مواضيع للحوار

الدكتور يوسف رشيد  المسرح أون لاين (online) والعزلة الاجتماعية

الدكتور يوسف رشيد المسرح أون لاين (online) والعزلة الاجتماعية

317 مشاهدة

الدكتور يوسف رشيد  المسرح أون لاين (online) والعزلة الاجتماعية

#إعلام _الهيئة _العربية _للمسرح

عزلة المسرح في زمن كورونا (20)

المسرح فن جماعي، وطبيعة جسد الفرجة المسرحية لا يتحقق جوهرها الا بالجماعة وفي الجماعة.. سواء على مستوى التشكل الابداعي من خلال التداريب والتحضير أو على مستوى التلقي والتفاعل الجماهيري الحي.

فماذا عن “عزلة المسرح في زمن كورونا”؟ وهل ما عرفته المنصات الوسائطية الالكترونية من مبادرات واسهامات “مسرحية الكترونية” قدم لهذا الفن الجماعي الحي والعابر، ما كسر شيئا من عزلته وانكماش فعله وفاعليته وتفاعله؟ هل تلبى رغبة الفرجة الحية بكبسولات فيديو ؟ وما تأثير الافكار المبتكرة الكترونيا على الفرجة المسرحية؟ المسرح وعاء ابداعي يحتضن الفنون جميعها.. فما تاثيرها على قواعده الثابتة والمتغيرة ؟ وما الفواصل بين التأثير الحقيقي والتاثير المزيف الزائل؟

ملف تشارك فيه مجموعة من الأسماء المسرحية العربية لإبداء الراي ومناقشة حاضر المسرح في الزمن المرتبط باكراهات الظروف المعطاة التي فرضتها الجائحة على الجميع… وما طبيعة النشاط المسرحي الإلكتروني الذي عرفه الظرف “الكروني”…

إعداد: عبد الجبار خمران

المسرح أون لاين (online).. والعزلة الاجتماعية

#الدكتور_يوسف _رشيد _العراق

إن ما يمر به العالم اليوم من عزلة كونية هددت كل أفعاله وأنشطته بما فيها فعالياته الإنسانية والاجتماعية وفي مقدمتها فعالياته الثقافية عموماً، وأنشطته المسرحية خصوصاً. قد دفعت بالفاعلين في استمرارية الحياة رغم ما ترتب على ذلك من إلزام في تحقيق أكبر قدر من التباعد الاجتماعي بين الناس، وكل المعوقات التي تسببت بها هذه الجائحة الكونية (كورونا) في البحث عن اية صيغ ممكنة للتواصل والاستمرار ..وكان ذلك ممكنا لبعض الميادين الثقافية، وبعض الفنون تحديداً، وقد نجحت بعض هذه الأنشطة بتحقيق استمراريتها عبر التواصل الالكتروني مما دعى البعض من المسرحيين أن يقدم بعض العروض وبإمكانيات متواضعة، في حين راح آخرون من الدؤوبين على الإصرار و التواصل للإنجاح بعض المهرجانات المسرحية اون لاين (online)

وهنا يكمن تساؤلاً مشروعاً يتعلق بطبيعة العروض المسرحية المقدمة (online) وبعيداً عن فكرة تقييم هذه المحاولات ومبرراتها في هذا الظرف الراهن مشيرين سلفاً بالاحترام لكل النوايا والأحكام في هذا الأمر سلباً أو ايجاباً، مباركين كل الجهود التي بذلت بهذا الاتجاه.. الا اننا بصدد تقييم كفاءة العرض المسرحي المقدم في ظل هذه العزلة الاجتماعية (online) من جهة نظرنا المتواضعة.

كلنا يعلم أن المسرح هو حياة بذاته، وطالما هو كذلك، فقد اعتدنا ربما نحن المنتمين إليه أكثر من غيرنا(اقصد المسرحيين)، واكيد معنا الكثير من متلقي المسرح ومحبيه، اعتدنا أن نحضر العرض حضورا ميدانيا نتفاعل فيه مع رائحته، ونحلق في سكونه وهمساته، ويبهرنا ذلك التواصل الروحي، في فضاء التلقي الساخن في الانفعال، ونعانق انفعال ممثليه، ونحن نرقب كل لحظة ادائية لذلك البث الشعوري المتدفق النابض بالحميمية، ونتلقاه متحسسين كل نبرة صوت للممثل، ومعانقين كل لحظة بين أنفاس المتلقي المترقب، واللحظة الأدائية للممثل في جسده وافعاله، وحضوره الحقيقي المتجسد من دفئ ذلك التماس المتخيل في لحظة التلقي، ..بحيث يكون الحضور إلى المسرح والتواجد في حضرته ، هو حضور في كنف مملكة ذلك الفضاء المشع بجسد الممثل وروحه الحية بين تراكيب حياة العرض وحياة العلاقة التواصلية مع المتلقي، على تلك المساحة الجمالية الممتدة بينهما، والمنفتحة في كل لحظة جميع احتمالات أفق التوقع.

فالمسرح لا يمكن له أن يعيش في كنف العزلة الاجتماعية، لأنه كما يصفونه، باللعبة الجماعية، ونصفه نحن عشاقه، بالورطة العذبة الاخاذة في عذوبتها وجمالها وعفويتها، في انسيابية دفئها ومن تدفقها في لحظة الاداء، وهو لعبة بين متلقي يشارك فيها بكل طواعية ومحبه حين يتلقى سريان ذلك الفعل الأخاذ مثل كرة ترمى الى ملعبه وهي ملفعة بكل أسرار ومكنونات الفكر والجمال، ليتلقاها بما أوتي من احساس وتوق وانفعال، مهيئا لذلك كل مدركاته وموظفا لها، للاشتغال بحيوية متقدة ومنفعلة بقوة الأثارة التي يتوافر عليها ذلك العرض الحي..

واختزالاً لكل ما تقدم فان للعرض المسرحي الحي حضوراً اخاذاً (charisma). مثلما أن للممثل (حضورا على المسرح)، وهذا ما يفرضه التواجد الحي في الزمان والمكان، فشتان ما بين الممثل وصورته وكذلك بين العرض وصورته في ظل العزلة الاجتماعية، لان هذا الحضور الحي هو للممثل والعرض والمتلقي في آن معا، والذي لا يحققه، الا التواصل الحي في التو واللحظة، وليست العزلة الاجتماعية مهما حاولت السبل البديلة التخفيف من وطأتها.