أخبار أدبية

رواية ... الزمن المؤنث ... للكاتبة ... لميس بلال

رواية ... الزمن المؤنث ... للكاتبة ... لميس بلال

2211 مشاهدة

رواية ... الزمن المؤنث ... للكاتبة لميس بلال

في ملتقى بانياس الأدبي

 صرت أدفع الأيام كي تمضي سريعاً ليحل موعد هذا الملتقى ، الذي غدا طقساً أدبياً هاماً أمارسه في حياتي ، متناسياً بعض عنائي الناجم عن السفر متنقلاً من سلمية إلى القدموس ثم بانياس .

هذا السبت ورغم أننا في أواخر حزيران ، كان الطقس معتدلاً .. وقد خفت رطوبة الجو الساحلي إلى حدها الأدنى ، يلتم أصدقاء المركز الثقافي في بانياس كما هي عادتهم ، وقد ناصرهم أصدقاء آخرون جاؤوا من مناطق أخرى .. حول رئيس الملتقى الشاعر( علي سعادة ) الذي حيا الذكرى الثانية لتأسيس الملتقى وأعلن برنامج الشهر القادم ثم أوكل رئاسة الجلسة للأستاذ القاص (علي الشاويش )  الذي أعطى أولاً فرصة تحية الملتقى أيضاً للشاعر( محمد شمة ) حيث حياه على طريقته الشعرية بقصيدة المحكي ..

وكانت الروائية الشابة ( لميس بلال )  حاضرة بألقها ، لم لا وهي واحدة من مؤسسي الملتقى ، وأحد وجوهه الجميلة اللامعة .

نسخ الرواية ( الزمن المؤنث ) الصادرة عن وزارة الثقافة هذا العام 2010 بين أيدي معظم الحاضرين .. أوراق خجولة في الأيدي وعيون تتنظر أن يسمح لها بالكلام ..

بدؤوا كما هي العادة بالمداخلات المكتوبة فأشار (جعفر نيوف)  بعد تحيته المجاملة إلى غنى الرواية وتماسكها التي عكست خصب مخيلة الكاتبة ولكنه أكد أن التماهي بين شخصية ( أوسكار ) بطلة الرواية الحقيقية والوهمية أحال القارئ إلى نوع من الإحباط وانتهى إلى مجموعة من الأسئلة وجهها للكاتبة تتعلق بدور أوسكار وطبيعة شخصيتها .

وقالت ( سمر يوسف ) أن الرواية قائمة على السرد التصويري وتتزاحم فيها التعابير الفلسفية لكنها تفتقد إلى عنصر التشويق .

القاص (علي الشاويش ) اعتبر أن الكاتبة لا تزال على الدرجة الأولى من سلم الأدب وأنها مطالبة بالتركيز على الأحداث والخروج من دائرة التنظير .

وسنثبت مداخلتي في آخر هذا الإستعراض .

ثم بدأ الشاعر (علي سعادة ) المداخلات الشفهية معلناً أن لا تعليق لديه وسط استغراب الكاتبة والحضور .. وأعلنت ( فداء علي ) أن بداية الرواية كانت قوية بينما أفقدها التكرار ألقها بعد ذلك . وأعلنت ( راما ضوا ) من طرفها أن مطلع الرواية هو الذي دفعها إلى عدم التعليق .

وفضلت ( سمر عبد الرحمن ) لو أن الكاتبة أسمت بطلتها شهرزاد بدلاً من أوسكار وطالبت بإعادة كتابة الرواية . بينما أكد ( نبيل صبح ) أن الشخصيات فيها لم تكن واضحة المعالم ، وأنه كان من الممكن الإستغناء عن الأمكنة والأشخاص . وأشار ( علي اسماعيل ) إلى سلبية الخلط بين شخصية الراوية – الكاتبة وأوسكار البطلة واعتبره ضعف في الرواية ، وأكد من طرفه أيضاً أن المدخل كان منفراً أو هو شكل من أشكال الفرملة للقارئ ولكنه أشار إلى أن التركيز على زمن اللاجدوى امتلك سمواً ورقياً لافتاً .

واعتبر ( رزق الله ابراهيم ) أن الضعف في العمل أضاع الجهد ، وأن هناك اختزال للألوهة المؤنثة وإهمال واضح للرجل في الرواية . ومن جهته اعتبر ( أحمد الشبلي ) أن السرد المباشر في الرواية أحال الفن الروائي فيها إلى التقريرية أو كتابة اليوميات ولم يغفل أن الرواية غنية بالأفكار لكنها لم توظف بالشكل الصحيح . وأكدت ( غاندا محمود ) تهميش الرجل في الرواية وخلوها من التشويق والحشو الواضح فيها . وتقاطعت معها ( خزامى الشاويش ) في مسألة الحشو مضيفة أن الأفكار نقلت بطريقة تقريرية وأشارت ( ندى حيدر ) إلى الخيال الخصب في الرواية ، وقدم الشاعر ( محمد شمة ) رأيه على طريقته الشعرية . وكان للطفل الواعد ( حسن هزيم ) رأيه أيضاً .

أما ( رلى خليل ) فقد اعتبرت أن الرواية تعج بالأخطاء الأسلوبية وأن مقدمتها محاولة للتنويم المغناطيسي ، وهي في النهاية لم تعالج كل القضايا بالشكل الصحيح وقد ألزمت القارئ بأشياء لا يرغب بها .

وكان للكاتبة ( لميس بلال ) ردها : أنا  ضد عشتار وشهرزاد ولكن أوسكار هي الأفضل وقد ظهرت كامرأة تريد الحب ، والعناصر الخيرة هي العناصر المؤنثة وهي موجودة في الرجل والمرأة على السواء.

حاولت أن أظهر التعدد والتودد والجمال .. وأنا أعتبر أن الفيلم الممل هو للمتابع الجيد .

لقد حملت الرواية الفترة بكاملها وقد حاولت أن أهتم  بالمرح فيها وأن لا أؤطر بالبيئة .

أعترف أن المقدمة فيه استفزاز وهي آخر ما كتبته في الرواية ..

لقد صار الموقف الرمادي موقفاً ، وأنا لم أهاجم الرجل ..

وأعلنت لكل من طالبها وأشار إلى الحدث والتشويق المفقود أن الرواية ليست حدثية وليست مناطقية أيضاً .

توجهت بعد ذلك الكاتبة للجميع بالشكر على قراءتهم للرواية والإهتمام بها ، وقامت بالتوقيع على النسخ المهداة لأعضاء الملتقى ..

وهكذا كانت جلسة هذا السبت 26/6/2010 في ملتقى بانياس الأدبي ، جلسة تدفعك كي تنتظر تاليتها بفارغ الصبر .. وأن تنسى أي عناء مبذول للحضور أو المتابعة .

 

وأثبت المداخلة المقدمة من قبلي في الجلسة حول الرواية :  

 

 قراءة محمد عزوز في رواية ( الزمن المؤنث )

للكاتبة لميس بلال

 عندما أعلنت الكاتبة في صفحات روايتها الأولى أنك تستطيع أن تبدأ القراءة من أي صفحة ، وإن شئت الأخيرة ، وأن ما تكتبه هو خربشة .. وأنك يجب أن لا تعرفها شخصياً .. ظننت أنه شكل من الغرائبية  التي صار الكتاب يلجؤون إليها في الآونة الأخيرة لإضفاء طابع من الغموض على أعمالهم .

فسرت معها ، تسبقني رغبتي في اكتشاف هذا الزمن الذي أسمته مؤنثاً .

واكتشفت منذ صفحات الرواية الأولى أن الفعل الكتابي قائم على تدخل دائم من كاتبة كانت تتحدث بضمير الأنا ، وأن هذه الأنا تخص امرأة من هذا الزمان ، وتنتمي مناطقياً إلى بيئة ساحلية .. فكل الظروف المحيطة تصريحاً أو تلميحاً كانت تشير إلى ذلك .

وعندما ظهرت ( أوسكار ) عرفتها بأنها شخصية من صنع الخيال .. ونستطيع أن ندرك ببساطة أنها أوجدتها لغاية ما  تخدم عملها الروائي ، أو لعلها جوهره .. وهي عادة درج عليها الكتّاب مؤخراً ، وطالت حتى الشعراء الذين تحدثوا عن أنثى سموها ( أنثى القصيدة ) ولم يتوانى روائي بحجم الجزائري ( واسيني الأعرج )  من إصدار رواية أسماها ( أنثى السراب ) تقوم على فكرة أنثى تخرج من الورق أو من الحبر .. وكذا كانت أو سكار .. ولعل الكاتبة اختارت لها هذا الأسم كي تدعم اختيارها ( خلقت أوسكار في مخبر الكيمياء داخل رأسي ، إرضاء لهاجس الكمال الذي لم أجرؤ يوماًُ أن أدعي وجوده إلا على الورق ، ذلك أن السائد هو حصر ملكية الكمال بالرب ، كل رب . ) ص 68

ومن متابعة الولوج إلى المعمعة نحس أننا أمام كاتبة مثقفة ، تملك كماً لابأس به من مفردات ومعلومات حاولت أن تسخرها لصالح عملها ..

حاولتُ معها أن ألتقط الحكاية – الحدث ، لكن تدفقها كان يدفعني خارجاً .. أحاول التشبث بأحداث تشدني ، دون جدوى .. رغم أنها أعلنت أن (أوسكار كان يمكن أن تكون حميدة أو حفيظة أو كريمة ... ) أي أنها من قلب هذه البيئة الساحلية القروية ..

بهرني في كثير من الأحيان تدفق الحكمة من قلم بدا خبيراً فعلاً ( أكتشف أن ما يفوق التسعين بالمئة من معارفي يمكن ضغطهم في نموذج وحيد يمثلهم ، وأن الباقين منهم لا يأتون بأمر يثير اندهاشي ، ولا يستطيع أحدهم أن يفاجئني بفعل ولا برد فعل ) ص 65 ( الحب رائحة شهية لوجبة  مرة أسمها الحياة ) . ص 138

وشدتني في أحيان أخرى يوميات بدت وكأنها تكتبها في حينها ، أو مقاطع شعرية هربت منها في غفلات زمنها الأنثوي .

في المتابعة المستمرة  .. لا تتضح معالم أوسكار بدقة ، رغم أنها امرأة مرسومة بعناية ، نعرف منها وفي لقطة مؤثرة أنها اغتصبت في طفولتها ، وأنها وارت حادثة اغتصابها لتخدم زمنها .

بانياس وجبلة واللاذقية وبعض شوارعها وأحيائها ومعهم حنا مينة .. حاضرون في روايتها ، مثل الكثير من التفاصيل المرتبطة بالريف الساحلي الذي أعلنت أن بعض قراه تبعد قرابة عشرين كيلو متراً عن البحر ..وأن المطر البانياسي ابتهال وصفاء ...

ويتماهى الخيال مع الواقع في قصة أوسكار ، بالتصريح تارة على لسان الراوية ، أو من تتبع الكثير من الأحداث التي بدت متداخلة في كثير من الأحيان ..

تتداخل ضمائر الرواية بين المتكلم والغائب ، وانتقالات غير موفقة دون أن تلبسها الكاتبة الشكل الفني المناسب .. نضطر معها للتوقف ظناً منا أن هناك خطأً ما .. ثم نكتشف بالمراجعة أن الكاتبة تعمدت ذلك كشكل من أشكال التدخل لديها ، لكن القارئ العادي سيعترض ، وهذا يدفعني للتساؤل :

-         إلى أي نوع من القراء كتبت لميس بلال روايتها – خربشاتها  .. ؟

سؤال آخر انبسط أمامي بوضوح :

هل نستطيع أن نعتبر أن كل ما ترويه الكاتبة من أحداث كان لخدمة الفعل الروائي ..؟ هذا إذا كان هناك فعل .. أم أنها مجرد هواجس وهلوسات بطلتها الأهم في الرواية ( أوسكار ) ..؟

ولعلها تعترض قائلة : أنا لم أتعمد أن يكون في خربشاتي بطلة رئيسة ..

تحمست بعض الوقت لحدث أوسكار الراوية وظننته الأهم .. لكنه لم يكن يحضر بما يكفي .. فخاب أملي ، وصرت أبحث عن أشياء أخرى ترتبط بأوسكار المتخيلة ..

مقاطع تنقلنا إليها الكاتبة بعناوين تكاد تكون منسلخة عن مرويات جسدتها بلغة بسيطة ولكنها غنية .. ونحس في مقطعها السادس أنها تكتب سيرة ذاتية بامتياز .. لكن ذلك لا يستمر طويلاً ..

أسماء شخصيات هامة وردت بقصد من الكاتبة  : كازانتزاكي – جبران – أنطون سعادة – فيروز – محمود درويش -  ميلان كونديرا – أحلام مستغانمي ..

سؤال آخر راودني وأنا في جزء الرواية الأخير : هل حاولت الكاتبة بهذا النمط من الكتابة – الخربشة  الهروب من اسقاطات الوضوح على حياتها الشخصية كما يحدث مع الكثير من الكاتبات .. ؟ أم هل نستطيع القول أن لميس بلال كتبت رواية اللاموضوع والزمن المؤنث – زمن النساء .. زمن لا قيمة له ..؟

وبدت نهاية الرواية وكأنها منسلخة عما قبلها .. مما دفعني لإعادة قراءتها أكثر من مرة كي أتلمس درباً أستطيع أن أشير إليها ..

باختصار أنا لن أتحدث عن كاتبة لا أعرف عنها شيئاً .. 

سأقول أنها قدمت عملاً فيه ثقافة .. فيه زخم وافر من المفردات والأحداث والمعلومات التي تطول حياتنا بشكل أو بآخر ..

لكن الفعل الروائي لم يكتمل برأينا في ما كتبته .. وأفقدت بأسلوب كتابتها الرواية من عنصر التشويق .. وهو الأهم ..

أسئلة أخرى أطرحها وأنا أتأمل عنوانها الكبير ( الزمن المؤنث ) :

هل خدمت سيرة أوسكار وبعض مرافقيها زمناً أعلنته مؤنثاً ..؟

سؤال أضعه برسم الكاتبة وبعض الأصدقاء الذين أظن أنهم يعدون أنفسهم لتساؤل مشابه..

وهل يكفي  إعلان بطلتها ليوسف في إحدى رسائلها كي نفهم بعض ما أرادته من زمنها المؤنث : ( ومضيت أنا شتات نهد ذبيح وبقايا أنوثة ) ..؟

لميس بلال .. خربشاتك كان من الممكن أن تكون أكثر متعة .. لو أنك كرست جهداً أفضل للحكاية – الحدث ..

لميس بلال .. الواقع بكل مافيه مادة غنية لالتقاط صور بكاميرا نحملها نحن .. كاميرا لا نستعيرها من أحد .. كما فعلت في جريمة انفجار الحاوية ..

بقلم : محمد عزوز

 

التعليقات

  1. Image
    كم منزل في الأرض يألفه الفتى....و حنينه أبداً لأول منزل
  2. Image
    أريد أن أوضح شيئاً هنا : استنادا لما قرأت عن المنتدى هنا. اجدنيأقف إما أمام نقد عام مثل "انتقالات غير موفقة..." وأسأل لماذا يسهل على الجميع التعميم , لقد عمم الناقد هنا رأيه في انتقال ليون على كامل الرواية أقول أن التعميم هو أحد الفروق بين الجاهل والمتعلم, فمن لا يحذر عند التعميم فهو....؟ النقطة الأخرى طبيعة الاسئلة الناقدة مثلا من يقول أن الرواية تفتقد الرجل ؟ بدل أن يسأل لماذا يغيب الرجل في الرواية وهذا فرق؟ إن النقد الموجود والأسئلة الموجهة وانتحال البعض لصفة القارئ(أي يتحدث باسم القراء) بدل أن يكون أحد القراء يدل على وجود إشكال كبير في المجموعة التي حضرت المنتدى(مثل غيرهم)؟ فكون الكاتبة موجودة لوددت أن أسألها لماذا يغيب الرجل ولماذا الانتقال بين ضن\مير الغائب ؟؟؟ فهذه رواية وليست موضوع تعبير. وأوجه تحية للكاتبة ؟فلا أعرف لماذا تقصد الجميع أن يلبس عباءة الناقد قبل أن يسأل عن الرواية فمن كتبها موجود معه وهو أدرى لماذا كتب ؟ إن شكل المنتدى اتخذ شكل محكمة للرواية وليس محاولة لفهم مغزى الرواية من الكاتبة فربما تقول ما لم نكن نفهمه فنوجه له النقد" نحن أعداء ما نجهل"
  3. Image
    مبروك الزمن المؤنث
  4. Image
    الشيئ اللافت للنظر في التعليقات هو مطالبة الكاتبة بعنصر التشويق، وكأن عليها كتابة قصة بوليسية. قد تفتقد القصة التشويق لكن عندما تفكر جيداً بماقرأته ستجد أن الكاتبة توصف المجتمع الذي نعيشه بفن ، إنها توصلك للتفاصيل تبين لك التراكيب مما يوجد كثرة في مجتمعنا، إن القارئ عليه أن ينتبه إلى أنه يقرأ قصة كتبت عن الواقع ولكن بأسلوب الأديب. فالكاتبة لم تحاول إحداث الاثارةوالتشويق فها لا ينسجم مع الواقع الذي تعيشه ، فمن يبحث عن التشويق فسيجده حين يعلم كم تعكس هذه الرواية الواقع مع تمناتي لهذه الكاتبة بمزيد من التقدم

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية