أخبار أدبية

في الذكرى الثالثة لرحيل الشاعر محمد الماغوط

في الذكرى الثالثة لرحيل الشاعر محمد الماغوط

1843 مشاهدة

في الذكرى الثالثة لرحيل الشاعر الكبير محمد الماغوط

 

يصادف يوم 3/4/2009 الذكرى الثالثة لرحيل الشاعر الكبير محمد الماغوط  وبهذه المناسبة أقدم النص القادم ( وأخيراً عاد )   الذي تمت كتابته في حينه تأثراً بالرحيل ..

 وأذكر بأن الأديب الماغوط هو من مواليد سلمية – سوريا عام 1934 درس في مدارسها الإبتدائية والإعدادية  وكتب الشعر في يفاعته لافتاً انتباه المهتمين ، نشر مقطوعاته الأولى في مجلة الجندي عام 1951 مع أدونيس الذي كان محرراً فيها  ثم تابع نشر أشعاره بمجلة النقاد بدمشق دفعته الظروف السياسية في سورية آنذاك  للسفر  إلى بيروت والتقى هناك بجماعة مجلة شعر وأصبح واحداً منهم وتعرف على زوجته الشاعرة ( سنية صالح ) التي رحلت عام 1986..  يعتبر من مؤسسي قصيدة النثر .. واشتهر بالسخرية اللاذعة .. كتب بعد ذلك للمسرح والسينما والتلفزيون .. 

أهم أعماله: في الشعر والنصوص النثرية ( حزن في ضوء القمر – غرفة بملايين الجدران – الفرح ليس مهنتي – سياف الزهور – شرق عدن غرب الله – البدوي الأحمر ) وفي المقالة الصحفية ( سأخون وطني ) وفي الرواية ( الأرجوحة ) وفي المسرح ( العصفور الأحدب – المهرج – ضيعة تشرين – غربة – المارسيليز العربي – كاسك ياوطن – شقائق النعمان – خارج السرب ) وللسينما ( الحدود – التقرير ) وللتلفزيون ( أبو الفتح الإسكندراني – مجلة الهموم – حكايا الليل – وداعاً أيها الغريب – وين الغلط – وادي المسك )  

وقد أعلن قبل وفاته أنه ينوي أن يصدر عملاً جديداً بعنوان ( عواء الشعوب بالمقلوب ) لكن القدر لم يمهله ..

 

 

وأخيراً عاد ...

 

في وداع الأديب الكبير الراحل  محمد الماغوط

 

 

وأخيراً عاد ...

عاد إليكِ ياسلمية محمولاً في نعش..

عاد إليك نعوة عالية النبرة في مآذن جامع السوق والزهراء والإمام اسماعيل..

عاد إليك حروفاً مكتومة في الحناجر وغصة مختنقة في الصدر ..

عاد إليك ليجول في شوارعك وأزقتك دون أن يتمكن من التمتع بمرأى قرية ( لايتورع رجالها عن ضرب أشجارهم بالسوط لأنها لم تثمر في الوقت المحدد .. وظلت نائية وباسلة ) كما كانت يوم أعلن أنه مصر على الصفع حتى ولو بالكلمات ..

كانوا يهيئون له مكاناً رحباً يتسع لكل المحبين الذين افتقدوه زمناً ، وصار بالنسبة لهم قصائد وكلمات في كتب وأوراق ، فضاق المكان وتقزم حتى صار بحدود الجسد المسجى ..

أعد العدة للعودة كبيراً شامخاً كما بدأ ، سنديانة عتيقة متجددة ، فعاد بجعبة فقدت خليلها ، جعبة فيها كلمات بحجم الوطن ، كلمات تعلن أن الفرح  ظل أمنية ، وأن الحزن صار عشقاً في ضوء القمر ، والغرفة صارت بلا جدران ...

كان يرغب أن ينهي غربته ويعود للضيعة الكبيرة ، ضيعة بحجم الفصول الأربعة ، ضيعة بلا حدود ، تمتلئ بأراجيح الأطفال ، ومشاوير الصبايا في الدروب المزروعة بالأمل الغافي في الصدور ..

فانتهت رغم أنفه ، وعاد قريباً من القلب ، قلوب الناس كل الناس في سلمية ودمشق وبيروت والوطن كل الوطن ...

عاد ذاكرة لكل الناس الذين صفعوا القهر بكلماته وأمنياته وحبهم لأسم الماغوط الذي ضاقت به الحدود ، حدود الأرض والأفق السرمدي ..

رحل الماغوط تاركاً أحزانه وعصفوره الأحدب وكأس الوطن وحكايا الليل ..

رحل وهو يحلم بوطن استثنائي كقلمه ، خال من الهم والتعب ، يسافر في أصقاعه مجللاً بالألق والعبق والريادة

رحل وفي يده سيف وقلم وحزمة من الحزن والألم ..

رحل بعد أن سافر في اللجة بلاأشرعة ، فصارع الموج وتمسك بالمجداف وأعلن أن ( ما من قوة في هذا العالم ترغمه على فعل مالايريد مادام هناك تبغ وثقاب وشوارع ) .

في صباح  شتاء سلموني بارد كانت الولادة ،   وامتدت رحلة حياة حافلة بالألم ، أعلن فيها ذلك الطفل المشاكس المتمرد ، والعاشق الغجري وملك الأرصفة والتسكع أنه سيمثل كل المقهورين في العالم ..

وفي مساء يوم دمشقي مكفهر كان الرحيل ، تذكر فيه أنه ارتكب خطأً كبيراً بتقدمه في العمر ، وهمس بعينين تقاومان الإنطفاء :

ــ انتظروا .. إسمعوني جيداً .. سأبقى سفيراً لكم هناك .. انتظروا ولاتطيلوا الإنتظار .. لأنني سأعيش بينكم ..

في الزوايا الباردة ستجدونني

في أرحام أمهاتكم ستجدونني

في اخضرار الجبال وبين أقاحي السهوب ستجدونني

في مداد أقلامكم وأصوات عذاباتكم .. في أحلامكم وآمالكم وربما في أنات الألم والحزن الغافي في صدوركم ستجدونني

في كل نبضة قلب أو صرخة طفل ستجدونني

وسأعلن دون وجل من هنا وهناك .. فتشوا جيداً .. أنا حيث تحبون أن أكون ...

 

 

                                           سلمية في 4/4/2006

                                                                            محمد عزوز

 

 

التعليقات

  1. Image
    هذه هي السلمية تلد و تودع هذا العملاق ذو الأصابع الذي يدافع به عن بناته و أرضه .حتى الكلام لا يكفي هذه السنديانة الشامخة فسوف أنحني اجلال لهذه السنديانة. سكرا

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية