حوار مع مبدع

الشاعر السوري عماد الدين موسى

الشاعر السوري عماد الدين موسى

1804 مشاهدة

 

الشاعر السوري عماد الدين موسى

وراء كل نقد مهم ثمّة نص مهم أيضاً..

الشعراء يعيشون في جحيم القرى النائية..

الشللية تقتل المنبر وتجعله حكراً على أسماء معينة..

  n حاوره: عمر سليمان – دمشق

أينما وجدناهُ ثمّة أحاديث حميمة عن الشِعر وشجونه حتى في لقائه مع تلك الناس العاديين، ولأجل إعادة ثقة القارئ بالشِعر أقام عدد من الاحتفاليات الشِعرية في الأماكن العامة كالمقاهي ودور السينما والفنون.

الشاعر السوري عماد الدين موسى (مواليد 1981) صاحب ورئيس تحرير مجلة أبابيل الذي دأب على إصدارها منذ أكثر من ست سنوات وتعنى بالشِعر، أصدر حتى الآن ديوانين شِعريين هما (طائر القصيدة يرفرف في دمي 2001)، و(حياتي زورق مثقوب2011)، كما شارك في العديد من الأمسيات والمهرجانات الشِعرية.

للحديث عن تجربته الإبداعية ومشروعه (أبابيل) كان هذا الحوار:

-        يبدو شِعرُك مختلفاً، بعيداً عن ما يُكتب في قصيدتي التفعيلة أو النثر في سورية ؟

-         لا أكتب في درجة حرارة معينة، وما أكتبه مثلاً أثناء الظهيرة في الصيف أكثر بكثير مما أكتبه في الخريف أو الشتاء وحتى الربيع، الكتابة لا تحتاج إلى وقت معين بقدر حاجتها للخصوصية، وهذه الخصوصية هي جواز سفرها إلى القارئ، مع ذلك ما نكتبه اليوم يعتبر إضافة لما كُتِبَ من قبل، قلتُ إضافة لا إعادة كتابة.

أما عن الاختلاف فأعتقد نضوج النص وأهميته يأتي من خصوصيته وهذا ما أريده.

-         بمن تأثرت؟

-    الكتابة تحت تأثير نص إبداعي ما وفي مرحلة معينة، المرحلة الأولى مثلاً (مرحلة القلق أو عدم الإستقرار الإبداعي) شيء بديهي إلى أن تصبح لديك أدواتك الخاصة بك.

ورغم عدم إخفاء إعجابي حد التماهي بالنفّري وريلكه وشيركو بيكه س ويانيس ريتسوس وبرتولد بريخت وفيسلافا زيمبورشكا ومحمد عمران ووديع سعادة وسنية صالح وآخرون جدد وسابقاً سليم بركات ومحمود درويش.

إلا أن التأثر أو التأثير ليس شأني إنما شأن النقد تقصي ذلك.

-   أنتَ تجلس الآن وحيداً في غرفة خالية إلا من الشِعر، النافذة مُشرعة على ضوء لذيذ، وجهَ مَن مِن الشعراء تحب أن ترى من النافذة؟

-    شعراء كثر يشاركونني عزلتي سواء من النافذة التي تقصدها أو من النافذة التي أوجدتها/أتاحتها لنا العولمة (النت) ولا مجال لتعدادهم، شعراء كثر جداً أغلبهم إن لم يكن معظمهم من الجدد، أو لأقل شعراء ليس لديهم سوى مقاطع شِعرية كتبت هنا أو هناك على مواقع التواصل الإجتماعي (فيس بوك)، و(تويتر).

لكن يظل (تيد هيوز وغيلفيلك ومارينا تزفتييفا ولويس أراغون وغابرييلا ميسترال وسيرغي يسينن وسيلفيا بلاث ورياض الصالح الحسين ودعد حداد وأمل دنقل وشعراء من الصين واليابان) من أعود إليهم بين حين وآخر.

-        رولان بارت.. ما الذي يعنيه لك هذا الاسم؟

-    النص الجديد الجيّد والحقيقي يخلق نقداً عظيماً، مثلما (وراء كل عظيم امرأة..)، أيضاً وراء كل نقد مهم ثمّة نص مهم.

أما عن رولان بارت فمرجع مهم بلا شك للناقد الحداثي في كافة أرجاء العالم.

-        كيف ترى الشعر العربي الذي يكتبه الشعراء الأكراد في سوريا اليوم؟

-    لا يمكننا الحديث عن الشِعر الكردي المكتوب بالعربية دون التطرق إلى ما كتب باللغة الكردية، فوجود أسماء جيدة تكتب بالكردية وربما أهم مما كتب بالعربية يبعث على التفاؤل رغم عدم وجود مصادر كردية (من كتب ودواويين.. إلخ).

في المحصلة الشعر المكتوب باللغتين إبن البيئة نفسها و لا يمكننا فصل المكتوب باللغة الأم (الكردية) عن المكتوب باللغة الرسمية (العربية).

وجود أسماء قليلة (أو كثيرة لا مجال لتعدادها)، ولكن جيدة حالة أكثر من صحية.

-        هل يستطيع الشاعر الكردي أن يضيف إلى اللغة العربية طاقات جديدة؟

-    ليس شِعراً كل نص لا يضيف طاقة جديدة إلى اللغة، وما أضافه سليم بركات إلى اللغة العربية لم يضيفه أي شاعر آخر حتى من رتبة أدونيس أو أنسي الحاج أو محمود درويش... أذكر هذه الأسماء لاشتغالها على اللغة أكثر من اشتغالها على النص والصورة الشِعرية.

-        تُصدر مجلة (أبابيل) الشِعرية منذ أكثر من ست سنوات، حدثنا عن بدايات المجلة.

-    أبابيل ليست مجلة بقدر ما هي مدونة أو صحيفة أو نشرة أو كتاب جامع، وانطلاقتها جاءت لتهيأ فسحة للشِعر على الشبكة العنكبوتية، في الوقت الذي تزدان فيه الشبكة بالمنتديات (الأدبية) الكثيرة والبعيدة عن الإبداع بمعناه المتكامل.

ربما تبويب أبابيل جعلها تصنف كمجلة، إذ قسمت منذ البداية إلى عدة أقسام كـ(عالم صغير، أشجار عالية، قوارب الورق، وعائلة القصيدة)، وكذلك صدورها كل شهر على شكل عدد منفصل كان سبباً لوضعها في خانة المجلات الثقافية، عكس المدونات والمواقع الإلكترونية التي تضيف موادها يومياً دون ترتيب يذكر.

-        صدرت مجلة أبابيل لفترة بشكل مطبوع، ما سبب عودتها إلى الإصدار الإلكتروني؟

-    صدور أبابيل كمطبوعة ورقية لم توقف إصدارها الإلكتروني، رغم الروتين الذي عانيناه في المجال الورقي، الغير موجود أساساً في مجال عملنا على الإصدار الإلكتروني.

-   بينما ظلت أبابيل محايدة للجميع ومهتمة بالجميع، ظل المشهد الشعري السوري يعاني من شللية واضحة، ومن تعدد في المنابر، هل خسرت أبابيل شيئاً بابتعادها عن هذه الشللية؟

-    الشللية تقتل المنبر وتجعله حكراً على أشخاص معينين، أغلب ما ينشر في أبابيل لا رابط بين مبدعها والمجلة سوى أحقيّة إخراج النص إلى الضوء.

خسرت أبابيل أناساً لا علاقة لهم بالإبداع لذلك الخسارة هنا لاتهم بقدر ما هي خسارة من طرف واحد، يظن صاحبها إننا خسرناه، وهو الذي لا يملك شيئاً يستحق الذكر.

-   كثيرون مرّوا على أبابيل وغابوا، هناك تنوع في الأسماء بشكل دائم، بحيث لا يحتكر المجلة أحد، هل هناك مشروع لإعادة إنتاج أعداد أبابيل على شكل ملفات تخدم النقاد ودارسي الشعر؟

-         التنوع وعدم تكرار الأسماء وفتح المجال للأسماء الجديدة سبب أساسي لاستمرار أبابيل.

أما عن إعادة أرشفة أبابيل فهي ضمن خطتنا الحالية بعد إطلاق النسخة الجديدة من موقعنا الإلكتروني، وكذلك أصبحت المجلة في متناول أكثر من 15000 قارئ من خلال توزيعها إلكترونياً لدى المكتبة الأكثر شهرة (مكتبة نيل وفرات).

 

-        ما العاصمة العربية التي تراها أكثر غنى وخصوبة بالشعر؟

-    (ما من شعراء في العواصم) هذه ليست مجازفة في الكلام بقدر ما هي حقيقة، الشعراء يعيشون في جحيم القرى النائية، الشاعر إبن القرية وإن تواجد في المدن الكبرى أو العواصم ففي الظل بلا شك، مع ذلك أعتقد أن بيروت - كانت ولا تزال- الأوفر حظاً بين العواصم من ناحية توافد الشِعر إليها لا الشعراء، وكذلك من ناحية الأخذ بيد القصيدة إلى بر القارئ.

oo

عماد الدين موسى

حبُّكِ على الأبواب كزائرٍ لا يُمَلّ

كلما ذهبت الريحُ في اتجاهكِ

كلما تاهت الحمامة ُ بلا سببكْ

كلما الشقائق أصغتْ لنومكِ

كلما النسيمُ ...

كلما

كلما ...

حبُّكِ الغابر على الأبوابِ

كزائرٍ

يصغي – خلسة ً - إلى حنينه .

   * *

كلما نأتْ الوجوه التي ألفناها

كلما ضاقتْ السبلُ

كلما

مطرٌ هو الحبّ ...

   * *

حبّكِ

الذي

في الصيف بردٌ

وفي البرد أشدُّ من الحبّ .

   * *

كلما ذبلتْ حياتنا

كلما تذكّرَ المغني

 

كلما

كلما

الحبّ عربة ٌ يجرها حصانٌ ...

 

لأنكِ ... لأنكِ .

   * *

كلما الجهات غروبٌ

كلما الشرودُ على الأبوابِ

كلما النوافذ مشلولة ٌ

كلما

الحبّ يعوي في العراء

خلفكِ .

(2)

مثلما يصغي

مثلما يحلم

مثلما يمضي

مثلما ينشدُ ما نسي من طفولة

مثلما ...

أشياء غامضةٌ

تحسسها

وهو ينظر في جهةٍ ما

يجهلها .

   * *

مثلما طلقة طائشة

مثلما أخطأت الهدف

 

مثلما ...

الحبّ

   الذي

       من

         طرفِكْ .

 (3)

من يدرك أخطاءنا

من يتركنا دون ذكرى

من ينظرُ في المرآة

من يموت من شدّة النظر .

(4)

يا أبي

الوجوه التي ألفناها ، نهجرها

والبيوت التي هجرناها ، تركنا ـ في ثناياها - وجوهنا

حتى الخيط الذي يربطنا

إلى كوّة الماضي

نسيناهُ كعدوّ .

   * *

من يقطف الحزن

من يصوّب أغنية

من يمتحن الألم

،

يا أبي

السياج لا تحمي البيوت ،

وحدها القطط تدرك ذلك .

   * *

الثلج ُ ...

من يمنح الثلج كل هذا الدفء

،

الربيع يخون ُ أزهار الخريف / على مرأى الشتاء

والصيف ينامُ مرتعباً مثل خلدٍ ذو أجنحة لا تُعَدُّ .

   * *

يا أبي

سنمضي

- كما أتينا –

 إلى بلادٍ لا تسمّى

ونترك الوجوه الوسنة

كما تركنا طفولتنا

قرب نهر يرجم القوارب ،

و الحياة التي صادفتنا عند مفترق

لن نتذكّرها أبداً .

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية