مواضيع للحوار

مجلة المشهد المسرحي   جائحة المهرجانات المسرحية العربية

مجلة المشهد المسرحي جائحة المهرجانات المسرحية العربية

352 مشاهدة

مجلة المشهد المسرحي   جائحة المهرجانات المسرحية العربية

              المنصة  الحرة

              المحور الثاني

بعد ان قدمنا نبذة عن مسيرة ضيفنا الاول في المحور الثاني الدكتور #محمد سيف .

نتوقف لننشر لكم رأيه بما جاء بالمحور الثاني الذي نشرناه لكم

رآي الضيف :

جائحة المهرجانات المسرحية العربية

الدكتور محمد سيف / باريس

المهرجانات المسرحية العربية، موضوع يستحق التأمل حقا، ويستحق أيضا ان نبتعد قليلا عن لغة التفلسف غير المجدي، والمفاهيم النظرية المسرحية، ولغة التقارير ونذهب إلى قلب الموضوع مباشرة، لأن الأمر لم يعد يحتمل بعد ...  لاسيما نحن أمام مسؤولية قول كلمة الحق، هذا اذا كان لا يزال متسع من الوقت لقولها!

اكتب هذه السطور وأنا افكر بالمهرجانات المسرحية العربية التي كان يقودها ويهندسها فنانون مسرحيون حقيقيون، يجمعهم الهم الحقيقي فيها والبحث الدؤوب عن أشكال واكتشافات جديدة، يتبارون بواسطتها ويعملون معا على تطويرها وتعزيزها من مهرجان لآخر، دون تجنيد لفرق إعلامية تطبل لهذا الشخص أو ذاك على حساب هذه القيمة أو تلك، لأنهم كانوا يدخلون المهرجانات بإنتاجاتهم العظيمة، ويفكرون فيها من خلال محبتهم وهوسهم بالمسرح الحقيقي ونهضته، وليس بما هو شخصي وشخصاني. نعم، إنني أرجع للوراء قليلا، لكي أتقدم فيما أريد قوله، دون لف أو دوران، ولا زخرفة بلاغية، ودون اللجوء الى العبارات الطنانة الفارغة (كان المسرح وظل، وأصبح وبات وأمسى) وأخوته، لا سيما أن كل ما نقوله الآن، قد قيل من قبل بصيغ افضل بكثير من تلك التي نشكلها ونعجنها وننظر انفسنا بها قبل أن يقرئها القارئ أو يفهمها. ولهذا، في اعتقادنا، من أجل التقدم إلى الأمام لا بد من الرجوع قليلا إلى الوراء، ومراجعة ما كان يحدث من زهو وثراء في مهرجانات المسرح العربي فيما مضى، وما يحدث الآن من خراب واستهتار. لقد كان المسرح العربي آنذاك في حالة صحة طيبة، خال من الأمراض، والمحاباة، ومنطق ادعوني أدعوك، اكتب عني ادعوك، امدحني ادعوك، طبلي أدعوك، دافع عني أدعوك، أغلق فمك أدعوك، لا تقف إلى جانب من يختلف معي أدعوك، بل ومن الأفضل ان تكون ضده، حينئذ سأدعوك اكثر فاكثر وإلى يوم القيامة، هذا هو حال المهرجانات المسرحية العربية في الوقت الحالي، (عملية تدوير مستمرة لنفس الأسماء والأشخاص) دعوات، ورشات مسرحية، وأعضاء لجان تحكيم يتكررون بين دورة وأخرى، وإن لم يكونوا أعضاء لجان تحكيم، في هذه الدورة أو تلك فسيكونون محاضرين في الدراماتورجيا، والسينوغرافيا، وعلم المسرحة، وفن الممثل، والإضاءة، والفضاءات المسرحية، وفيزيائية الجسد، أو مكرمين في العديد من المهرجانات، واحيانا الواحد تلو الآخر، نتيجة للتواطؤ، وإلى أخره، وإذا ما انتهت المهمات، فستكون ضيفا دائما ومخضرما، علما أن الأمر سوف لا يقتصر على هذا المهرجان أو ذاك، وإنما سيتم تعميمك على كلها وبلا استثناء، (لا نك ستكون من جماعة ربعنا)، وما عليك إلا ان تقدم مراسيم الطاعة والعبودية، يعني ان تصبح عبدا لعبد في الأساس. أليس هذا كله مخزيا ومعيبا وتغيبا للمسرح نفسه؟

أليست هذه هي الجائحة الحقيقية وليس الكورونا؟

 اليس كل هذا يدعو إلى الحزن والبكاء وليس إلى الفرح والاحتفال كما عودنا المسرح منذ القدم؟

 ولهذا، في اعتقادنا لا بد من المراجعة والمسائلة الحقيقية، هذا إذا كنا حقيقة حريصين على مسرحنا، الذي صار لا يشبه المسرح في شيء، وإنما سوق للنخاسة، تباع وتشترى فيه الذمم بفتات من الدراهم!

 لقد كانت ذات يوم مهرجانات مسرحية عظيمة أسست لكل ما هو مسرحي: مهرجان دمشق، مهرجان بغداد، مهرجا أيام قرطاج المسرحية، مهرجان المسرح التجريبي، مهرجان الأردن، وإلى أخره من المهرجانات، ما الذي تبقى منها اليوم؟ هناك من انطفأ نتيجة لظروف يعرفها الجميع، وهناك مازال مستمرا، وهناك مهرجانات جديدة انبثقت وحملت مشعل التواصل مع أخياتها من المهرجانات ووعدت بما هو أفضل، وحققت ما حققت من خطوات متقدمة، ولكن هل هذا ما كان يصبو اليه المسرح العربي وينتظره؟

 وهل نجحت في استقطاب المسرحيين العرب أم انها هي أيضا قد ساهمت بهذا التصدع، والفرقة وخلق التكتلات؟

 ثم من هو المسؤول المباشر عن كل هذا الخراب الذي يحاول ان يُجملَّ بالبهرجة والأعداد الضخمة من الضيوف ويتناسى الجمهور الذي من دونه يصبح المسرح كاحتفال مجرد فقاعة سرعان ما تنفجر وتتحول إلى قطرات من ندى عابرة؟

 هل هم رؤساء المهرجانات أم مُهندِسوها، في نهاية الأمر؟

أتمنى من كل قلبي مناقشة وضع مسرحنا الحالي بنوع من العلمية، عسى ان نخرج من خلال ذلك بصيغ مستقبلية أفضل؟

اعرف جيدا ومسبقا، ان هذا الكلام سوف لا يعجب الكثير، مثلما سيفرح به البعض، ولكن غايتي منه، لم تكن لا هذه ولا تلك، وإنما قول الأشياء كما أشعر بها وأحسها بعد مراقبة طويلة عن قرب وبعد في آن واحد، سمحت لي بان أكون هكذا، كما أنا وليس كما يتمنى لي الأخرون أن أكون، لا سيما أننا أمام مسؤولية تاريخية اسمها المسرح