قصة قصيرة

مكاشفة ..قصة قصيرة..كنعان البني..

مكاشفة ..قصة قصيرة..كنعان البني..

1717 مشاهدة

عفوا ...المهم سلامة الزوجة..وما يأتي هو خير.. ذكرا كان  ام أنثى كلاهما من صلبنا وشاركنا الخالق بالخلق، واحتضنت الأم هبة الله لهما ..ونعم بالله....

هذا كان حاله أمام الجمع من الأهل والأصحاب، الذين انشغلوا بانتقاء الاسم للمولود في حال جاء أنثى لأنه إن كان ذكرا فالموضوع محسوم، اسم والده جاهز ومنذ كرج بالحياة يكنونه باسم والده، من هاتيك الفترة غاب اسمه وأصبح معروفا للقاصي والداني، وأحيانا في المحافل الرسمية كان يمر اسمه مرور الكرام ويتم التأكيد الأستاذ ...أبو ..

سرح وغاب عن الحضور بالروح والنفس، ليعود الجميع  لحواراتهم في انتقاء الاسم..

بدأ حوارا مع نفسه حول هذه النقطة بالذات. طيب ماذا يعني أن يكون القادم أنثى أم ذكر؟ بالنسبة له الوضع محسوم .. حوار الجمع  أخذه في هذا الاتجاه ..لكن قناعته ثابتة وتؤيده زوجته بما اتفقا عليه أن ما يأتي من الله خير..ومع قادمات الأيام ربما يرزقا بما يرغبان من ذكور وإناث..

غاب أكثر بالحوار، وتوصل لقول حكيم حصيف أن الإنسان –  ذكرا كان أم أنثى – خُلق من نفس واحدة.. إذا لماذا هذه الفروق المصطنعة؟؟ لكن لم يغب عن ذهنه أن ضغوط المجتمع من عادات وتقاليد كانت ولا زالت تفرض شروطها وقوانينها على الجميع رغم أننا أصبحنا بالقرن الثالث والعشرين..ولا زلنا نخضع لمقولة يا أخي البكر الذكر يضمن للوالدة حقها بالميراث ويرفع من قيمتها أمام الأهل، وخصوصا أهل زوجها، وأمام قريناتها ووصديقاتها جميعا..وقولهم: "نيالها الله سبحانه وتعالى طعمها الصبي؟؟؟ صار لها ركز بالبيت، لاخوف عليها من عاديات الأيام من طلاق أو وفاة الزوج وكلاهما طبعا لا سمح الله.."

طرد من مسودة حواره هذه الأفكار عندما خطرت أمامه فكرة الموت!!! واستغرب من أين أتته هذه الأفكار أليس هو المثقف المتنور وعيا ومعرفه؟  أليس هو من يشرب القهوة والمتة من دون سكر؟؟ طرد بحزم هذه الأفكار وشعر بالنصر.. ابتسم لنفسه وعاد للجمع يجول بينهم بنظره فتناهى لسمعه حوار قريناتها من الصبايا وأخواتها وجميع من حضرن من النساء، يؤكدن أمنياتهن لو يكون المولود ذكرا ويجبر الله بخاطرها بحسرة وتنهد مسموعين..

تقول إحداهن: "يا أختي الصبي ضمانة للمرا والله ما بدها حكي؟؟" أخرى ترطب الأجواء وتقول: كمان أبو البنات ثوابه ورزقه  عند الله كبير؟؟ "ثم همست صديقة مقربة بإذن الزوجة قائله: أصلحكما الله لماذا لم تحسموا الموضوع بالتصوير الشعاعي وخلصتونا من وجع الراس؟؟ أجابت عنها أختها قائلة: لقد حاولنا معهما، ومعها على انفراد أن تذهب وتصور؟؟ لكن رأسهما يابس، بل رأسها أكثر يباسة من زوجها..وتدعي أنها وزوجها راضيان كل الرضى على ما يهبهما الله  المهم تمام الخلقة؟؟..

أطربه هذا الحوار المهموس بين النسوة وسرح مجددا مزهوا بما وصف به من يباس الرأس هو وزوجه؟؟ ومرت بذهنه محاكمة سريعة للواقع، أنه يعيش في مجتمع ذكوريّ، رغم رفضه لهذه التسمية المقيتة، وأنه لتأكيد انصافه للزوجة ولمحبته للأنثى التي يعمل ويتمنى أن تنال مكانتها في المجتمع، والمقرة منذ الأزل بوصفهما خلقا من نفس واحدة تؤكد حالة التوازن لأنهما بالنهاية إنسان..لكن أنانية البعض وتكريس السلطة منذ تقسيم العمل وحتى اليوم .. للذكورة تسلطها وفرض قوانينها الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية .. سحبت البساط من تحت الأنثى وأججت الصراع والتمترس خلف شعار المساواة والحقوق ووو... الكثير من الشعارات المخادعة لتكريس واقع مؤلم مقيت..واستمرار لعبة القط والفأر ..

هذه اللوحة داعبت تفكيره ولان الراس وانطلق من مقولة أن لا أحد على رأسه خيمة تحجبه عن عاديات الأيام..ومن محبته لزوجته وانتصاره للأنثى بشكل مطلق تمنى بينه وبين نفسه ماذا لو كان المولود ذكرأ..؟؟؟

سرح وغاب مستمتعا بما توصل له من قرار ولو بينه وبين نفسه..

استعادته من حلمه زغاريد النساء وأهازيجهن وهرجهن ومرجهن وضحكاتهن المسموعة وتقدمن منه يباركن له بقدوم المولود الذكر ثم سلامة الزوجة لقد عاد والدك لقد جاء محمود ..أبو كنعان...

ميلاد سعيد يا بنيّ محمود ..أبو كنعان..وقبلةٌ لولدك أبو محمود...

17 / 10 / 2012

كنعان البني

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية