مهرجان حماة المسرحي الواحد والعشرين 2009

فعالية اليوم الخامس .. بقعة خراب منسية.. واحتمال القراءات المتعددة

فعالية اليوم الخامس .. بقعة خراب منسية.. واحتمال القراءات المتعددة

1747 مشاهدة

"بقعة خراب منسية".. واحتمال القراءات المتعددة

خامس عروض مهرجان "حماة" المسرحي

نجاح العرض المسرحي يتوقف على تكامل العناصر المكونة لهذا العرض المسرحي، حيث تعيد صياغته الأدبية، وتحوله لرؤية بصرية ترسلها للجمهور في الصالة،  محاولة تحقيق المتعة والفائدة له بآن معا.

موقع مدونة وطن "eSyria" حضر العرض المسرحي، مساء يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر كانون الأول 2009، وأجرى بعض الحوارات حول هذا العرض المسرحي والبداية كانت مع مؤلف ومخرج العمل المسرحي "عمروأبو سعد" الذي حدثنا عن النص قائلا" «كتبت النص منذ سبع سنين، وأعدت صياغته أربع مرات حتى وصلت لصياغته النهائية، والتي اعتمدتها في الإخراج الذي قدم اليوم للجمهور، ضمن فعاليات مهرجان "حماة" المسرحي الحادي والعشرين، وهو من النصوص الصعبة التي تحتاج لضبط إيقاع الممثل على مدى زمن العرض».

عن فكرة العمل وشخصياته حدثنا قائلا: «فكرة العمل تتحدث عن الخراب الذي تحدثه القوى العابثة بمقدرات الشعوب وتستغلها لمصلحتها وتترك شعوبها نتيجة الإمعان بالتضليل والسلب عرضة للاقتتال والصراع لحد القتل، على مغريات تمثلها المرأة التي تغتصب المكان وتحرق تاريخه، وتمتلك السلاح والسلطة، وتطالب الشخصيتان الفدائي وصاحب البيت بالعيش المشترك معها، ثم تدفعهما وهما أبناء الأرض الواحدة والمسلوبة للاقتتال والموت».

وأضاف موضحا: «أن هذه الشخصيات لها أسماء افتراضية غير مطروحة في العرض المسرحي، فالمرأة والتي تمثل الشخصية المستغلة، اسمها "سلمى"، والفدائي الذي يمثل الشخصية الإيجابية اسمه "قاسم"، والشخصية السلبية، اسمه "حيان"».

الممثلة "خلود المصري" حدثتنا عن شخصيتها في العرض المسرحي قائلة: «لعبت هذه الشخصية التي تمثل مطلق المرأة الأنثى في العالم، جاءت إلى هذه البقعة وسيطرت عليها بعد أن حرقت الأثاث وكل الوثائق التي تشير للمالك الحقيقي لهذه البقعة، ويمر علة هذا المكان الشخصية الأولى والذي يدعي ملكيته للبيت، تسايره وتتنازع معه بعد أن تضاجعه على السلطة في البيت، يتركها ويغادر، تأتي الشخصية الأخرى الفدائي المجروح في المعركة تسعفه وتضاجعه أيضا، وتطالبه بالبقاء معها، تعود الشخصية الأولى، تطالبهما بالعيش المشترك، لا يتفقان فيحصل القتال ويموتان، تحمل من أحدهما وتنتظر الولادة».

المشرف الدرامي، أو العين المراقبة على العمل المسرحي كما صرح مخرج العمل، الفنان "رفعت الهادي" حدثنا عن ظروف المشاركة قائلا: «نحن فرقة مسرحية نمارس تدريباتنا بشكل يومي لدينا العديد من العروض المسرحية الجاهزة للعرض على مدار عشرة أيام، نتيجة اعتذار الفرقة التي كان من المفروض أن تعرض اليوم، تم الاتصال بنا البارحة لنقدم عرضا اسعافيا، لبينا النداء وحضرنا وقدمنا عرضنا المسرحي».

وأضاف موضحا: «لكن لم نحضر معنا الديكور والإكسسوارات، وتم التغلب على ذلك من خلال التوالف وبقايا قطع الديكور الموجودة في المستودعات هنا، صنعنا هذا الديكور الذي خدم العمل بشكل جيد، كما ساعدنا فريق العمل من مديرية الثقافة بموضوعة الإضاءة وسواها لهم كل الشكر».

المخرج المسرحي "مولود داؤد" عبر عن رأيه بالعرض المسرحي قائلا: «حاول المخرج أن يوظف المرأة كدلالة للمكان بقعة الخراب المنسية، وإذا ربطنا بين المكان والمرأة نستنتج في نهاية العرض إذا سارت هذه الدلالة في تنامي معين، أن هذه البقعة يمكن أن يمر بها عدد من الزوار وتبقى منسية كما شاهدنا في ختام المسرحية تبقى وحيدة وفي بطنها جنين يعود لجملة الزوار».

وأضاف مشيرا لأداء الممثلين وللإخراج قائلا: «جدت إضاءة جيدة، لكن أداء الممثلين كان ينم عن أن هذه المرة الأولى التي يقفون على الخشبة ويحتاجون للعمل عليهم، والحلول الإخراجية بدائية».

المخرج "عبد الكريم حلاق" له وجهة نظر أخرى حول المرأة فيقول: «المرأة بهذا العرض المسرحي، محط رغبة كل من يزور البيت ويشاهد هذه المرأة المغرية والمتعطشة لكل شيء والتي تتمنى دخول الجميع عليها وتحاول التمسك بكل من يغادرها، الأداء للممثلين والحلول الإخراجية بحاجة إلى تطوير وعمل أكثر».

الممثل المسرحي "أحمد عامود" أشار إلى أن هذه البقعة لم تكن منسية لأن الحدث وقع فيها، قائلا: «لأنها تعرضت للقصف والخراب الذي حلّ بها كشكل خارجي، وإذا كانت المرأة هي الأرض، لا نعرف بماذا ستأتي بالجديد بعد تداعيها وتماهيها بالفدائي الوطني، أو بصاحب السلطة الذي أرادها أن تكون مدبرة اقتصادية مدبرة منزل، فهل سيكون الحمل والولادة الجديدة هي شكل للحل الدبلوماسي، أم حلّ للمقاومة، العرض لم يوضح ذلك».

"محمد المصري" قدم وجهة نظره قائلا: «أنا لم أجد المرأة في العرض مجرد امرأة وسرير، أنا رأيتها الأرض، والقضية، كما أن الإضاءة ببهرجتها الزائدة أضرت بالعرض، النطق لم يكن موفقا لأن مخارج الحروف لم تكن سليمة حرمتنا فهم الحوار، والعرض بالعام طرح ما هو أكبر منه».   

"محمد الشعراني" أثنى على ظاهرة المؤلف المخرج والممثل، ثم قال: «لقد تم بناء النص بشكل ذكي ومتمكن، أدخلنا اللعبة منذ اللحظة الأولى، من خلال الموسيقى والقصف والدمار وهذا الحائط، وثلاث شخصيات، المرأة الوحيدة، التي تمثل من وجهة نظري بقعة الخراب، والتي تماهت مع الأرض العطشى من خلال مونولوجها وانتقلت للجسد، عبر هذه الدلالات في بعدها الاجتماعي، لننتقل للشخصية القرصانية الكاذبة والمنافقة والدبلوماسية الذي استطاع معاشرتها بلطفه المخادع، لكن غادرها لاختلافه معها على السلطة».

ثم أضاف متحدثا عن الشخصية الثالثة الفدائي قائلا: «هذه الشخصية أوصلتنا للذروة التي تحتمل عدة سيناريوهات لتصاعدها من خلال معاشرتها للفدائي برضاها، ثم طلب تعايش الثلاثة معا بسلام، وبالتالي صراع الشخصيتان والموت، وبقائها وحيدة مع حملها، هذا التدرج بالتلقي والارتقاء بالفكرة من المحلية للعربية للعالمية، وهذا يسجل للعرض مؤلفا ومخرجا».

الأستاذ "عبد المنعم حلاق" الذي وصلته الدلالات والرموز وهو يؤمن بتعدد القراءات لكنه وحسب رأيه يقول: «دلالة المرأة والديكور والموسيقى والإضاءة وصلت، وكنت أتمنى أن لايقصد ما قصده منها المخرج، بسبب أنه لم يكن قادرا على مسك هذا الخيط لهذه الدلالات المتضاربة لأنها صبت بخانة واحدة، وما شاهدناه لم يكن بمستوى الدلالات التي وصلت للصالة، هذا العرض مسطح، إما هناك مشكلة بالمادة النصية، أو بطريقة الإيصال للمتلقي من الممثلين والمخرج، لم أتصاعد مع العرض بقيت بخط واحد أداء متواضع، ربما إضاءة جميلة، أو موسيقى، لكن عندما تجتمع يسقط هذا الجمال».

الناقد "زيد الظريف" وعضو لجنة تقويم العروض حدثنا عن العرض بالقول: «نحن أمام مؤلف ومخرج لهذا العرض، وأشد على يد المخرج لأنه يمكن أن يكون صاحب مشروع متكامل يستطيع أن يحقق بصريا ما أراد تجسيده على الصعيد الفكري كتابة، فالكاتب متشبع بالمسرح الواقعي لأنماط درجت في أمريكا وإيطاليا تنحوا للحكاية الواقعية البسيطة والحبكة الواقعية البسيطة وهي موجودة ونستطيع مشاهدتها في أي زمان ومكان».

وأضاف أن هذا الشرط الواقعي يحتمل الحالة الانتقائية والفنية والشرطية موضحا بالقول: «أنه يستطيع هذا النوع من الكتابة الدرامية أن يحمل الكثير من الدلالات على صعيد النقد، نقد التحليل النفسي، و "الأنثروبولوجي"، والكثير من المدارس النقدية الأخرى. لكن ما ظهر بالنص الذي قرأناه بصريا على الخشبة هو نص مبتسر الذرى، مبتسر البناء الدرامي للشخصية، الشخصيات كانت واضحة الهدف والتوجه وهذا جيد، لكن لم نرى تاريخ وجغرافيا هذه الشخصية، هذا أولا».

ثم تابع موضحا النقطة الثانية عن الذرى قائلا: «لم تكن الذرى مقنعة بشكل من الأشكال، وقد جاءت سريعة غير متدرجة وبشكل قاطع جعلني لا أستسيغها ولاأقبلها دراميا».

أما على صعيد الإخراج فقد قال: «الإخراج كان بسيطا لكنه مفتوحا. أداء الممثلين كان قديم الطباع والطراز، الديكور على بساطته حقق ما يريده المخرج، وكذلك الإضاءة، فلدينا الآن الإضاءة الكلاسيكية والإضاءة الشرقية الآسيوية التي أصبح فيها للضوء معان ودلالات مختلفة، والإضاءة أصبحت تعبير عن المزاج الدرامي، وما يعكسه هذا اللون على مزاجنا في اللعب الدرامي على الروح في اللعبة المسرحية». 

ولنا رأي مفاده أننا أمام تجربة كتابية تطرح قضية هامة تتعلق بقضيتنا الأساس صراعنا مع الصهيونية العالمية، كأمة عربية وإسلامية لها جذورها الضاربة عمقا في الأرض فكريا ودينيا وتاريخيا، لم تستطع الانتصار عليها رغم التزوير والإدعاء، لذا تلجأ لهذا الشكل من الإغراء والتحايل والتدلس والظهور بمظهر الحمل الوديع البريء، وتشكل هذا الشرخ بين الأهل والعائلة الواحدة عازفة على مبدأ تضخيم الأنا في التملك، وتكريس مبدأ الكبت الجنسي ومثلث التحريم، عند الفرد والسلطة. هذا على صعيد النص، لكن على صعيد الصورة البصرية لم يحقق العرض هدفه في توصيل ما أراده المخرج المؤلف من عرضه المسرحي، رغم الإضاءة والموسيقى والديكور الجيد، لكن أداء الممثلين كان بسيطا وكذلك الحلول الإخراجية بسيطة لم تكن قادرة على تقديم مشهدية بصرية فنية وجمالية تخدم فكرة النص الواقعية والجميلة . تجربة جديرة بالدراسة والحوار للارتقاء بها على صعيد الصورة لتناسب أفكار النص.

بطاقة العمل

تأليف وإخراج "عمرو أبو سعد"

تمثيل "خلود المصري" بدور "سلمى"، "كنان حرب" بدور "الفدائي قاسم"، "عمرو أبو سعد" بدور "حيان".

الفنيون "عهد مراد" موسيقا، "رفعت الهادي" إضاءة

فرقة "حكايا" المسرحية من "السويداء"

    عن موقع "eSyria"

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية