مواضيع للحوار

قانون الجذب المسرحي الدكتور جبار خماط

قانون الجذب المسرحي الدكتور جبار خماط

1113 مشاهدة

قانون الجذب المسرحي الدكتور جبار خماط

 

FAWANESALMASRAH

 

الفوانيس المسرحية

 – كثيرا ما أردد حول ضرورة مجاورة الفن بالعلم، لأنه يتطلب اتقان تجربته ، وإبعاد الزائد عنه، لتكتمل الصورة، وتظهر محاسنها، وينساب الإمتاع في جدول الإفهام، كانه ماء رقراق يتفاعل مع الراغبين بالارتواء بعد عطش جمالي.

لقد حاول الفلاسفة والمفكرون والفنانون المبدعون انتاج لحظات جمالية فارقة من عمر الوجود،  فكانت على نحو نظريات علمية أو مقاربات فلسفية أو اعمال فنية، كلها سعت إلى الوصل إلى نوع من التواصل والجذب ما بين الإنسان والوجود .

واذا نقول للجذب قوانين وحالات وصور، فإن النفوس والاجسام تنجذب نحو علاقة حميمية، لا انفصام فيها، تلك الجاذبية التي نسعى اليها جميعا، منذ نرسيس أو نرجس بروايتنا، ننجذب إلى صورتنا، نؤمن بها حد التطابق، حتى قال العلماء ان نرجس يعاني عقدة التواصل مع الآخر، فانجذب إلى نفسه وعشقها، ولذلك اطلقوا على الأنانية بانها مرض نرجسي، لان صاحبها لا يحب إلا نفسه أو مصلحته، حتى لو انتهى ذلك إلى اشعال الحرائق في المدن العظيمة مثل ما فعل نيرون بروما! إن مفهوم الجاذبية، سلوكي وفيزيائي؛ معروف ومتداول، نستريح في محطات ايامنا المحبطة بالعادي والمألوف، ليأتي ما يحرك انزيم الدوبا مبن في الدماغ ، فنروح في رحلة ممتعة وانيقة بعيدا عن محطتنا الرتيبة .

لقد نجح العالم (( اسحاق نيوتن )) في تفسير العالم بانه جاذب ومجذوب، في علاقة من الفعل وردة الفعل، تتناسب مع كمية الجاذبية الرابطة بين الطرفين. ولا فرق بين هذا وذاك أو تلك، إلا بقدر من تحمل من بذور لها القدرة على النمو الاتصالي مع الآخر أو الشيء، فالتفاحة تسقط من الشجرة إلى الارص في انجذاب!! هل اشتاقت التفاحة إلى بذرتها الأولى التي نزلت لأول مرة في الارض وتعايشت معها فكانت الشجرة وكانت التفاحة، هذه الكلمات دارس في رأس نيوتن، وأي عالم فيزيائي، عمد إلى تحويل الأدبي إلى علمي، فانت نظريته في الجاذبية الأرضية التي تتساقط الاجسام نحوها! لقد أنتج "نيوتن" قانون الجذب العام لذي (بإلانجليزية:( Newton’s law of universal gravitation، أو كما يعرف اختصارًا بـقانون الجذب العام هو قانون فيزيائي استنباطي ينص على أنه “ توجد قوة تجاذب بين أي جسمين في الكون، تتناسب طرديًا مع حاصل ضرب كتلتيهما، وعكسيًا مع مربع المسافة بين مركزيهما”.

ومن هنا كانت الجاذبية وتعرف أيضاً باسم الثقالة (بإلانكليزية ( Gravity هي ميل الكتل والأجسام للإنجذاب والتحرك نحو بعضها البعض كما في الجاذبية بين الشمس والأرض. لقد تعود المسرح العربي على معادلة ” شبيه الشيء منجذب إلبه ” أو ” الطيور على اشكالها تقع ” هذا التراكم من الوعي الساكن الذي يعتمد التماثل وليس الجدل القائم على الشيء ونقيضه، افرز لنا تفكيرا احاديا يتبنى المتشابه، وينكر النقيض، وهذا جعل مفهوم الايقاع وتطوره الداخلي ناقصا وغير مكتمل لأنه لا يعتمد التحليل والتركيب ما بين العناصر، بل يميل المسرح العربي ، إلى التركيب الجاهز لوحدات المشهدية، مما يجعل هذه الوحدات متشابهة الصنع، لان عناصر انتاجها واحدة وليست متناقضة! ينبغي لنا في المسرح العربي ان نتبنى قانوناً للجذب المسرحي، قائم على فرضية ” نقيض الشيء منجذب إليه “ لان المتناقصات في الفن، تعطي فرصة عملية لإنتاج حركة داخل الشكل، تسمح للمتلقي بتشكيلها وتوليدها في ذهنه، فالمألوف لدى المتلقي من الخبرات السمعية والبصرية والحركية، ينبغي أن تواجه بخبرة مسرحية تناقض وتكسر توقع الجمهور، من أجل الحصول على ضمانة التلقي الجمالي الذي يحقق فرحاً نفسياً، لا تنفد خزائنه في وعي الجمهور، الذي وجد في العرض ما كان يفتقده في الحياة من تناغم وايقاع وخطاب يجمع ولا يقطع .

وهذه الضمانة هي ناتج قانون الجذب المسرحي الذي وحدة قياسه ” التفاعل ” الممتد في خبرة استقبال العرض المسرحي. ، لأن الجمهور هو حاصل انجذاب لعناصر الشكل المسرحي المناقضة في لحظة الجاذبية المسرحية، التي تصنعها المعالجة الفنية متقنة الضبط والاتصال داخل الصورة المسرحية .

د. جبار خماط