قالت الصحف

الدكتور أحمد برقاوي .. ثقافة التطفل

الدكتور أحمد برقاوي .. ثقافة التطفل

1616 مشاهدة

 

ثقافة  التطفل

الثورة : 14116

معاً على الطريق
الثلاثاء 12-1-2010

د. أحمد برقاوي

اعلم أن التطفل هو التدخل فيما لايعنيك من حياة الآخر . ولمن  لايعلم فإن الطفيلي صفة منسوبة إلى شخص يدعى طفيل ، وهو رجل من أهل الكوفة من بني  عبد الله بن غطفان كان يأتي الأعراس والولائم من دون أن يدعى إليها . فنسب إليه كل  من يفعل فعله .

ومن اسمه اشتقت  منه الأفعال والأسماء. ثم اتسع مفهوم «التطفل» حتى صار ينسحب على كل فعل يقوم به  المرء من دون سبب وجيه.‏

غير أن وجه  الخطورة في التطفل أنه صار ثقافة لاشعورية ، ولا ينتبه الإنسان إلى سلوكه التطفلي.‏

ها أنت سائر في  الطريق ذاهب إلى مكان ما أو لديك موعدّ مع صديق .يسلم عليك شخص بالكاد تتعرف عليه ،  أو حتى صديق فيبادرك بالسؤال: «لوين رايح» إلى أين أنت ذاهب ماالذي حمله على هذا  السؤال؟ ربما لايقصد معرفة جهة ذهابي . وقد لاينتظر جواباً مني ، لكن السؤال صار  عادة ، إنه سؤال تطفلِ بكل معنى الكلمة ،سؤال ثقافة تطفل.‏

هاأنت جالس في  المطعم أو المقهى مع صديق عزيز وبينكما حديث خاص . يأتي شخص ، يسلم ويجلس من دون أي  إحساس بالذنب ،من دون أي دعوة له بالجلوس يقطع حديث الصداقة لأنّنا لانريد لهذا  الآخر الذي جلس معنا أن يسمعه.إنه يرى الأمر عادياً جداً.‏

إنها ثقافة  التطفل.‏

يسألك - مع  ابتسامة نصر وكأنه ألقى عليك القبض . متلبساً بجرمك المشهود، من تلك الفتاة الجميلة  التي كانت جالسة بقربك في المسرح؟ فتتذكر أنك كنت مع صديقك فقط ، وربما تكون هذه  المرأة زوجة أحد الجالسين في الصف الذي تجلس فيه . وحين تجيبه أنه لم تكن هناك أي  امرأة بجانبي يعاود الابتسام دلالة على أني أنكر ، هب أن المرأة التي كانت بجانبي  تخصني ماعلاقتك أنت بذلك . إنها ثقافة التطفل.‏

يسألك من دون  حرج : ماالذي يحملك على صداقة فلان ، لماذا وافقت على إجراء حوار مع فلان ... وقس  على ذلك من أسئلة التطفل التي لايراها السائل تطفلاً ، إنها ثقافة التطفل.‏

ومن أخطر أشكال  ثقافة التطفل السائدة التطفل علىالكتابة والمهنة ذات الصلة بالثقافة .‏

ولقد شهد الوطن  العربي في الربع الأخير من القرن العشرين ومازال حالة من التطفل علىالكتابة لامثيل  لها بكل أنواع الكتابة.‏

وبموضعات ماأنزل  الله بها من سلطان ، فهذا يحدثك عن صديقه الجني ولقائه به ، وذاك يحدثك عن قضايا  حساب الآيات في القرأن ، وثالث عن الماسونية وخطرها العالمي ورابع عن اطماع اليهود  في فلسطين والحركة الصهيونية التي أصلها يبدأ من ابراهيم ، وخامس وسادس....‏

وتأمل تطفل  الناس على مهنة أستاذ الجامعة: يحمل شهادة الدكتوراه من دون أن يعرف مامضمون  الرسالة التي تقدم بها لنيل الدكتوراه ، ثم يتقدم للتدريس في الجامعة . وتأمل أيضاً  أيها القارئ العزيز الكارثة المترتبة على ذلك إنها ثقافة التطفل.‏

ثقافة التطفل  لاتعني سوى شيء واحد وحيد لم تنتصر ثقافة الإنسان الحر والمنطقي والواقعي .‏

أبعد هذا تسألني  لماذا أنت غاضب يا ابن الحياة؟..‏

 

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية