مواضيع للحوار

تصبحون على وطن  ..1 ..بقلم فؤاد معنا..

تصبحون على وطن ..1 ..بقلم فؤاد معنا..

1722 مشاهدة


ما هو مفهوم الوطن؟..
هل الوطن بقعة جغرافية؟.. هل الوطن فرصة عمل؟.. هل الوطن بقرة حلوب؟.. هل الوطن منصّة شتائم وتخوين؟.. هل الوطن وهل الوطن ووو؟..
في الحقيقة وبرأيي المتواضع.. جميع التساؤلات السابقة يمكن ربطها بمفهوم الدولة. وعليه..
فالسؤال الأهم: هل الوطن هو الدولة؟.. ولنعكس السؤال: هل الدولة هي الوطن؟..
ربما السؤال شائك.. وربما من يقول: لمَ كل هذه السفسطة؟.. فهي بلا طائل.. لأن من السهل القول: ان مفهومي الدولة والوطن متشابهان وربما يطلقان على مسمى واحد.
أول بوادر الفصل بين المفهومين يتبدّى في القول بأن على الدولة رعاية وتأمين وحماية مواطنيها.. لكن على المواطن التضحية وتقديم العطاء بلا طائل حتى لو اقتضى الأمر أن يقدّم أغلى ما يملك لحماية الوطن.
إذا على عاتق الدولة حماية المواطن وعلى عاتق المواطن حماية وطنه والموت في سبيله.
عوده على بدء.. ما هو مفهوم الوطن؟..
مجموعة ثقافات متجانسة تتوافق في معاييرها العامة لتتوافق في مقومات متجانسة ضمن وحدة معرفية تتفاعل في الذخيرة الثقافية لتتفق في منتج موحّد الذي يكوّن الانتماء المتمايز عن انتماءات أخرى.. وهذا الشعور المعرفي الواعي للانتماء يعرّف ويكوّن مفهوم الوطن.
فالدولة كيان دستوري قانوني يمكن أن تشكّل من أكثر من وطن وكذلك يمكن أن تكون جزءاً من وطن وكيان الدولة هذا يفرض على الفرد بقوة القانون ونظرية العقد الاجتماعي..
أمّا الوطن فيمثل الوعاء الثقافي الموحد الذي يجسّد الانتماء لأمّة ذات مقومات ثقافية متجانسة..
من هنا يمكننا الإشارة لكل ثقافة دخيلة لا تتوافق والثقافة الجمعية التي كوّنت مفهوم الوطن. وكل من يحمل هذه الثقافة الدخيلة يجب الدلالة عليه ووصمه بأنه طارئ على الوطن.
و لا يعفيك كونك مسؤولا في الدولة.. بل على العكس ذلك يحملّك مسؤولية أكبر.. وربّما تكون مسؤولا كبيراً في الدولة.. وتكون مثال المسؤول الذي يقوم بواجباته المؤسساتية.. ومثال المسؤول نظيف الكف.. لكن في نفس الوقت تكون ثقافتك ووعاءك المعرفي لا يتناسب ومفهوم الوطن فتكون بذلك أكبر وألد أعداء الوطن.
وعكس المثال لا يعكس النتيجة.. فالمسؤل الفاسد مؤسساتياً لا يتحلى بالثقافة الجمعية الوطنية وبالتالي هو من أعداء الوطن كذلك. لكن ولضبط المعايير.. المسؤول الفاسد مادياً يمكن ردعه بتطبيق القانون.
إنما نظيف الكف مادياً والفاسد ثقافياً فيمثل الطامة الكبرى والعلّة الكأداء التي تنخر بمفهوم الوطن وتعمل من حيث تريد أو لا تحتسب لفناء الوطن.
فأين نحن من بناء وطن؟.. وهل نعمل لتكوين ثقافة جامعة لوطن نضحي في سبيله؟.. منّا من يحمل ثقافة وطن يمتد على مساحة (الأقطار العربية) ويحلم بأن يستفيق على وطنه ممثلاً بالوطن العربي.. ومنّا من يحمل ثقافة ذاك الوطن الذي يجمعه مع تركيا أو مع إيران.. ومنّا من يحمل ثقافة وطن تجمعه مع عمال العالم.. ومنّا من يحلم بوطن يجمعه مع حاملي ثقافة سوريا الكبرى.. ومنّا ومنّا.. وكذلك منا من يحمل ثقافة وطن على قياس دينه أو طائفته أو عشيرته أو حتى باب حارته..
والمحصلة تتجسد في حقيقة واحدة: أننا بالمجموع نمثل مشاريع مواطنين لم تلتقِ ولن ترتقي لتكوين فكرة متجانسة حول أي وطن نريد.. وهذا يجعلنا أمام مشروع وطن.. أو على الأدق أمام مشاريع أوطان!..
والسؤال الهام الذي يفرض نفسه: هل نعمل لاكتمال مشروع ثقافي واحد يؤدّي لإيجاد وطن واحد موحد جامع لثقافة متجانسة؟.. أم سنستمر في العمل على مقولة.. تصبحون على لا وطن؟!..
قبل أن أختم لن يفوتني أن أنبّه على أنّه سيعترض على العبارة الأخيرة.. وسيهاجمني بعض (الوظاويظ) من هؤلاء الصبيان الذين يحسبون أن المقولات والمطولات العملاقة في التملّق تصنع الأوطان. لكن الحقيقة تقول: أن هؤلاء الصبية من ألدّ أعداء الوطن والمفارقة أنهم لا يدرون لأنهم لا يعلمون.
وكي تصبحون على وطن.. .. إلى اللقاء

طائر الفينيق المسرحي - فؤاد معنَّـــا

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية