مواضيع للحوار

القومية العربيّة...بقلم فؤاد معنّا..

القومية العربيّة...بقلم فؤاد معنّا..

1791 مشاهدة

 

القومية العربيّة

 
تعاريف: هؤلاء هم أهلي- قومي- قوميّتي.

المفهوم العام: هي شعور واعي بالولاء والانتساب للأمّة العربيّة. والأمة  ( جماعة من البشر متجانسة نفسيّاً وثقافيّاً تسكن بقعة من الأرض معروفة.

إذاً القوميّة هي شعور يتولّد من مجموعة من الرّوابط اللغويّة والتاريخيّة والنفسيّة والثقافيّة المشتركة بين أفراد أمّة والتي تؤدّي لخلق واتّحاد المشاعر حول المصير والآمال المشتركة.

القومية العربيّة:

-       هل هي بدعة؟

-       وهم أم حقيقة؟ (جذورها وأصولها).

-       المشاعر الدخيله.

-       الانتماء يحدّد الهويّة.

هل هي بدعه؟

نظرّيات عديدة ظهرت في القرن التاسع عشر "الذي يُسمّى بقرن القوميّات" تبوّب لمجموعات من الشعوب على أنّها ترتكز على مقوّمات تتناسب ومكوّنات مجتمعاتهم لتظهر هذه العناصر المشتركة التي ابتدعوها وارتكزوا عليها مع ما يناسبهم. فأحياناً وجدناهم يعوّلون على عنصر اللغة "الالزاس واللورين" وتارة اخرى الى عنصر الدّين، عنصر التاريخ، عنصر الهدف، وعناصر متفرّقة أُخرى الغاية من الاعتماد عليها العمل على تشكيل المجتمع السياسي الذي يريدونه.

فإذا كان الغير يختلق عذراً لجعل عنصر واحد من عناصر القومية قوام قوميّته للارتكاز اليها وفي أحايين كثيرة كان يعتمد على عناصر غريبة عن طبيعة القوم بحدّ ذاتهم لو توفّر هذا العنصر كعنصر الدّين مثلاً. يمكن أن نطلق على أكثر المقوّمات التي نادوا بها بأنّها بدع لتشكيل مجتمعهم السياسي فكان الهدف هو العنصر الوحيد الذي اعتمدوا عليه لإظهار مقوّمات استمرارهم في مجتمع واحد. فهل القوميّة العربيّة بدعة المثقفين لإنتاج مجتمع عربي واحد أم أنها حقيقة؟

وهم أم حقيقة؟ (جذورها وأصولها)

قبل الخوض في كونها وهم أو حقيقة.. دعونا نوضح أمراً:

        (واستناداً إلى الباحث الدكتور أحمد داؤود.. فالمقصود بكلمة عرب حسب العرباء "أبناء الربّ" وبالتالي هذه التسمية تشمل أبناء سر السوريين وأبناء مر الأموريون وذلك حسب لهجاتهم القديمة.. فالتسميات الثلاثة تدلّ على معنى واحد وتعني "الآباء الأوائل" وتحت هذه التسمية نورد تسمية العرب بعد أن حلّت اللهجة العرباء بدل شقيقاتها السريانية والأمورية.. لذلك دعونا نتفّق بأنه وكلما وردت كلمة عرب تعني ضمنا السوريين والأموريين.. ويستمر الثلاثة تحت تسمية واحدة هي "العرب")..

والعرب كقوم وجدوا وكانوا قبل التاريخ. قبل اختراع الكتابة وهم من اخترعوها. بل وتدلّ كافّة المكتشفات أنّهم أوّل الأقوام الذين تحضّروا وانتقلوا من البدائيّة والمشاعيّة الى المجتمع المنظّم، وحيث توقّفت جميع الشعوب عند الحالة الوحشيّة، فقد انتقلت المنطقة التي يقطنها العرب الى حيث تدجين الحيوان والزراعة

فإذا كانت الحضارة: "حصيلة المنجزات الفكريّة والتكنولوجيّة والرّوحيّة لمجتمع معين" فإنّنا نجد الأمّة العربيّة أوّل الأمم في إقامة المجتمعات المتحضّرة، والعرب أوّل من سنّوا القوانين في تنظيم المجتمع منذ "أوركاجينا" صاحب القوانين التي عرفت بـ "شريعة لبت عشتار" حتى حفيده "حمورابي" الى الفينيقيين الذين صدّروا المعرفة والحضارة للبشريّة حتّى أنّهم سبقوا "كولومبس" بأكثر من الف ومئتي عام باكتشاف أمريكا.

ربّ قائل يقول: نحنُ نتحدّث عن القوميّة العربيّة وأصبح الكلام الآن يطال انجازات وتاريخ قاطني هذه الأرض من سومريين وبابليين وأكاديين وفينيقيين وغيرهم..

وبالسؤال التالي نحدّد الإجابة: هؤلاء هم أقوام أم أنهم قوم واحد وماهي قوميتهم؟..

مثال: عندما وصل شاروكين الى الحكم ولاعتبارات تكتيكيّة حربيّة ابتعد عن لوجال زاغيزي ليبني "أجده" على الفرات والتي دعيت "أكاد" فبات اسم سرجون "سرجون الأكادي" وبات القوم حسب المؤرّخين يسمّون بـ "الأكاديين". والسؤال الملحّ : هل تجدون أي منطق في هكذا تسمية. فالأولى أن تدعى المدينة بـ " أكاد السرجونية" لأنّه من بناها فهي التابعة له. لكن هؤلاء المؤرّخين لديهم أسبابهم العديدة في هذه التسميات. فمن كانت عاصمتهم بابل سمّوا بالبابليين وفي الوقت الذي كانت به سومر مركز عبادة الآلهة سمّوا القوم في ذاك الحين بالسومريين.. وووالخ. تعالوا لنبحث في واحد من أسباب تسمية الفينيقيين ومع انّ التسمية لها أسباب عديدة: مثل "فنقَ" أي متأنّق او يعيش حياة رغيدة. او نسبة الى فينيق ابن أجينار ملك صور. لكن  الجميع يعلم أن الفينيقين اكتشفوا اللون الأرجواني وهذا اللون الأحمر كان يدعى بالسوريّة العربية "فينيك"  وكان الفينيقيين يجوبون البحار يحملون العلم والمعرفة للناس وتعليمهم التدجين والزراعة ويستخرجون بعض الثروات التي لم تكن معروفة لدى هذه الشعوب وذلك ضمن مضمار تجاري يمتدّ لمواسم عديدة. وكانت السفينة الفينيقيّة معروفة لدى الأقوام تلك فكلّما كانت ترسو لهم سفينة في ميناء يتنادى الناس بكلمة "فينيك.. فينيك" اعلاماً بوصولهم وبقدر ما كان هذا التصرف يعكس نبل هؤلاء العرب ففي نفس الوقت عرفوا بهذا الاسم..

أمّا من حيث ارتباط  هؤلاء القوم بالعروبة وهل هم عرب أم لأ.. يمكن للعارفين باللغات أن يسايروا ما سنقوله:

أكثر اللغويين والمؤرّخين أجمعوا بأن أصل التسمية "عرب" أتت من العلاقة بالخالق" وتتألف الكلمة من شقّين (أ) وَ (رب) وتعني أبناء الربّ وذلك قبل دخول حرف العين عن طريق اللغة "العرباء" فلو علمنا أن كلمة " عرباء" تعني الصحراء أو البادية نتوصّل أن العربية العرباء كانت لهجة العرب في شبه الجزيرة العربية في وقت متأخّر لأنه حتّى هذه المنطقة المعروفة اليوم بتصحّرها كانت ترتدي ثوباً أخضر كاملاً. أمّا الربّ فكان يدعى لدى السوريين بـ "سر" ولدى الأموريين قاطني غربي سوريا بـ "مرّ"  وهنا تسمية اموريين وسوريين أُدرجها نسبة للهجات وليس للأصول أو القوم. ممّا سبق نستنتج أن الجميع ينتسبون لأبٌ واحد هو الربّ إنّما ولاختلاف اللهجات العربيّة نجد " السوريين" وَ "الأموريين أو العمورييين"  "والعرب". وسبب اندثار اللهجات العربيّة بشقّيها " السرياني والأموري" هو غلبة اللهجة العرباء لأنّها كانت لهجة القرآن حيث كانت لهجة "محمد" ابن شبه الجزيرة العربيّة والتي تسمّى الآن بالعربيّة.

ومازال العديد من الكلمات والعبارات العربية القديمة "السريانية والأمورية" التي تتناقلتها الذاكرة الشعبيّة تُتداول حتّى الآن مثل ( دجن- حاكورة - ع اليوم شومليوم شوميلي- .. الخ).

أمّا من يتكلّم بالمصريين أو الحضارة المصريّة التي ليس لها علاقة بالعروبة يكفي أن يستعرض بأن هؤلاء القوم والذين بنوا الحضارة في مصر هم " الهكسوس" وهو سوريّون في لهجاتهم وأصولهم . وبذلك هم من نفس القوم العربي.

هذا غيض من فيض يشرحه بشكلٍ كافٍ ووافٍ الدكتور أحمد داؤد في كتابيه " سورية تاريخ وحضارة" وَ " المركز").

المشاعر الدخيله.

 

عديد من المشاعر يحاول كلّ مبغض للعروبة أن يجعلها محلاً للإنتماء لهذه الأمّة بشعارات برّاقة لمّاعة لا نريد الغوص بها بل فقط سندّل على عناوينها مثل ( الأديان- الاقليميّة- تسميات المؤرّخين المغرضين.. الخ).

الانتماء يحدّد الهويّة.

المسيح يقول: ما لقيصر لقيصر وما لله لله. فهل يمكننا أن نقول أن الدين لا يمكن أن يكون محلاًّ للانتماء لأنه علاقة بين الفرد وخالقه ولا يمكن أن يكون محلاً للعلاقة بين الأفراد فيما بينهم وبالتالي لا يصحّ أن يكون رابطاً مجتمعياً . ولمن يقول أتى الإسلام لينظّم المجتمع. ربّما هذا صحيح لكن هل كلّ مجتمع يشكّل قوميّة؟ وإذا كان الانتماء للإسلام يصحّ أن يكون بديلاً عن الانتماء للعروبة فماذا نقول عن كلّ ما شرحناه حول اصول وجذور وحقيقة القوميّة العربيّة. وخاصّة ان هؤلاء القوم المسمّون بالعرب هم الذين اخترعوا الآلهة ولهم كانت كلّ الرّسالات السّماوية. (الصابئة- الإسرائيليّة- والموسويّة - واليسوعيّة - والمحمّديّة).فلو سلّمنا بمقولة "العروبة جسد والاسلام روح" ونحن نؤمن بأن العروبة قوميّة كلّ أفراد هذه الأمّة التي تسكن المنطقة الممتدّة بين " جبال طوروس وجبال بشتكويه وخليج البصره والبحر العربي وجبال الحبشة والصحراء الكبرى والمحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسّط".. فماذا لدينا لغير الإسلاميين.. نقول لهم أنتم عرب بالجسد دون الرّوح. وهل يصحّ هكذا انتماء.ولمن يقول يصحّ الانتماء للدّين والقوميّة العربيّة.. لا يصحّ أوّلاً أن نساوي بين الانتماء للعروبة والعلاقة بالخالق وبالتالي لا يصحّ إيجاد علاقة بخالقين.. فالقومية شعور بانتماء يحدّد هويتك أما الدين فعلاقة روحية بينك وبين الخالق لا يصحّ أن تتدخّل بها معايير عرقية او قومية فمسلم أفغانستان ومسلم مصر مسلمان لدى الخالق لا فرق بينهما إلاّ بنوعية علاقتهم بالخالق لكنّها ينتميان لقوميتين مختلفتين تتبدّى وتتجلّى في أكثر من موضع وصورة.. وكذلك أقباط مصر مسيحيين وبروتستانت أمريكا مسيحيين وربما اتفقا في أكثر من مطرح بالنسبة لعلاقتهما بالخالق لكنّهما على نقيض تام فيما يتعلّق بمجتمعيهما الناتج وبشكل طبيعي عن انتمائهم القومي.

وبالتالي نطرح ما يلي: موشي دايان العربي الاسرائيلي "السوري الحلبي" وبعد أن انتسب لإسرائيليته الدينيّة هل يصحّ أن نبقى نقول عنه عربي.

أمثلة أخرى": طوني لحد- سعد حدّاد اللذان غلّبا يسوعيّتهما على عروبتهما هل يصحّ أن نبقى نقول عنهما عرباً.

ربما قائل يقول أن الوضع يختلف لو أعطينا أمثلة على مسلمين على اعتبار ان الدّيانة الاسلاميّة عربيّة لأن محمداً كان عربياً ولغته عربيّة. لهم نقول ومن قال لكم أن ابراهيم الخليل واسرائيل "يعقوب" وموسى ويسوع الناصريّ لم يكونوا عرباً ولغتهم عربيّة كذلك. وكذلك لهم نقول ماذا نجيب أننا نرتبط مع الأفغان ولا نرتبط مع أقباط مصر.

فؤاد معنَّا

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية