مهرجان حماة المسرحي الثاني والعشرون

قراءة في عروض مهرجان حماة المسرحي الثاني والعشرين

قراءة في عروض مهرجان حماة المسرحي الثاني والعشرين

1959 مشاهدة

قراءة في عروض مهرجان حماة المسرحي الثاني والعشرين ... نيكاتيف- حكايا الملوك- بيت بلا شرفات- شيطان بذاكرة ملاك

رياض محناية
الثقافة - الفداء 14061
الثلاثاء:21-12-2010

شهدت الدورة الثانية والعشرون لمهرجان حماة المسرحي هذا العام تقديم سبعة 
:عروض مسرحية هي

ـ نيكاتيف تأليف وإخراج الفنان نضال سيجري قدمته فرقة معاهد اللاذقية للاتحاد الوطني لطلبة سورية‏

ـ حكايا الملوك تأليف الراحل ممدوح عدوان وإخراج الفنان هاشم غزال وتقديم فرقة التجمع العائلي في اللاذقية‏

ـ بيت بلا شرفات نص وإخراج الفنان هشام كفارنة وتقديم فرقة المسرح القومي بدمشق‏

ـ حدث في يانتابور , عن نص ( أنت لست غارا ) تأليف الكاتب التركي عزيز نيسين وإخراج الفنان عبد الكريم حلاق وتقديم الفرقة المسرحية لاتحاد عمال حماة‏

ـ كوكب ميمون تأليف عبد الكريم حلاق وإخراج الفنان فادي صباغ وتقديم فرقة ( أبي فانيا ) لمجلس مدينة حماة‏

ـ شيطان بذاكرة ملاك تأليف جواد الشوفي إخراج الفنان رفعت الهادي‏

ونقدم اليوم قراءة في بعض هذه العروض‏

 ـ نيكاتيف نضال سيجري‏

ماذا أراد الفنان نضال سيجري من النيكاتيف ؟؟‏

هل أراد أن يخرج صورتنا التي لا نريد لأحد أن يراها ؟ ليضعنا أمام حقيقتنا , أم أراد أن يخدعنا في هذا العالم المجنون الذي قدمه لنا ؟؟‏

أمام الكاميرا الكل يقف بـ «خشوع»، فالكل يريد أن يزهو. حتى الجنرال الذي لم يربح نصراً كلَّما وقف أمامها ليتحدَّث عن معركة مع العدو تقمعه زوجته بالقول (سكوت، سكوت) لأنه سيكذب. فهو مهزومٌ في الفراش، مهزومٌ في سرير الزوجية، فكيفَ يجد النصر في فراش الميدان مع عدو أكثر تفوقاً في العدَّة والعتاد، وفوقها أنَّ كلَّ الدلائل المادية تثبت هزيمته وخسارته إن لم نقل (خيانته). خيانة كنَّا نتفرَّج كيف تتطوَّر أفعالها - نضال.. صحيح أنَّه كتب فكرة كاميرا تصوِّر حالنا؛ لكنَّه في العرض استطاع أن يحوِّلها إلى فعل ينمو درامياً،‏

كان نضال سيجري في نيكاتيف خادعاً , وقاسياً وصادماً , يريد أن يقول للمتفرِّج: عش مفكِّراً يا حبيبي. وإذا كنت تريد أن تحلم بالنصر أو بالنجاح أو بالحرية أو بممارسة الأفعال التامة والناقصة وحتى الشاذَّة فلا تترك عملك، لا تترك المسرحية وتذهب إلى الفراش لتحلم أحلامك. لأنَّه دائماً هناك طاغية لا يتركك تنام .‏

لقد قدم لنا دراما من فن بصري - وضعنا أمام (الفرجة)؛ جئنا لنتفرَّج لا لنسمع. فأوقعنا في فخّه ليقول لنا إن "نيكاتيف" عرض يتطرق لانتكاسات شرائح مختلفة من المجتمع ربما كنتم جزءاً منه , قدمه ضمن قالب فني ورؤى بصرية مدهشة فأوقعنا وصرنا داخل الفرجة .‏

المسرحية بالأساس هي فكرة؛ كاميرا تصوير فوتوغرافية قديمة وربَّما سينمائية - على أنَّها في الحالين خشبةٌ أو حامل كاميرا عندما يرفع الغطاء الأسود عنها في آخر العرض للعودة إلى الصالة إلى الواقع. لكن لنفترضها كاميرا سينمائية، والمصوِّر المخرج يقف خلفها ليُصوِّر الجنرال كرمزٍ لرأس الدولة ومعه حاشيته وأيضاً الشعب.‏

أراد نضال في عرضه أن يقدم لنا لعبة عبر المسرح فأخذنا إلى حدود أبعد من حدود المسرح الجغرافية حيث يسود الجنون هذا العالم، أراد أن يقول الكثير وأراد أن يمتعنا أيضاً، فأوقعنا في حباله الفنية وتركنا طوال ساعة نتأمل حالنا العام وتلك الصورة ليست إلا صورة هذا العالم المجنون، صورتنا ونحن نحاول قدر المستطاع إخفاءها. ‏‏

وحين نتحدث عن الممثلين فمن الظلم أن نقول: أجادوا لعبة التمثيل ..بل من الإنصاف القول إنهم وصلوا بنا إلى تلك الحالة التساؤلية الكبيرة جداً التي حرض العرض بها أدمغتنا .. إنهم ممثلون فتنونا بفعلهم المسرحي الرائع لنكتشف جنون هذا العالم، لنكتشف جنوننا! ‏‏

شارك في تمثيل المسرحية الفنانون (رغداء جديد– بسام جنيد– نجاة محمد– مصطفى جانودي– الحسن يوسف– هبة ديب– هاشم غزال). ‏‏

 ـ حكايا الملوك‏

حكايا الملوك مسرحية تتناول جانباً من قصص ألف ليلة وليلة تظهر وحشية التنافس على السلطة, محاولة ًإظهار هذه القصص في أحلام الناس من خلال لعبهم, لتقنعنا بأننا نكتب أحلامنا كما كتب الأقدمون حكايا ملوكهم, وحكايا الملوك هي تسلية لنا, ومحاولة لكشف هذه الأحلام المصادرة إلى حيز الوجود والبحث عن المستور.‏‏‏

للوهلة الأولى يعتقد البعض أن عدوان كتب مسرحيته هذه رداً على بعض الادعاءات والعقول المتحجرة التي ترى أنه من واجبنا إحراق كتب التراث التي تحتوي على أحلامنا, الأحلام الإنسانية المكبوتة فينا , وهذا ما صرح به لنا ذات مرة حين قال:" حكايا الملوك ليست مكتوبة من أجل الرد على دعوات القمع والإتلاف والمصادرة, بل إنها وهي تتطرق إلى ذلك تفعل ما فعله مبدعون سباقون آخرون, إنها تحاول أن تعيد إنتاج قصص موجودة في ألف ليلة وليلة, أو غير موجودة فيها حيث يستطيع الناس الذين يحلمون ويرعبون ويشقون ويخافون أن يضعوا نهايات للقصص التي تعجبهم لأنها تتلاءم مع ما في نفوسهم, وهؤلاء الناس يحلمون الأحلام المصادرة, لكننا وبإعجاز المسرح وحده, نرى أحلامهم هذه أمامنا وكأنها معروضة على شاشة السينما أو التلفزيون.. أو على خشبة المسرح"‏

وبالرغم من أن السردية في هذه المسرحية طاغية على النص, غير أنها جاءت لعباً وتجسيداً بالحركة, وأكثر الأحيان تمثيلاً من قبل الممثلين المتواجدين في المشهد نفسه, وكأنها تعيد المسرح إلى الحكواتي,وهذا ما يمنح المشاهد الانتقال من حالة إلى أخرى, والآخرون في المشهد يتحولون إلى متفرجين, ويتم كسر هذه السردية من خلال تمثيل المشهد, مثلاً عامر شخصية في المسرحية لها مواصفات معينة, إلا أنه يتحول إلى مسرور في حكاية شهرزاد التي ترويها, وهذا يفرض مستوىً معيناً من التعامل مع شخصية مسرور على خافية عامر, وبين حكاية وأخرى يعارض عامر سير الأحداث فيتدخل, وهذا ما يحدث لغالبية الشخصيات الأخرى في المسرحية, حتى أن الذي يجسد دور الملك شهريار يطلب عشاءاً حقيقياً لأنه جائع ويكسر الإيهام, وعندما يتم سرد حكاية ملك الصين يصبح عامر ملكاً, والآخرون متفرجين, فكل شخصية في المسرحية تتحول إلى مونودراما تتقاطع مع شخصيات أخرى, والهدف من هذه التقنية هو كسر الإيهام وإحداث التغريب, يقول عدوان:‏

ـ " في حكايا الملوك تنطلق اللعبة من مفاتيح كسر الإيهام‏

يقول شخص: جاء الملك, ثم يقول لزميله: كن أنت الملك, فيلعبان لعبة يتداخل فيها الواقع بالتمثيل",وحشية التنافس على السلطة يجسدها فقراء جائعون على الخشبة بهدف وضع نهايات لأحلامهم السعيدة كما يعجبهم.‏‏‏

المسرح0 فن التفاصيل, والمسرحية تطرح مشكلة من الواقع تتضمن أحداثاً, إلا أن الأفعال والتصرفات تقرر حقيقة الشخصية وقد تفضح إدعاءاتها, ولابد من وجود تفاصيل ذات دلالة توضح المستوى الثقافي والحالة النفسية والعلاقة مع الآخرين.‏‏‏

شارك في التمثيل الفنانون :‏

هاشم غزال- رغداء جديد- زينب لايقة- نجاة محمد- وسام مهنا- إياد أشقر- نجوى أحمد- ابراهيم سعيد‏

 ـ بيت بلا شرفات‏

ـ بعد اشتياق طال يعود بنا المخرج هشام كفارنة وبلغة فنية متطورة جدا إلى المسرح الشعري المتناغم مع جهد الممثل وطاقته ليؤكد معنا ضرورة حضور هذا النوع من المسرح في إغناء الحياة المسرحية في بلدنا من أجل الوصول إلى نص لا تخطيء في فهم قراءاته مهما تنوعت على الخشبة هذا المسرح الذي لا يقبل الفوضى في تراكم المساعدات المسرحية وقطع الديكور الضخمة .‏

بيت بلا شرفات عرض قدم لنا حكاية نساء اختصرهن في امرأة واحدة على خشبة المسرح من خلال علاقة أزلية مع رجل يفتتح العرض بجنازته حيث تشيعه النسوة وفق طقوس مسرحية على إيقاع مقاطع نثرية وشعرية توضح شكل العلاقة مع رجل يخرج من هذه الحياة تاركاً حبيبة وزوجة وأختاً وطفلة .‏

صاغ الكاتب المخرج الفنان هشام كفارنة مسرحيته بلغة شعرية عالية وشحّها بملاحم وقصائد في تشكيلي ماتع لأدوار وشخصيات مسرحية مموهة بالضوء فاسحاً المجال برحابة للكلمة أن تقول مقالتها على المسرح متكئاً على خطابية رثائية من مجموعة نسوة احتشدن في عمق ومقدمة المسرح ليأتي المشهد إنجازاً بصرياً له خصوصيته وفرادته رسمته الممثلات ببراعة تفوقت على الإدهاش .‏

لاسيما وأن المخرج اعتمد على طاقة رمزية عالية من خلال دمج أنا الدور مع أنا الشخصية المسرحية بأسلوب كتابة شعرية أنثوية الطابع" تدعم أحزان امرأة تشعر بعزلة ووحشة غريبتين‏

وكان واضحاً استفادة مخرج العرض من تعميق أفكاره الشعرية عبر الاتكاء على مفهوم المساحة تاركا لهندسة الضوء تغذية فضاءاته المسرحية المتعددة من خلال موضوعة المرأة الأزلية والرجل الراحل وفق ثنائيات /زوجة00حبيبة00عشيقة00أخت00بنت00أم/ ليستعيد بذلك أرشيفا كاملا من المعاناة الروحية النفسية بين رجال ونساء يعيشون حيوات مختلفة على خشبة المسرح .‏

شارك في أداء أدوار المسرحية الفنانات : جيانا عيد وأمانة والي وايمان عودة ورنا ريشة وسوسن أبو الخير وعفاف حديفى وخلود عيسى والفنان جمال تركماني‏

 ـ شيطان بذاكرة ملاك‏

هذا العرض المسرحي ذو طبيعة انقلابية لبعض المفاهيم , فمثلاً الجميع يتفق على أن الشيطان شرير يغرينا حتى نكون سيئين وأكثر قباحة بتصرفاتنا وبأفكارنا وسلوكنا , وفي ذاكرة هذا الملاك أن الشيطان في هذا العصر يتنكر لأفعال البشر , فهم أصبحوا يفوقونه دهاءً بمراحل كثيرة , حتى بات الشيطان يشكو همه ويؤكد بأن البشر غلبوه بأشواط بعيدة وما يحدث في فلسطين والعراق ودارفور وغيرها من أحداث همجية ومأساوية وتصرفات تقشعر لها الأبدان من قتل وتعذيب وتدمير لا علاقة للشيطان بها . باختصار العمل المسرحي » شيطان بذاكرة ملاك « يستعرض الحدث الراهن ويلقي الضوء عليه بشكل شبه مباشر , وهذا واضح من خلال مشاهد العرض .‏ تساؤلات عدة , هواجس مختلفة عبر أداء الممثلين : رندة الشماس وفراس حاتم العرض من تأليف : جواد الشوفي وإخراج رفعت الهادي.‏

التعليقات

  1. Image
    شكراللأ ستاذ رياض محناية : لدي بعض الملاحظات أرجو تتقبلوها بصدر رحب 1-ان القراءة المقدمةحول مسرحية بيت بلا شرفات هي نسخ و بنسبة90%عن دراسة للأستاذالناقد سامر اسماعيل منشورة في صحيفة تشرين وموجودة على أكثر من موقع( وليس صعبا التأكد لمن يرغب)والأمانة المهنية تقتضي التنويه عن ذلك أو وضع اسم الناقد 2-جميع القراءات هي للفرق الضيوف

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية