مهرجانات منوعة من العالم العربي

البرازية  .. عراقة وتاريخ كما كل حماه

البرازية .. عراقة وتاريخ كما كل حماه

2377 مشاهدة

 وقد أُطلق هذا الاسم على الحي الذي سكنه "البرازيون" في مدينة حماه، ويقال له أيضاً: "حارة البرازية"، وكان في مدينة حماة أحياء كثيرة تسمى بأسماء العائلات التي تسكنها مثل حي البارودية، وحي الطوافرة، وحارة الكيلانية.... إلخ.

وأول من بنى "حي البرازية": حمو أغا وباكير أغا، ولم يكن مسكوناً قبل ذلك، إلا أنه في السجلات الرسمية محفوظ باسم “المشارقة"، ولا ندري سبباً لهذه التسمية ولا من أين جاءت.
وقبل سكن "البرازيين" فيه كانت البيوت والأحياء التي تقع في أطراف المدينة عرضة للنهب بسبب الغارات التي يشنها اللصوص من البدو، وخاصة في سنوات القحط، أو عندما يتولى أمر المدينة حاكم لا هيبة له، ولكن الصورة تغيرت عندما اجتمع البرازيون في هذا الحي الذي بنوه، فخلعت هيبتهم قلوب المعتدين لقوتهم وشدة بأسهم ، ونزلت الرهبة في قلوب الطامعين.

موقع الحي:
يقع الحي في الجهة الغربية من مدينة حماة، ما بين باب طرابلس غرباً وباب البلد شرقاً، ومقبرة تل الشهداء جنوباً وحارة الجسر التي يسكنها بيت الشيشكلي شمالاً.
والراجح أن حمو أغا ، وابن عمه باكير أغا ، هما أول من سكن حماة منهم ، و أول من بنى حي البرازية وسكنه ، ثم لحقهم أبناء وأحفاد عبد الله أغا بن هولو خان .

سكن هذا الحي من البرازية كلٌ من:
أحفاد باكير آغا، حمو آغا وأبناؤه، ثم تحول بيتهم إلى "مدرسة الرشيد" التي هدمت مع ما هدم، وخالد آغا بن باكير آغا وكان سكنه في البيت المقابل لباب القناق حاليا، وقد أقيم مكانه بناء جديد، وخالد وصالح محمد بن رسول، وأحفاد أحمد آغا بن أحمد آغا، وأحفاد درويش آغا، وآل أحمدو، وإيبو البرازي الذين سكنوا بجانب جامع الأربعين، وأحفاد خضر آغا، وحمودة البرازي الذي كان سكنه بجانب بيت باكير آغا بن محمد آغا بالقرب من دوار باب طرابلس، وآل هُده البرازي، وآل الكردي.
عشيرة البرازي:
تعتبر عشيرة "البرازي" من العشائر الأرستقراطية العريقة المعروفة بتاريخها السياسي والعسكري والاجتماعي.
وعشيرة "البرازي" كثيرة العدد، تتوزع في جنوب شرق تركيا، وفي شمال سوريا، وفي وسط سوريا وخاصة في مدينة حماه، وهي مؤلفة من اتحاد عشائر. وقد ذكر صاحب كتاب "خلاصة تاريخ الكرد وكردستان" لمؤلفه: "محمد أمين زكي": أن عشيرة البرازي فرع من قبيلة بريزانلي، والبريزانلي فرع من عشيرة حسنانلو
ظهر اسم البرازية لأول مرة في التاريخ عام 750 م، ويقول بعض المؤرخين)) يحتمل أن يكون مسكن البرازية قبل هذا التاريخ جبال شنكال، والمعروف أنهم من قصبة باريز في منطقة كرمنشاه )). وقد كتب السائح ناصر خسرو صاحب كتاب "سفرنامة": (( إنهم كانوا يعيشون منطقة جبلية شديدة الارتفاع((.
وأما كلمة "بَرز" في اللهجة السورانية من اللغة الكردية فتعني : "العلو" ، ونسبةً لبروز منطقة سكنهم أطلق على العشيرة ألقاب : "برازي" ، و"برزي" ، و"برزيكان" ، و"برزيني" ، و"بارزيني".
وتذكر بعض المصادر أن لقب "البرازية" أطلق على هذه العشيرة لكونها من أول من استجاب لصلاح الدين الأيوبي حين دعا إلى قتال الصليـبـيـيـن، فأبلوا في القتال بلاءً حسناً، وبرزوا فيه بشجاعتهم الكبيرة، فلقبوا ب"البرازية".
وأياً كان السبب في إطلاق تلك التسمية عليهم، فإن كل تسمية منها تدل على رفعة شأنهم ، وعلو مكانتهم ، وسمو منزلتهم.
وقد كان "للبرازية" كتائب عسكرية جنوب بحر قزوين، وفي عام 959 م أسس أميرهم حسنوي بن حسين البرزيكاني الدولة الحسنوية، وكان امتداد هذه الدولة من بحر قزوين إلى منطقة كرمنشاه جنوباً، وقد تزامن وجود هذه الدولة مع الدولة الحمدانية.
وذكر الكاتب الأرمني "أرشاك بولادين" في كتابه "الأكراد" : أن هذه الدولة لعبت دوراً كبيراً في نشر الإسلام في المناطق الكردية ، واستمر وجودها إلى أن تم القضاء عليها من قبل السلاجقة في عام 1604 م ، وهاجر على إثرها قسم كبير من البرازية البرزيكان إلى منطقة ( بين كول ) حيث يوجد حلفاؤهم ، واستقروا في وادٍ هناك وسمي ذلك الوادي فيما بعد بـ :"كلي برازان".
وبعد فترة من استقرارهم في "كلي برازان" توسعوا جنوباً حتى بلغوا "سروج" في: "أورفة".
وحسب إحصائيات الدولة العثمانية عام 1800 كان تعداد "البرازية" (13000) بيت آنذاك.
وفي عام ()1830 حصل البرازيون على لقب أعيان، وهو لقب يمنح للرجال ذوي السيطرة وغالباً ما يشار إليهم كبارزين ، وهم يمارسون جهوداً سياسية واجتماعية ويُمنحون مهاماً رسمية.
وقد أقامت العائلة علاقات طيبة مع القبائل العربية مما أكسبها شوكة وقوة، وبرز عدد من أبنائها العسكريين والسياسيين الذين لعبوا دوراً مهماً في التاريخ، ووصل دور هذه العائلة وتأثيرها إلى مصر والسودان.
ولعبت العائلة دوراً كبيراً في الحياة الاجتماعية والسياسية والعسكرية في سوريا عامة وحماة خاصة، حيث شاركت بمالها وشبابها في القيادة والتخطيط لكافة الثورات السورية التحررية، كثورة حماة على فرنسا، وثورة الدنادشة في تلكلخ، والثورة السورية الكبرى، ووقفت مع أبناء حماة في وجه الغزاة والطامعين، وحكم على كثير من أفرادها بالإعدام والنفي لدورهم السياسي والجهادي في الأيام الأخيرة للدولة العثمانية - أيام حركة التتريك العلمانية التي هدمت أركان الدولة وتآمرت عليها، وكذلك في فترة الاستعمار الفرنسي لسوريا. وبعد الجلاء وقفوا في وجه التغيرات ومحاولات فرض التبعية للدول الاستعمارية.
وقد تقلد عدد من أبناء العائلة مناصبَ عسكرية وسياسية هامة، حيث وصل محسن بك وابن عمه حسني بك إلى رئاسة الوزراء، وتسلم حمو آغا ومحمد آغا الباكير حكم مناطق واسعة، وكان النائب نجيب آغا بن محمد الباكير بين سبعة قواد كبار يقررون المسائل الخطيرة في سوريا، أي من سيكون رئيساً للمجلس النيابي، ومن سيختار لرئاسة الحكومة، وكان محمود باشا بن حمو آغا قائم مقام مدينة حمص وهو الذي بنى السرايا القديمة فيها، وكان راشد بن سليمان آغا الباكير متسلماً في مدينة حمص.
وبالجملة: فتاريخ هذه العائلة عريق جداً، ورغم نوائب الزمان فما يزال اسمهم معروفا، ومكانتهم مرموقة

المصدر: ناشيونال جيوغرافيك

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية