قصة قصيرة

قصة قصيرة  الزوج ثلاثون.

قصة قصيرة الزوج ثلاثون.

999 مشاهدة

قصة قصيرة ... الزوج ثلاثون ...

القاصة الأديبة: ريما نزيهة

 اخترتها من مجموعتي القصصية التي بعنوان " تسع وتسعون زوجاً "

 

    كدت أن  أرى مسكيناً ينتظر الرحمة من أحدهم هناك حيث لا متسع للرحمة. وقف على مشارف العون حيث المكتب المقابل لا يطل إلا عليَ رمى بي وجداً .. اقترب أكثر صافحني طلب المصافحة المسكينة رنا إلي كما يرنو بها عنقاء لا ترى سوى وجهه الأسمى .. بدا فوضوي المنظر ذو رائحة ليست بكريهة ولا هي بجميلة .. رائحة علت الغرابة تدعو إلى الاشمئزاز المحبب!! من هو ذا؟؟  قلت قلت بصوتِ خفي أأنت المتهم الذي جعل من الذنب ذنباً .. لم يجب لكن عيناه كانتا سابقتان للإجابة عوضاً عنه .. نعم هو أنا .. دسست نفسي جيداً تحت معطفي القرمذي أومي بما خيل لي من إجابته المتكلفة .. عثرت على باطنٍ بها وقد خيل إلي أنه مسحوق كأسلافه .. بل كما أسلافنا .. لم أكن أعلم أن تحت القبة الوطنية وتحت سقف هذا الوطن وما تبقى منه ثمة هناك متسع لأحاديث وقصاص كثيرة من مارٍ لا يملك سوى رغيفين من الظلم وبضعاً من الأحلام التي لن تتحقق أو ستتحقق في مخيلته .. كان يكلمني وأن افتكر في مخيلتي راجية اللحظات التي ولت بأن تعود عليِ أحتضن صوته أكثر .. عليَ أصافحه من جديد مصافحة القريب للقريب .... أوشكت أن تسقط ابتسامتي لكنها لم تفعل .. التكبر على الابتسامة هو جنونَ حقيقي يجعل منك سامعاً جيداً..

في الشارع هناك الناس الحقيقة تظهر دون تكلف دون أقنعة مخزية تظهر وكأنها تقابل مرآتها .. لكن ثمة فارق صغير .. من تحت سقف ذاك الشارع دون رحمة هو ينظر للمرآة أيضاً لكنه يخشى التمعن بها .. فينظر بها بعينين مغمضتين .. احتراماً لدمعةٍ كادت أن تهوي به .. فيفتح عيناه ..

سترته بدت للتو أنها صفراء اللون لكن وبعد مضي دهور من كلم لا ينتهي اكتشفت أن لونها كان أبيضاً ناصعاً كان لربما .. لكن هزلان الروح قبل الثوب قد جعل منها قطعة صفراء بائسة من كل شيء مريضة عتيقة منهمرة من عالم لا يؤمن بالرحمة .. أما سرواله فكان أسوداً كما دخان بلادي حزين حزين .. بدا على أشعة الشمس عليه الخطوط الحمراء التي تآكلتها حرارة الشمس وغبار شوارعها .. ما كان يميزه هو القبعة التي رسمت عليها العلم الكوبي منددة بالأحرار باليتامى بالجياع باللون الأحمر المقدس .. ربما لم يكن يدري ما معنى تلك الرسمة التي تعلو رأسه. لكنه حتماً كان سعيد بها وهو منها .... فهي من لون قلبه هكذا قال لي .. مددت يدي صافحته من جديد فقال لي لم؟!!  لم تكن يداي قادرتان على الإجابة عليه لكن مسكت يديه وهذه المرة كانت أقوى .. شددت عليها بما أوتيني من اعتذار .. نعم يا حبيبي أنت زوجي الثلاثون...