المسرح الجهوي بسيدي بلعباس
" دعاء النجوم" يتحول إلى " دموع القمر"
العرض العام تكريم لشعلة المسرح الجزائري " كاتب ياسين"
رفع الستار أمس عن العرض العام الذي حمل عنوان " دموع القمر" الذي كان عصارة ورشة التكوين والإبداع التي أشرفت عليها السيدة " فضيلة عسوس" مدة ستة أشهر كاملة ، الورشة التي رصت أسسها بالتنسيق مع قسم الفنون لجامعة سيدي بلعباس التي رأت من الجيد تكوين جيل من عشاق الركح ومنحهم فرصة معانقة الستائر والاحتكاك بجمهور الخشبة.
التجربة التي خاضتها السيدة " فضيلة عسوس" رفقة كوكبة من الشباب لقنتهم مبادئ الفن الرابع بتركيزها على دعامتين هامتين وهما العامل البسيكولوجي للتقرب من شخصية كل فرد تشرف عليه ، أما ثاني دعامة كانت التركيز على تكوين الجسد والأصوات لاستكشاف وزن كل موهبة والعمل على صقلها وتوجيهها في المسار المحدد .
ومن محاسن الصدف أن تكون السيدة " فضيلة عسوس" المشرفة على التكوين بحكم تجربتها الفنية الواسعة في الحقل المسرحي بالإضافة إلى أنها إحدى نجمات شعلة المسرح الجزائري " كاتب ياسين" هي التي التحقت بحركة النشاط الثقافي للعمال تحت إدارة " كاتب ياسين " وكانت آنذاك شابة في ريعان الشباب وقد ركزت في أعماله على اللغة العميقة والأفكار ذات النبرة الصادقة ناهيك عن التركيز على البعدين الجمالي والإنساني في أعمق دلالاته الروحية وأهم تلكم الأعمال نذكر منها " محمد خذ حقيبتك" ، " فلسطين المخدوعة" ، " حرب 2000 سنة" و " صوت النساء" وغيرها من الأعمال الرائدة والمتميزة.
وبعد مرور عدة عقود هاهي ذي ماتزال وفية للأب الروحي وشعلة المسرح الجزائري وتكرمه فنيا بمعية شباب كلهم طموح لخوض التجربة أين أثبثوا ذلك من خلال العرض العام المستوحى من أعمال " كاتب ياسين" الذي حضره جمع غفير والذي كان بعنوان " دموع القمر" وهو من تأليف وتصميم " فضيلة عسوس" بمساعدة الممثل " عيسى أبو بكر الصديق" .
على وقع النغم الأصيل والمعزوفات المتميزة للفنان " دجيلي حميد" رفع الستار عن العرض الذي كان أبطاله شباب موهوب وأكدوا مرة أخرى أن كل فرد يستحق التجربة حين عانقوا الستائر وتواصلوا بعد سنين عديدة مع روح
" كاتب ياسين" ، من بين هؤلاء الذين صنعوا الفرجة وأنصفوا شخصية مسرحية رائدة نجد " شلالي هشام " ، " قوبة سيد أحمد" ،" بن عزة عائشة" ، " حامد أسماء" ، " عثمان مريم" ، " دحو محمد أمين" ،" بن عيسى ميلود" ، " بن عيسى أبو بكر الصديق" ، " اسعد نريمان" ، " شرود كريمة" ، " جربوع العياشي" ،" بن طرات عبد الله" و " سفيان مختار" الذين تألقوا بوقوفهم على الخشبة ، وزادتهم تألقا ملابس السيدة " قادري نصيرة" التي برزت لمستها الإبداعية في حياكة ملابس الممثلين مع إضاءة دقيقة للسيد
" بن خاطر ميلود".
كل هؤلاء أبدعوا على الركح كل بطريقته محاولين المساس بجوهر العرض الذي كان محاكاة لواقع شعب وأمة انصهرت بالعديد من المحن إلا أنها ظلت صامدة ن شامخة لكسر جدران الصمت ، والتوقيع على لغة المجابهة ليكون العشق الروحاني لوطن المليون ونصف المليون شهيد .
إن " دموع القمر" دموع للفرح ، للعشق الرباني ، للراحة الأبدية ، لنور يشق طريقه وسط الظلمة الحالكة ، لنار دافئة تصهر كل نفس باردة الشعور ، انه تحد بارز في عهد الذل والخنوع ، انه دعوة جادة وصريحة للتشدق بحبال الأمل والسعي وراء الهدف مهما كثرت المطبات ، إن الدموع تزكية للنفس المعتلة وراحة مستديمة لألم مدفون مهما طال الزمن، إنها دموع أمة ثكلى بالأحزان وفي حزنها مواساة للأمل المشرق في عيون أبنائها.
ما يلفت النظر في عرض " دموع النجوم" الديكور البسيط والواقعي والتنسيق الجيد بين الممثلين دونما استثناء مما يدل على إتقان التربص والتركيز على كل حركة مهما كانت بسيطة ، ففي العمل المسرحي لكل لفتة ولكل حركة دلالة واضحة ووقع سحري ثابث بخاصة وان اصطحب العمل بمعزوفات موسيقية مباشرة وعلى العديد من الآلات الموسيقية الأمر الذي أبدع فيه الفنان
" دجيلي حميد" .
وعليه ، فان " دموع القمر" عمل يستحق كل التنويه بخاصة طاقم الممثلين الذين أكدوا أحقيتهم لأي عمل مسرحي وسط التشجيع والمتابعة المستمرة.
عباسية مدوني – سيدي بلعباس- الجزائر
التعليقات