مهرجان الكوميديا الثالث في اللاذقية 2009

فعالية اليوم الثاني لمهرجان الكوميديا الثالث في اللاذقية

فعالية اليوم الثاني لمهرجان الكوميديا الثالث في اللاذقية

2326 مشاهدة

فعالية اليوم الثاني لمهرجان الكوميديا الثالث في اللاذقية

البداية التي ستصبح تقليداً في المهرجان توزيع العدد اليوميّ من مجلة" الكوميضة" حيث يتم القاء الضوء عبر صفحاتها على فعاليات اليوم السابق، كل الشكر والتقدير للقائمين عليها.

الافتتاح لفعالية اليوم الثاني كانت مع " نشيد المسرح " لفرقة كورال الراعي الصالح بقيادة الفنان الياس سمعان.

ثم مراسم تكريم الفنانين ( المخرج الراحل نزار حلوم، والفنان محمد خير التقي، وفنان الإضاءة الراحل علي عمر زهر الفول ) . وقد تم عرض فلم تضمن شهادات من قبل زملاء ومعاصري هؤلاء الفنانين .

بعد ذلك تم تقديم دروع المهرجان وشهادات التقدير لأهل المكرمين الراحين، وللفنان محمد خير التقي أمد الله في عمره.

وبوصف هذا اليوم يشكل عيداً لجميع المسرحيين في العالم " يوم المسرح العالمي " فقد تم تلاوة كلمة هذا اليوم من قبل عريف الحفل الفنان المسرحي والإعلامي " أمجد طعمة" وهذا نص الكلمة:"        الرسالة السنوية ليوم المسرح / موسم 2009

بقلم: أوغستو بوال/  AUGUSTO BOAL

المجتمعات الإنسانية " عظيمة " في حياتها اليومية ، وفي لحظات معينة تقدم " المشهديات ".    فهي مجتمعات " رائعة " كإطار للتنظيم الاجتماعي وتقديم مشهديات كتلك التي سترونها.

إن العلاقات الاجتماعية هي محاكاة لما يجري في المسرح، حتى إذا لم يدرك البشر هذه الحقيقة: من حيث استخدام المكان، ولغة الجسد، واختيار العبارات والنغمات الصوتية، كما في طرح الأفكار والانفعالات المتضاربة، بل في كل ما نستعرضه على خشبة المسرح، وما نعيشه في أيامنا. لهذا يمكن القول : إن عالمنا هو مسرح!

الأعراس ومناسبات الحداد كلها " مشهديات "، لكنها مع ذلك تبقى طقوسا أيضا، ألفناها جدا في حياتنا حتى أصبحنا لا نميز حقيقتها هذه. وما الاستعراضات الفخمة والظروف الطارئة، مثلها مثل قهوة الصباح، وتبادل التحية الصباحية، والحب الجبان، ونوبات الانفعال القوية، كما هي جلسات السادة، واجتماعات الساسة، ما هي سوى عوالم مسرحية.

إن إحدى مهمات الفن هي إيقاظ إحساس البشر بالجوانب المشهدية في حياتهم اليومية، التي يلعب فيها الممثلون أيضا دور المشاهدين لأنفسهم، وهي أداءات يلتقي فيها المسرح والحياة على الأرض. نحن جميعا فنانون: وحين نقدم عروضا مسرحية فإننا نتعلم كيف نشاهد ما هو جلي واضح لنا، ولكننا فاقدون للقدرة على رؤيته، لأننا تعودنا على الاكتفاء بالنظر إليه فقط. ولهذا، يصبح المألوف لنا غير مرئي: وتقديم المسرح هو ضرب من إنارة مسرح  الحياة.

في سبتمبر الماضي، دهشنا جميعا بانكشاف الستر عن أحد هذه المشهديات المسرحية: نحن الذين كنا نعتقد أننا نعيش في عالم آمن، برغم كل الحروب، والمذابح والمجازر والتعذيب التي تحصل بالتأكيد، ولكن في أماكن نائية أو قفراء. ثم صعقنا فجأة، نحن الذين كنا نتوهم أننا نعيش آمنين بما لدينا من أموال إما أودعناها في بنك محترم أو كنا نستثمرها في تجارة مؤمنة في سوق البورصة، صعقنا حين قيل لنا إن أموالنا تلك قد تبخرت، إنها كانت مجرد قيمة افتراضية، مجرد ابتكار اخترعه دهاقنة الاقتصاد، وهؤلاء هم أشخاص حقيقيون وليسوا افتراضيين، لكنهم غير جديرين بالثقة والاحترام. كان هذا مسرحا رديئا، ومخططا أسود  عاد على البعض بالملايين وعلى الكثيرين بالخسران والحسرة. وإزاء ذلك، تنادى بعض الساسة من الدول الغنية لعقد اجتماعات سرية وخرجوا بحلول سحرية. وبقينا نحن، ضحايا قراراتهم تلك، نراقب المشهد بحسرة من الشرفات الخلفية.

قبل عشرين سنة، أخرجت مسرحية راسين " فيدرا " Phedre في ريو دي جانيرو. كانت  موجودات مسرحنا فقيرة جدا: بعض جلود البقر التي فرشناها على الأرض، ومن حولها أثاث بسيط من الخيزران. وقد اعتدت قبل كل عرض للمسرحية أن أوصي الممثلين قائلا: " إن الخرافة التي دأبنا يوما بعد يوم على اختراعها قد انتهت الآن. عندما تعبرون خلف هذه الأعواد الخيزرانية، لن يكون من حق أحدكم أن يستريح. إن المسرح هو الحقيقة المخبوءة ".

وعندما نتطلع إلى المظاهر، بإمكاننا أن نشاهد المضطهدين وقامعيهم في كل مجتمعات الأرض، ومن كل الأثنيات والأقليات والطبقات الاجتماعية، عالما مليئا بالظلم والوحشية. ولهذا ينبغي أن نخلق عالما آخر بديلا منه لأننا ندرك إننا قادرون على ذلك. ولكن في وسعنا أن نختار بناء هذا العالم بأيدينا ومن خلال عملنا على المسرح وفي دوائر حياتنا الشخصية. فلنشارك في خلق هذا المشهد الرائع الذي سوف يبدأ. وحالما تعودون الى بيوتكم، اعملوا مع أصدقائكم لإنتاج مسرحياتكم الخاصة بكم، ثم انظروا إلى ما لم تستطيعوا أن تروه: إلى ما هو حقيقة واضحة وضوح الشمس. ان المسرح ليس مجرد حدث عابر، إنه أسلوب حياة!

نحن جميعاً ممثلون: وإن معنى المواطنة ليس أن نعيش في مجتمع بعينه، بل أن نعمل لتغيير هذا المجتمع!    

·        المؤلف : أوغستو بوال

 ( AUGUSTO BoAL  ) .

_ الدكتور أوغستو بوال , أستاذ جامعي ومسرحي وعالم في مجال الكيمياء , ولد في البرازيل ودرس في جامعة كولومبيا أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات .

لم يعمل جديا في المسرح إلا بعد تخرجه , حيث تعاون مع مسرح " أرينا " بسان باولو , فأنتج أعمالاًَ تجريبية رائعة في المسرح , وهو من عادته أن يدعو الناس لمناقشة تجاربه قبل عرضها على الجمهور , لأن هذا برأيه يجعلهم مشاهدين و" أصحاب مواقف " عبر ردود أفعالهم على ما يعرض أمامهم , وخلال الستينيات طوّر بوال تقنية جديدة حيث يمكن للجمهور توقيف العرض وتقديم اقتراحات مختلفة على الشخصية التي تعاني من الاضطهاد , والممثل الذي يمثل هذه الشخصية ينفذ هذه الاقتراحات .

كان بوال ناشطا ثقافياً خطيراً في بلاده , وقد اعتبر الانقلابيون في البرازيل إبان الستينيات أن أنشطته تشكل خطراً حقيقياً , فاختطف من الشارع خلال مغادرته المسرح , وعُذب في السجن , ثم نفي الى البرازيل الأرجنيتن , فانتقل الى أوربا وقد ألف في الارجنتين كتابه الأول عام 1973 بعنوان " مسرح المضطهدين " وفي باريس لاحقاً كان يدرس أسلوبه الثوري في مجال المسرح , حتى نظم مهرجاناً لمسرح المضطهدين في باريس 1981 .

تنقل بوال في أوربا , وألف العديد من المؤلفات والمقالات المهمة في المسرح , وقد نال بوال عددا من الجوائز المهمة في المسرح في بلاده وخارجها ( جائزة الأب فنتورا , ساس , جائزة موليير , وجائزة أوبي , وجوائز أخرى ) .

وفي عام 1977  منح أيضاً جائزة : career achievement  من قبل اتحاد المسارح للتعليم العالي في شيكاغو". بعدها كان الجمهور مع العرض المسرحي من الأردن الشقيق الذي قدمته جامعة اليرموك – قسم الدراما بعنوان" ديموقراطية ونص..." تأليف وإخراج: الدكتور مخلد الزيودي. ونقدم لكم قراءة لهذا العرض:  يتحدث العمل عن الهموم اليومية المعاشة من قبل المواطنين، والتي تتعلق بالوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وانعكاس هذا الواقع على المجتمع. وقد تم التركيز من حيث النص / الحوار على النفاق السياسي المتعلق بالحريات العامة، التي وصلت لحد الإسفاف في فهمها والتعامل معها من قبل الناس العاديين، وهذا ماشاهدناه لدى الشخصيتين المحوريتين في العمل " زواد ولد عواد" و" حمدان الناجي" اللذان حاولا معاً كل بطريقته الوصول للبرلمان لتمرير مصالحهم الشخصية بناءً على فهمهم العام للعبة السياسية القائمة في البلد والمعتمدة على الفساد والواسطة والرشوة والجنس، فنرى " زواد " قد طلق زوجته " فرحة" في سبيل أن تكون لديه زوجة قادرة على مجاراة الواقع، وهذا ما أكده أيضاً مشهد " الاستديو في قناة البث" الخاصة التي أقامها " زواد" ليوصل صوته وأهدافه للناس كي يقفون معه، والذي أبدى موافقته على أن ضرورة العمل في " قناة البث" يتطلب نوم العاملين مع بعضهم دون النظر للعرف والعادات والتقاليد، وبشكل خاص انتماء "زواد" للعشيرة، لذا لم يقدم ردة فعل على نوم زوجته " سوسو" مع زميلها في " الاستديو" . وانتماء" حمدان الكندرجي" لشريحة اجتماعية بسيطة. وكلاهما مدرك للوضع العام / الواقع المعاش بتفاصيله. لكنهما رغبا أن يكون لكل منهما " حزبه السياسي " يصلان من خلاله لعضوية البرلمان على مبدأ المثل الشعبي القائل" ماحدا أحسن من حدا". لذا نراهما انتقلا من حالة التأييد لمعارفهما الذين وصلوا لمناصب سياسية وإدارية في الحكومة، إلى باحثين جديين للوصل أيضاً لعضوية البرلمان.

يمكننا القول أن فكرة العمل بسيطة ومفهومة ووصلت للجمهور لأن الواقع العام المعاش، رغم وجود بعض الاستثناءات بين بلد وآخر، مدركة ومعاشة من قبل جميع المواطنين، وقد تم تناولها بأشكال وأساليب مختلفة، عبر أعمال مسرحية متعددة.

وبوصفها التجربة الأولى، وانطلاقاً من عنوان المسرحية" ديمقراطية ونص" نود القول، أن التجربة بحاجة إلى إعادة صياغة للشرط الفني، وبشكل خاص الحلول الإخراجية، التي لم تصل بالأحداث إلى النهاية المنطقية في ربط المشاهد مع بعضها، لتشكل بالنهاية تناسقاً موضوعياً في تسلسل الأحداث والأفعال المنفذة على الخشبة في سباق خطة إخراجية، يعبر عنها بالمشهدية البصرية / الصورة، فالمسرح يتابعه المتلقي بكافة الحواس، وبشكل خاص النظر والسمع.

وتوظيف متممات العرض المسرحي بما يخدم هذه الخطة، فالموسيقا مثلاً رغم شعبيتها ومعرفتها من قبل الجمهور بوصفهم أبناء" بلاد الشام" بغض النظر عن القطرية المصطنعة ، لم توظف بشكل يخدم المشهدية البصرية، وكذلك الإضاءة، جميعاً أرى أنهم بحاجة لإعادة النظر بطريقة الاستخدام، وهذا يعود للمخرج ولرؤيته الإخراجية للعمل.

فالكوميديا، كما هو معروف سلاح ذو حدين، إن لم يمسك المخرج بالدرجة الأولى، وفريق العمل في الدرجة الثانية بمفردات الأهداف المرجوة من استخدام هذا الأسلوب أو ذاك نقع في مطب ابتعادنا عن مفهوم الكوميديا بأشكالها المتعددة في الطرح.

وتحت هاجس الاقتراب من الجمهور، وشده للمسرح، الذي هو حالة حضارية انسانية ثقافية معرفية، لايعفي من عدم تحقيق الشرط الفني. وكما يقال بشكل عام أن الأفكار موجودة على قارعة الطريق، لكن في المسرح من الضروري التعامل معها بشكل يحقق الحالة الابداعية التي تفاجيء المتلقي الذي يرى فيها البساطة والإعجاز بآن معاً.

أما على صعيد التمثيل فقد بدى واضحاً أن هناك تفاوت بالقدرات الفنية والتقنية ( تكنيك الممثل) مابين ممثل وآخر. فقد شاهدنا الإرباك لدى البعض، والصمت ( الإسات )  غير المبرر في الحوارات والناتجة عن حالة الإرباك التي أشرنا لها. وكذلك التلوين بالإلقاء لدى الجميع، هذا الجانب المهم للحالة الدرامية للحدث / الفعل المنفذ في راهنية اللحظة المعاشة، مجسدة بحالة الانسجام بين الشخصيات الحاضرة في سياق المشهدية / الصورة على خشبة المسرح.

ورغم كل الإشارات التي قدمت، لا بد من توجيه الشكر لفريق العمل، وبشكل خاص للمؤلف المخرج على إقدامه  ومغامرته وجرأته بتناول هذه المشكلات التي تعتبر هاجس جميع المقهورين والمستغلين والمستضعفين في البلدان التي تعيش مايشبه هذه الظروف التي جسدت اليوم على خشبة المسرح.

ونود أن نهمس بالنهاية، إلى قضية هامة، مفادها أن تجاوب الجمهور وتصفيقة على أهمية ذلك لا يغفر التقصير في الجانب الفني.

وما جاء في كلمة المخرج وفريق العمل أنها " تجربة أولية لطلبة قسم الدراما، جامعة اليرموك، يفكرون فيها بصوت عال حول جملة من القضايا والأسئلة التي تواجههم في واقعهم اليومي المعاش وهم ما زالوا في بداية الطريق مستفيدين من هامش الحرية المتاح؟.

لايعفينا من تقديم رؤيتنا الفنية للعرض المسرحي، وتبقى هذه الإشارات وجهة نظر خاضعة للتقويم والترشيد، وبنفس الوقت لا تغيب عنا الجهد الواضح  لدى فريق العمل دون استثناء، ولا هي انتقاص من قيمة العمل. فالقابضون على الجمر هم عشاق وفرسان المسرح.

والجدير بالذكر أن هذا العرض جسده طلاب الدراما التالية اسماؤهم: راكان الضامن، عبد الله عبيدات، ميسون المومني، أحمد الجيزاوي، مراد أبو السرايا، هناء الشوملي، مصعب عثامنة. الفنيون:محمد مخادمة بالإضاءة، ابراهيم القاضي بالموسيقا والمؤثرات، يسرى طبيشات بالملابس، طارق الخطيب، ساجدة عبيدات، فارس الطاهات بالديكور، طارق حداد تصميم الغلاف، معتصم أبو عليم وفلحا المريد مساعد مخرج.

وإلى اللقاء مع فعالية اليوم الثالث التي ستكون على الشكل التالي:

1 – نقل مباشر من المهرجان على أثير القناة الفضائية السورية برنامج" جيلنا " لأمجد طعمة.

2 – فرقة باب المسرحية السورية تقدم مسرحية( الجمعية الأدبية) تأليف: هنري أوفري وإخراج: رأفت الزاقوت.

          كنعان البني

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية