت بترجمة أفلام سورية وفيلم عراقي وفيلم سوداني وفيلم فلسطيني. وأتمنى أن تستثمر الحكومات مزيد من الموارد في الترجمة، سواء من الإيطالية إلى العربية ومن العربية إلى الإيطالية، حتى تتيح لي وللمترجمين الآخرين مزيدا من الفرص لترجمة الأعمال الأدبية.

* محمد فتيلينه

روائي ومترجم من الجزائر. مقال جائزة الطاهر وطار للرواية العربية ٢٠١٩ عن مخطوطه (ترائب رحلة التيه والحب له أكثر من تسع روايات: بحيرة الملائكة/احلام شهريار/ غبار المدينة/ تيمو (باللغة الفرنسية) خيام المنفى/ قلب أسمر/ كافي ريش/ رعاة أركاديا، وله ترجمة لرسائل بروست غير المنشورة

ماريانا ماسّا

مترجمة إيطالية حرة منذ عام 2008، صدرت لها ترجمتان من العربية إلى الإيطالية، “أنغام البيانو” لأبو المعاطي أبو شارب (صدرت عن دار نشر Cosmo Iannone)، و”العار على الضفتين” لعزت القمحاوي (صدرت عن دار نشر Edizioni Ensemble).