مهرجان دمشق المسرحي الدولي الخامس عشر 2010

عبد المجيد شكير يحول... رسالة حب ... علاء الدين كوكش إلى طعم الطين

عبد المجيد شكير يحول... رسالة حب ... علاء الدين كوكش إلى طعم الطين

2146 مشاهدة

عبد المجيد شكير يحول... رسالة حب ... علاء الدين كوكش إلى طعم الطين

 

خاص لموقع المهرجانات في سورية

 

أحمد الخليل

 

قدمت فرقة (مسرح أبعاد) المغربية ضمن فعاليات مهرجان دمشق المسرحي الخامس عشر العرض العربي  الأول لمسرحية (طعم الطين) وهي من إخراج وسينوغرافيا الدكتور عبد المجيد شكير عن نص المخرج والكاتب علاء الدين كوكش (رسالة حب)...

كتب كوكش المسرحية أواخر العام 2004 وهي تدور حول العلاقة السورية اللبنانية..

المسرحية تحكي عن حادث تحطم سفينة يتسبب في لقاء فجائي بين امرأة من بلاد الرخام، ورجل من بلاد الحجر، باعتبارهما الناجيين الوحيدين من حادث التحطم ..وذلك على أرض محايدة، جزيرة في عرض البحر..المرأة ممثلة مشهورة تدعى مرمر، والرجل عامل بسيط على ظهر الباخرة يسمى صخر..يجدان نفسيهما وجها لوجه في مواجهة إنسانية – سياسية إن صح التعبير، هي تحمل الضغينة لأرض الحجر.. وفكرتها أن أهلها ـ أي أرض الحجر ـ أجلاف وأوغاد وإرهابيون وقتلة، يتربصون بأرض الرخام وناسها. هو يعادي بلاد الرخام ويعتبر أهلها متكبرين متعالين يحتقرون بلده وأهله، وأن عجرفتهم وتكبرهم سبب الأحقاد التي تطالهم..
كل واحد منهما يحمل تهما للثاني، لكن على هذه الأرض المحايدة يتساوى الرخام والحجر في المشاعر المتناقضة لكن المصير جمع بينهما في هذه الجزيرة المجهولة ولا بد لمواجهة هذه الحالة مع بعض، الجزيرة تصبح بين الاثنين المتناقضين مكان للبوح والتعايش ـ ولو قسريا ـ مع الآخر، (العدو الذي لم تجمعني به أي عداوة، ومع ذلك أحمل له عداء وراثيا( .

الأثناء في سياق الأسابيع التي عاشاها على الجزيرة قبل إنقاذهما يتربصان ببعض تارة ويتركان لعواطفهما الجياشة الانطلاق بعيدا عن الضغائن تارة أخرى وفي ثنايا اللقاء الذي لا مفر منه، والبوح الصادق التلقائي، يكتشف صخر ومرمر مساحة واسعة للتعايش والحياة..يكتشفان أن الطين جوهر الحياة، منه يولد الحجر، ومنه يتشكل الرخام..عند هذا الأصل لم يعد هناك مبرر لعجرفة الرخام ولا لصلابة الحجر..لذلك يتمسكان بالعيش على هذه الأرض الثالثة.. مرمر تمنح نفسها للحب المطلق والحياة التلقائية، يمكن لمرمر وصخر أن يتخليا عن اسميهما وانتماءيهما، وعن التعصب للاسم وللانتماء، ويتمسكان بالإنسان في بعده المطلق، ويؤمنان به حتى العمق لأنهما أدركا جوهر الحياة (الحب والتعايش) وعادا لانتمائهما الأصلي (عمق التراب)..

في العرض ثمة لعبة يفتعلاها الاثنان مرمر وصخر هي تقمص شخصية الأصدقاء البعيدين فهو يتقمص شخصية صديقتها أخت زوجها السابق وهي تتقمص شخصية جبل الصديق الحميم لصخر وفي هذه اللعبة يتكشف جوهر الاثنان وروحهما الإنسانية فالبغض والكره الناتج عن ظروف سياسية ما لا يعدو كونه سحابة صيف موقتة سرعان ما تخلي مكانها للحب

العرض البسيط يستخدم قصة الحب هذه كرمز وكتكثيف لعلاقة بين شعبين لعبت الحدود لعبتها في الزكزاك السياسي ..

أداء الممثلين كان صادقا وعفويا رغم الرتابة وتكشف كل اللعبة من بدايتها فنحن منذ المشهد الأول تكهنا بأسرار العرض ومآل الشخصين في هذه الجزيرة ومصيرهما المحتم

والمخرج لجأ إلى ديكور فقير فجبال الجزيرة كانت مصنوعة من ورق بني مع بعض الأشياء التي تشير إلى جزيرة في حين دلت الشاشة الزرقاء في العمق على البحر المحيط بالجزيرة..

من ناحية ثانية حسنا فعل المخرج باللجوء إلى الفصحى كلغة للعرض حتى لا تحول اللهجة المغربية بيننا وبين التواصل مع العرض..

ما يؤخذ على طعم الطين تغيير أسماء بلدي الشخصيتين سعيا وراء إعطاء العرض صبغة إنسانية عامة رغم أن النص نتاج مرحلة محددة في سورية فتغيير اسم لبنان وسورية إلى بلد الحجر وبلد الرخام جعل العرض معوما على أرض حيادية ضبابية رغم أهمية الزمان والمكان في النص الأصلي للدلالة على أهمية وراهنية موضوع المسرحية ودلالاتها الفكرية والفنية..

 

 

في النص الأصلي تتلخص قصة المسرحية حول لقاء بين عامل سوري وملكة جمال لبنانية في جزيرة نائية ومهجورة، بعد غرق الباخرة التي كانا على متنها مع مجموعة من الركاب.
ويتناول علاء الدين كوكش في نصه  المشاعر المتناقضة التي يخفيها أو يعلن عنها كل طرف تجاه الآخر، على خلفية الانتماء إلى البلدين المتجاورين، وتداخل تاريخ العلاقة بينهما وصولا إلى اللحظة الاستثنائية المشتركة التي يعيشانها على الجزيرة المعزولة عن العالم، حيث تختلط المشاعر بين الحذر والخوف والكراهية المضمرة وصولا إلى الحب الذي يولد في آخر المسرحية ليؤكد أن قدر السوريين واللبنانيين الحقيقي والتاريخي هو الحب لا الكراهية!

بطاقة عرض طعم الطين

 

المسرحية من تمثيل سناء الدقون ومصطفى قيمي، وإضاءة عبد الفتاح لمكشط، موسيقى ومؤثرات رشيد صوصي العلوي، ملابس وماكياج فتيحة سايح، إدارة الإنتاج يوسف شكير، وسينوغرافيا ودراماتورجيا وإخراج عبد المجيد شكير.. ومسرحية (طعم الطين) هي العمل الثامن لمسرح أبعاد بعد مسرحيات: الجسر ـ حلم ليلة دم ـ الهشيم ـ يوم من زماننا ـ بروتوكول ـ كلام الليل ـ نيكاتيف.

 

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية