مواضيع للحوار

مسرح شباب الربيع العربي و ما بعده في اليمن للكاتب هايل   المذابي

مسرح شباب الربيع العربي و ما بعده في اليمن للكاتب هايل المذابي

1042 مشاهدة

مسرح شباب الربيع العربي و ما بعده في اليمن للكاتب هايل   المذابي

صفوان الشويطر

 

تبرز اهمية هذا الكتاب في ان مؤلفه هو الكاتب و الناقد "هايل المذابي" و هو باحث رصين له اسهامات كثيرة في الكتابة عن المسرح توثيقا و نقدا و دراسة . و الكتاب الذي بين ايدينا هو آخر نتاجاته في هذا الشأن . كتاب " مسرح شباب الربيع و ما بعده في اليمن " دراسة نقدية بين فعل التثوير و التغيير و مسرح شباب الربيع و ما بعده في اليمن " لهايل المذابي يقع في 74 صفحة الكترونية وصدر عن سلسلة حروف منثورة للنشر الالكتروني , يناير 2015.

يقوم الكتاب على عرض نظري و من ثم التطبيق النقدي على نص مسرحي مطبوع يتناول الثورة و التغيير و هو مسرحية " ملامح شظايا " الفائزة بجائزة دبي الثقافية للعام 2011 للكاتب "عبدالخالق سيف الجبري" و النص – بحسب المذابي – اول عمل مسرحي يمني تعاطى دراميا مع موضوع الثورات العربية .

عبر الفصول العشرة للكتاب ,يقدم المؤلف استعراضا فكريا للاتجاهات الاساسية في المسرح كفن و رؤية و ابداع , و هي تصورات صميميه تبلورت حول المسرح عبر تاريخه الطويل .

المسرح كونه فعل تطهير ام فعل تثوير و تغيير , بهذا التساؤل يتناول الكتاب المسرح الدرامي عند "ارسطو" و المسرح الملحمي عند "بريخت" بوصفها اطر نظرية يقوم عليها فن المسرح . المسرح باعتباره فعلا و الفعل يعني القدرة على تغيير اوضاع تؤثر في عالم الموجودات كون المسرح ليس الا فعلا تغييري يسعى الى اثبات الذات و تحقيق الوجود ..ثم يطرح الكتاب سؤالا ما هي غاية الفعل ,هل هي التطهير ام التثوير و التغيير ؟ ..و للإجابة على هذا السؤال الصميمي في فلسفة الفنون المسرحية يطرح الكتاب كل مفهوم على حدة " التطهير " و " التثوير " و " التغيير " "فارسطو" قدم نظرية " الكاترزيس" – التطهير - في كتابه " فن الشعر " والتي تفترض ان على المسرح ان يجعل المتلقي بالضرورة يتطهر من مخاوفه الحقيقية على الواقع بطريقة مقبولة فنيا و جميعها صور و مشاهد غير مقبولة البتة واقعيا, لكن المسرح يعالجها فنيا و يظهر المتلقي منها فنيا و لا يتحقق التطهر الا بالمشاركة الادراكية و الوجدانية و الحركية بين العمل المسرحي و المتلقي, فحين يعرض العمل المسرحي لا اخلاقيات و خطايا النفس البشرية فانه يساعدنا على تجاوزها و التطهر منها على الواقع و تلك هي غاية المسرح بحسب نظرية " الكاترزيس " "لارسطو" .

النظرية الثانية هي اطروحة المسرح الملحمي عند "برشت" , وهذه النظرية تستفيد من فكرة البطل الملحمي حيث التغير مستمر في افعال الشخصية الملحمية على غير البطل الدرامي الثابت الطباع. وذلك ما يشكل فارقا واضحا في المعالجة المسرحية للأحداث و الشخصيات و هكذا تختلف اسس و منطلقات المسرح الدرامي عن نظيره الملحمي و اللذان يستندان فلسفيا على فكرتين نقيضتين هما المثالية عند "هيجل" و التي تقول ان الفكر سابق للوجود و ذلك ما يتبناه المسرح الدرامي و في المقابل المادية عند "ماركس" التي تقول ان الوجود سابق للفكر و ذلك اساس المسرح الملحمي .

بعد عرض نظريتي المسرح الدرامي التطهري و المسرح الملحمي التغييري و اللتان تختلفان كثيرا فيما بينهما و تتفقان على فكرة ان المسرح فعل و ليس مجرد سلوك , يصل الكاتب عبر طرح جدلي تركيبي الى حقيقة ان التطهر و التغيير هما وجهان لعملة واحدة طالما انهما يحققان الارتقاء بالإنسان و تخليصه مما يخيفه او يعيقه و يرى الكاتب ان النظريتين التقتا في المسرحية قيد الدراسة و ان الملحمي ما هو الا امتداد للدرامي.

بعد وضع الاطار النظري , ينتقل الكاتب الى قراءة مسرحية " ملامح شظايا " ليستقرءها  مضمونيا و فنيا , فيعرض لجوانب من الحوار و الشخصيات .ابتداءا مع رمزية اسماء الشخصيات داخل المسرحية " رجل السلة " , "كتالوج السيد الكبير " ليكشف ما وراءها من دلالات , فرجل السلة يحيل الى كل ما يقولب المجتمع و يضعه في نمطية جامدة , " السيد الكبير " هو رمز لرجل الدين او للحاكم المستبد اما الشخصيات المغطاة فترمز للطليعة من المجتمع الذين يؤمنون بالحقوق و الحريات و كما يشير "المذابي" في دراسته فان الاسماء داخل المسرحية ارتبطت جوهريا و موضوعيا بفكرة الثورة و التمرد والرفض .

المسرحية ذات الخمسة مشاهد و التي يتناولها الكتاب كمثال تطبيقي لمسرح شباب الربيع العربي تقدم معالجة رمزية للواقع العربي و تدور احداثها حول قصة " رجل السلة " وهو مؤلف مسرحي يسعى لإرضاء سيده الغامض عن طريق تقديم نصوص تقدمها مسرحيا شخصيات كثيرة تنتظر دورها في الظهور و هي تحت اغطية من القماش, و التي سرعان ما تثور على رجل السلة كاتب المسرحيات و مخرجها اذ تبدا الشخصيات بالخروج عن النص تحقيقا لذاتها و انتصارا لإنسانيتها المسلوبة و مع الوقت يتضح لرجل السلة ان كاتب الخاتمة لنصوصه المسرحية هو ضميره الذي خانه ليقف مع الشخصيات و تنتهي المسرحية بإحراق رجل السلة و سيده .

فكرة الكتالوج داخل المسرحية تشير الى المرجعيات و التعميمات السابقة التي وجدنا انفسنا عليها في مختلف جوانب الحياة. انها تمثل مؤسسات الدين والدولة و التربية و الاسرة و العمل التي جعلت من الفرد عبدا خاضعا لها فأصابته بالاغتراب عن نفسه و عن واقعه و فرضت عليه نسقا مسبقا في السلوك و التفكير و الفعل و استفحلت هذه الحالة الاغترابية لتقود الى التفكك الاجتماعي و اختلال القيم والتبعية و الطبقية و سلطوية الأنظمة و غياب الديمقراطية. و فكرة رفض التقليد او الاتباع و الثورة عليها هي فكرة اصيلة في المسرحية فالثورة على القيم هي السبيل الوحيد لتغييرها.

الكتاب اضافة نوعية لمكتبة المسرح اليمني الذي لا يزال بحاجة الى اثراء نقدي و بحثي يكشف عن الجماليات و يؤصل للرؤى و المعالجات الخلاقة .

 

لتحميل كتاب مسرح شباب الربيع في اليمن :

http://www.4shared.com/office/_kGHFw6yba/_________.html

لقراءة العمل أون لاين على هذا الرابط :

http://en.calameo.com/read/0024396620854caedc23f