مواضيع للحوار

خصوصية المكان  المحفز الرئيسي لصناع مسرح الشارع

خصوصية المكان المحفز الرئيسي لصناع مسرح الشارع

376 مشاهدة

خصوصية المكان  المحفز الرئيسي لصناع مسرح الشارع

#بقلم _حسام _الدين _مسعد

#المصدر _مجلة  _الفرجة

#اتفقت جميع التعريفات المعجمية « لمسرح الشارع » بأنه العرض المسرحي الذي يقدم خارج العمارة المسرحية . اي ان المكان في مسرح الشارع هو اي مكان خارج العمارة المسرحية الذي لا يخرج عن كونه مكان بكر جري مسرحته وليس له علاقة بوظيفة العرض المسرحي أصلا

اي ان المكان في مسرح الشارع له خصوصية تنبع من

  1.  طابعه المعماري وانفلاته الجغرافي
  2. 2- طابعه الاجتماعي وقضايا الناس اليومية .

وهذه الخصوصية خلقت غربه للمكان علي طبيعة العرض المسرحي التقليدي من حيث وضع المؤدي ومن ثم وضع المتلقي وهو يشاهد العرض وكيف تحفز المؤدي من خلال وضعيته الجديدة خارج العمارة المسرحية ؟ وكيف تمنح المتلقي إحساس مغاير لوضعه وهو يشاهد عرض مسرحي علي مقعد داخل العمارة المسرحية ؟

والخصوصية التي نقصدها والنابعة من الطبيعة الطارئة للمكان في الشارع لأن فضاء الشارع المسرحي هو فضاء طارئ تتم مسرحته أثناء العرض وتزول بعد انتهاء العرض ويعود الشارع الي طبيعته المكانية التي كان عليها قبل العرض .

ومن ثم وجب علينا تعريف المكان الممسرح في عروض مسرح الشارع

فالمكان الممسرح هو « ذلك الحيز أو الفضاء المادي الطارئ المشغول من خلال وجود المؤديين وعلاقاتهم بالجمهور او المتلقيين »

وحيث إن طبيعة المكان الغير ثابتة في مسرح الشارع تخلق تلقائيا جوا من التحفيز ينطلق من حيوية الشارع ومسرحه الذي يتبني شعار استخدام كل المساحة المتاحة جغرافيا ودون تقسيم بين منطقة الأداء ومنطقة التلقي التي تذوب في عروض مسرح الشارع

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏شخص أو أكثر‏، ‏أشخاص يقفون‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏

فإن وضع المتلقي في عروض مسرح الشارع ذلك المكان المحايد خلق تحديا أمام صناع مسرح الشارع ينبغي بحثه جيدا قبل الشروع في تنفيذ عروض مسرح الشارع وكيف تمنحه إحساس مغاير لوضعه وهو يشاهد عرض مسرحي في قاعة مسرحية. مما يعني الزج بهذا المتلقي داخل رقعة الحركة والتمثيل من أجل إخضاعه لتجربة مغايره بها نوع من الصعوبة والمتعة وإحساس التشاركية التي يجد المتلقي نفسه جزء من نسيج العرض.

إن هذه التشاركية هي امتزاج كل عناصر المسرح في منطقة فضائية واحده هي فضاء الشارع الذي يدخل في حالة صيرورة الاندماج الذاتي مع عناصره مكونا سينوغرافيا طبيعية قائمة بذاتها. ولذا فالخيال الذي يخلقه او يصنعه الممثل في مسرح الشارع يتحول تلقائيا الي مدرك حسي بطبيعة المكان وحدوده الجغرافية والزمانية

إن إدراك المتلقي لخصوصية المكان عامة يحدث التحول في ذهنيته من مجرد تصور اللعبة التشخيصية التي تحدث امامه الي وعي بأن ما يشاهده حقيقه ومن هنا يصبح المكان الممسرح في الشارع والذي ليس وظيفته الأصلية العرض المسرحي مكان يعتمد التجسيد الخيالي من خلال التوظيف الأشاري لهذا المكان الفارغ العشوائي

إن التعارض بين العرض والمكان عادة ما يؤدي الي تحييد تأثير العرض ذلك ان قابلية تحول المكان الي مكان ممسرح تتسق مع الرسالة والموضوع الذي يكرسه المكان في اسلوبه

فإذا تم طرح مشكلة وضع المقاعد علي الأرصفة خارج المقهي وكيف تؤثر علي حركة المارة علي الرصيف وتعرضهم للخطر اثناء سيرهم في الشارع فإن الرسالة التي يطرحها هذا المكان العارض بوضعه المقاعد علي الأرصفة هي رسالة دعائية لجذب المارة ليكونوا من رواد المقهي لكن الرسالة الأصلية هي رسالة الشارع الذي يصبح الرصيف فيه ملاذ لكل المارة فإذا كان العرض المقدم في المقهي متفق مع موضوعه ومتسقا في اسلوبه مع النظام الذي يكرسه المكان (رصيف الشارع) ازدادت قوة تأثير العرض.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏شخص أو أكثر‏، ‏‏حشد‏، ‏سماء‏‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏

إن الممثلين في مسرح الشارع عليهم ان يجذبوا المشاهدين وإن يكونوا حيز العرض ولذا فإن المكان في الشارع اصبح بعد مسرحته مكان مادي مشغول بالمؤدين والمتلقيين واكتسب صفة الفضاء المسرحي الذي يشترط لتحقق هذه المسرحة هو حركة الممثل فيه ووجود الجمهور داخل حيزه معتمدا علي نمط عشوائيتة او شكل تكوينه الطبيعي او المعماري ولذا فإن فضاء الشارع الممسرح هو فضاء محدد وسينوجرافيته سوف تشمل منطقتين هما منطقة الأداء ومنطقة التلقي اللتين تذوبيين في لحظة تتمحور حول أبعاد قيميه وإنسانيه

فالمكان في مسرح الشارع لايعطي المتلقي احساس انه يشاهد عرض او لعبا متأثر بالفضاء التخيلي او الوهمي ويرجع ذلك لأن عروض الشارع لا يستخدم فيها الإضاءة المسرحية وعادة ما تعرض نهارا فتنتفي الفضاءات الوهمية والنفسية والتخيلية حتي لو تم استخدام الإضاءة المسرحية فإن الفضاء في مسرح الشارع اصبح وحدة واحده مندمجة لعدم الفصل بين المتلقي وممثل مسرح الشارع

ان العشوائية الجغرافية تبقي علي حالها في شكل ومحتوي المكان المختار للعرض وبالتالي فطاقة الممثل تتناسب طرديا وتلك العشوائية فطاقة الممثل في عروض مسرح الشارع كمكان ممسرح بعشوائيتة الجغرافية قد يعطيه الانفلات في الارتجال وقد يدفع الممثل الي التمرد والمشاكسة علي الارتجال والذي يعني فن الخلق في لحظة التنفيذ وهذا الانفلات الارتجالي نابع من هواجس صناع مسرح الشارع القائمة علي إمكانية توليد علامات متدفقه فالمكان في مسرح الشارع غايته توليد إشارات مسرحيه بلا حدود لتدل علي معاني متناهية ناتجه عن التشكيل في المكان او الفضاء او حيز الشارع .

وهذا التشكيل في مساحة المكان لا يهتم بالمساحة من الناحية النظرية بل يهتم لكونها اصبحت أداة تميز لنشوء علاقة بين الممثل والمتلقي لا تتحقق إلا بالتركيز الذي لن يتأتى إلا إذا توحدت الرؤية في ظل ظروف موضوعيه بين المساحة والأداء.

ولذا فإن طبيعة الأداء في الشارع تكون ذات خلق وارتباط المبدع بالمكان ذاته

فالمكان في مسرح الشارع يشكل العرض ويشكل طبيعة الأداء وبالتالي فإن المكان في مسرح الشارع يعتمد قيمة ما يقدم من شكل ومضمون للعرض وقيمة اداء الممثل لبلوغ الغايات الدلالية لعرض مسرح الشارع

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏شخص أو أكثر‏، ‏‏حشد‏، ‏ليل‏‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏

لذا فإن المكان في مسرح الشارع هو المحفز الرئيس لصناع العرض الساعين دائما لأن يبلغ فنهم الي المهمشين والغير قادرين للذهاب إلي المسرح في مكانه التقليدي الثابت داخل العمارة المسرحية. ولأن المكان في الشارع يكتسب جماليته من كونه فضاء صاخب ومنفلت تتحرك فيه الدلالات بسهولة ويسر ولأن هذا المكان هو في الأصل فضاء للمتلقي الذي تتم مناقشة قضاياه اليومية فيه يعد هو المحفز الرئيس لصناع عرض مسرح الشارع