حوار مع مبدع

الكتابات الموجهة للطفل شحيحة وهزيلة في عالمنا العربي

الكتابات الموجهة للطفل شحيحة وهزيلة في عالمنا العربي

365 مشاهدة

الكتابات الموجهة للطفل شحيحة وهزيلة في عالمنا العربي

 #المخرج _التونسي _حاتم _مرعوب

#تونس – #نورة البدوي

المصدر: مجلة  #آماد  الثقافية

#الأكاديمي و المخرج المسرحي التونسي حاتم مرعوب، قدم مزيجا متنوعا من المسرحيات الموجهة للكهول و لكن منذ 2010 الى اليوم استقرت بوصلة اختياره بان تكون جل اعماله المسرحية موجهة للطفل.

خاض المرعوب تجربة المسرح الغنائي مع الشاعر حافظ محفوظ و الموسيقي عادل بوعلاق من خلال مسرحيات كالجميلة و الوحش و سندريلا و شهرزاد.. كما تناول عدة تجارب ادبية من المدونة العالمية التي كان لها وقع في ذاكرة ووجدان الطفل معتمدا في ذلك بصمته في صياغتها و تقديمها للمتفرج الصغير كالساحرات و البجعات و الحوريات و بينوكيو.

و رغم اختلاف التناول لهذه المدونة العالمية لقصص الطفل بروح مخرجنا المسرحي حاتم مرعوب الا اننا لاحظنا انتمائها الى النص الادبي الكلاسيكي.

مجلة “آماد” الثقافية كان لها لقاء مع المخرج المسرحي التونسي حاتم المرعوب لاكتشاف خفايا هذا الاختيار للنص الكلاسيكي الموجه للطفل و رأيه في مسائل أخرى:

• لماذا اختيارك للنصوص الكلاسيكية الموجهة للطفل كنصوص اندرسون ” الحوريات” و كارلو كولودي “بينوكيو” …؟

  • علاقتي بالنص الكلاسيكي هي علاقة بدأت منذ الماجستير قبل البدء في العمل بمسرح الطفل، حيث تناولت نص كلاسيكي هو نموذجا لمسرحية عطيل لتوفيق الجبالي و اشتغلت عليه .

و اختياري للنصوص الكلاسيكية كان من منطق الانتماء الى الذاكرة و ليس بمنطق الجمالية الكلاسيكية بمعنى ان أي عمل او نص بالنسبة الي ينتمي الى الذاكرة العالمية يعتبر نص كلاسيكي و نستطيع الاشتغال عليه انطلاقا من فهمنا للقراءة و التناول .

من هذه الارضية بدأت الاشتغال على الاعمال التي تنتمي للأدب المسرحي منها اعمال شارل بيرو و أندرسون و غيرهم من الاعمال المعروفة الذين كتبوا للأطفال .

و اختياري لهذه الاعمال الادبية الكلاسيكية هو لمعرفة الطفل لها كالحوريات و بينوكيو و بائعة الكبريت.. أي ان الطفل عندما يحضر للفرجة المسرحية الموجهة له لا يأتي لاكتشاف الحكاية و انما بالنسبة إليَّ قدومه للمسرحية من اجل متابعة الطرح الفني و الجمالي الذي سأقدمه له.

من هنا تتشكل لديَّ المعرفة حول تطلعات الطفل و أفق انتظاره هذا اللأفق الذي أما أن يكون موجوداً أو يقع إظهاره، عن طريق ايجاد سبل و طرق أخرى للحكاية التي أتناولها.

فالمسألة بالنسبة الي الزخم القصصي الذي ينتمي إلى الإنساني الكوني كيف نراه نحن المسرحيين التونسيون أو العرب؟ كيف نعمل لهذا العمل قراءة خاصة بنا بقطع النظر عن القراءات الأخرى؟

فعندما أبدأ بالإشتغال على أي نص لا يهمني قراءات الأخرين فما يهمني هي كيفية طرحها مع الممثلين و الفريق التقني و الفني الذي سأشتغله على مستوى الموسيقى و السينوغرافيا أو طريقة لعب الممثلين و كيفية طرح الحلول الجمالية لمقاربتي.

• هل هناك صعوبة في تحويل الرواية الى عمل مسرحي؟

  • طبعا هناك صعوبة لأن السرد يختلف عن الحوار والمسرح، اضافة إلى اختلافه عن كيفية التعامل و التفاعل مع محور الزمن أو المكان أو الحبكة.. وكيف أستطيع تحويل هذه النصوص السردية أو العوالم الدرامية إلى فرجة او رؤية إلى إيقاع إلى إحساس إلى نبض فهذا هو المهم.

ففي بعض الأحيان تقرأ خمسة أسطر في نص قصصي لا تستطيع أن يكون لحظة او دقيقة ركحية تستبدلها كلها في كلمة أو لحظة تتجسد في حضور ممثل أو دخول ممثل.. وهنا تكون المعرفة في كيفية توظيف او التفاعل مع هذا النص السردي لتحويله إلى فرجة لأن المسرح بالأساس فرجة.

• كيف يتعامل حاتم مرعوب مع مخيلة الطفل في إخراجه للمسرحيات؟

  • أنا اتعامل مع مخيلة الطفل و أتعلم منهم، في كيفية تشكيل اللوحة أو المشهد دائما أضع نفسي مكانه و أتساءل كيف يمكن أن يفهم الحكاية؟ بأي الطرق؟ كيف أستطيع أن ألامس وجدانه و فكره، كيف أشد انتباهه بإيقاع موسيقي؟.. و هنا أعتبر نفسي من المسرحيين الذين يؤمنون بأن المسرح بالنسبة للكبار أو الأطفال هو هذه التعبيرة الشاملة الذي حكى عليها المؤلف الموسيقي و المسرحي فاغنر  "فالمسرح هذا الكم الهائل من الفنون المجمعة"  من موسيقى رقص الإلقاء حضور الممثل الإضاءة التشكيل البصري و السمعي. "و هذا كلها ما يجعلنا قادرين على مخاطبة المتلقي.

ما الذي ينقص المسرح التونسي الموجه للطفل اليوم؟

  • اعتقد ان هناك الكثير من الاشياء التي تنقص المسرح التونسي عموما و المسرح الموجه للطفل بوجه خاص، و هنا أتحدث تحديدا عن لحظة التوثيق التي تنقصنا، فالفرجة زائلة و توثيق اللحظة مهم. فلحظة العرض وجب ان توثق على مستوى السمعي البصري و مستوى الكتابة النقدية .. وأعتقد أن مسرح الطفل ينظر اليه دائما على أنه مسرح من درجة ثانية وأن المخرج مخرج للكبار و المؤلف مؤلف للكبار.

و هذا كان حتى في تاريخ الأدب الموجه للطفل كان هناك خوف، فالكتاب الأوائل عندما كتبوا للأطفال كتبوا بأسماء مستعارة و لم تكن لديهم الجرأة ان يعلنوا أسمائهم لأن عملهم كان موجه للأطفال.

 

و انت تعلمين يا نورا أن الطفولة كمصطلح لم يقع الإعتراف بها إلا بعد الإعلان عن حقوق الطفل مع جون جاك روسو. و لذلك يجب التأكيد على أهمية تكوين الطفل و تشكيل المفاهيم له ” المواطنة و إنخراطه في المجتمع المدني”… و هذا كله يلقى على عاتق المسرحيين و المبدعين عموما.

• هل اهتمامك بالروايات العالمية الموجهة للطفل هو نقد ضمني لحاتم مرعوب بعدم وجود روايات ” تونسية ” للطفل؟

  • فعلا هو نقد ضمني .. و لكن حتى و لو كانت هناك إصدارات موجودة فإنها تظل كتابات شحيحة جدا على مستوى الوطن العربي أو تونس. فحتى لو عدنا الى العشرية الاخيرة في تونس لا نجد كما هائلا من الأعمال و إن وجدت فهي أعمال هزيلة.

و هذا كله ناتج عن غياب سياسة التشجيع و التقييم و المهرجانات و الجوائز للأعمال التي تهتم بالطفل.. و تجعلنا نحن المسرحيين نبحث عن حلول أخرى و هي القراءة لأثر أدبي و أخذ شكل جديد .. فلا أعتقد أن نقدم عملا لأندرسون كما أنتجه هو، بل سيكون هناك اختلاف في التناول و التقديم ستكون حساسية أخرى كما سيكون متلق آخر.

• هل واقع الطفل العربي اليوم بحاجة إلى روايات او فرجة مسرحية من نصوص اندرسون او غيره ؟

  • طبعا نحن في حاجة إلى أندرسون و غيره…. فنحن ننخرط في هذه الإنسانية و في هذا الكوني.. فالإنسان لم يتغير خاصة على مستوى الطفولة فالطفل في أوروبا أو في تونس أو في سوريا أو العراق أو الطفل العربي عموما هو في حاجة إلى التخييل إلى هذه البوابة التي نفتحها حتى يتمكن من التموقع و الإبتعاد عن الواقع.

فالعودة إلى الواقع هي عودة فيها الكثير من المرارة فلا بد من هذه السبل أو الثنايا التي نقدمها للطفل حتى يتمكن من تجاوز هذا الواقع و هذا يؤكده برجسون عندما يقول “لو لم يكن هناك خيال لمتنا من الواقع من الحقيقة”.