أخبار أدبية

في الذكرى الأولى لرحيل الشاعر نصر علي سعيد

في الذكرى الأولى لرحيل الشاعر نصر علي سعيد

1792 مشاهدة

في الذكرى الأولى لرحيل الشاعر( نصر علي سعيد) 

 

 ومر عام على تيتم الشعر الصاخب في سلمية

مر عام وأنا لا أزال أنتظر عند سماعة الهاتف

كي أسمع صخباً افتقدته منذ بعض الوقت ليس إلا ..

مر عام وما زال الأصدقاء هنا يسألونني عنك رغم أنهم متأكدون من رحيلك الذي لا رجعة فيه .. ويقر جمعهم أنهم فقدوا بفقدك وكالة حقيقية لأخبار الأدب في سورية وربما في العالم العربي .. كنت تتابع كل نأمة رغم إعاقة البصر ..

 لقد كان الهاتف وسيلتك الأهم في الحصول على النبأ .. وربما سماع بعض القصائد .. وإلقاء بعضها الآخر ..

عشقت  الوطن والأرض والإنسان وغنيت لهم جميعاً

اعتمدت أسلوب البوح في قوافيك ، وكنت جمراً في احتراقك ونسيماً في عبورك وندياً في حكايا عشقك ..

كنت تستعجل الطباعة .. ولا تستجيب لندائنا بالتريث .. ربما لأنك كنت تعرف أن العمر لن يمهلك كثيراً .. اثنتا عشرة مجموعة شعرية جلها في الشعر العمودي ، وبعضها في شعر التفعيلة .. ( بوح القوافي - نحن جمر الإحتراق - عندما تفقد ظلك - بوح وجمر وظل - وجدانيات نصر علي سعيد - جلنار الحب - أغنيات دافئة - وجع المدى - أنات قلب - همسات لأنثى دامعة - قصائد للأرض والحب والإنسان - قطرات من الندى )

وتقاعس الناشر عن طباعة مجموعتك الأخيرة التي بقيت في الأدراج ..

بكيت لمجازر صبرا وشاتيلا وقانا وجنين وغزة والعراق

وعلا صوتك هادراً في أمسيات الشعر في جميع أنحاء الوطن ..

وفي آخر أمسية  من أماسي آذار  ( 31/3/2008 )طويت جناحيك ولملمت قصائدك وأغلقت خط هاتفك ورحلت ..

نعم رحلت دون أن يتسنى لنا نحن ثلة أصدقائك أن نقول لك كلمة وداع

كنت أسمعهم يصرخون معي ، يصرخون حتى تدمى حناجرهم :

-        لقد مات نصر علي سعيد ..

وكنت أتصور أن شيطان الشعر سيتغلغل في كل الأمكنة ، وسيقطع كل المسافات ليبلغ كل شعراء الوطن بوفاة هذا الشاعر الذي لم يكن يدعه يهدأ .. إلا أنني اكتشفت أنه وربما لفرط سعادته برحيل شاعر  ملأ ساحات الشعر بالضجيج ، نسي كيف يقوم بمهمة لن تكلفه إلا بعض الجهد ليس إلا ..

وانكفأت وبكيت ..

نعم .. لقد بكيتك أيها الشاعر الصديق ، وبكت معي سلمية والأصدقاء ..

لقد مات أبو نضال ..

كلهم لم يصدقوا .. لأن أبا نضال يجب أن يعيش ، وهم لم يتهيؤوا لمثل هذا النبأ الذي نزل عليهم كالصاعقة ..

ثم خلوت إلى نفسي ، وبدأت أستعيد شريط ذكرياتنا ، بداياتنا ، جلساتنا الأدبية التي استمرت مايزيد عن الثلاثة عشر عاماً في منتدى أسبوعي ضم خيرة الأصدقاء ولفيفاً من أدباء مدينتا ، مدينة الشعر سلمية ..

أيها الراحل العجول ..

تذكرت قصائدك التي كانت تهطل على جلساتنا تارة وعبر سماعة الهاتف أو صفحات الصحف تارة أخرى مدرارة كالمطر ..

وعدت إلى بعض انطباعاتي وآراء الأصدقاء التي تناولت تجربتك الشعرية ، فأحسست أن اتهامنا لك في كثير من الأحيان بالإستعجال والغزارة كان في غير محله ..

نعم .. نحن لم نكن ندرك أنك ستسبقنا في الرحيل ، وأنك إنما تستعجل الزمن الذي لن ينتظرك طويلاً  كي تلقي بكل مفرداتك وتنثرها مموسقة في هذه القصيدة أو تلك ..

لكن الوطن وسلمية والشعر لن ينسوك  أيها الشاعر الذي لم يستكن للظلام في عينيه ، فانطلق يهمس ، ثم يغضب ويثور ويعاود الغناء على طريقته ..

(نصر علي سعيد) أيها الشاعر الغائب الحاضر  ستكون بيننا دائماً كما أدباء آخرين سبقوك في الغياب وآخرين لحقوا بك سريعاً ( خضر الحمصي – أيوب منصور – اسماعيل المير سليمان - حسين هاشم - عبد الحق نعوف ..)

أخلصت للشعر ووفيته حقه وسنبقى أوفياء لك ولشعرك

نصر علي سعيد .. أنت لازلت بيننا ..  لم يغيبك الرحيل

 

                                                                 محمد عزوز

                                                              31 /3/2009                                                  

                                                  

 

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية