أخبار فنية

فـجــر إبـليــس اغتصاب لبراءة بسكين الخيانة

فـجــر إبـليــس اغتصاب لبراءة بسكين الخيانة

2109 مشاهدة

المسرح الجهوي لسيدي بلعباس

فـجــر إبـليــس اغتصاب لبراءة بسكين الخيانة

      

 تواصلا مع عشّاق الفنّ الرّابع ، وفي ظلّ العروض المسرحيّة المسطّرة لشهر فبراير الجاري ، انفتح جمهور المكرّة على العرض العامّ لــ" فجر إبليس " الذي نشّطه الثنائي ربيع ونيسا ، العرض الذي كتب نصّه الأردني " غنّام غنّام" وأسندت فيه العمليّة الإخراجية والسّينوغرافيا لــ

"بن سالم محمّد بشير" .

     وسط حضوريّ قويّ للمثلين تمّ رفع الجمهور دراميا ليتفاعل وأحداث العرض المسرحي الذي كان بمثابة رحلة وسط المجهول الموصوم بالحبّ تارة وبالخيانة والغدر مرّات عدّة، لتكون قصّة أخرى ضمن حلقة مفرغة لتكون " بدرانة" الضحية رقم واحد في قائمة المطالبة بالعفّة والشرف ، هي التي كانت تحت أعين كلّ شباب حيّها إلا أنّ قلبها دقّ لشاب واحد كان صديقا ومحترما بين أهاليه رغم نزواته المتعدّدة.

الرّحلة الدرامية دامت قرابة السّاعة وسط سينوغرافيا مميّزة وموسيقى منتقاة بدقّة للتّونسي " أنور إبراهيم" لتكون " بدرانة" ضحية اغتصاب وحشي من مجهول لبس قناع صديق زوجها القادم من سفر بعيد في وقت كان زوجها " نايف" غارقا في معاقرة الخمر ، لترسم " نيسا" لوحة الاغتصاب بأسلوب جمالي في منتهى الدقّة معبّرة عن اغتصاب وحشي في ظلّ  ثقة متناهية ، لتكون نتيجة ذلك الاغتصاب بذرة جنين في شهره الأول .

     في ساعة متأخرة يدخل "نايف" لتحاول"بدرانة" سرد التّفاصيل إلا أنه لا يمنحها الفرصة في كلّ تفصيل يقاطعها ومع ذلك تحاول جاهدة إخباره ، هو الآخر في قرارة نفسه لا يسامحها كأهل القرية الذي انتشر الخبر بينهم بسرعة البرق ، ليطالبوا بالقصاص أو بالرحيل باعتبارهما منبوذان .

في خضّم الصّراع الدرامي يترفّع الحب وتعلو المشاعر إلا أن " نايف " بين نار مسامحة زوجته وبين ردّ الاعتبار لشرفه عن طريق تطبيق ما طلب منه من أهل القرية ، كون الشرف عملة صعبة في زمن التغنّي بالرّجولة وحفظ ماء الوجه.

    وبين مدّ وجزر تطالب " بدرانة" أن ينفذّ زوجها مايــراه مناسبا ومع ذلك يتردّد مبديا تعاونه ، وبين الوهلة والأخرى يتّضح له أن مغتصب زوجته هو صديقه الأقرب " راجي" الذي عاد من السّفر منذ أيّام وتآمر هو وعشيقة " نايف" للإطاحة به ، فكان الطّامة الكبرى حين ركض " نايف" ليلتها الى حضن عشيقته في الوقت الذي اغتصبت فيه زوجته " بدرانة" بوحشية .

    الصّراع الدّرامي هذا تصاعد بشدّة حينما أقنع " نايف" زوجته بتنفيذ خطّة الشّنق الصّوري واهما إياها أنّه بعد ذلك سيحملها الى المقبرة وتعاد إليك الحياة حينها لتكون معجزة ويقتنع أهل القرية أن اللّه القدير أراد لك الحياة ، ومن ثمّة نشقّ طريقنا نحو المجهول بعيدا عن كابوس الشرف والقصاص.

ونفّذت " بدرانة" ما طلب منها حبّا لزوجها واقتناعا بفكرته التي رأت فيها مخرجا ، إلا أن " نايف" كان في نيّته شنقها فعلا وقام بذلك لتفارق الحياة آملة في لحظة أن تكون أمّا لندى أو لنوّارة أو حتىّ لنوّار ، لتؤكّد على ندى التي أصرّت أن تكون كذلك لأنّها ستخبرها يوما حقيقة أنها اغتصبت بالنّهر وهي جاءت من ماء فندى اسم مناسب .

في ذلك لم تأت لا ندى ولا نوّارة ، فالمطالبة بالشرف كانت أهمّ وأرفع لدى نايف من كلّ معتقد ، فالرّجولة لديه كانت إثبات أن زوجته فعلا تستحقّ الشنق كونها لم تحافظ على شرفه ، ضاربا عرض الحائط كلّ آمال زوجته ، متجاهلا الحبّ الذي جمعها .

     فجر إبليس كانت نهايتها الدرامية مأساوية ، نايف الذي همّ برفع زوجته بين يديه نحو أهل القرية معلنا وفاتها أسكتته رصاصة من " راجي" المغتصب الذي سيعدّ شهما كونه طمس الرّذيلة في برهة ليسكت كلّ فاه كان بإمكانه أن يكشف الحقائق .

    لتكون " فجر إبليس " اغتصابا للقيم والمبادئ، اغتصابا لبراءة لم تر النّور بعد، اغتصابا لأنبل شعور في زمن التغنّي بالشّرف الذي يدنّس في كلّ لحظة بشعارات لا تمتّ بصلة الى واقع أن الاغتصاب الرّوحي أشرس اغتصاب .

وعليه ، فان الثنائي " نعيمي ربيع " و" لكرون أمينة " المدعوّة نيسا فنيا أجادا بحقّ ورفعا الجمهور دراميا بلغة فصيحة شاعرية فيها الكثير من الألم والأمل في ظل إخراج في المستوى .

بقلم : عباسية مدوني – سيدي بلعباس- الجزائر

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية