أخبار أدبية

كاظم نصار إلى احمد حسين

كاظم نصار إلى احمد حسين

594 مشاهدة

كاظم نصار إلى احمد حسين

#انها الحرب ...انه القولون

صديقي شاعر يغرد خارج سرب المالوف والمتداول ...

رقيق ووسيم لكن صوته اجش وعندما يقول( اويلي ) يهرع الناس في المحلة وترتبك خطواتهم ..

اما الصبايا فيغمى عليهن

كان يقول: ان على الشاعر الحاذق ان يرصد غياب اشرطة فيروز في بيوت الصفيح اكثر من ان ينشغل بكيفية تشكل الجيش السري الايرلندي لان الشعر يكمن هنا في صرير بابهم وطقة اصبعهم ومسبحتهم وتفاصيلهم الصغيرة وشهقتهم امام اللحن الفاجع

وصديقي هذا وبسبب الحروب والمحن التي مرت علينا هجمت عليه اوجاع القولون والمرارة ...

ثم فوق ذلك بدات ذاكرته تضعف تدريجيا ...تضعف ..تضعف

وكان يصارع ويقاوم من اجل تنشيط ذاكرته بوسائل مختلفة ومنها انه يتناول كيلو ونصف من اللوز والجوز يوميا ...

وصار يهرب من الفوضى والتشويش التي تنتجها الاماكن العامة ..

ومع ذلك ظلت ذاكرته تضعف ...تضعف

وظل هو يقاوم ...

وظل يستبدل اي اسم مادة اوشيء بتسمية جديدة واحدة هي جهاز ....

فالقداحة جهاز

وعلبة السكائر جهاز

وقنينة الغاز جهاز

وطبق( الحمص بطحينة) جهاز

وعندما يطلب من زوجته فطورا يقول لها :

(حبيبتي جيبي لنا الجهاز فدوة لقلبج )

وعندما انفجرت قنينة الغاز في بيته خرج الى الشارع صارخا :

(الحكونا ها الاولاد ها ولكم الجهاز انفجرررررررر)

وعندما يجمع الاشياء يسميها اجهزة وظل هذا الضعف الذاكراتي يسبب له احراجا في مواضع مختلفة ومرة كان يتحدث الى سيدة وقال لها ان عيون الاجهزة الاخرى تلاحقك وانا اغار من هولاء (يقصد الرجال الاخرين )

وقبل ايام كان في برنامج تلفزيوني سياسي فقال :هولاء لا اجهزة لهم

ولولا المذيعة الذكية التي تداركت الامر وقالت :كل الاجهزة قابلة للبيع والشراء سيدي الاضمير الانسان فهو جهاز حساس ومتحرك ونقي عندما يتعلق الامر بتحقيق العدالة (طبعا كان يقصد هولاء لاضمير لهم )

ظلت ذاكرته تضعف وتضعف...... لذلك قرر السفر مع صديق له للعلاج من القولون والمرارة وضعف الذاكرة ...وفي الطائرة المتجهة الى تركيا والتي لم تستقر في الجو حتى الان بسبب المطبات الهوائية بدا وجع المرارة يطارده وظل يعض على قميصه ..وجع ..وجع يشبه طلق الولادة وهنا تذكر ان مرارته ممكن ان تنفجر في الجو وفي لحظة خاطفة صرخ :

هذا الجهاز راح ينفجر ...

يا الله ....يا الله ...

يارب العباد .....

راح ينفجر الجهاز لخاطر الحمزة .......

فهاجت الطائرة وماجت

والمضيفات اخذن وضع الانبطاح على الارض واخفين رؤؤسهن.....

واستعد رجال الامن لاطلاق الرصاص عليه

لكن صديقه الخارج من الحمام على صوت الفوضى والرعب صرخ برجل الامن :

توقف ....لاتطلق النار ...انها الذاكرة ياسيدي ...انه القولون ...انها الحرب

المهم نزلت الطائرة بشكل طاريء في مطار عسكري قريب وتدخل الرب بلطفه وعنايته في حفظ ارواح الركاب ال340راكبا ...احدهم كان ذاهبا للاحتفال في (غازي عنتاب ) بعيد ميلاد زوجته الثانية والذي كلفه 3مليون دولار .....قبل حملة كوفيد 19على رئات العالم

الصراع بين الذاكرة والنسيان مر وصعب لكن النسيان احيانا نعمة لكي تستمر حركة الحياة وديناميكيتها وحتى لو تم تحويل عبارة اني جسر للطيبين الى

اني جهاز للطيبين

او الجريذي لو سكر يصعد على شوارب البزون

الى

الجريذي لو سكر يصعد على شوارب الجهاز