أخبار أدبية

قراءة انطباعية في نص مسرحي

قراءة انطباعية في نص مسرحي

501 مشاهدة

قراءة انطباعية في نص مسرحي

مسرحية نساء في برزخ  للكاتب المسرحي عدي المختار 

#موقع صـدى ألروضتين  العدد 385  آفاق أدبية

 #بقلم _علي _حسين _الخباز

سعى الكثير من كتاب المسرح الى الاعتماد على الشعرية العالية في كتابة نصوصهم المسرحية، من أجل الحصول على شحنات قوة تحمل شعريتها نثراً مركزاً؛ كونه الأقرب الى المسرح، شعرية النص المسرحي تمثلها الفكرة والمفارقة، وفي مسرحية (نساء في برزخ) للكاتب المسرحي (عدي المختار)، استثمر الخصوبة الشعرية، وندية التقابل ليزيد بها نداوة العمق النصي؛ سعياً لتقديم فن ثقافي ينشط فيه المسرح.

أجاد الكاتب المختار شعرية الاستهلال مسرحياً، أي: جمال الفرجة باستخدام نظام البرواز، وكل برواز له عالمه الخاص به، واستخدم صوت الانفجارات والرصاص واصوات سيارات الإسعاف، واستخدام جهاز القلب وأصوات مبهمة وشهقات وعرض داتشو، وانفتح النص على المحاورة والنقاش والجدال والكشف عن المضمونية القصدية، اعتمد الكاتب عدي المختار على شعرية الحوار كوسيلة مهمة للتعبير، وفيها يتجسد الصراع لينقل لنا تجليات العمق النصي بقوة التأثير:

(الفتاة :ـ ليالي التيه لا فجر لها.. أرجعيه.. أرجعيه

العجوز:ـ تهلهل كللوووش.. ارميه لا تخافي فله وطن يحميه

المرأة :ـ لا حيلة لدي، هو يريد أن يخرج ليمارس غواية أسلافه في لعبة الدم والعدم).

أهم خصائص التعبير الشعري في النص المسرحي، هو وعي الواقع الذي يحمله النص عبر فكر كل شخصية من شخصيات النص والتقابلات الفكرية تكوّن لنا الصورة الذهنية، ومنها الصور المعنوية التي ستمر بأسلوب التلقي المباشر، الحوار في مسرحية (نساء في برزخ) ينفتح على السياق السياسي الاجتماعي وعلى الحرب من جميع جهاتها:

(العجوز: فنحن ولدنا كي نلد الموقف عنواناً للصرخات، ارمي ما أرسل لك من السماء هيا فالسواتر في نهم مستمر، ارميه وأعيديه للأرض التي وجد منها، هيا.

المرأة:ـ لكن لهيب الحرب لم تكتوِ به إلا الأرحام التي تعودت أن تلد وتزف، تلد وتهدي، تلد وتدفن كفى).

ارتكاز النص المسرحي على الحوار بوسائل فنية وتعبيرية جمالية وتقنية وفضاءات صنعت شعرية الحوار من لغة، فكر، وعي الكاتب + المتلقي، أكيد سيقدم لنا نصاً متطوراً لا يعتمد على السردية العادية أو الفكرة المطروقة، فالحوار قادر على تجاوز التكرار.

عند الكاتب المختار؛ كونه وليد شعرية الانزياح والانفتاح على العمق الوجداني للواقع وخلق فضاء من العلاقات المتصادمة عبر الحوار، وتعدد الآراء وتضاريسها، فيمتلك الانزياح والتوتر وقيم الادهاش لكسر المألوف:

(العجوز تصرخ بهن: لن يغتصب.. لن يعيش نشوة القتل.. أو يعلن ألف عنوان للتشريد.. أو يغير معالم اللذة الى جهاد.

سيدة 2:ـ ما الذي يريده من برزخ لا صدى فيه إلا النساء.

العجوز:ـ فيما يمعن الجنرال باستباحة الشهوات، يخرج معلناً انتصاره لمن تستباح).

شعرية الحوار تهيء المعنى والصورة والفكرة وعمق الصراع الفكري الى الشعور العام والى عوالم النفس والمعرفة ليجسد الواقع بأعمق مستواه:

(الفتاة:ـ تجسد القطاف كله من أرحام ألف وسبعمائة رحم تورم لوجع فانجب أحلاماً اغتيلت بطرفة عين).

نص مسرحي مثابر كثف واختزل وصاغ فكرته القائمة على التأثير النفسي؛ لما يحمله الواقع من مأساوية عالية:

صوت المرأة:ـ ابني.. ابني.

صوت ممرضة:ـ نأسف لذلك كان حملك كاذباً.

النص أوصل لنا رسالة واضحة ومؤثرة في المتلقي.. الإنجاز موفق.