كتب الدكتور جبار خماط حسن
سينوغرافيا _ التظاهر
بدا التظاهر في اليونان على نحو دائرة، وارتبطت بالرومان أيضا، ثم انتقلت لتكون في الشوارع على نحو كوميديا نقدية، ولأن المعارضة دوما خارج إطار المؤسسة الحاكمة، كانت الفضاءات المفتوحة معيارا لإعلاء صوت الرفض والاحتجاج، ومع تطور المدن وتعبيد الطرق وتوزيع البنايات على نحو حضري، اعتمدت الخطوط المستقيمة للتظاهر، ولو عدنا لجميع الثورات في الخمسينات والستينيات، وقليل من السبعينات من القرن الماضي، نجدها متحركة في خطوط الشوارع المستقيمة، لكن مع بداية الألفية الثانية، رجع التظاهر إلى الإطار الدائري، مثلما كان قديما، يكون التجمع في أكبر الساحات في المدن، ويبدأ الأداء الرافض بالشعارات واللافتات، الأناشيد، والمرئيات الاخرى، مثل ما حصل في تونس والقاهرة وبيروت وبغداد، كان الليل معيارا جماليا للتظاهر، من خلال الاضاءة، المشاهد المنقولة، المصنوعة فنا تارة، أو تلقائية في شكلها الاخر، وهو ما أعطى للتظاهر بعدا سينوغرافيا متطورا مع الأيام، مما حقق إيقاعا تصاعديا ،أظهر اداءات جديدة في بعدها المسرحي عالي الدهشة، مفردات مرئية ومسموعة متقنة الصنع والتأثير، الاعلام والإكسسوارات والسيارات، والاغاني والأناشيد، كلها جعلت من التظاهر سلميا، مما دفع ببعض الحكومات - مع زخم التظاهر سينوغرافيا تنظيمها - إلى الاستقالة، أو تبديلها !!
