مهرجان الكوميديا الثالث في اللاذقية 2009

فعالية اليوم الرابع لمهرجان الكوميديا الثالث في اللاذقية

فعالية اليوم الرابع لمهرجان الكوميديا الثالث في اللاذقية

2227 مشاهدة

فعالية اليوم الرابع لمهرجان الكوميديا الثالث في اللاذقية                     

عرض مسرحي بعنوان" أوضة سورية " لفرقة المسرح القومي في دمشق . إعداد : سعد الغفري وعلا الخطيب، إخراج : علا الخطيب.

يقول المثل الشعبي" البيت الضيق يتسع لألف حبيب"، والمحبين للحياة كثر، أما الحب الذي تستظله هذه الأوضة متميز ببساطته وصدقه وتحرره من الزيف وتحركه مابين العقل والقلب على حامل إنساني بسيط يقول لنا هلموا لفضائي أيها المعذبون بالحب نقهر الظلم والجوع ونحطم القيد.

 وتقول مخرجة العمل" علا الخطيب":" نضيق ذرعاً بداخلها ... نحلم بالخروج منها ... تدوخنا تفاصيلها العتيقة ... تحنو علينا حيناً ... وتفاجئنا بقسوتها حيناً آخر ... حضن دافئ يحيط به برد العوز والازدحام ... إنها غرفة ذكرياتنا وحبنا القديم ... مهما ابتعدنا تبقى مكاننا الأول ... رائحتنا ... شقاؤنا ... صرختنا ... إلى من خلق ليّ أوضة الحب الأولى ... إلى أبي وأمي ".

حكاية غاية بالبساطة، أنثى وذكر، أحبا بعضهما خلال الدراسة الجامعية، تزوجا لينعما بحياة أسرية كباقي البشر، هي تعمل بالترجمة، وهو يعمل بالصحافة، تضمهما غرفة متواضعة.

لكن ياترى هل سارت الأمور معهما بهذه البساطة التي سردنا بها الحكاية ؟

تعالوا لنلقي الضوء على مفردات الحكاية. روز صبية خريجة جامعية قسم الترجمة، تنتمي لعائلة عادية، عارضت زواجها الذي يخالف الواقع الاجتماعي، ويضعهم أمام تساؤلات محرجة؟؟ عبدو شاب خريج جامعي قسم الصحافة، ينتمي لعائلة مسلمة محافظة، تعارض العائلة هذا الزواج لأسباب اجتماعية محرجة؟؟؟ ينتصر الحب، يتزوجان وينغمسان بالحياة / الواقع .

خمس سنين مضت على هذا النصر للإنسانية، التي لم تميز بين طائفة وأخرى. لكن مفردات أبجدية الواقع المعاش تفرز مالديها من عقبات ومنغصات صنعها البشر المستكينين للجهل والكسل حتى بأهم مايرونه المحدد لانتمائهم المقدس؟ ثرثرات، استلاب، أنانية، مصالح فردية، استعباد، جوع، قمع، اغتصاب، خنوع، مفردات القهر كانت مجتمعة ضمن الذكرى الخامسة لميلاد الزواج؟؟؟

عبر اللحظة الحرجة للإحباط، يعود الزوجان لسرد الذكريات المركونة والمغيبة بأمل الوصول للأفضل في لاشعور كل منهما، لأنها صرخات المجتمع غير الموافق على ما تم بينهما ومخالفتهما للسائد بزواجهما غير المبارك. كانا يقاومان كل ذلك بالحب والتعاون، لكن المثل يقول" يد واحدة لا تصفق " مقاومتهما تحتاج لمن يسندها معرفياً، بإزاحة ما تراكم على روح البشر/ الإنسان من صدأ القانون المجرد من الحياة،  لذلك تحاصرهما شبكة الجهل وتعيدهما لحضنها رافعة شارة التفوق!!!

هذه الحكاية تجسدت أمامنا برؤية إخراجية فرضت حلولها الفنية لقضية اجتماعية معقدة وقديمة، عبر فضاء مسرحي ضم غرفة بسيطة شهدت كل الأحداث والأفعال التي أفرزها التسلسل الدرامي للصراع القائم مابين الداخل والخارج المطبق على الشخصيتين( روزا وعبدو) .

على صعيد التمثيل فقد استطاعا ( كوزيت حداد وسعد الغفري ) أن يجسدا الشخصيتان بصدق قائم على تمكنهما من أدواتهما المعرفية في تكنيك الممثل من ليونة الجسد، إلى التلوين بالإلقاء، والتعبير المرسوم على الوجه عبر الأحداث، وبتنفيذ التشكيلات البصرية التي رسمتها لهما مخرجة العمل، مزركشة بإضاءة رسمها المصمم والمنفذ لتضفي على اللوحة جمالية الموضوع المحمل على الديكور الذي تم استخدامه بخفة دون أن يشوه تلك الصورة التي كانت نتاج عمل جماعي، مؤكدين هذا هو المسرح أبو الفنون.

عمل نظيف احترم المشاهد فترك له النهاية مفتوحة ليحدد هو دوره في السعي والتعاون في إعادة "روزا لعبدو "إن اعتقد أنهما انفصلا، أو للتعاون على حلّ المشكلات الفكرية والمادية التي جاهدت لقتل هذه الحالة الإنسانية القائمة على ثنائية " الأنثى والذكر" وحدة عضوية واحدة لأنهما يجسدان الخلق بأجمل ما منحه الخالق، صاحب الرسالة الواحدة، لرسل من عائلة واحدة، لمتلقي واحد هو الإنسان الذي يمثل بورتريه الإعجاز.

إلى اللقاء مع عرض الغد الذي تقدمه فرقة " كيف " من السعودية بعنوان" مجانين " تأليف : محمود الشرقاوي، إعداد وإخراج : ياسر مدخلي. نتمنى وصول الفرقة بالسلامة خلال الساعات الفاصلة بين عرضين مسرحيين حسب برنامج فعاليات المهرجان، وأن لا تخذلهم الجهات المعنية في السعودية بروتين مؤسساتيّ من الضروري تجاوزه، لأنه سيضع إدارة المهرجان بإحراج خارج عن إرادتها. لنتعاون مع إدارة المهرجان بقبول الحل الذي تقدمه لضمان سير فعاليات المهرجان.

                     كنعان البني
 

 

 

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية