البداية كانت مع فرقة "فضا للفنون المسرحية" القادمة من "دمشق" ضيفا عزيزا على جمهور "طرطوس" وعلى المهرجان .. بعد غياب طال لعدة سنوات ..وهاهم في هذا المساء يقدمون عرضهم المسرحي الذي يعرض للمرة الأولى في هذا المهرجان .. وجاء بعنوان "حلم ليلة حرب" من تأليف وإخراج: غزوان قهوجي .. تمثيل: ربى طعمه، عمار الحمصي، رامز بشير، زكية سيدو ..
فعلا لقد كان حلما أخذنا برحلة بانوراميه عبر محطات تتعلق بالواقع المعاش والمعاناة التي تفرض ثقلها على البلد بلغة انتقادية حملتها المشاهد التي تطرقت بداية للأزمة وأثرها الاجتماعي الذي تجلى بأسرة بسيطة فقدت شبابها الواحد إثر الآخر وبمختلف المناطق السورية التي تحمل دلالات لمدى السخونة التي تتعرض لها .. عبر التقويم الذي حمل بكل مرحلة نبأ فجيعة حلت بالأسرة التي فقدت ثلاثة من شبابها المهني والحامل لوعي تجلى معرفيا عبر حكاية الفقد دون اقتراف لأي خلل يستوجب هذه النتيجة الفاجعة .. والفاقد الأساس كانت سوريانا إنسانا ووطن .. وقد تفاعل الجمهور كثيرا بالمشهد وصفق له تقديرا واحتراما وإعجابا .. بالمعالجة الدرامية عبر الحلول الإخراجية الفنية والجمالية لكامل متممات العرض المسرحي ومنها التمثيل الذي استطاع توصيل الرسالة بتكنيك ممثل يمتلك أدواته ومخرج سخرها بفنية احتراما وتقديرا للجمهور الذي استطاع فك رموز العرض غير المباشرة فصفق من القلب ..
الموضوعة/الفكرة الأخرى التي تطرق لها العرض المسرحي كيف نتناول التاريخ ونستفيد منه بشكل موضوعي لأنه الذاكرة بشقيها الشفاهي والمادي – المكتوب –الذي يخلد الأحداث والأفعال التي مر بها المجتمع بمختلف الأشكال والألوان الإيجابي منه والسلبي.. والذي يعتبر أيضا جزء مهم من التراث الحضاري الإنساني .. وعندما نتعرض للأزمة تنهض حالات تحاول ليَّ عنق التاريخ قسرا ليخدم ويبرر مصالحها الآنية غير المقبولة موضوعيا وواقعيا .. وجسدتها مدرسة التاريخ التي تحولت من اليكون للمكن غير الدقيق كما كانت تعلم قبل الأزمة .. أيضا هذا المشهد استطاع الوصول للجماهير برمزيته ودلالاته الفنية..
ثم تم المرور على موضوعة التعليم بمشهدية جسدت حالات التشويه عبر الأطر النمطية التي أكل الدهر عليها وشرب .. والتي اعتمدت الحشو للمعلومات بكثافة لا تفي بالهدف القائم على المعرفة لتحقيق وعيّ قادر على المحاكمة والحوار وإيجاد الحلول المنطقية للمشكلات الاجتماعية وسواها ...
القضية الأخرى تناولت الإعلام الذي يتعرض له المتلقي بطريقة لا تفي بالحاجة المرجوة من تسليط الإضاءة على الأحداث التي يتعرض لها المجتمع في ظل الأزمة وما قبلها وما بعدها .. والضرورة للتجديد في التعاطي مع الخبر والإعلان وألية وصوله محمولا على الصدق في احترام المتلقي ومشاركته في مواجهة الحالة بثقة بالنفس وثقة بالخبر .. أضف للنمطية المستوردة من خارج المجتمع بما لا يتناسب مع تراثه وتاريخه وعاداته وتقاليده .. مبتعدين عن حاجة المواطن والوطن ..
يمكننا القول أن العرض المسرحي جاء بنكهة مغايرة لتنوع العروض المسرحية ضمن المهرجان وهذه حالة صحية من أهم أهداف المهرجان بشكل عام .. كما أن الكوميديا أضفت على العمل مسحة من الطرفة حققت المتعة للجمهور .. ولا يمكننا غض النظر عن التمثيل وعلاقة الممثل مع زملائه بتسليم مفاتيح الحالة للانتقال من حدث لأخر بترابط لم يترك فراغا يؤثر على إيقاع العمل وكذلك المؤثرات الأخرى التي زادت من قيمة العمل المسرحي ..
الفقرة الثانية كانت الجولة اليومية مع برنامج التوثيق الوطني للشهداء ..
الختام كان مع اسكتش "اعلام جاد ملتزم" لفرقة طائر الفينيق المسرحية ..تأليف وإخراج: فؤاد معنّا .. تمثيل: هاني معنّا، اليانا سعد . وسبق أن شارك في الدورة السابقة للمهرجان ..
هكذا أمضينا اليوم الرابع من المهرجان ...
كنعان البني
.JPG)
التعليقات