مواضيع للحوار

كتاب مقاربات جمالية بين نظريات الفلسفة وملامح العرض المسرحي

كتاب مقاربات جمالية بين نظريات الفلسفة وملامح العرض المسرحي

1044 مشاهدة

كتاب مقاربات جمالية بين نظريات الفلسفة وملامح العرض المسرحي مهارة المخرج وثقافته العالية تجعلان الصورة المسرحية عميقة التأثير

مجلة الفنون المسرحية

جمال الصايغ - البيان

يبحث كتاب «المقاربات الجمالية للاتجاهات الإخراجية في تشكيل العرض المسرحي»، لمؤلفه "د. حازم عبد المجيد إسماعيل"، في علاقات النظريات الفلسفية الجمالية بالفن المسرحي، وتقارب هذه النظريات من اتجاهات الإخراج المسرحي ضمن تشكيل عناصره السمعية والبصرية. ويرى الباحث أن نسق التقارب هذا يشكل نموذجاً جمالياً ومفهوماً تطبيقياً ضمن تناغم الخواص للنظرية الفلسفية الجمالية ومقاربتها مع اتجاه إخراجي معين لجهة تطبيقه لعناصر العرض وتشكيلها في الفضاء المسرحي.

ويناقش الكتاب موضوعات دراسته ضمن فلك تساؤل أساسي هو: هل بإمكان العرض المسرحي تشكيل اتجاهات إخراجية معينة بالاستناد إلى النظرية الفلسفية الجمالية ..فتأسيس القيم الإخراجية هذه وفق التنظيرات الأساسية لهذا المفهوم، من خلال نمط المقاربات واكتشاف العناصر المنطقية لصيغ التقارب وصياغة منطوقها؟

كما يدرس المؤلف مدى إمكانية تكون ورسوخ فلسفة جمالية للإخراج المسرحي بالاعتماد على القيم التكوينية لتشكيل العرض المسرحي، مع الاحتفاظ بالأبعاد التنظيرية للمخرج واعتماداً على صيغ التقارب بوصفها مفاهيم نابعة من فكر جمالي فلسفي يتسق مع نمط التشكيل النهائي.

وتحددت معطيات الإطار النظري للكتاب على مباحث أربعة، جاء الأول تحت تسمية «المنطوق المقارب وأبعاده ..النظرية الفلسفية الجمالية»/أي التأسيس الجمالي/. ويتطرق الباحث فيه للفلسفة العامة والنظرة الجمالية للفلسفة الأرسطية والمعنى المتضمن فيها، ومن ثم «الجليل الفني» في الفلسفة الكانطية، والإرادة الحرة في فلسفة شوبنهاور، وثيمة القوة لدى نيتشة، إلى جانب ما يعرف ب«الحس الخالص» عند برجسون والأمكنة الجمالية في فلسفة غاستون باشلار.

ويتناول الفصل الثاني «المنطوق الإخراجي في الاتجاهات المسرحية»، نمط الاتجاه الإخراجي والخصائص التي تنظم أواصره مع المبحث السابق، حيث يعرض الكاتب هذه الخصائص على محور التوجه العام للفكر الإخراجي، وثانياً محور الجمالية في تشكيل عناصر العرض وفق أطر التعريف باشتغالها، وتحديد علاقات التقارب للمفهوم الجمالي دون الابتعاد عن الحدود الموضوعية لهذا التقارب.

ومثال ذلك في «مسرح قسطنطين ستانسلافسكي حيث مفهوم النسبية الأرسطية واضح جلي وفق ما تنتجه القيم العامة لاتجاه ستانسلافسكي الإخراجي، ليس لجهة المطابقة الطبيعية أو التناغم، ولكن لجهة المعالجة الفنية بخواصها الجمالية لهذا الواقع». كذلك يستعرض هذا الفصل الخصائص الإخراجية لاتجاهات بيجي كروتوفسكي وأدولف آبيا وريتشارد فاغنر وكوردن كريك وتادوش كانتور، وفي ثالث الفصول يتناول المؤلف أبعاد تقاربها مع الفلسفة الكانطية وفلسفة شوبنهاور ونيتشة وبرجسون وغاستون باشلار.

ويناقش الفصل الرابع، التأسيس الفلسفي الجمالي للاتجاهات المسرحية في عناصر العرض، أي بناء العرض ضمن صيغ المقاربة هذه. فيما يحلل المؤلف في الفصل الخامس، ستة عروض مسرحية قدمت ضمن مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورة العام 2005، وذلك وفقاً لمتطلبات البحث النظرية ومؤشراته ونتائجه.

ويبين المؤلف أن المقصود بالمقاربة بين المعطيات العامة للنظريات الفلسفية وبين المعطيات التطبيقية لتشكيل العرض المسرحي، «طرح خواص النظرية الفلسفية الجمالية من خلال مقوماتها المحددة لتبيان تقاربها مع البناء العام للنظرية أو الاتجاه الإخراجي لأطر العرض»، والوصول إلى هذه الغايات من خلال الكشف عن النمط التطبيقي للأخير، بعد تحوله من نمطه التنظيري إلى نمطه التشخيصي واعتماد المخرج كمفكر لاستعاضة خواص الفيلسوف بالاعتماد على توافق الأفكار، وَمِنْ ثَمَّ تقديم الفكر الإخراجي للأسس العامة والمعايير الخاصة التي تحول الفكر مع الخيال إلى شكل ملموس في أبعاد التشكيل للعرض المسرحي، عبر عمليات التحويل بين المعطيات الأدبية للنص الدرامي والمعطيات التخيلية الإيديولوجية له.

ويلفت "إسماعيل" إلى أن التفسير الفلسفي للجمال الفني، ليس تحليلا أو عرضا أو نظرية نقدية باتجاه معين، لكنه ينطوي على معايير منطقية في التفسير للصياغات الجمالية والتشكيلية للمنجز الفني. واعتماد المعايير والخصائص التي استند إليها، عبر الأثر الفكري والجمالي الذي تتركه الصورة المسرحية، وخاصة بتوافر القيمة الفلسفية الجمالية للمخرج وهي البعد العام للمفاهيم المسرحية. ولهذا فإن الصورة المسرحية تبدأ من خلال تلك العمليات المترابطة ومن خلال القيمة الفلسفية الجمالية، وهي محاولة البحث للوصول إليها.

ويخلص الكتاب إلى أن القيمة الفكرية والمفاهيم الجمالية إذا ما تمت صياغتها أو بلورة تنظيراتها في سياقات فكرية أخرى، ولاسيما المسرحية تحديدًا، فإنها تشكل علاقة إضافية لتقويم الطابع التشكيلي والتطبيقي لتلك الرؤى التخيلية والمنهجية ضمن أطر كل اتجاه إخراجي، وهذه العلاقة تؤكد إمكانية تعميق الفكر الجمالي الإخراجي إلى سياقات فلسفية وفق بناء وتشكيل العرض المسرحي.