قصة قصيرة

التينة الزرقية .. بقلم القاص محمد عزوز

التينة الزرقية .. بقلم القاص محمد عزوز

1552 مشاهدة

وراق قدموسية
(3)

بقلم : محمد عزوز

التينة الزرقية

عندما اكتشفت لحظة وصولي وببساطة أنها قطعت شجرة التين الصغيرة التي أعلنت عن نفسها قبل بضع سنوات قرب نافذة بيتنا ، زمجرت في وجهها غاضباً . ارتبكت أمام غضبي محاولة أن تبرر :
-
قالوا لي أن جذور التين تصل إلى أساس البيت وقد تؤذيه .
-
تينها الأزرق من النوع الرديء ، ألم تذقه في الموسم الماضي وقلت لي أنه ليس حلواً بما يكفي ؟
-
سأزرع لك واحدة شتوية في مكان أبعد قليلاً عن جدران البيت ، أنت تحب التين الشتوي كثيراً .
وزاد الطين بلة ، أنها قطعتها بطريقة غير متقنة ، فنركت بعض جذعها ظاهراً بشكل يعلن عن عملية القطع الأليمة بفظاظة منفرة .
عدت إلى زمجرتي ، وجهزت تبريرها :
-
عرفت أن منظرها سيزعجك ، انتظر بعض الوقت ليس إلا ، لأنها ستموت تماماً وسأقتلع هذا الجذر ، لقد دلقت عليه مواداَ قالوا أنها تقتل الحياة فيه .
وطلبت مني أن أقترب لأشم رائحة المادة المدلوقة عند أسفل الجذر ، لكني لم أفعل ، بل دخلت البيت محاولاً أن أكتم غيظي ، فهي أمي ولا يصح ذلك مني .
تظاهرت بصمت أعلنه لساني دون جوارحي الأخرى ، ولم أستطع إنهاء اشتعالي كلما رأيت هذا الجذر الآيل إلى الموت في رحلة دخولي وخروجي ، وظلت تتحاشى غضبي وهي تستعجل موت هذا الجذر اللعين الذي ظلت تشتمه في سرها وعلنها وهي تتلمس عصياناً غير طبيعي منه .
في زيارتي التالية التي تأخرت قليلاً ، هللت وهي تسبق وصولي إلى البيت بمسافة أجادت تقديرها . وصول أعلنت عنه بوقفات لا بد منها أمام هذا البيت أو ذاك ، أسلم على العجائز ، وأمازح معجباً ورودهن الناهدة إلى التفتح ..
-
ماعرفت شو صار بالتينة الزرقية ..؟
داريت ضيقي ، وانتظرت أن تعلن يباسها ، ولما لم تبادر سبقتها إلى السؤال :
-
شو يبست ..؟
-
لا والله .. رجعت أفرعت من جديد .. وزرعتلك وحدة شتوية كمان
 وكان ذاك الغصن الجديد قد شب معلناً عن نفسه بقوة ، ومتحدياً كل وسائل القطع وطرق الموت ..

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية